اتفاقية السيداو

اتفاقية السيداو
اتفاقية السيداو

اتفاقية السيداو

يعود تاريخ هذه الاتفاقية التي سُميت CEDAW إلى عام 1967م، إذ أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة إنهاء مظاهر التمييز ضد المرأة، وفي عام 1972م استطلعت لجنة تابعة للأمم المتحدة سُميت لجنة المرأة باستطلاع آراء الدول الأعضاء بهدف صياغة اتفاقية من شأنها إنصاف المرأة بحقوق مساوية لحقوق الرجل، لتنتهي من صياغتها وما فيها من بنود منصوصة في عام 1979م التي بلغ عددها 30 بندًا، وقد بدأ تنفيذها في عام 1981م بعد توقيع الدول عليها، ولكن دول العالم انقسمت بين موافقين عليها ورافضين لها، فالاتفاقية صيغت وبدأ التفكير بها نتيجة معلومات أشارت إلى تعرّض المرأة للتمييز، وأنها لا تنال حقوقها كالرجل، فهي تستبعد أيّ تفرقة أو تقييد يحصل للمرأة بسبب الجنس، وبالتالي ينتج عنه انتقاصًا من حقوقها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، وباعتبار أن حالتها الزوجية ليست سببًا في انتقاص هذه الحقوق أيضًا، ومنذ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ وقّع عليها بحدود 180 دولة، ويسجل لدولة السويد الأسبقية الأولى في التوقيع عليها عام 2009م.

وكانت دولة قطر من أحدث الدول التي وقعت عليها، ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم توقع عليها، بالرغم من أنها من يتزعم رعاية الحقوق الإنسانية في العالم كدولة تتبنى النظام العلماني الديمقراطي في جميع ميادينها، وفي السياق فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعلل رفضها للتوقيع على الاتفاقية بأنها تدخلٌ في الشؤون الداخلية لها، بالاضافة إلى وجود قانون نابع من الكونغرس الأمريكي يرفض أيّ تشريعات تتعلق بأحوال الأمريكيين الشخصية، فاعتبرت بعض بنودها في الأصل تحكم حرية المرأة كتحديد النسل مثلًا، وأن هذا أمر شخصي لا يُحكم بالقوانين، وكانت بعض الدول الإسلامية والعربية؛ كالمغرب وتونس ومصر ولبنان، أول من وقع عليها بالرغم من إثارة الجدل الديني والشرعي لبعض بنودها واعتبارها مخالفة للأحكام الشرعية، لا سيما فيما يتعلق بقوانين الإرث التي نزلت في القرآن الكريم واضحة لا خلاف فيها بين المذاهب الإسلامية جمعاء.[١]


أهم بنود اتفاقية السيداو

ضمت الاتفاقية 30 بندًا كما ذكرنا آنفًا، وفيما يأتي تلخيصًا لأهم بنودها الـ 16 الأولى، لا سيما أن بقية البنود تبحث في آلية تطبيقها، وهي كالآتي:[٢]

  • عرفت المادة الأولى للاتفاقية عمومًا ما المقصود بمفهوم التمييز الذي يوجد في جميع بنود الاتفاقية، وأشار هذه البند إلى أن التمييز يشمل أيّ تفريق أو اختلاف في التعامل مع النساء، وبالتالي عدم التأثير على النساء بسبب جنسهن في جميع النواحي الحياتية للبشر.
  • ألزمت المادة الثانية في الاتفاقية الدول الموقعة عليها لتجسيد مبدأ المساواة في كافة تشريعات ودساتير هذه الدول.
  • ألزمت المادة الثالثة الدول الموقعة على تطوير المرأة تزامنًا مع القوانين والأنظمة التي ستضمن لها ذلك.
  • تُمنح الدول الموقعة على الاتفاقية الحقّ بتبني إجراءات مؤقتة للبدء بتنفيذ مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص؛ كدمجها في التعليم والاقتصاد والعمالة وغيرها، وفي حال الوصول لهذه الأهداف فمن الطبيعي أن هذه الإجراءات المؤقتة ستصبح في طيّ النسيان.
  • تدعو الاتفاقية في بندها الخامس إلى القضاء على التباين في الدور المتعارف عليه للمرأة والرجل على حدّ سواء، وتعديل هذه الأنماط في دور كلّ منهما؛ كالاعتراف بمسؤولية يشترك فيها كلاهما، مثل تربية الأطفال ومعالجة القضايا الأسرية.
  • تدعو المادة السادسة إلى عدم وجود أيّ مظاهر من شأنها استغلال المرأة والاتجار بها؛ كممارسة الدعارة من أجل المال، وتوفير فرص عمل لهن من أجل العيش حياة خالية من الزذيلة.
  • يحث البندان السابع والثامن على إعطاء المرأة الحق في ممارسة الحياة السياسة وما يدور في فلكها كالانتخاب والتصويب والترشح للمناصب السياسية.
  • طالبت المادة التاسعة أن تتساوى المرأة مع الرجل فيما يتعلق باكتساب الجنسية أو تغييرها، ولا يؤثر ذلك في حال تزوجت من رجل جنسيته تختلف عن جنسيتها، والأمر أيضًا ينطبق على جنسية الأبناء.
  • ألزم البند العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر الدول بعدم وجود أيّ تمييز في مجال التعليم، وإعطائها الحق في الحصول على أيّ منح دراسية من شأنها إتاحة الفرصة لتطورها، والمساواة في حقوق العمل، والرعاية الصحية، والحياة الاجتماعية والاقتصادية.
  • كفلت المادة الخامس عشرة مساواة المرأة مع الرجل فيما يتعلق بالقوانين، فمكنتها من إدارة الممتلكات وتسجيل الحقوق وغيرها.
  • ساوى البند السادس عشر الحياة الزوجية بين المرأة والرجل، أيّ أن لها الحق في عقد الزواج، واختيار الزوج، وحقوق فسخ الزواج، وكذلك فيما يتعلق بالأطفال، بالإضافة إلى حقها في تسمية اللقب العائلي والمهنة، وأخيرًا حدد هذا البند السنّ الأدنى للزواج.


نظرة الشريعة الإسلامية لاتفاقية السيداو

جاءت أغلب نصوص اتفاقيّة سيداو مخالفة للطبيعة وللعقل البشري، فأعطت هذه الاتفاقيّة حقوقًا للمرأة مساوية لحقوق الرّجل دون الأخذ بعين الاعتبار اختلاف المرأة عن الرّجل اختلافًا كليًّا في شكلها الخارجي وطريقة تفكيرها وعواطفها وقدرتها على التحمّل وقوّتها وواجباتها، فتوجد الكثير من الأمور التي تناسب الرّجل ولا تناسب المرأة والعكس صحيح، وأيضًا جاءت نصوص سيداو مخالفة للقرآن الكريم والتشريعات السماويّة، فتشريعات سيداو تُلغي دور الشّريعة الإسلاميّة وتحد منها لدرجة كبيرة، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه الحكيم فقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}[٣].

ومن أهم الأمور المخالفة للشريعة الإسلاميّة؛ الأهليّة القانونيّة، تحديد النّسل، حقّ القوامة، مساواة ميراث المرأة بميراث الرّجل، تحليل الاختلاط بين الجنسين، إلغاء ولاية الرجل على المرأة، حمل الأبناء اسم الأم، إلغاء تعدد الزّوجات، إلغاء عدّة الطلاق والوفاة للمرأة، تبنّي الأطفال، فقد جاء الإسلام قبل آلاف السنين ونظّم علاقة المرأة بالرّجل وواجبات وحقوق كلّ منهما وفق نظام رباني حكيم لا تصل إليه عقول البشر، وقد خلق الله تعالى المرأة والرّجل وهو أعلم بمدى قدرة تحمّل كلّ منهما، وأوكل الله تعالى للمرأة ما يتناسب مع طبيعتها وطبيعة خلقها، وأوكل للرّجل ما يتناسب مع طبيعته، فمن المستحيل مساواة المرأة بالرّجل؛ لأنّ كل منهما يختلف اختلافًا كلّيًا عن الآخر، فنتائج اتفاقيّة سيداو كارثيّة على الأفراد والمجتمعات إذا طُبّقت.[٤]

وخالفت المادة السادسة عشر للاتفاقية الكثير من الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالولاية، وحرية اختيار ونسب الأبناء، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّه}[٥]، وكذلك منع هذا البند تعدد الزوجات، وإلغاء مدة العدة للنساء بعد الطلاق، وكذلك قوامة الرجل في الأسرة وما يلزمه من مسؤولية الانفاق على بيته، وغيرها الكثير.[٦]


المراجع

  1. "هل ضمنت اتفاقية سيداو حقوق المرأة المسلمة وحمتها من التمييز"، alarab، 4-10-2015، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2019. بتصرّف.
  2. "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، maaber، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2019. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 65.
  4. اسماء سعد الدين، "بنود اتفاقية السيداو ومخالفتها للشريعة الاسلامية"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 1-7-2019. بتصرّف.
  5. سورة الأحزاب، آية: 5.
  6. "بنود اتفاقية السيداو ومخالفتها للشريعة الاسلامية"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :