بحث عن هارون الرشيد

هارون الرشيد

هو خليفة عباسي نال شهرة واسعة فاقت كل خلفاء الدولة العباسية، لكنها شهرة ممزوجة بالحقيقة والخيال، الوقائع والأساطير، وعليه سنتناول في مقالنا هذا بحثًا مفصلًا عن الخليفة الرشيد، [١] وقد يعتقد الكثيرون أن الرشيد هو اسم عائلته، لكنه في الحقيقة لقب منحه إياه والده المهدي محمد بن المنصور، وذلك بعد أن قاد الرشيد جيشًا يزيد عن 95 ألف رجل لغزو الروم، وكان ابن عشرين ربيعًا وقتئذ، فقد أجبر الملكة الحاكمة إيرين التي كانت وصية على ابنها قسطنطين البالغ تسع سنوات على عقد هدنة، ودفع جزية سنوية بمقدار 70 ألف دينار، بل أرسلت معه هدايا لوالده المهدي وهادنته 3 سنوات، فعاد هارون من غزوته منتصرًا، وهذا ما أثلج صدر المهدي ولقب ابنه بالرشيد ثم أخذ له البيعة بعد أخيه[٢].


بحث عن هارون الرشيد

هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي خامس خلفاء الدولة العباسية، [٢]ولد في مدينة الري سنة 148 هجريًا [٢]، وهي مدينة في جمهورية إيران تقع على بعد ستة كيلومترات جنوب شرق طهران، كانت من أهم المدن في القرون الأولى من العهد الإسلامي[٣]، فيما نشأ في بيت عز، وأُعد لتولي القيادة منذ عهد أبيه المهدي بن جعفر المنصور، فكان يرسله إلى أساتذة كبار لتعليمه وتثقيفه، ومنهم الكسائي، والمفضل الضبي، فلما اشتد عوده ألقاه أبوه في ميادين الجهاد وأحاطه بالقادة الأكفاء ليتعلم منهم ويقتدي بهم، فكانت أولى حملاته العسكرية ضد جيش الروم سنة 781 للميلاد وقد تكللت بالنجاح فكافأه أبوه باختياره وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه موسى الهادي.[١]، وتجدر الإشارة إلى أن الفترة التي سبقت خلافته تزامنت بوجود كوكبة من الشخصيات السياسية العسكرية التي شكلت أركان دولته لمّا آلت إليه الخلافة، فنهضوا معه بدولته حتى بلغت قمة المجد والعز، ومن أبرز هذه الشخصيات يحيى البرامكي، والربيع بن يونس، ويزيد الشيباني، والحسن الطائي، ويزيد السلمي.[١]

مما سبق يمكن القول إن الخليفة العباسي هارون الرشيد لم يكن محبًا للهو واللعب والمجون، بخلاف ما تصوره بعض الكتاب، بل كان ملتزمًا بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، فكان يصلي ويتصدق ويحج بل لا يتخلف عن الحج إلا مشغولًا بالجهاد، وهكذا حتى اشتد به المرض لما سعى لإخماد الفتن المشتغلة سنة 808 للميلاد، ثم فارق الحياة في الثالث من جمادى الآخرة سنة 193 للهجرة الموافق الرابع من نيسان أبريل سنة 809 للميلاد، فانتهت خلافته بعد 23 سنة نهضت بالدولة الإسلامية ككل بل جعلته عصرًا ذهبيًا لها.[١]


خلافة هارون الرشيد

بايع المسلمون هارون الرشيد بالخلافة في الرابع عشر من ربيع الأول عام 170 هجريًا، الموافق الرابع عشر من أيلول سبتمبر عام 786 ميلاديًا، وذلك عقب وفاة أخيه موسى الهادي، وقد عم الرخاء ربوع الدولة إبان فترة حكمه مع ان الدولة كانت واسعة تمتد من وسط قارة آسيا حتى المحيط الأطلسي، وكانت مختلفة البيئات، ومتعددة العادات، ما يعني أنها عرضة للفتن والثورات، وأنها بحاجة إلى قيادة حكيمة تضبط زمام الأمور، فكان الرشيد أهلًا لذلك بالفعل علمًا أنه كان في الخامسة والعشرين من العمر، ومن إنجازاته ما يلي[١]:

  • بلغت أموال الخراج الذروة وهو أعلى ما عرفته الدولة الإسلامية من خراج، وقد قدره بعض المؤرخين بحوالي 400 مليون درهم تُحصّل بطرق شرعية دون ظلم أو اعتداء.
  • إقامة مشاريع مختلفة تتضمن حفر الآبار، وبناء المساجد والقصور، وتعبيد الطرق.
  • الاهتمام بمدينة بغداد على وجه التحديد فغدت مدينة ضخمة، ذات عمارة متألقة، وعدد سكان يناهز المليون نسمة، وأكبر مركز للتجارة على مستوى الشرق، وقبلة لطلبة العلم من جميع البلدان لا سيما وأن مساجدها بمثابة جامعة تحتضن الدروس والحلقات ومناقشة الآراء.
  • إنشاء بيت الحكمة وتزويده بمؤلفات وكتب من شتى بقاع الأرض، وكان يتضمن البيت غرفًا للكتب، وأخرى للمحاضرات، وثالثة للناسخين والمترجمين، وغير ذلك.
  • تنظيم الثغور المطلة على الروم على نحو غير مسبوق، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثعور لتبدو منطقة واحدة عاصمتها أنطاكية.
  • عمّر مدن الثغور بعد أن دمرها الروم، ثم أحطاها بالقلاع والأسوار والأبواب الحديدية.
  • أنشأ مدينة جديدة على الحدود أسماها الهارونية.
  • أعاد الحيوية إلى الأسطول الإسلامي بما يضمن السيطرة على الملاحة في البحر الأبيض المتوسط.
  • أقام دارًا لصناعة السفن.
  • وجه المسلمين إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة منها جزيرة رودس، وكريت، وقبرص.
  • أجبر الروم على طلب الهدنة جراء كثرة ضرباته وغزواته ضدهم، فعقدت ملكة الروم إيرني صلحًا مع الخليفة مقابل دفع جزيرة سنوية، وظلت المعاهدة حتى نقضها الإمبراطور نقفور الذي خلف إيرني معتبرًا ما ارتكبته إيرني حماقة نسائية وضغفًا، معلنًا الحرب على الخليفة، مرسلًا إليه كتابًا بذلك، فلما قرأه الخليفه غضب وقال له سيكون ردي ما تراه دون أن تسمعه، فخرج الرشيد بنفسه سنة 803 ميلادية حتى وصل مدينة هرقلة قرب القسطنطينية، وهكذا طلب نقفور الصلح من جديد، لكنه نقض المعاهدة من جديد، فعاد الرشيد إلى قتاله وهزمه هزيمة نكراء فقتل من جيشه 40 ألفًا، وجرح نقفور، ثم أخرج كل المسلمين من الأسر.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج أحمد تمام، "هارون الرشيد والعصر الذهبي للدولة العباسية"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "لماذا سمي هارون الرشيد بالرشيد"، المرسال، 10-6-2019، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019.بتصرّف.
  3. "مدينة ري التاريخية"، arabic.tebyan، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :