كيف ياتي الفرج

كيف ياتي الفرج
كيف ياتي الفرج

كيف يأتي الفرج

من المعروف أن الدنيا دار اختبار وابتلاء واصطفاء لمن يعيش عليها، فكل إنسان يُبتلى، فالبعض يبتلى بدينه، وهذا يبتلى بأبنائه وأهله، وهذا يُبتلى بجسمه أو صحته، والآخر يُبتلى بماله، ويوجد من يُبتلى بوظيفته، والبعض يُبتلى بعزّه وجاهه وسلطانه، وهذه الابتلاءات جميعها ما هي إلا اختبارات تبيّن معادن الناس، فمنهم من يثبت على الحق وهم أهل الإيمان والتقوى، ومنهم من يزل عن الطريق ولا يثبت وهم أهل العصيان والنفاق، لذلك يُعد الابتلاء سُنة الحياة الدنيا حتى أنه لا يكاد بشر يخلو منها بما فيهم المتقين والمؤمنين، بل وحتى الرسل عليهم الصلاة والسلام، فكثير ما واجهوا الشدائد والمحن، وكم صبروا على الابتلاءات التي أصابتهم، وكم ضاقت عليهم هذه الدنيا من حولهم بما رحبت، فلم ييأسوا ولم يجزعوا، بل استمروا وجاهدوا وصدقوا وثبتوا كما أمرهم الله، حتى جاءهم النصر المبين من الله وأدركتهم رحمته.[١]

كما أن الهواجس والمخاوف والكثير من الأحداث التي يعيشها المسلم قد تؤثر عليه من حيث الإيمان والصلة بالله، خصوصًا إذا ما كان الفرد المسلم في حالة من الضعف، وهو لا يعلم بأن طوق النجاة قد يكون في تلك الحالات قريبًا منه كثيرًا، وأن الخير والفرج ليس أبعد عنه من قاب قوسين أو أدنى من ذلك حتى، إذ أن ربّ محنة قد يكون فيها الخير الكثير، وتكفير الذنوب والخطايا ورفع لدرجات المسلم ومنزلته، بالإضافة إلى تطهيرها للنفوس البشرية وتزكيتها.[٢]


متى يأتي الفرج

يأتي الفرج بعد الابتلاء عن القيام بما يلي:[١]

  • ترك المعاصي، إذ أنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة.
  • التوكل على الله، وهو من أهم وأعظم أسباب وذهاب الهموم.
  • الصبر والتفكر، إذ يتحمل الإنسان مرارة الألم بالصبر، وبالتفكر السليم يحصل على سرعة انقضاء الآلام، كما ويدرك الأجر، ويعد الصبر من الفضائل الحميدة التي يتمسك بها المؤمن لتخفف من يأسه وتدخل السكينة إلى قلبه، كما أن الصبر هو الدواء الذي يشفي الإنسان البائس، فكلما صبر الإنسان، فإن الله سبحانه وتعالى يخرجه من مصيبته، ويجعل له منها مخرجًا.
  • إقامة الصلاة، إذ إن للصلاة تأثير كبير في علاج الهموم وتفريج الكرب.
  • ذكر الله تعالى، ويُعد ذلك من أهم أسباب التغلب على الشدائد والكربات والهموم، من خلال الدعاء وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء إلى الله عند الكرب.


ابتلاء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

ولعل من المفيد في هذا السياق الإشارة إلى الابتلاءات العظيمة التي حدثت مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي أوذي من خلالها أشد الأذى، وهو صابر محتسب ومتوكل على الله رب العالمين، فكان عليه السلام يهرب من مكان إلى آخر من أذى الكفار الذين كانوا يضربونه متى رأوه، بل ويدمون عقبه وهو ساكت ساكن، وبعد كل هذا الضيق والشدائد، والمحن والمصائب، والصبر والثبات العظيم، والتوكل والرضا، جاءه الفرج والنصر المبين والمدد من الله سبحانه وتعالى، ونذكر هنا بعض صور الابتلاء التي تعرض لها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام:[١]

  • ابتُلي بالجوع، ولله خزائن السماوات والأرض.
  • قتل الكثير من أصحابه، وشج وجهه، وتكسرت رباعيته، ومُثّل بعمه.
  • يُظهر المعجزات، فيقام في وجهه مسيلمة والعنسي وابن صياد.
  • يقيم مبادئ الصدق الأمانة والأخلاق الحميدة، فيوصف بالكذاب والساحر.
  • يشدد عليه الموت الذي يسلب روحه الطاهرة، وليس عنده زيت ليوقد به المصباح.


