محتويات
الذات
هي حصيلة تجربة الشّخص اتجاه الظواهر والظروف التي مرَّ بها، والتي شكلت إدراكه وأفكاره وعواطفه، وهي على خلاف النفس، فمعرفة المرء بنفسه وأفكاره ومشاعره ومبادئه وعيوبه ونقاط ضعفه وقوته هي الذات، أي مقدار إبصار الشخص بنفسه، ويندرج تحت ذلك إحساس الإنسان بقيمته وبكيانه الداخلي وتفرده عن الشخصية الخارجية الاجتماعية.
وتتكون الذات من جزئين، هما؛ الأنا التي تعرّف على أنها الحواس الخمسة والجسم المادي المؤقت ومجموعة الآراء والأفكار المتغيرة، أما الجزء الثاني، فهو الأنا العليا أو الأنا الحقيقية الدائمة التي لا تتغير مع تغير الأفكار والظروف، وتتكون الذات أو الأنا من خلال تفاعل عدد من العناصر كالبيئة المحيطة بالطفل أو البالغ والعوامل المعرفية والمكونات الوراثية، ولكن هذا لا يعني وجود قالب محدد يمكن أن ينتج الشخصية دون القدرة على تغييرها؛ فمقدار ما يرغب الشخص في التّغيير من نفسه ومجتمعه والتطوير عليه يمكنه الخروج من القالب الذي صبه المجتمع فيه.[١]
السيطرة على الذات
تعدّ السيطرة على النفس من المهارات الهامة التي يتحلى بها العقلاء والحكماء في الغالب أكثر من غيرهم، إذ إنها تتطلب قوة عزيمة لاتخاذ خطوة بدنية ملموسة أو قرار عقلي ينص على التصرف بطريقة معينة لتفادي أو التعامل مع موقف ما، ومن المهم الحفاظ على السيطرة على الذات في الأوقات الصعبة، لأنها ما يحول بين المرء وفقدان المنطق والعقلانية في التفكير، إلى جانب تجنب الكثير من ردود الفعل العشوائية والانفعالات التي لا حاجة لها، والتي تفاقم الوضع في أغلب الأحيان بدلًا من إصلاح الموقف، فعلى المرء تنمية مهارة التحكم بالذات والسيطرة على المشاعر ليصبح الشخص سيد نفسه وذاته يسيرهما كيفما أراد، والهدف من ذلك تحقيق أحلامه وأهدافه دون أن يضطر أن يتنازل لشهواته.[٢]
ومع الوقت والتّقدم في العمر فإن خبرات الشخص ومعارفه وقراءاته ونشاطاته تزيد، كما أن الشخص يخرج من عالم الوالدين والرقابة التي أحاطاه بها، وينتقل إلى عالم الجامعة والعمل بحيث يكون الرقيب على نفسه فقط؛ ومع الزمن قد يرى أنه يزداد اتباعًا لشهواته، ولذلك فهو يرى أنه لا قرار له وأن رغباته وشهواته هي التي تقوده، إذ يعاني البعض وخاصة الصغار في السن من ضعف في مواجهة أبواب الحياة واختيار الصحيح أو السليم فطريًا مما تعرضه عليهم، فمنهم من يشعر أنه يسلك الطريق الممل كونه صحيحًا أو طريق الجبن كونه مألوفًا؛ وحين بلوغ سن معين، يشعر المرء أنه واقع تحت سيطرة أهوائه ورغباته وبأنها باتت تشكل عائقًا في سبيل حريته وتجرده وفي سبيل تحقيق الكثير من أحلامه وطموحاته التي مال عن طريقها بضعف مقاومته واختلال فطرته، وفي الغالب، يؤدي فقدان السيطرة على المشاعر والأهداف نقطة مفصلية في حياة الشخص، إذ إن له تبعات قد تكون لحظية وبسيطة أو مهمة وخطيرة الأثر.[٣]
أسباب فقدان السيطرة على الذات
توجد العديد من الظروف اليومية أو المشكلات النفسية الطارئة التي تتسبب في فقدان المرء لأعصابه أو مشاعره عامة، إذ إن التحكم بالمشاعر يتطلب قوة جسدية لضبط الإشارات الحيوية وإعادتها إلى مستواها الطبيعي إلى جانب القوة النفسية التي تتطلب توظيف المنطق والحكمة بدلًا من إظهار الانفعالات التي لا يحمد عقباها، وفيما يأتي عدد من الأمور التي تشكل عائقًا أمام الشخص وتجعله معرضًا لفقد السيطرة على نفسه في أبسط المواقف:[٤]
- التوتر: قد يتسبب التوتر والضغط المستمر على الأعصاب في فقدان السيطرة على المشاعر وانفجارها في أبسط المواقف ودون سبب حقيقي، ويعزى ذلك في المقام الأول إلى التراكمات النفسية المتكررة.
- التغيرات الحياتية المفصلية: قد تؤدي التغيرات الجسيمة في نمط الحياة إلى فقدان السيطرة في بعض الأحيان، مثل المرور بحالة طلاق أو الانتقال إلى مكان جديد أو الترحيب بفرد جديد في العائلة أو ترك مكان العمل.
- الحزن: من الممكن أن يمر الإنسان بحالة من الحزن الطاغي عند فقدان أحد الأحبة في حال الانفصال أو الوفاة، إذ إن الاشتياق وقلة الحيلة تولّد شعورًا بالعجز والضعف.
- الهرمونات: قد يؤدي اختلال الهرمونات في الجسم إلى حالة من عدم التوازن في المشاعر، وقد يكون مثالًا على ذلك اختلال الغدة الدرقية أو غيرها.
- اعتلالات الشخصية: تصنف هذه الحالة كمرض يحتاج إلى العلاج، وينتج عنه الغضب غير المبرر وتقلب المزاج وعدم القدرة على التحكم بالانفاعلات.
- القلق: قد يتسبب القلق في حالة من الاختلال في المشاعر أو القدرة على التحكم فيها، إلى جانب بعض الأعراض الجسدية المصاحبة له، مثل استعداد الجسم الدائم للهجوم وترقب الخطر.
- الاكتئاب: يصبح الأشخاص المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة للمشاعر السلبية والتشاؤم والغضب، وبالتالي أقل قدرة على التحكم بانفعالاتهم وردود أفعالهم.
وفي حال تقدم الأعراض المصاحبة لهذه الأسباب وتأثيرها على السير العام للحياة اليومية أو تفاقم الأمور لتصل إلى التفكير في الانتحار أو إيذاء الآخرين، فمن الضروري زيارة الطبيب والحصول على مشورة أخصائي للمساعدة؛ إذ إن التعرف على مسببات هذا الاختلال من أولى خطوات العلاج.
أساليب السيطرة على الذات
توجد العديد من النصائح الإرشادية حول كيفية التعامل مع فقدان السيطرة على المشاعر، إذ إن التحكم بها من المهارات الهامة التي لا غنى عنها في الحياة اليومية سواء كان ذلك في المنزل أو العمل أو الشارع العام؛ إذ لا تخلو الحياة من المواقف التي تضطر الإنسان للخروج عن طوره والمبالغة في ردود فعله ردًا على الظلم أو دفاعًا عن نفسه أو أي من المواقف الشبيهة بذلك، ومن هذه الأساليب:[٥]
- أولا: يجب أن يكون المرء عارفًا لعيوبه ونقاط ضعفه، والأمور التي ينجر وراءها دون تفكير وتؤدي إلى إقعاده عن العمل وتضييع وقته أو المفاتيح التي تبعث فيه الغضب والانفعال الزائد عن حده مع محاولة فهم أسبابها.
- ثانيًا: بعد التعرف على سبب الخلل، يجب تحديد هدف يتضمّن التخلص من أحد العيوب أو أحد المشتتات التي تجعله غير قادر على الإنتاج.
- ثالثًا: التصالح مع الذات ورضا المرء بنفسه وما هو عليه وبظروفه كما كانت، إذ إن ذلك يخفف من حدة الغضب واحتمالية فقدان السيطرة على المشاعر.
- رابعًا: محاولة التخلص من ذلك العيب، مع العلم أنه يحتاج إلى تعب وجهد وصبر، وقد يستمرّ تغيير عادة واحدة أشهرًا أو أيامًا حسب شخصيته وقوة العادة أو قوة الظرف الخارجي، أو قوة المشتّت.
- خامسًا: لا يجب على المرء أن ييأس أبدًا ويستمر في المحاولة بالتغيير، إلى جانب عدم تحميل النفس عبء إحداث تغييرات كبيرة وإنما البدء بالتغييرات البسيطة التي يمكن أن تتراكم في شخص المرء ليصبح شخصيةً أخرى أفضل وأقوى وأكثر اتزانًا.
المراجع
- ↑ "Self", yogapedia, Retrieved 14-10-2019. Edited.
- ↑ Craig Impelman (24-5-2017), "Why Self-Control Is So Important"، success, Retrieved 14-10-2019. Edited.
- ↑ Leanne Rowlands (19-10-2018), "Emotions: how humans regulate them and why some people can’t"، The Conversation, Retrieved 14-10-2019. Edited.
- ↑ Jamie Elmer (24-6-2019), "Why You Might Feel Like the Most Emotional Person in the Room"، healthline, Retrieved 30-10-2019. Edited.
- ↑ "7 Simple Steps To Gain Self Control (With The Law Of Attraction)", mindvalley,6-1-2019، Retrieved 14-10-2019. Edited.