وسائل الضبط الاجتماعي

وسائل الضبط الاجتماعي
وسائل الضبط الاجتماعي

مفهوم الضبط الإجتماعي

يعد مفهوم الضبط الإجتماعي عملية نشطة أو غير فعالة تنظم نفسها وفقًا لمعتقداتها ومبادئها وقيّمها، ويتمثل الغرض والهدف الرئيسي من الضبط الإجتماعي هو إيقاف أو منع السلوك الإنحرافي السلبي الذي قد ينتج عنه إلحاق الضرر بالآخرين، ولذلك فهو يعد خروجًا عن القوانين والقيم الإجتماعية الثابتة، فبالأخذ بعين الاعتبار أن ما يعد للبعض سلوكًا طبيعيًا أو أخلاقيًا أو ذو قيمة وأهمية فقد يكون بالنسبة لجماعات إجتماعية أخرى سلوكًا انحرافيًا يخل بقيمهم المجتمعية، ومع ذلك يوجد نوعان من الضبط النفسي: الضبط غير الرسمي؛ وهو الذي يتمحور حول العائلة، والأصدقاء، والزملاء في حياة الفرد، والذين يمارسون بدورهم تحكمًا اجتماعيًا غير رسميّ، والضبط الرسمي؛ الذي يأتي من المنظمات، والمؤسسات التي تلعب دورًا في تشكيل سلوك الفرد، إلى جانب العادات والتقاليد.[١]


وسائل الضبط الإجتماعي

يعتمد المجتمع على أنواع مختلفة من الرقابة الإجتماعية التي تنبثق من المواقف الإجتماعية، إذ تعد المعتقدات والخرافات في المجتمعات البدائية كافية للضبط وللسيطرة على السلوكيات المنحرفة، ففي المناطق الريفية مثلًا: تستخدم الأعراف، والعادات، والتقاليد كوسيلة للضبط الإجتماعي، بينما في المجتمعات الحديثة والوكالات الرسمية مثل: الشرطة، والجيش، والإذاعة، والجامعات، والصحف والمجلات، فتعد من الوسائل التي تعتمد على الضبط الإجتماعي في سلوك الأفراد، لذلك توجد أنواع للرقابة المجتمعية أو الضبط المجتمعي منها:[٢]

  • الرقابة الاجتماعية: تشمل هذه الوسيلة ردّ الفعل تجاه التصرف المنضبط أو غير المنضبط، وتكون بالمكافآت، أو النقد، أو الثناء وغيرها.
  • الوسائل الإيجابية والسلبية: وفقًا لعالم النفس "لكيمبل يونغ" يوجد نوعان من الوسائل الاجتماعية؛ الأولى هي الوسيلة الإيجابية التي تعتمد على تقديم الثناء، والجوائز التقديرية، والشهرة، والاحترام، والثانية هي الوسيلة السلبية التي تعتمد على تقديم النقد، والعقاب، والخزي.
  • الضبط الواعي واللاوعي: فقد صنفه المفكر "برنارول" على أنه أساس واعٍ وغير واعٍ، فقد يطور الضبط عن طريق الوعي من خلال المجتمع والقانون، أما بالنسبة للضبط اللاوعي فإنه يتبع الأفراد بصورة غير واعية أي عن طريق العادات والتقاليد.
  • الضبط الرسمي وغير الرسمي: تصمم وتنظم الرقابة الرسمية من قبل السلطات الحكومية التي تستخدم القانون لضبط وتقويم السلوك الفردي، أما بالنسبة للرقابة غير الرسمية فهي تعتمد على القواعد واللوائح من قبل وسائل التواصل الإجتماعي، والرأي العام، والنقد، والتي تتميز بسلطة غير رسمية.
  • الضبط عن طريق البناء والاستغلالية: ويعتمد على التعليم والإصلاحات الإجتماعية، بينما وسائل الضبط الاستغلالي تكون من خلال التهديدات أو التخويف، والرقابة.
  • الضبط الحقيقي والمفتعل: إذ يكون الضبط المفتعل عن طريق إرادة الفرد الحرة وليس عن طريق القوة المجتمعية، وهذا ما يسمى أيضًا بضبط النفس، في حين أن الضبط الحقيقي يكون من خلال قوة المجتمع على الأفراد، وإلزامهم باتباع هذه القواعد بسبب خوفهم من العقاب.