سبب الفرج بعد انقطاع الرجاء

يعود السبب في تحقق الفرج عند انقطاع الرجاء عن الخلق إلى تحقيق التوحيد، وهو الذي يشمل على ‏توحيد الربوبية بالإضافة إلى توحيد الإلوهية، وذلك يعني‏ أنه لا خالق إلا اللّه وحده لا شريك له، كما أنه أيضًا يشتمل على الاعتراف بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، إذ أن مشيئة اللّه سبحانه وتعالى وحده فقط مستلزمة لكل ما يريده، فما شاء اللّه عز وجل كان وما لم يشأ لم يكن، وما سواه لا تستلزم إرادته شيئًا، ومن كمال نعمة الله سبحانه وتعالى وإحسانه، أنه يمنع حصولهم على مطالبهم بالشرك به والطلب ممن سواه حتى يوجه قلوبهم إلى التوحيد.[٣]


مفاتيح الفرج العشرة بعد الشدائد

توجد عدة خطوات تمكّن الإنسان من الخروج من الأزمات والهموم تمهيدًا للفرج، وهي:[٤]

  • اللجوء لله سبحانه وتعالى عند الكرب دون اللجوء للعباد، إذ أنه من الأفضل للمسلم أن يستعين بالله سبحانه وتعالى في كافة أمور حياته، وإذا ما أثقلت كاهله الهموم، فالله وحده قادر على كشف ضره مهما كبُر أو عظُم.
  • حُسن الظن بالله سبحانه وتعالى، والثقة بأن الله وحده هو الذي يُذهب ما نحن فيه، وتجدر الإشارة إلى أن كشف الضر يتطلّب من الإنسان المسلم أن يتيقن بأنه سبحانه وتعالى هو القادر على حلّ معضلته دون أن يشك في ذلك مطلقًا، مصداقًا للحديث القدسي الذي يروي فيه النبي محمد عليه الصلاة والسلام عن ربّه: [أنا عندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظُنَّ بي ما شاء][٥].
  • الدعاء المتواصل لله سبحانه وتعالى، فالله تعالى سميع كريم يجيب دعوة العبد إذا دعاه، مصدقًا لقوله تعالى في محكم كتابه العزيز: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]،[٦] ويمكن للمسلم أن يدعو الله في أيّ وقت يشاء، مع الإشارة إلى أنه يفضل الإكثار من الدعاء في أوقات محددة في اليوم والليلة، خصوصًا في الثلث الأخير من الليل، والدعاء في الصلاة عند السجود، فيبدأ المسلم دعاءه بحمد الله، ثم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ويختم دعاءه أيضًا بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام مرة أخرى.
  • ملازمة الإنسان المسلم للاستغفار عما ارتكبه من سيئات أو معاصي، فالاستغفار يفتح الأبواب المغلقة، ويجعل من كلّ همّ فرجًا، كما ويجعل من كل ضيق مخرجًا.
  • ذكر الله سبحانه وتعالى كثيرًا، فيُداوم المسلم على ذكر الله دائمًا، إذ يُزيل الخوف والتوتر من نفس المسلم، كما ويشعره بالقرب من الله سبحانه القادر على كشف الضرّ والضيق.
  • مناصرة الضعفاء والمحتاجين وتقديم المعونة لهم.
  • التوكل على الله سبحانه وتعالى دون غيره.
  • بر الوالدين والإحسان إليهما، إضافة إلى طلب الدعاء منهما.
  • رد المظالم وفعل الخيرات ورعاية الأمانات وآداء الحقوق لأصحابها.
  • تجنب الظلم ودعوة المظلوم، فيوجد الكثير من الظلم الذي اقترفه الإنسان وهو غافل عن عقوبته، فمن أراد إعانة أخيه المسلم وتفريج كربته، فليجتنب الظلم في أي شيء يكتسبه دون رضاه.


المراجع

  1. ^ أ ب ت "islamhouse"، islamhouse، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  2. "في شدة اليأس يأتي الفرج ... !!"، elheddaf، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  3. "ما السبب في أن الفرج يأتي عند انقطاع الرجاء عن الخلق؟"، islamway، 22-9-2007، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2019. بتصرّف.
  4. "عشرة مفاتيح للفرج بعد الشدائد"، almoslim، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2019. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة ، الصفحة أو الرقم: 635، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.
  6. سورة البقرة، آية: 186.

فيديو ذو صلة :