إتفاقية بريتون وودز

إتفاقية بريتون وودز
إتفاقية بريتون وودز

اتفاقية بريتون وودز

دعت الولايات المتحدة الأمريكية لاجتماع ضم 44 دولة في العام 1944م، وكان مكان الاجتماع هو مدينة بريتون وودز أحد مدن ولاية نيو هامبشير الأمريكية، فالبنظر لتاريخ الاجتماع نجد أنه يتوافق مع بداية تحقيق الانتصارات للحلفاء نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان أبرز قرارات هذا الاجتماع هو وضع نظام نقدي جديد لدول العالم، والذي يدعو للاستقرار الاقتصادي ويحقق النمو العالمي له، بالإضافة لحرّية المعاملات التجارية بين الدول ورفع نسب السيولة التي تضمن التوسع في الإنتاج، أي أن جُل التوصيات التي خرج بها هذا الاجتماع هو ثبات التعاملات النقدية وسياساتها، بما فيها الاستقرار على آليةٍ لصرف وتبادل العملات بين الدول والتي تختلف في قيمتها من دولة لأخرى، وبالتالي تسهيل التجارة على المستوى العالمي، وفي وقت لاحق للاجتماع المذكور ليس ببعيد ظهرت المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، وكذلك أُبرمت اتفاقية التعرفة الجمركية والتجارة الدولية المسماه باتفاقية الجات، والتي من شانها دعم توجهات الدول المشاركة في الاجتماع الذي عُقد في بريتون وودز، وقد كان للإتحاد السوفياتي آنذاك موقفًا من هذه الاتفاقيات والذي تمثل في رفضه الانضمام لها أو المشاركة فيها، إذ اعتبر أنها اتفاقيات ما هي إلا أدوات الغاية منها المزيد من الهيمنة الأمريكية على العالم اقتصاديًا، وبالفعل كانت أهم توصية خرج بها الاجتماع هي اعتماد ما يُسمى بخطة هوايت التي تحقق مصلحة أمريكا مباشرة، في حين أُستبعدت خطة كينز التي تعكس المصلحة البريطانية، فكان واضحًا في الاجتماع سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على مجرياته، إذ اتسمت أجواء القوى النسبية التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية، فأمريكا تعد أكثر الدول التي لم يلحقها دمارًا كبيرًا في بنيتها التحتية والاقتصادية كما حصل في دول أوروبا، بالرغم من خروجها منتصرة على النظام النازي بزعامة ألمانيا، بل شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ازدهارًا اقتصاديًا منقطع النظير فترة هذه الحرب، فهي من كان يكثف الإنتاج لسدّ احتياجات الدول التي تخوض المعارك بشكل حقيقي فيها . [١]


أهم سمات اتفاقية بريتون وودز

استمر تطبيق بنود هذا الاتفاق من عام 1945 وحتى العام 1971م، والذي كما ذكرنا كان من صنع وكيل وزارة المالية في الولايات المتحدة الأمريكية في وقت انعقاد الاتفاقية، وقد تمخض عن هذه الاتفاقية العديد من النتائج التي تٌرجمت لأرض الواقع بدءًا من السنة الأولى، أي في عام 1945م، وهي كالآتي : [٢][٣]

