سبب تسمية صلاة التراويح

سبب تسمية صلاة التراويح
سبب تسمية صلاة التراويح

صلاة التراويح

التراويح في اللغة جمع ترويحة وهي أخذ استراحة لمرة واحدة، ورَوّح بالقوم ترويحًا أيّ صلّى بهم التراويح، أما التراويح في الاصطلاح هي قيام شهر رمضان الكريم، وصلاة التراويح هي سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:[كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ]،[١] والسنة في صلاة التراويح هي أن تُصلّى بعد صلاة العشاء مباشرة، وليس هناك مقدار محدد لقراءة القرآن الكريم فيها، ولكن يُستحب قراءته كاملًا حتى يسمع الناس القرآن كاملًا في شهر رمضان؛ لأنه الشهر الذي نُزل فيه القرآن الكريم، ولأن جبريل عليه السلام كان يعلّم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن في شهر رمضان.[٢]

إن شهر رمضان ليس شهرًا للصيام نهارًا والإفطار ليلًا فقط، بل هو مناسبة عظيمة للاجتهاد في العبادات وآداء الطاعات والفوز بالحسنات، لذلك فقد سنّ الله سبحانه وتعالى صلاة التراويح على عباده في هذا الشهر الفضيل فهي سنة حميدة وشعيرة عظيمة لها جلالها وعظمتها في قلوب المسلمين وأجرها على الله تعالى، فدون صلاة التراويح لا تكتمل الأجواء الإيمانيّة والطقوس الرمضانيّة والمشاعر الروحانيّة ولا ترتاح النفوس المتعطشة للقرب من ربها إلا بآدائها.[٣]


سبب تسمية صلاة التراويح

يعود السبب في تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم لأن الناس كانوا يطيلون القيام والركوع والسجود فيها، فإذا صلوا أربعة استراحوا ثم استأنفوا الصلاة أربع ركعات، ثم أخذوا استراحة ثم صلوا ثلاثًا،[٢] والفرق بين صلاة التراويح وقيام الليل وصلاة التهجد هو أن الصلاة في الليل تسمى تهجدًا وتسمى قيام ليل، فقال تعالى عن صلاة التهجد مخاطبًا عباده: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}،[٤] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا}،[٥] فالصلاة في الليل تسمى تهجدًا وتسمى قيام ليل، أما صلاة التراويح فهي قيام أول الليل في رمضان مع مراعاة التخفيف وعدم الإطالة، ويمكن أن تُسمى صلاة التراويح صلاة تهجد أو قيام الليل ولا فرق في ذلك.[٦]


عدد ركعات صلاة التراويح

لم يثبت في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة عدد محدد لركعات صلاة التراويح، ولكن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُصلي إحدى عشرة ركعة على الأغلب في رمضان وفي غيره كما ورد في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت: [ما كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ علَى إحدى عشرةَ رَكْعةً يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي ثلاثًا][٧][٨] وورد في بعض الأحاديث بأنه كان يُصلي تسع ركعات وأحيانًا كان يُصلي 13 ركعة وأحيانًا سبع ركعات، ولكن الغالب أن صلاته كانت 11 ركعة، وهذا دليل على أن صلاة التراويح يمكن أن تُصلى 11 ركعة أو 13 ركعة أو حتى 20 ركعة، فالتطوّع في الليل أمره موسّع، ولا يوجد دليل ثابت على عدد ركعات صلاة التراويح، فتجوز الزيادة على 11 ركعة أو 13، ولم ينهَ النبي عن التّوسّع في صلاة التراويح، وربما ترك المبالغة أو الزيادة في صلاة التراويح حتى لا يشق على الأمة آدائها.[٨]

ولم يفرض الرسول صلى الله عليه وسلم عدد ركعات معين في صلاة الليل سواء صلاة التراويح أو غيرها من قيام الليل بل أخبر عليه الصلاة والسلام بأن صلاة الليل بما فيها التراويح تكون مثنى مثنى ولكن بشرط أن يختم المسلم بالوتر، وصلاة الرسول صلى الله عليه للتراويح 11 ركعة قد يكون للرفق بالناس وخوفًا من مشقة التوسّع في الصلاة وقد يكون لأسباب أخرى، ومن الواجب على المسلم أن يُحسن الترتيل والركوع والسجود والقراءة في صلاة التراويح ولا ينقرها نقرًا أو يتعجّل في قراءة القرآن، بل يقرأ قراءة يفهمها ويعقلها، وأن يتأسى بفعل النبي في صلاته، أما العجلة والنقر فذلك من منكرات الصلاة سواء أكان في صلاة التراويح أو غيرها من الصلوات.[٨]


فضل صلاة التراويح

يوجد عدد من الفضائل التي يجنيها المسلم من صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك، ومن أهم فضائل صلاة التراويح:[٣]

  • قرن الرسول بين صيام رمضان وقيامه: لقد قرن الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية الشريفة بين صيام شهر رمضان وقيامه، وهذا دليل على أن الصائم والقائم في رمضان لهما نفس الأجر.
  • ثناء الرسول على مصلي التراويح: أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على المسلمين الذين يقومون الليل؛ أي الذين يصلون العشاء ويتبعونه بصلاة التراويح لأن صلاة التراويح هي بمثابة قيام ليل.
  • مغفرة الذنوب: فمن قام رمضان وصلى التراويح يغفر الله له ما تقدّم من ذنبه.
  • الثواب العظيم: فالمسلم الذي يصلي التراويح متجاهلًا تعب يومه ومشقته وعده الله تعالى بالثواب العظيم في الدنيا والآخرة.
  • رِفعة المسلم: إن التراويح ترفع المسلم لدرجة عباد الله الخاشعين القانتين.
  • صلاة التراويح هي من قيام الليل: فصلاة التراويح هي سنة مستحبة وهي نوع من قيام الليل، وذلك باتفاق جميع العلماء.[٩]
  • صلاة التراويح نوع من الجهاد: ففي رمضان يجتمع على المسلم جهادان جهاد الصيام في النهار وجهاد القيام في الليل فالمسلم الذي يجمع بين الجهادين وُفّي أجره بغير حساب.[٩]
  • التقرب إلى الله تعالى: فصلاة التراويح من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد من ربه في شهر رمضان.[٩]


صلاة التراويح في جماعة

صلاة التراويح في جماعة أفضل بكثير من صلاتها في البيت وذلك بحسب إجماع علماء المسلمين، وقد دلّ على ذلك الأحاديث النبويّة الشريفة وفعل الصحابة رضوان الله عليهم، ففي الحديث النبوي الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت: [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم وذلكَ في رَمَضَانَ].[١٠][١١]

وهذا دليل على مشروعيّة صلاة التراويح في جماعة وإنما تركها الرسول صلى الله عليه وسلم خوفًا من أن تُفرض على الأمة من بعده ويشق عليهم قيامها، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وثبوت الدين في نفوس المسلمين كان الصحابة يصلونها في جماعة، وباتفاق العلماء فإن صلاة التراويح تجوز جماعة وتجوز صلاتها مفردة ولكن بشرط أن يكون المسلم حافظًا للقرآن الكريم ولا يخاف التكاسل عن آدائها إذا صلّاها منفردًا ولا تختل الجماعة في المسجد إذا تخلّف عن آدائها في جماعة، فإذا فُقِد أي شرط من هذه الشروط فالصلاة في جماعة أفضل باتفاق جميع العلماء.[١١]

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أوّل مَن سنّ صلاة التراويح في جماعة، لذلك لا ينبغي للمسلم أن يتأخر عن صلاة التراويح في جماعة ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام من التراويح كاملة حتى يحصل على أجر قيام ليلة كاملة، وقد واظب الخلفاء الراشدين منذ زمن عمر بن الخطاب على آداء صلاة التراويح في جماعة، وكان عمر بن الخطاب هو الذي يجمع الناس فيها على إمام واحد، ووافقه في ذلك جميع الصحابة من المهاجرين والأنصار ولم يخالفه أحد في ذلك.[١١]


كيفية صلاة التراويح

صلاة التراويح هي صلاة عادية كأي صلاة من الفرائض أو النوافل وهي كالتالي[١٢]:

  • النية والعزم، بأن ينوب المصلي لآداء صلاة التراويح والنية في القلب والعزم على آداء الصلاة.
  • استقبال القبلة، يجب استقبال القبلة ثم رفع اليدين بمحاذات المنكبين أو الأذنين ثم التكبير.
  • وضع اليد اليمنى فوق اليسرى تحت السرة.
  • النظر لوضع السجود وقراءة الاستفتاح لبدء الصلاة.
  • الاستعاذة من الشيطان الرجيم سرًّا ثم قراءة سورة الفاتحة وبعدها ما تيسر من القرأن الكريم.
  • الركوع ووضع اليدين على الركبتين مع استقامة بالظهر وقول سبحان ربي الأعلى.
  • الرفع من الركوع وقول سمع الله من الحمد ثم الاعتدال في الوقوف.
  • السجود مع الأخذ بعين الاعتبار وضع الركبتين قبل اليدين عند السجود وقول سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات.
  • الجلوس من السجود بين السجدتين وقول ربّ أغفر لي ثم السجود مرة أخرى وعند الانتهاء الوقوف للركعة الثانية تصلى كما صلت الركعة الأولة دون دعاء الاستفتاح.
  • التشهد الأخير بعد الانتهاء من الركعة الثانية وبعد السجدة الثانية توضع اليدين على الفخدين بحيث تكون الأصابع موجهة للقبلة والتشهد وقراءة الصلاة الإبراهيمية.
  • التسليم باتجاه اليمين ثم الشمال وقول السلام عليكم ورحمة الله في كل اتجاه.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  2. ^ أ ب "صَلاةُ التَّراويحِ (قيامُ رَمضانَ)"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد رياض، "فضل صلاة التراويح"، assabile، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  4. سورة الاسراء، آية: 79.
  5. سورة المزمل ، آية: 1.
  6. "هل هناك فرق بين التهجد وقيام الليل"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1341، صحيح،
  8. ^ أ ب ت "فضل صلاة التراويح"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت "فضل صلاة التراويح"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1129، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  11. ^ أ ب ت "صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل من صلاتها في البيت"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2020. بتصرّف.
  12. ملاك (2019-4-16)، "كيفية صلاة التراويح بالتفصيل"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-26. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :