الشعر العربي
يعد الشعر العربي واحدًا من أهم مقومات الحضارة العربية قديمًا وحديثًا، وقد امتلكنا على مر العصور قصائد تعد من عيون الشعر العربي على اختلاف الأسباب، فمنها ما كان لجزالة ألفاظه، أو لبلاغة معانيه وحكمته أو لسرعة بديهة قائله ودهائه كما حدث مع الأصمعي في قصيدة صوت صفير البلبل، فقد حظيت هذه القصيدة على شهرة واسعة بين قصائد الشعر العربي، لما كان بها من إحكام في القول وسرعة في الكلمات وتكرار للحروف، إذ تمتعت بقدر عال من فن صناعة الشعر.[١]
والأصمعي هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، ولد عام 121 هـ، وتُوفي عام 216 هـ، كان أحد أعظم ناظمي الشعر العربي، وهو كما أسماه الخليفة هارون الرشيد شيطان الشعر، ولد في مدينة البصرة في بلاد الرافدين وكان من أهم الشعراء في العصر العباسي، كان متفقهًا بالعلم وعلوم القرآن أيضًا، وقد تخرج من أيدي أعظم علماء عصره.[٢]
قصة قصيدة صوت صفير البلبل
ذاع صيت الأصمعي في المحافل الشعرية لما يملكه من حنكة ومهارة في القول، وتعد قصيدة صوت صفير البلبل مثالًا واضحًا على هذا، وتحكي القصة أنه في عصر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عانى الشعراء من إمساك الخليفة عن العطايا التي يعطيها الخلفاء لهم إذا ما استساغوا شعرهم، فقد كان أبو جعفر المنصور حريصًا على خزائن الدولة، لكنه اشترط عليهم شرطًا إذا تم أجزل لهم العطايا، وكان الشرط ألا يكون الشعر منقولًا أو محكيًا سابقًا، ولجأ بذلك لحيلة بالغة الذكاء فقد كان يحفظ القصيدة من أول مرة يسمعها فيها، ولديه غلام يحفظها من المرة الثانية، وأما الجارية فقد كانت تحفظها من المرة الثالثة، فأعلن الخليفة أنه إن سمع قصيدة نظمها جيد للمرة الأولى، فسيعطي صاحبها وزن ما كتب عليه القصيدة ذهباً . وتبارى الشعراء للوقوف بين يدي الخليفة وإسماعه ما طاب من شعرهم ولكنهم يندهشون حين كان يخبرهم بأن قصائدهم ليست من نظمهم، وأنها قديمة سبق له سماعها فيعيدها على مسامعهم، ثم يأتي بالغلام فيعيدها مرة أخرى، وتفعل مثله الجارية، فيرجع الشعراء من قصر الخليفة خالين الوفاض. وبقي الحال على ما هو عليه حتى ضاق الحال بالشعراء، وسمع الأصمعي بالقصة، فعرف أن في الأمر حيلة ونظم قصيدة زاخرة بالمواضيع المتفرقة والقواعد الإعرابية وجمعها بشكل يستحيل معه التركيز وحفظ القصيدة من المرة الأولى، ثم تنكر الأصمعي في زي أعرابي، وذهب للخليفة يلقي عليه ما كتب فلما سمعها الخليفة لم يستطع ترديدها، فأحضر الغلام والجارية، ولكنهم لم يستطيعوا تذكر القصيدة . فطلب الخليفة من الأصمعي أن يحضر الأوراق التي كتب عليها القصيدة، ولكن الأصمعي أخبره أنه كتب القصيدة على عمود من الرخام، ولا يقدر على حمله إلا 4 جنود، واضطر الخليفة أن يمنح الأصمعي ما وعد. وكان في مجلس الخليفة رجل استطاع كشف ستر الأصمعي فطلب منه الخليفة أن يكشف وجهه، فلما رآه طلب منه أن يرد المال إلى خزائن الدولة، فوافق الأصمعي واشترط أن يرد الخليفة للشعراء حقهم وينجز لهم ما وعد.[٣]
المراجع
- ↑ رباب جودة (14/8/2017)، "قصة قصيدة صوت صفير البلبل"، قصص كوم، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2019. بتصرّف.
- ↑ "ما لا تعرفه عن الاصمعي"، grakeek بايو، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2019. بتصرّف.
- ↑ اسير الغروب (22/3/2010)، "قصة ابو جعفر المنصور والاصمعي"، منتديات السخنة، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2019. بتصرّف.