أين تقع صفد في فلسطين

موقع صفد

صفد مدينة فلسطينية مهمة قديمة بناها الكنعانيون شمال فلسطين في منطقة الجليل فوق قلعة تريفوت على القمة الجنوبية الغربية من جبل كنعان، بارتفاع يتراوح بين (790 ـ 840) مترًا عن سطح البحر، وتعد عاصمة للجليل الأعلى المحتل، وهي مركز قضاء صفد الواقع بين سوريا ولبنان، وقضاء كل من عكا وطبرية.

شُيّدت مدينة صفد على عدد من التلال التي تفصل بينها مجموعة من الأودية، وهي تبعد عن الحدود اللبنانية حوالي (29) كيلو متر، وعن الخالصة (40) كيلو متر، وتبعد عن ترشيحا (36) كيلو متر، وعن المحطة تبعد حوالي (48) كيلو متر، وتبعد عن مدينة حيفا (74) كيلو متر، كما تبعد عن اللد (165) كيلو متر، وعن يافا (17) كيلو متر، أما مدينة القدس فتبعد عنها ما يقارب (206) كيلو متر، في حين تبعد عن بئر السبع (264) كيلو متر تقريبًا.

أما بالنسبة للحدود فهي تطل من الشمال على أراضي مرجعيون وصور، ومن الجنوب تطل على بحيرة طبرية وغور بيسان، ومن الشرق تطالع جبال زمود والجرمق، أما من الغرب فتشرف على سهول عكا والبحر الأبيض المتوسط.

بلغت مساحة قضاء صفد قبل النكبة الفلسطينية ما يقارب (696131) دونمًا، يسكنها حوالي (12) ألف فلسطيني، و(2400) يهودي، فلما دخلتها قوات الاحتلال في شهر أيار من العام (1948) ميلاديًا فدُمرت المدينة، وهُجّر أهلها، ولم يُبقِ منها سوى خمس قرى، وهي: طوبا، والريحانية، وعكبرة، والجش، وقرية حرفيش، ليبلغ عدد سكانها اليوم ما يزيد عن (28) ألف نسمة غالبيتهم من اليهود، وتشتهر المدينة اليوم بزراعة أشجار اللوز، والعنب، وأشجارالزيتون، وتكثر فيها البساتين، والينابيع العذبة، كما تعبر في أراضيها أربعة أنهار، وهي: نهر حصبايا، وبانياس، ونهرا الدان والبريغث، وجميعها تنبع من جبل الشيخ، وتصب مياهها في نهر الأردن.[١]


المناخ والمياه في صفد

تنتمي مدينة صفد في مناخها للبحر الأبيض المتوسط، غير أن طبيعة المدينة الجبلية المرتفعة أثرت في مناخها، فأصبح مناخًا لطيفًا معتدلًا في الصيف، وباردًا في الشتاء، إذ تتراوح درجات الحرارة فيها بين (18 ـ 29) درجة مئوية صيفًا، و(4 ـ 10) شتاءً، وهذا ما جعل من صفد أحد أفضل مصايف فلسطين المحتلة الجميلة، فالحلة الخضراء التي تزينت بها جبالها أكسبتها جمالًا استثنائيًا خلّابًا.

أما الأمطار فتهطل في صفد بكميات كبيرة، إذ يبلغ متوسط كمية الأمطار التي تهطل فيها شتاء حوالي (728مم)، وهذه الكمية تعد كبيرة إذا ما قارناها بكميات المطر التي تهطل في المدن الفلسطينية عمومًا، كما تسقط الثلوج في صفد سنويًا في الغالب، وبالتالي تساهم كميات الثلوج الذائبة، مع الأمطار في تزويد مخزون المياه الجوفية فيها.

إن وفرة المياه في صفد، وخاصة مياه الينابيع التي يكثر وجودها في المنخفضات، وبطون الأودية، والصدوع، والجبال تجعل من صفد مخزونًا مائيًا استراتيجيًا مهمًا يستخدمه السكان للشرب، وري المحاصيل التي تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة، ومن عيون الماء المشهورة فيها: عين الزرقاء، وعين الجن، وعين العافية، وعين التبنة، وعين الحاصل، وغيرها، وهذا الماء الوفير يرفد صفد من منبعين اثنين ينبثقان من شرق صفد، ويطلق عليهما اسم عين اللبوية، وعين الرمانة، أما عدد آبار الماء فيها فيتراوح بين (20 ــ 30) بئرًا، وقد كلف حفرها مالًا، ووقتًا وجهدًا كبيرًا، بسبب بعد خزانات المياه الجوفية عن سطح الأرض.[٢]


تاريخ صفد

تأسست مدينة صفد كما هو الحال لدى أغلب مدن فلسطين في عهود تاريخية موغلة في القدم، على يد الكنعانيين الذين أسموها (صفت)، بمعنى العطاء، أو الوثاق، وكانت في بدايتها قرية صغيرة قليلة الأهمية، ضئيلة الشأن، واستمرت كذلك فترة طويلة من الزمن، إلى أن لفت موقعها الإستراتيجي، وقيمتها التجارية أنظار القادة الصليبيين، فاحتلوها، وبنوا قلعة حصينة لهم فيها، وكان ذلك في عام (1140) ميلاديًا.

