بلاد الأندلس
تقع بلاد الأندلس في الناحية الغربية من قارة أوروبا، وتحديدًا في جزيرة إيبيريا[١]، وهي الجزء الجنوبي من إسبانيا اليوم، إذ فتحها المسلمون عام 671 ميلادي الموافق 92 هجري، واستقروا فيها لفترة طويلة امتدت إلى ثمانية قرون قبل أن يفقدوا آخر شبر هناك عام 1492 ملادي الموافق 897 هجري، ومن أهم مدنها كل من مدينة غرناطة، وغشبيلية وقرطبة، وسنتحدث في هذا المقال عن فتح بلاد الأندلس، وأسباب سقوطها بشيء من التفصيل.[٢]
أسباب سقوط الأندلس
كثيرة هي الأسباب التي أدت إلى اندثار الحضارة الأندلسية في قارة أوروبا، فمنها ما يلقى على عاتق الفقهاء وعلماء الدين، ومنها ما يلقى على عاتق الأفراد وعامة الشعب، ومنها أسباب خارجية تتمثل في المؤامرات من العدو، وتلقي الدعم الخارجي في سبيل إنجاح هذه المؤامرات، ومن هنا يمكن القول أن ضياع هذا الكنز مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق كل مَن عاصر الفترة آنذاك ووقف مكتوف الأيدي أمام انهيار حضارة خالدة دامت ثمانية قرون، وقد فصّل الدكتور عبد الحليم عويس أسباب السقوط في ما يلي[٣]:
- انتشار العناصر القبلية والقومية على الوحدة والأخوة التي كانت سائدة بين المسلمين حسب منهج وشريعة الله جل وعلا، وهذا يقودنا إلى سبب آخر وهو ضعف الوازع الديني في النفوس، الأمر الذي أدى إلى غلبة العنصرية من ناحية، وغلبة المصالح الشخصية على المبادئ العظيمة التي كانت تسطر بماء الذهب.
- إلغاء الخلافة الجامعة وظهور طوائف متفرقة.
- تخلّى العلماء والدعاة عن مضمون رسالتهم.
- الاهتمام بزخارف الدنيا الفانية، وقد تمثل هذا الاهتمام في الترف والبطر في بناء القصور الفخمة، والمساجد المعززة بالتحف وأدوات الزينة والراحة والدعابة.
- تفشي الأمراض القلبية من حقد، وغل، وبغضاء، وغيبة، ونميمة، بعد أن كانوا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص.
- انتشار الفساد بشتى أنواعه مثل: الغناء، والطرب، والخمور، والمخدرات، وهو ما أدى إلى صراعات مريرة في غرناطة كان من نتائجها قيام السلطان أبو سعيد البرميخو بتسليم نفسه لأعدائه النصارى.
- استباحة دم المسلم على أخيه المسلم مع أنه من المحرمات في الدين الإسلامي، وهو ما أدى إلى حدوث معارك بين المسلمين أنفسهم، وكلها معارك باطلة من أجل الشهوات والمصالح.
- فساد النظام السياسي والبعد عن الشورى والعدل، وهو ما أدى إلى تفشي الظلم، وعدم شعور أفرد المجتمع بالولاء والانتماء تجاه الدولة، مما أدى إلى زيادة عدد الثوار والمتمردين المطالبين بتحقيق العدول والمساواة.
- إبطال فريضة هامة وهي فريضة الجهاد في سبيل الله ضد الأعداء الذين يحاولون النيل من الأمة، وذلك بسبب إخضاع الأمة لمعاهدات سلام تتركز في خدمة مصالحة العدو.
- خيانة بعض الحكام والعلماء للدين والوطن معًا، فقد سقطت معظم المدن على مرآهم ومسمعهم ولكن لا حياة لمن تنادي.
- تدخل النساء في شؤون الحكم والسياسية ما أدى إلى نشر البغضاء والصراعات والأحقاد الخفية.