نظرية الضبط الاجتماعي

تعد نظرية الضبط الاجتماعي من النظريات التي اكتسبت مكانة بارزة خلال فترة الستينات؛ إذ سعى علماء الاجتماع إلى البحث عن تصورات مختلفة حول الجريمة، ففي هذه الفترة طرح المفكر "ترافيس هيرشي" عرضه المبتكر عن نظرية الضبط الاجتماعي، وهذه النظرية كانت مبنية على مفاهيم السيطرة الاجتماعية القائمة، كما وإنها تؤكد نظرية الضبط أو التحكم الاجتماعي، ويرى هيرشي بأن الروابط مع الأسرة والمدرسة وجوانب أخرى في المجتمع، جميعها تقلل ميل الفرد إلى السلوك المنحرف، وعلى هذه النحو فإن هذه النظرية تفترض أن افتعال الجرائم تحدث عند وجود ضعف في هذه الروابط الراسخة والثابتة، فدون هذه الروابط تصبح نتيجة الجريمة حتمية، وذلك على عكس النظريات الأخرى التي تسعى إلى توضيح سبب انخراط الأفراد في السلوك المنحرف، وتتساءل لماذا يمتنع الأفراد عن الإساءة، وبناءً على ذلك فإنه يُنظر إلى الإجرام على أنه متاح لجميع الأفراد داخل المجتمع، ولا يُتجنب إلا من قبل أُولئك الذين يسعون إلى الحفاظ على الروابط العائلية والاجتماعية، فوفقًا لنظرية "هيرشي" للعالم الوراثي الأمريكي "ألفرد هيرشي" تستند هذه الروابط إلى تعلق هؤلاء الأفراد بالأسرة، والأصدقاء، والمدرسين، وزملاء العمل، فيسعون إلى الالتزام بالأنشطة التي يستثمروا فيها وقتهم وطاقتهم، مثل الأنشطة التي تتعلق بالأهداف التعليمية أو المهنية، فهذه الأنشطة تساعد الأفراد على زيادة ارتباطهم بالآخرين وتهيئ لهم بيئة خالية من السلوك الانحرافي.[٣]


أهمية الضبط الإجتماعي

يعد التضامن أو الضبط الإجتماعي ضروري لوجود المجتمع، فمن المعروف أنه لا يوجد شخصان متشباهان في طبيعتهما، وأفكارهما، واهتماماتهما، وهذا يدل على الاختلافات الثقافية بين الأفراد، فنلاحظ مثلًا: وجود أفراد يعبدون الخالق، والبعض الآخر لا، والبعض يأكل اللحوم والبعض الآخر نباتي، ومنهم من هو بسيط ومنهم هو عصريّ، فيمكن القول أن المجتمع هو منظمة غير متجانسة، وإذا سُمح لكل فرد بالتصرف بحرية ودون قيود، فذلك بلا شك سيؤدي إلى اضطراب واختلال اجتماعي، لذا يعد الضبط ضروريًا من أجل حياة منظمة، كما تتمثل أهداف الرقابة الاجتماعية في إبراز التوافق، والتضامن، والاستمرارية لمجموعة أو مجتمع معين، منها:[٤]

  • من أجل الحفاظ على النظام القديم: فمن الضروري لكل مجموعة مجتمعية أن تحافظ على نظامها الاجتماعي من خلال تصرف الأفراد وفقًا للنظام الاجتماعي الذي يسعى إلى الحفاظ على النظام القديم.
  • لتأسيس الوحدة الاجتماعية: فدون ضبط اجتماعي، ستكون الوحدة الاجتماعية مجرد كلام على ورق، فمن المهم أن تنظم الرقابة الاجتماعية السلوك وفقًا للمعايير المقررة، والتي تجلب وحدة السلوك وبالتالي الوحدة بين أفراد المجتمع.
  • تنظيم أو ضبط السلوك الفردي: توجد الكثير من الاختلافات في طرق عيش الأفراد؛ فلا يوجد رجلان مشابهان في مواقفهما، وأفكارهمها، ومصالحهما، وعاداتهما، حتى الأطفال الذين هم من نفس الآباء ليس لديهم نفس المواقف، والعادات، والاهتمامات، فمن الجدير بالذكر بأنه ازداد في العصر الحديث احتمال أن يصبح الإنسان متمحورًا ومتمركزًا حول نفسه، لذلك وجود الضبط الاجتماعي ضروري لحماية المصالح الاجتماعية وتلبية الاحتياجات المشتركة، ولو افترضنا أنه هذا الضبط الاجتماعي أُزيل فبلا شك سيتحول هذا المجتمع إلى غابة حيث لا شيء منظم فيها.


المراجع

  1. "Social Control: Definition & Forms", study, Retrieved 6-12-2019. Edited.
  2. "Types of Social Control Formal & Informal, Positive & Negative", studylecturenotes, Retrieved 6-12-2019. Edited.
  3. "Social Control and Self-Control Theories", children, Retrieved 6-12-2019. Edited.
  4. "5 Main Needs of Social Control", sociologydiscussion, Retrieved 6-12-2019. Edited.

فيديو ذو صلة :