محتويات
أبو جعفر المنصور
هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، ولد في قرية الحميمة الواقعة في معان جنوب الأردن، ويعد ثاني خلفاء الدولة العباسية، وقد عرف بقوته وحنكته السياسية، كما أنه كان فصيحًا وعالمًا بالشعر والنثر، وكان لديه إلمام بالسير والأخبار، وقد تولى خلافة المسلمين بعد وفاة أخيه السفاح، وكان ذلك من سنة 754 حتى توفاه الله سنة 775، وأعتبر أبي جعفر المنصور هو الذي بنى وأسس للدولة العباسية بعد انهيار الدولة الأموية التي استمر حكمها 90 سنة، لذلك تعد فترة خلافته أهم فترة في تاريخ الدولة العباسية، وقد بلغت فترة حكمه 22 عامًا تمكن خلالها من وضع أسس الدولة وكانت جميع الوزارات والسلطات في الدولة بيده.[١][٢]
وصف أبو جعفر المنصور بأنه كان فحلًا ذو هيبة وجبروت، ومن أهم ما اتصف به الورع والزهد والتقوى، ومن شدة ذلك كان يلبس الخشن وكان قميصه مرقوعًا، لم يغرق في الهوى واللعب ولم تزج مجالسه بالشعراء؛ وذلك لأنه لم يقدم لهم الأعطيات كما فعل غيره من الخلفاء، ويعد من أعظم الخلفاء العباسيين، فقد عرف بالجدية والصرامة، كما أنه كان شديد البأس والفطنة والصلاح، وكان كثيرًا ما يهتم بأمور رعيته، ومن أبرز الصفات التي تميز بها ثباته عند الشدائد والمحن، وقد كان المنصور مقتصد وموفر، وكانت أعطياته لعمال مبالغ بسيطة مقابل عملهم.[٢] توفي في سنة 775 وهو في طريقه لآداء فريضة الحج، وقد حفر أبو جعفر المنصور عدة حفر وهو في طريقه حتى إذا مات ودفن لا يستطيع الأموين العثور على جثمانه، وتوفي بعد صراع مع المرض ودفن في مكان ما بالقرب من المقابر الوهمية التي حفرها، وبعد وفاته استلم ابنه المهدي الخلافة، وكان المهدي يطلق على نفسه هذا اللقب نسبة إلى أسطورة المهدي الذي يتوقع قدومه ليعم الأمن والسلام في العالم وهو يُعد نفسه كذلك.[١]
أبو جعفر والدعوة العباسية السرية
دعا بنو العباس إلى القضاء على الدولة الأموية، فضعّفوا دورهم في سياسة الدولة، وكان سبب ذلك أن العباسين يعتقدون أنهم أحق بالخلافة لأنهم الأقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبالفعل خططوا للإحاطة بالدولة الأموية عن طريق الدعوة السرية للتخلص من حكم بني أمية، وقد اتخذوا مدينة الحميمة مكانًا ومقرًا يجتمعون فيه للتخطيط؛ لأنها منطقة بعيدة عن أعين الناس والأهم من ذلك أنها تقع في طريق الحجاج، وكان أبو جعفر المنصور هو من ترأس هذه الدعوة، وبالفعل استجاب الناس لدعوتهم وخاصة الفرس والقبائل غير العربية التي حقدت على الدولة الأموية؛ لأنها لم تسمح لهم بالمشاركة في حكم الدولة، لذلك اعتقدت تلك القبائل أن ينهج العباسين غير ذلك فبايعوهم ووقفوا إلى جانبهم، وبعد ذلك ثار الناس على الخليفه الأموي وبدأت الثورة، وكانت بدايتها من خرسان بقيادة أبو مسلم الخرساني الذي أعد الجيش وذهب إلى دمشق لمقاتلة الخليفة، وكان مروان بن محمد خليفة بني أمية في ذلك الوقت الذي حاول إصلاح الدولة ولكنه فشل في ذلك، وبعد ذلك وصل الزحف العباسي إلى العراق وبويع أبو عبد الله السفاح الذي أمر بمواصلة القضاء على بني أمية، وبالفعل تمكنوا من القضاء على بن أمية وإسقاط دمشق في معركة الزاب سنة 132.[٣]
أبو جعفر ودوره في بناء بغداد
من أهم الأعمال التي قام بها المنصور بعد أن تمكن من القضاء على جميع خصومه ومعرضيه في الدولة هو بناء مدينة السلام واتخاذها عاصمة للدولة وكان ذلك سنة 762، وقد أطلق عليها فيما بعد اسم بغداد، وكانت من أهم دوافعه لبناء المدينة هو كثرة الخلافات والاضطربات من حوله وخاصة في مدينتي البصرة والكوفة، ويوجد من يرجح أن سبب بنائه لها هو قول المنصور أن الأسرة العباسية جاءت إلى العراق لتحكم هذه البلاد، ويذكر أن المنصور استخدم أنقاض مدينة قطسيفون في بناء وتشيد مدينة بغداد، ويوجد رأي آخر في سبب بنائه لها هو حاجة المنصور لتوفير مكان آمن وبناء الدولة العباسية على أسس متينة، ولتحقيق البيروقراطية التي أعتمدها بناءً على تأثره بأفكار الإرانين، فيما بعد تمكن من بناء الرصافة في سنة 151هـ ووهبها لابنه المهدي، وهي تقع في مقدمه خراسان في الجانب الشرقي من بغداد، وجعل لها المنصور سورًا وخندقًا، وجدد فيها المنصور البيعة لنفسه، ثم لولده المهدي من بعده ثم لعيسى بن موسى من بعدهما.[١][٤]
الحياة الثقافية في عهد المنصور
توجه العالم الإسلامي خلال فترة حكم المنصور إلى اعتماد توجهًا جديدًا بدأ مع بداية ظهور الأدب والعلم، وكان سبب هذا التوجه هو دعم الفرس والأقليات التي حاربت الدولة الأموية، وعلى الرغم من ذلك بقي العالم الإسلامي ينظر للعلوم والآداب الفارسية بأنها أقل من غيرها، وفي هذه الفترة ظهرت الحركة الشعوبية نتيجة لضعف الرقابة على الثقافة والقومية الفارسية، والشعوبية هي حركة أدبية كانت تعتبر أن الأدب والفن والثقافة الفارسية تتفوق على الثقافة العربية، وقد عقدت عدة جلسات حوارية بين عدد من المثقفين الفرس والعرب، وكان من بين الإنجازت التي قام بها المنصور تأسيس بيت الحكمة في بغداد والذي كان يعد أحد أهم المراكز العلمية والثقافية في ذالك العصر.[١]
انشأ أبو جعفر النصور بيت الحكمة في بغداد داخل قصر الخلافة، ويعود سبب بنائه له هو شغفه وعنايته ورعايته بالأدب، وكان يشرف عليه بنفسه، وكان بيت الحكمة من أهم المراكز التي ترجمت فيها العديد من الأعمال إلى اللغة العربية، وقد أرسل الخليفة المنصور طلبًا إلى إمبراطور الروم ليرسل له العديد من الكتب لترجمتها، فاستجاب وبعث له العديد من المؤلفات في الهندسة والحساب والطب والفلك، وترجمها المنصور بمساعدة نفر من المترجمين إلى اللغة العربية، زجعل الخليفة المأمون فيما بعد بيت الحكمة مكتبة عالمية واقتدى بذلك بما فعله المنصور وكذلك فعل أبوه هارون الرشيد.[٢]
المراجع
- ^ أ ب ت ث "ابو جعفر المنصور"، لبيبة، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "أبو جعفر المنصور أقوى الخللفاء العباسين"، saadownz، 5-2-2017، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "بحث عن ابو جعفر المنصور"، الخبر الأول، 12-4-2019، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "خلافة أبي جعفر المنصور"، قصة الإسلام، 11-4-2010، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.