مفهوم الحاجة في الفلسفة

مفهوم الحاجة في الفلسفة
مفهوم الحاجة في الفلسفة

ما مفهوم الحاجة في الفلسفة؟

تعد الحاجة من المفاهيم المتنازع والمختلف عليها بشدة خاصة من قبل الفلاسفة، فمنهم من يرى أن الحاجة هي ما يُفرض على الإنسان من مطالب أخلاقية، وأن تلبيتها هو ما يضع الإطار العام للسياسة المتبعة في الدولة، ومن ناحية أخرى يرى بعض الفلاسفة أنها عملة زائفة، إذ إنها تبدو موضوعية وأساسية لكنها ليست كذلك، وذلك لأنها تشمل الكثير من الغايات الأخرى في حياة الفرد، بل إنها قد تتقاطع مع السياسة في نواحٍ متعرجة، ومفهوم الحاجة فضفاض للغاية فقد يدل على الموارد أو القدرات أو الرفاهية.

وفلسفيًا عندما نقول أن الإنسان محتاج لشيء ما خاصةً عندما يكون مريضًا أو جائعًا أو مهددًا بالخطر ولا يشعر بالأمان فإن حاجته تلك تتحدد تبعًا لما يشعر به، كما أن للحاجة لغة خاصة لا ترتبط بفئة عمرية دون غيرها، فالأطفال لديهم حاجات معينة كالحصول على الغذاء مثلًا، وكبار السن لديهم حاجات مختلفة مثل العناية الصحية، والمرضى والفقراء والأشخاص الوحيدون كذلك، بحيث تختلف الحاجة باختلاف طبيعة الحالة، مما يعني أن زيادة الوعي والفهم بها يزيد من المقدرة على تلبيتها بكفاءة وسرعة أفضل.[١]


أنواع الحاجات الإنسانية

من المهم أن تعلم أن سلوك الفرد مدفوع بإلحاح الحاجة التي يريدها، وهذا هو الأساس والدافع الأساسي للعمل والقوة، ويمكن تقسيم الحاجات الإنسانية إلى خمسة أنواع أساسية ألا وهي:[٢]

  • الاحتياجات الفسيولوجية: والمتمثلة بالطعام والمأوى واللباس والنوم والهواء والماء وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي لا تقوم حياة الإنسان دونها.
  • احتياجات السلامة: وتأتي في الدرجة الثانية بعد الاحتياجات الفسيولوجية، ومن أبرز الأمثلة عليها تأمين الوظائف وخطة التأمين ومعاش الشيخوخة وتقليص النفقات والتعويض عن التسريح والاحتياجات الأمنية التي تلعب دورًا هامًا أيضًا.
  • الاحتياجات الاجتماعية: وتشمل على الاحتياجات العاطفية غير الملموسة مثل؛ العاطفة والحب و الصداقة والقبول من قِبل الآخرين، فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته وهو بحاجة لأن يكون موضع اهتمام وأن يكون محبوبًا ممن حوله، إذ يندفع لتكوين مجموعات مختلفة لإقامة علاقات هادفة مع الآخرين، وتتيح المجتمعات العديد من الفرص أمام الأفراد وتشجعهم على إقامة العلاقات الودية والاجتماعية بين بعضهم البعض، ولا يمكن لأي دولة أو مجتمع أن يمنع الأفراد من تكوين العلاقات الاجتماعية إلا إذا كانت تلك العلاقات قد تُشكل خطرًا على المجتمع بشكل أو بآخر.
  • الحاجة إلى التقدير: تهتم هذه الاحتياجات باحترام الذات وتعزيز الثقة بالنفس والحصول على التقدير والثناء من الآخرين، والتي تجعل الإنسان يخرج أفضل ما لديه من إمكانيات وطاقات بعد الاعتراف بالمجهود الذي يبذله.
  • الحاجة إلى تقدير الذات: تقدير الذات يشمل على احتياجات الإنسان لتطوير نفسه والرغبة في تحمله للمسؤوليات الإضافية، وهي من الاحتياجات المهمة على الرغم من أن قلة من الأشخاص يتمكنون من تحقيقها والشعور بها.


إليك أهم خصائص الحاجات الإنسانية

الحاجات الأساسية هي جزء أساسي من الطبيعة البشرية والتي تختلف باختلاف القيم والعادات السائدة من بلد إلى آخر أو من مجموعة إلى أخرى، إلا أن الحاجات الأساسية الإنسانية واحدة ولا تختلف كثيرًا مما يعني أننا نحمل نفس الخصائص، وإليك أبرزها:[٣]

  • الهرمية، وهذا ما وضحناه لك في الفقرة السابقة إذ يدل ذلك على أن الحاجات الأساسية لأي شخص تكون مُرتبة هرميًا من الأكثر أهمية إلى الأقل، وعلى الرغم من كونها مهمة في حياتك كإنسان إلا أنها تختلف من حيث الأولوية تبعًا للتسلسل هرمي، فأنتَ لا تستطيع الاستغناء عن الطعام والماء لفترة طويلة من الوقت لكنكَ بالتأكيد ستحيا لوقت أطول دون التقدير أو الثناء أو الحصول على فرصة عمل.
  • يوجد طرق مختلفة لتلبية تلك الحاجات الإنسانية في حياتك، وتتعدد الوسائل التي تسهل عليكَ البقاء والحياة، فمثلًا عندما تسعى للحصول على وظيفة ما فأنتَ تمتلك العديد من الخيارات والمناصب التي تطرحها مؤسسات وشركات متنوعة.
  • المرونة، فترتيب الحاجات الأساسية ليس صارمًا وحازمًا وإنما يعتمد على عوامل متغيرة مثل الظروف الخارجية كالمناخ وتغيراته والكوارث الطبيعية وغيرها، أو الفوارق الفردية التي تزيد من فرص شخص على حساب آخر.
  • تعدد الدوافع والحاجات وتختلف من إنسان إلى آخر وهو ما يفسر حاجات الإنسان الكثيرة وعدم اقتصاره على حاجة واحدة أو اثنتان، ويمكن رصد سعي الفرد للحصول على أيٍّ من احتياجاته من خلال سلوكه.


قد يُهِمُّكَ: ما الفرق بين الحاجة والرغبة؟

الحاجة والرغبة هما مفهومان متشابهان من حيث الطبيعة والمعنى، إلا أنه يوجد فرق بينهما فغالبًا ما تتداخل احتياجاتك ورغباتك مع بعضها البعض، وقد تشعر أن ما تحتاجه هو ما ترغب به أو أن ما ترغب به هو ما تحتاجه، وهذا الارتباك هو ما يجعلك تخلط بين المعنيين، وفيما يلي سنبين لك الفرق بين الحاجة والرغبة بشكل سهل ومبسط:[٤]

  • الحاجة: تشير إلى كل الحاجات الأساسية التي لا يمكنكَ العيش دونها، وقد يبدو الحب الذي تحصل عليه من العائلة والأصدقاء أقل أهمية من المأوى أو الطعام ولكنه حاجة أساسية أيضًا وغيابه سيشعرك بالإهمال، وتلبية الاحتياجات أمر ضروري للبقاء على قيد الحياة، فأنتَ تشرب الماء لكونه السائل الأهم والأبرز لحياتك لكن المياه الغازية أو العصير ليسا بالأهمية القصوى كما الماء، فغياب أيٍّ منهما لن يسبب لكَ مشاكل مثل غياب الماء بالطبع.
  • الرغبة: وهي شيء تريده لنفسك بدرجة كبيرة وقوية للغاية أو بشكل ضعيف جدًا، وعندما تريد ذلك الشيء بشدة فإنك تسعى للحصول عليه، وعلى الرغم من أن الرغبة ليست أساسية أو ضرورية ولا تهدد وجودك على النقيض من الحاجة، فلا يعني ذلك أنك لا تستطيع العيش دون الأشياء التي ترغب بها، بالإضافة إلى فارق آخر وهو أن الرغبة لا حصر أو حدود لها وتستمر بالظهور واحدةً بعد الأخرى طوال مراحل حياتك، كما أنها قد تكون سببًا للمشاكل، وهي تحمل جانبًا غير مقبول في بعض الأديان.

ولتتعرف على المزيد حول الفروقات بين الحاجة والرغبة من وجهة نظر فلسفية، ننصحك بقراءة المقال التالي: الفرق بين الرغبة والحاجة في الفلسفة.


المراجع

  1. "Stanford Encyclopedia of Philosophy", plato.stanford, Retrieved 26/1/2021. Edited.
  2. "5 Kinds of Human Needs: Suggested by Abraham Maslow (With Diagram)", yourarticlelibrary, Retrieved 26/1/2021. Edited.
  3. "Maslow's Hierarchy of Needs", simplypsychology, Retrieved 26/1/2021. Edited.
  4. "Difference Between Need and Desire", differencebetween, Retrieved 26/1/2021. Edited.

فيديو ذو صلة :