- عقد المعاهدات السرية بعيدًا عن مرأى أفراد الشعب وعامة الناس، وقد تجلت فيها كل معاني الخيانة والخضوع والاستسلام.
- إعاقة حركة الدعاة، فأصبح الاعتماد على الحروب من أجل الدولة.
- انتشار خلافات عائلية انتهت بإتقان دور الخيانة بدعوى الانتقام.
- قيام بعض الأمراء برهن أبنائهم لدى النصارى مقابل الوصول إلى الحكم.
- الاستهانة بقدرات العدو عدةً وعتادًا.
- طمع الوزراء في السلطة وقد وصل ذلك إلى حدّ القتل.
- عقوق الأبناء.
- تركيز الفقهاء وعلماء الدولة الإسلامية على أمور جزئية وفرعية في الدين الإسلامي، مع إهمال الأصل الذي إن صلح صلح كل المجتمع، وإن فسد فعلى الدنيا السلام، وقد تزامن ذلك مع ضيق صدرهم وسرعة تكفيرهم للسائلين وطالبي الفتوى وغيرهم، هذا بالإضافة إلى انحرافهم عن هدف الجهاد مقابل الطمع في الدنيا، ولم يقف الحدّ إلى تركه باعتباره فرص عين وكفاية، بل تركوا الإعداد له اعتمادًا على الوسائل المادية والمعنوية.
- اتباع نظام العهد الوراثي بغض النظر عن الكفاءة أو عدمها، وهو ما أدى إلى وجود الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب أيضًا، فسيطر على زمام الأمور المالية والإدارية والقيادية والفكرية أهل الثقفة والموالين للنظام الحاكم مع عزل كل مَن ينادي بالحق.
- اختراق اليهود والمسيحيين قلب الإسلام وسيطرتهم على مواقع التأثير، وهو ما أدى إلى ضعف العقيدة وخلخلة أركان كان يفترض أنها ثابتة.
- التكالب على الغنائم.
- تفكك الخلافة الأموية إلى 22 دولة وطائفة، فأصبحت كل واحدة تحكم بحكمها معلنًة أنها دولة قائمة بذاتها، وهو ما استغله الأعداء في عقد المؤامرات والخطط ضدهم.
- انعدام الإبداع العلمي والعملي والزراعي، وهو نتيجة حتمة للوضع السائد بلا شك.
- وقوف أوروبا وراء مدن هامة في الأندلس مثل: أرجون وقشتالة فباتت ممالك هامة تصول وتجول، علمًا بأنها رأس الفساد.
فاتح الأندلس
فتحت بلاد الأندلس في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فقد ولّي القائد المسلم موسى بن نصير على المغرب، فاستطاع أن يفتح طنجة، ثم ترك فيها حامية بقيادة طارق بن زياد، وقد بات بن نصير يتطلع لفتح الأندلس مستفيدًا من خصومة حاكم ميناء سبتة الكونت يوليان والإمبراطور البيزنطي لذريق حاكم طيلطة، فقد استقبل الأول بحكمه سبته وما حولها؛ بسبب أحقاد خفية بينهما، فقد كسب ورد يوليان وأصبح دليلًا به في تلك البلاد، ثم أوكل المهمة إلى طارق بن زياد، فغزا الأخير البلاد فاتحًا حتى وصل إلى العاصمة طليطة، فجاءه أمر من موسى بالتوقف، وكان الهدف من هذا الأمر هو دعمه بـ 18 ألفًا، ففتحوا بقية المدن مقيمين أعظم حضارة عرفتها البشرية كلها لمدة ثمانية قرون إلى أن تنازعوا واختلفوا ففشلوا[٤].
المراجع
- ↑ "سقوط الأندلس.. حكاية الفردوس المفقود"، الجزيرة ، 2-1-2017، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "عريف و معنى الأندلس في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "40 سببا لسقوط الأندلس.. النساء أحدها.. هل تتفق مع ذلك؟"، اليوم السابع، 2-1-2019، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "فتح الأندلس 92 هــ"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2019.بتصرّف.