محتويات
الذّات
إدراك حقيقة النفس وصورتها، والكيان الذي يبنيه الإنسان لنفسه؛ من خلال خبراته في الحياة، كل هذه الأمور تحقق ذات الإنسان وهويته، فالذّات هو نظرة الإنسان لنفسه وكيفية تفكيره وتقييمه لها، والصورة التي تنطبع في ذهنه عن نفسه، فقد تكون بالصفات الماديّة المرئيّة؛ مثل الشكل، والمظهر العام، وجزء كبير من مفهوم الذّات يعود إلى نظرة الإنسان وصورته الذّاتيّة عن نفسه، والقيمة التي يضعها لنفسه، فالذّات كيان مستقل منفصل عن الآخرين، وفي نفس الوقت يرتبط بهم ويتفاعل معهم، وتتأثر الصورة الذّاتيّة التي يأخذها الإنسان عن نفسه بعوامل خارجيّة؛ مثل: الأصدقاء، والأهل، والإعلام.
مفهوم الذّات في الفلسفة
مفهوم الذّات لدى الفلاسفة
مفهوم الذّات في الفلسفة القديمة كانت تتمحور حول إرادة الإنسان وإدراكه، فالإنسان عبارة عن عقل وجسد ، ومن أبرز ما جاء في الفلسفة عن معنى الذّات ما يأتي:
- الفلاسفة الشرقيون: يعتبرون أن الذّات هي إرادة العيش والبقاء، إذ إنّه دون النفس التي لا تعي وتدرك معنى الخير والشرّ؛ فليس هناك أسباب للحياة، ومن أبرز أصحاب هذه الفلسفة بوذا الذي يعتقد أن الذّات هو قهر اللذة والرغبة دون الشعو بالألم.
- الذّات عند فلاسفة الهند: الفلسفة الهنديّة القديمة كانت تعتقد أن على الإنسان أن يحمل عدد من الصفات هي:الهدوء، والصبر، والصلابة، والكبرياء.
- الذّات عند سقراط: هي خليط يصنعه الشخص من قدراته وملكاته، وقدرته على التحليل المنطقي، فهو الوعي والإدراك الحسي جراء البحث عن أسباب وجود الأشياء.
- الذّات عند الفلاسفة الصينيين: الذّات عند الصينيون القدماء تتشابه كثيرًا مع فهم الفلسفة الهنديّة للذّات، إذ إنها تتطلب في الإنسان المثابرة والإقدام، وقهر الألم، وحب العمل.
- الذّات عند البوذيّة: هي تصرف يتجرد من كل الماديات واللذات الطائشة، إذ إنه تصرف مبني على معرفة قويّة بمعاني الحياة وأسرارها ومواطن الضعف البشريّ الكذب والشر، ومن أهم الصفات التي على الإنسان أن يتحلى بها؛ هي: البساطة، والصدق، والسذاجة.
مفهوم الذّات في الدراسات المعاصرة
جميع نظريّات الذّات المعاصرة ترى أنّ الإنسان عبارة عن كلّ منظمٍ تمامًا في مجاله الظاهريّ؛ حياته، ووجوده، ومشاعره، ورغباته، من أجل تحقيق ذاته ووجوده اليوميّ، وهذه النظريّات تبرز في ثلاثة أشكال هي كالآتي:
- ذات واقعيّة: هي الذّات التي يرى بها الإنسان نفسه من خلال الآخرين.
- ذات مثاليّة: هي صورة الإنسان عن نفسه كما يراها، وصورته كما يراها الآخرون ولكن بشروط يضعها الإنسان لها.
- ذات خاصة: هي معرفة الإنسان لنفسه بعيدًا عن الواقع الموضوعي.
مفهوم الذّات في الفلسفة الإسلاميّة
أول مؤسسة لتنمية الذّات والنفس البشريّة في الإسلام هي دار الأرقم ابن أبي الأرقم، فتمثّلت الفلسفة في فهم الذّات البشريّة وتنميتها بالتركيز على كافة جوانب الإنسان من عقل وعقيدة وأخلاق وجسد مادي، فكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم خير مربٍ ومعلّم عن طريق الأخلاق لنيل رضا الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أن أركان الإسلام قائمة على أمور عقائديّة وأخرى معنويّة وروحانيّة، وأيضًا أركان ماديّة، فكانت فلسفة النظرة الإسلاميّة هي النظرة الشموليّة للنفس والذّات.
تقدير الذّات
تقدير الذّات هو مجموعة القيم والأفكار والمشاعر التي يمتلكها الشخص عن نفسه، ومقدار احترام الشخص لنفسه ورؤيته لها، وكيفيّة شعوره تُجاهها، إذ إنّ البعض يستمد تقديره لذاته من الآخرين المحيطين به، وما يقدمونه له من دعم نفسيّ وما يرسموه له من صورة عن نفسه وقدراتها، أو أن يجعل تقديره لذاته مستمدًا من عمله ونوعه، والمستوى المادي الذي هو عليه، فتكون بذلك نظرته ماديّة عن قيمة الذّات، وكل هذه المصادر لتقدير الذّات مصادر واهية وهميّة؛ إذ إنها تنبع من خارج النفس وخارج حدود السيطرة والتحكم بها، ومن جهة أخرى فإنّ التقدير للذات لا بد له من أن ينبع من داخل النفس، وليس من خارجها وخارج حدود قدرتها، لأن النفس لا تخون صاحبها الذي يقدرها ويحبها في كل الأوقات بل وفي أصعب الأوقات.
النجاح وتقدير الذّات
هناك علاقة معينة بين النجاح وتقدير الذّات؛ وهي علاقة تبادليّة فيما بينهما، إذ إنه لا بد من تحقيق النجاح لتعزيز التقدير الذّاتي، وأيضًا تقدير الشخص لذاته وثقته به من غير أي أساس خارجي؛ يدفعه لتحقيق النجاح والتفوق في كل مجالات الحياة، ومن هنا فإن لتقدير الذّات مفهومين مختلفين هما كالآتي:
- التقدير الذّاتيّ المكتسب: وهو التقدير الذي يأتي بعد تحقيق النجاح، فيكون الرضى عن النفس وتقديرها مستمدًا من مدى الإنجازات التي حققتها.
- التقدير الذّاتي الشامل: وهو التقدير النابع من داخل النفس، ومن شعور الشخص تجاه نفسه وكيفيّة الصورة التي يرى فيها الشخص نفسه ويفتخر بها، بغض النظر عن أي إنجاز حققته، أو أي نجاح وصلت إليه.