  • زيادة السيطرة الاقتصادية النقدية على دول العالم، فقد اتفق على قاعدة لسعر صرف الدولار الأمريكي فيه، والتي تتلخص في ربط سعر صرف الدولار بالذهب، والتزام الولايات المتحدة بتحويل القيمة الورقية لعملتها إلى ذهب، وقد تحدد بأن كل دولار أمريكي يساوي 0.888671 ذهب، وبالتالي أصبح الدولار الأمريكي هو العملة التي تُعتمد كاحتياطي نقدي في العالم، مما يعمل على استقرار وثبات سعر صرف العملات في العالم، أي أنه أصبح العملة المرجعية في التعاملات التجارية الدولية.
  • تبع ذلك إنشاء صندوق النقد الدولي للإشراف على تنفيذ وضبط قواعد النظام الدولي الجديد، وكذلك إنشاء البنك الدولي للتعمير بهدف مد يد العون والمساعدة للدول الأوروبية التي دمرتها الحرب، ولاحقًا مساعدة الدول الأخرى لنموها الاقتصادي، أما بخصوص الدول النامية فكانت استفادتها من هذه الانفاقية معدومة تقريبًا، ففي ذلك الوقت كانت معظم هذه الدول ما هي إلا مستعمرات للدول الأوروبية، ولم يلتفت الاجتماع ولا حتى ما جاء بعد الاجتماع إلى أي مشاكل تذكر خاصة بهذه الدول.
  • اتفاق التجارة الحرة الجات الذي حدث عام 1948م نتيجة ميثاق سمي آنذاك ميثاق هافانا، وهذا الاتفاق الذي وضع مبادئ توسع التجارة العالمية بين الدول حول العالم، فألغت نظام التفضيلات الجمركية وإزالت القيود المفروضة على حرية تنقل البضائع بين الدول، ومن المعروف أن من رفع شعار حرية التجارة والذي تمخضت عن هذه الاتفاقية هي الولايات المتحدة الأمريكية، سعيًا منها لتعزيز مبدأ الرأسمالية.
  • بالرغم من الحديث عن أن هدف هذه الاتفاقية جاء لمصلحة الدول الكبرى في العالم، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن لها مساهمة كبيرة في انتعاش الاقتصاد العالمي عمومًا في الفترة التي بقيت فيها قيد التنفيذ، فقد كانت تمثل الآلية التي قامت عليها فكرة الرأسمالية في العالم، فبنود الاتفاقية من استقرار أسعار صرف العملات وتوفر السيولة النقدية أدى إلى سهولة وحرية التجارة، وبالتالي كثافة الإنتاج في الدول المشار إليها، وكذلك ساعدت في إبرام العقود طويلة الأجل لعمليات الاستيراد والتصدير، فأزالت خوف الدول من الدخول في مشاكل الدائنية والمديونية.


انهيار اتفاقية بريتون وودز

كان هناك جملة من المعطيات أدت إلى انهيار هذه الاتفاقية التي استمرت حتى عام 1971م، أهمها تنامي القوى الاقتصادية في العالم، وعدم اقتصارها على الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية الكبرى، كاليابان ودول أوروبا الغربية، ودول الاتحاد السيوفاتي وبعض الدول النامية، فهذه المعطيات الجديدة التي برزت على المسرح الاقتصادي في العالم تعارضت مع اتفاقية استقرار وثبات أسعار صرف العملات المرتبطة بالدولار الأمريكي، وتغطية الولايات المتحدة لها بما يعادلها من ذهب، كما أن خسارة أمريكيا في حرب فيتنام وما ترتب عليها من عمليات تمويل هائلة قامت بها أمريكيا أدت إلى عجز في الميزان التجاري الأمريكي، فبعد انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي جنسون أعلن الرئيس الذي جاء بعده نيسكون وقف ارتباط الدولار بالذهب، وبالتالي إنهاء العلاقة بين الذهب والدلاور الأمريكي، أو ما يُسمى اقتصاديًا بتعويم الدولار الأمريكي في عام 1971م، بالرغم من المحاولات لتعديلها، إذ أصبحت أسعار صرف العملات في العالم تعتمد على قوى ومعطيات اقتصادية تتعلق بقوة الدولة الاقتصادية ومعدلات نموها، والعديد من المؤشرات الاقتصادية الأخرى.[٤]


المراجع

  1. "اتفاقية بريتون وودز"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  2. أسماء أحمد (20-12-2015)، "نظام بريتون وودز- السيطرة الاقتصادية غير المباشرة"، sasapost، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  3. رمزي زكي، "ماذا تعرف عن نظام بريتون وودز "، maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  4. "تعرف علي اتفاقية بريتون وودز و عوامل انهيارها ؟! "، knowledge.blogspot، 1-2-2016، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :