محتويات
سيدنا إبراهيم عليه السلام
يعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام أحد المرسلين من الله عز وجل إلى البشر، وذلك ليساعدهم على الخروج من الشرك وظلماته إلى نور الإيمان وتوحيد الله تعالى، ونسبه -عليه الصلاة والسلام- هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن أحد الرساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح -عليه الصلاة السلام-، واسم والدته هو نونا بنت كرنبا من بني أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام-،[١][٢] وله ثلاثة عشر ولدًا من زوجاته، وُرد ذكر اثنين منهم في القرآن الكريم وهما إسماعيل عليه السّلام وإسحاق عليه السّلام، وإبراهيم عليه السّلام هو واحد من أولي العزم الخمسة من الرّسل، وقد اختصّ الله تعالى سيدنا إبراهيم بتبليغ الرّسالة وحمل الأمانة، قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.[٣][٤][٥]
مكان ولادة سيدنا إبراهيم ومكان دفنه
اختلفت الرّوايات في مكان ولادة سيدنا إبراهيم عليه السلام الحقيقي، فذكرت بعض الرّوايات والأخبار أنّه ولد في غوطة دمشق في منطقة تُدعى بَرَزَة، والسبب وراء الرّوايات التي قالت أنّه ولد ببَرَزة في غوطة دمشق؛ لأنّه صلّى فيها عندما جاء مع ابن أخيه لوط عليه السلام لمعاونته على تبليغ الرّسالة وتأدية الأمانة، والرّواية الأخرى قالت أن ولادة سيدنا إبراهيم كانت في العراق في بابل أرض الكلدانيين، وهو مكان ولادته الحقيقي ومسقط رأسه، ولكنه انتقل من مكان ولادته في العراق بسبب تكذيب قومه له ووقوفهم في وجهه ووجه رسالته، فانتقل إلى الشّام وعاش فيها فترة من الزمن، ثم عاش فترة من حياته في مصر، ثم استقرّ في بلاد الشام في فلسطين وتوفي في الخليل ودفن فيها هو وزوجته سارة، وسمّيت الخليل بذلك نسبة إلى خليل الرّحمن إبراهيم عليه السلام.[٦]
وورد عند أهل السير والتاريخ القديم أنّ سيدنا إبراهيم قد وُلد في مدينة بابل العراقية التي تُعرف باسم أرض الكلدانيين،[١] وتحديدًا في زمن حكم النمرود بن كنعان، كما ورد على لسان ابن جرير، وقد كان النمرود أحد الملوك الظالمين جدًا، فكان يبطش بمن حوله، وفي ليلة من ليالي حكم النمرود ظهرت إحدى النجوم وغطت ضوء القمر وضوء الشمس، فشعر النمرود بالفزع والخوف، وجمع الكهنة من أجل الحصول على تفسير لمعنى ظهور ذلك النجم، ففسر الكهنة تلك الحالة بقولهم: يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه، فأمر النمرود جنوده بالتخلص من كلّ مولود ولد أو سيولد في ذلك العام، وهو العام ذاته الذي ولد فيه سيدنا إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام-، فحفظه الله وحماه من بطش النمرود الذي استمر حكمه قرابة الألف عام، أمّا فيما يتعلق بوفاة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- فقد وردت العديد من القصص في أخبار أهل الكتاب التي تحدثت عن الصفة التي جاء بها ملك الموت إلى إبراهيم -عليه السلام-، وهو أمر ليس مؤكدًا، وفي رواية أخرى قيل إنّ سيدنا إبراهيم قد مرض وتوفي وهو في عمر 175 سنة، ورواية أخرى قالت أنه توفي فجأة، ودفنه ولداه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام.[٧]
ذكر عدد من علماء المسلمين أنّ قبر سيدنا إبراهيم -عليه السلام- موجود في مدينة الخليل الفلسطينية، وقد ورد ذلك في كتاب جامع المسائل الخاص بابن تيمية، إذ قال فيه إنّ القبر المتفق على مكانه هو قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما قبر خليل الله إبراهيم -عليه السلام- فيه نزاع، والصحيح هو ما ورد عن الجمهور وذكره ابن تيمية في عدد من الفتاوى أنه عندما فتح المسلمون فلسطين كان فيها قبر سيدنا إبراهيم، وقد كان محاطًا بسور اسمه السور السليماني، إلا أنه لم يكن يدخل إليه أحد أو يصلي عنده، بل كانوا المسلمين يقيمون الصلاة ويصلونها في مسجد بمدينة الخليل، واستمر الأمر على ذلك الحال طوال مدة حكم الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم، حتى أتى النصارى وهدموا السور الخاص بالقبر وبنوا كنسية لهم، وبعد أن استولى المسلمون على البلاد حوّلوا الكنيسة إلى مسجد، وذلك السبب وراء عدم صلاة العلماء في ذلك المكان، وقد أكد ابن باز -رحمه الله- أنّ جميع قبور الأنبياء غير معروفة الموقع ما عدا قبر رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي يقع داخل بيته في المدينة المنورة، أما قبر سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فهو يقع داخل مغارة موجودة في مدينة الخليل الفلسطينية والله أعلم.[٨]
دعوة سيدنا إبراهيم لقومه
نشأ سيدنا إبراهيم في مجتمع مليء بعبادة الأصنام والنجوم والكواكب، وبدأ بدعوة أبيه لترك عبادة الأصنام وعبادة الله الواحد القهّار، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}،[٩] لكن أبيه أنكر عليه ذلك وغضب منه غضبًا شديدًا وتوعده بالرّجم إن لم ينتهِ عن ذلك، ثم انتقل سيدنا إبراهيم إلى دعوة قومه لعبادة الله وترك عبادة الأصنام، ولكن حالهم لم يكن بأحسن من حال أبيه، فاستهزؤوا به وأنكروا عليه ذلك وتوعدوه بأشدّ العذاب والعقاب إن لم يكف عن دعوتهم لترك عبادة الأصنام، إذ كان قوم سيدنا إبراهيم شديدي التّمسّك بعبادة الأصنام لدرجة أنّ الأب كان يوصي أبناءه بعدم الاستماع لسيدنا إبراهيم والبقاء على عبادة الأصنام لأنه دين آبائهم وأجدادهم.[١٠]
تحطيم سيدنا إبراهيم للأصنام
عندما ذهب قوم سيدنا إبراهيم لآداء طقوس العيد عندهم وتركوا الأصنام وحدها مع سيدنا إبراهيم، حطمها جميعها إلا الصّنم الكبير حتّى يسألوه إذا رجعوا، ولما رجعوا من آداء طقوسهم وشاهدوا أصنامهم أصيبوا بالصّدمة والذّهول الشّديدين وتوعدوا من فعل ذلك بأشد العذاب، قال تعالى: {قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}،[١١] فوقع الشّك على سيدنا إبراهيم، فأحضروه وحبسوه للتّجهيز لحرقه والتّخلص منه بعد أن ثبت أنّه من حطمها، فجمعوا الحطب من كلّ مكان حتّى أصبح كالجبل العظيم وأشعلوا نارًا ووضعوا سيدنا إبراهيم فيها، فتحوّلت النّار إلى روضة باردة بإذن الله، قال تعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ}،[١٢] ورجع سيدنا إبراهيم إلى قومه لدعوتهم.[١٣]
هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام
عندما لَقِي سيّدنا إبراهيم ما لَقِي من قومه ومن إصرارهم على الكفر والعناد وعبادة الأصنام دعا الله عز وجل أن يُخرجه إلى حيث يُحب ويرضى ويتمكّن أن يعبد الله تعالى ويدعو الناس لعبادته، فهاجر إلى بلاد الشام مع زوجته، فبارك الله له بهجرته هذه وأنجبت له زوجته الأولاد الصّالحين وجعل الله من ذريته النّبوّة، وبعد أن عمّ القحط والجفاف بلاد الشّام انتقل للعيش في مصر، فكان فيها ملك ظالم مُتجبّر، فعاد إبراهيم عليه السّلام إلى فلسطين وعاش واستقرّ فيها وقضى فيها بقيّة حياته، وتوفي في عمر 200 عام ودفن هو وزوجته في منطقة الخليل في فلسطين.[١٤]
اتخاذ الله سيدنا إبراهيم خليلًا
الخلة هي شدّة المحبّة والقرب الشّديد من الله، فقال في مُحكم كتابه {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}،[١٥] وقد امتاز سيدنا إبراهيم بعدد من الصّفات التي جعلت الله تعالى يتّخذه خليلًا ويصطفيه على جميع خلقه، فكان إبراهيم عليه السلام شديد الحب والطاعة لله تعالى منفّذًا لجميع أوامره، وقد تجلّى ذلك واضحًا في قصته مع سيّدنا إسماعيل عندما رأى في المنام أنه يذبحه، فهمَّ سيدنا إبراهيم بتنفيذ الأمر ببالغ التسليم والتوكل، ففدى الله إسماعيل بذبح عظيم، وكان إبراهيم عليه السّلام كثير الاستغفار والدّعاء لله تعالى بالهداية والصلاح له ولقومه، وكان معروفًا عن سيدنا إبراهيم صبره الشّديد على المصائب والابتلاءات وتحمّله لأذى قومه أثناء دعوته لهم.[١٦]
المراجع
- ^ أ ب إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 1424هـ / 2003م)، البداية والنهاية، .: دار عالم الكتب، صفحة 324-329. بتصرّف.
- ↑ "إبراهيم عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 130.
- ↑ "نسب الأنبياء والرسل كلهم حتى آدم أبو البشر عليه السلام"، paldf، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ اسيل سامي، "كم عدد أبناء سيدنا ابراهيم ؟"، isalna، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "مسائل تتعلق بإبراهيم عليه السلام"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
- ↑ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (1424هـ / 2003م )، البداية والنهاية عالم الكتب، صفحة 402-403، جزء عشرون جزءا. بتصرّف.
- ↑ "قبر خليل الله إبراهيم عليه السلام في الخليل في فلسطين"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 1-3-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 74.
- ↑ امل سالم، "قصة سيدنا ابراهيم"، mosoah، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 59.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 69.
- ↑ "إبراهيم (عليه السلام)"، alshirazi، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ج (2)"، darulfatwa، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 125.
- ↑ "لماذا اتخذ الله ابراهيم خليلا"، muhtwa، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.