محتويات
صلاة التراويح
تُسمى صلاة التراويح أيضًا صلاة القيام؛ وهي من النوافل التي يُؤديها المسلمون جماعةً في ليالي شهر رمضان المبارك، ويوجد اختلاف في عدد ركعاتها؛ فيرى الشافعي، وأبو حنيفة، وابن حنبل، أنّها عشرون ركعة، أمّا مالك فيرى أنّها ستة وثلاثون ركعة، وغيرهم العديد من الأقوال التي خرجت في عدد ركعاتها، يُقال بأن كتب الحديث والتاريخ أجمعت على أنّ صلاة التراويح ابتُدعت من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وأنّ المسلمون لم يؤدوها لا في عهد رسول الله عليه السلام، ولا في عهد أبي بكر، ولا في السّنة الأولى من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن في الأسفل سنثبت من خلال الأحاديث والدلائل ما إن كانت بدعة أم سُنّة.
فعن عبدِ الرحمنِ بن عبدٍ القاريِّ؛ أنَّه قال: [خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون؛ يُصلِّي الرجل لنَفْسِه، ويُصلِّي الرجُلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عمر: إنِّي أرى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحد، لكان أمثلَ، ثم عزَمَ، فجمَعَهم على أُبيِّ بن كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم، قال عُمرُ: نِعمَ البدعةُ هذه، والتي يَنامون عنها أفضلُ مِن التي يقومون- يريد: آخِرَ الليل- وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا][١][٢]
عدد ركعات التراويح في الحرم المكي
بعد أن علمنا أنّ صلاة التراويح نافلة مرتبطة بشهر رمضان، تُصلى بعد صلاة العشاء، وسميت بذلك لأنّها مستخرجة من كلمة الرّاحة؛ إذ يُصلي المسلمون ويستريحون وقتًا قصيرًا بين كل أربع ركعات، ويستمعون في هذا الوقت للدرس الديني القصير، ويُسبحون الله ويذكرونه، لكن يتساءل البعض عن عدد ركعات صلاة التراويح في الحرم المكي خصيصًا.
إنّ المسجد الحرام أعظمُ مسجد في الإسلام؛ إذ فيه الكعبة المُشرفة، ويأتي إليه الناس من شتى أنحاء العالم لتأدية مناسك الحج والعمرة في كل الأوقات، وسمي بهذا الاسم لأنّه القتال حرُّم فيه بعد دخول الرسول صل الله عليه وسلم المكان، ففيه يُصلي المسلمون التراويح ركعتين ركعتين، ثم يرتاحون بين كل أربع ركعات وقتًا قصيرًا، ويُصلون إحدى عشرة ركعة عدا عن ركعتي الشفع وركعة الوتر، وهذا المكان يختلف عن باقي الأماكن؛ إذ إنّه يبقى يُكرر الصلاة حتى فجر اليوم.[٣]
فضل صلاة التراويح
عن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: [كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غير أنْ يأمرَهم فيه بعزيمةٍ، فيقولُ: مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه][٤]، وكان النبي عليه السلام يُرغب الصحابة بقيام رمضان بشكل عام، لكن لم يكن يأمرهم بعزيمة بل حثّهم ورغّبهم به، كما كان النبي محمد صل الله عليه وسلم قد صل التروايح بالصحابة بالمسجد، لكنه تركها بعد ذلك، فعن عائشة أم المؤمنين، [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها][٥]، وهذا دليل على أنه خاف أن تشق عليهم.
وبعد موت الرسول عليه السلام وأبي بكر الصديق، جمع عمر بن الخطاب الناس لصلاة التراويح بإمامهم أبي بن كعب؛ إذ كان يُصليها الناس إمّا مع رجل أو اثنين، أو ثلاث متوزعين، فذات مرّة وجد عمر خلفه عدد من المسلمين فقال: (نعمت هذه البدعة)، يظنّ الناس أنّ صلاة التراويح بدعة، إلا أنّها ليست كذلك، لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، جمع الناس وصلى بهم أيضًا، عدة ليالٍ، لكنه تركها خوقًا من أن تُفرض على الناس.
فصلاة التراويح سنُّة مؤكدة فعلها النبي عليه السلام، وفعلها المسلمون في عهد عمر وما بعده، وكان عليه السلام يُصليها إحدى عشرة ركعة، فعن عن أبي سَلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ أنَّه سألَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: كيف كانتْ صلاة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رمضان؟ فقالت: [ما كان يَزيدُ في رمضانَ، ولا في غيرِه على إحْدى عَشرةَ ركعةً؛ يُصلِّي أربعَ رَكَعاتٍ فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنِّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا][٦]، وعندما قال النبي عليه السلام: [صلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خشِي أحدُكم الصبحَ صَلَّى ركعةً واحدةً، تُوتِرُ له ما قدْ صلَّى][٧]، فهذا دليل على أنّ أيّ صلاة ليل لا يوجد لها حدّ سواء صلاة التراويح في رمضان أو غيرها.[٨]
مَعْلُومَة
يتساءل البعض عن حكم تأدية صلاة التراويح للرجل في البيت، يُمكن القول أنّه من السُنة أن يؤدّيها في المسجد مع مجموعة من المسلمين، لكن لا حرج في أن يُصليها في بيته منفردًا أو في جماعة مع أهل البيت، ويجوز أن يصليها المسلم في أول الليل أو في وسطه أو في آخر الليل، أو أن يُصليها متفرقة، كأن يصلي نصفها أولّ الليل، ونصفها الآخر آخر الليل، ولا حرج في ذلك كله.
أمّا فيما يتعلق بإحياء العشر الأواخر كاملة، فيجوز أن يستريح بعض الأيام، لكن النبي صل الله عليه وسلّم، أحيا العشر الأواخر كاملةً، كما يجب التنويه إلى أنّ عدد ركعات صلاة التراويح غير محدودة، لكن الأفضل أن يُصلي المسلم إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة مع الوتر.[٩]
المراجع
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن خزيمة، عن عروة بن الزبير ، الصفحة أو الرقم: 1100 ، إسناده صحيح.
- ↑ "ما هي صلاة التراويح ، و ما هو حكمها الشرعي ؟"، islam4u، 31-5-2020، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ "عدد ركعات التراويح في الحرم المكي"، thaqfya، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 759 ، [صحيح].
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 924 ، [صحيح].
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 3569 ، [صحيح].
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "فضل صلاة التراويح"، binbaz، 31-5-2020، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ "حكم صلاة التراويح في البيت وعدد ركعاتها"، binbaz، 31-5-2020، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.