أما في العصر الإسلامي، فلم يذكر عن صمد أي خبر يدل على أنه كان لها شأن كبير في صدر الإسلام، واستمر الحال على ما هو عليه حتى جاء السلطان الأيوبي صلاح الدين في عام (1188) للميلاد، وحرر المدينة من قبضة الصليبيين، بعد أن حاصرها لمدة سنة كاملة، وكان ذلك بعد معركة حطين الخالدة التي وقعت سنة (1187) للميلاد، وقد خير صلاح الدين أهلها بين أن يقيموا فيها بأمن وسلام، أو أن ينتقلوا إلى أي مدينة أخرى يختارونها بأنفسهم.

وفي عام (122) ميلاديًا، وبأمر من القائد الأيوبي الملك المعظم عيسى، هُدمت قلعة صفد؛ وذلك حتى يمنع عودة كتائب الجيش الصليبي إلى البلدة مرة أخرى، ولكنهم في العام (1240) للميلاد، دخلوا، واحتلوا إلى مدينة القدس مجددًا، فدارت حروب عدة بين الجيش الإسلامي والجيش الصليبي، واستمرت الحرب إلى أن وقعت معاهدة سلام بين قائد الحملة الصليبية والقادة الأيوبيين في كل من دمشق ومصر، سُمح بموجبها للصليبيين السيطرة على مدينة القدس، والناصرة، وبيت لحم، وبعض مناطق الجليل، ومدينة صفد، وعندها بُنيت قلعة المدينة مجددًا.

وفي عام (1260) ميلاديًا، شن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس مجموعة من الهجمات على القلاع الصليبية في المنطقة، بما في ذلك قلعة صفد، إلى أن تمكن جيش المماليك في عام (1266) ميلاديًا، من إخضاع الجيش الصليبي في فلسطين، وعندها استُعيدت مدينة صفد مرة أخرى، واستُرجع الملك الضائع في فلسطين، وبعدها عين الظاهر بيبرس حاكمًا تابعًا له في صفد، وجعله مسؤولًا عن القلعة المهمة ذات المكانة الإستراتيجية الكبيرة؛ نظرًا لوقوعها في سفح جبل مرتفع عالٍ، بالإضافة إلى كونها قلعة معزولة عن القلاع الصليبية الأخرى في المنطقة، وبالتالي ستكون القلعة كما رأى الظاهر بيبرس مقرًا عسكريًا مثاليًا لمواجهة أي تهديد محتمل، في حال قرر الصليبيون غزو المناطق الساحلية في فلسطين.

وفي عام (1268) ميلاديًا، أنشأ الظاهر بيبرس مجموعة من الإصلاحات في القلعة، من شأنها تقوية القلعة وتوسعتها، وأمر بعدد من أعمال البناء صفد، فبنى الأسواق، والحمامات، وجعل فيها خانًا، وحول كنيسة المدينة إلى مسجد إسلامي، وما أن كاد عهد بيبرس ينقضي حتى أصبحت صفد بلدة مزدهرة، وصار في المدينة فيها مركز إداري مهم لإمارة دمشق طوال العهد المملوكي.

أما في العصر العثماني، فقد امتدت مساحة صفد لتصل إلى البحر الأبيض المتوسط، وذلك بعد أن ضم العثمانيون عددًا كبيرًا من مدن الجليل إليها، وجعلوها منطقة تابعة للولاية العثمانية الكائنة في دمشق، وبقي الأمر كذلك حتى حلول العام (1660) ميلاديًا، أما في منتصف التاسع عشر الميلادي فقد صارت صفد جزءًا تابعًا لولاية صيدا.

أما خلال الانتداب البريطاني سنة (1920) ميلاديًا، فقد أصبحت مدينة صفد تتكون من نسيج مختلط من السكان، وبنيت العديد من المدارس لتعليم الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، كما بُنيت عدة أندية رياضية، وجمعيات خيرية، بالإضافة إلى وجود عدد من الجمعيات العربية السرية المناوئة للاحتلال البريطاني، والمعارضة للوجود اليهودي في المدينة، ولما انسحب البريطانيون من فلسطين عام (1947) ميلاديًا، سيطر الفدائيون العرب على صفد، وعدد من المدن الأخرى، إلا أن البلدة ما لبثت أن سقطت بيد الجماعات الصهيونية المسلحة في عام (1948) ميلاديًا، وبهذا صارت منطقتا صفد والخليل نقطتا تصادم كبرى بين العرب والصهاينة المحتلين، وحينما صدر قرار الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، اُقتُطعت صفد من فلسطين، وإلحاقها بالدولة اليهودية الهجينة، الأمر الذي زاد من حدة التوترات، وعزز الصراعات بين الطرفين المتحاربين، ولما تمكن الصهاينة من المدينة بنوا (61) مستوطنة فيها بعد أن دمروا غالبية القرى الفلسطينية، وطردوا منها سكانها الأصليين حتى أصبح عددهم لا يتجاوز (2317) شخصًا، هذا وما زالت صفد ترزح تحت وطأة الاحتلال الغاشم الذي لم يستطع إخفاء هويتها العربية الإسلامية، إذ إن مسجد الظاهر بيبرس (الجامع الأحمر)، ومسجد الشيخ نعمة ما زالا يصدعان بهوية المدينة الحقيقية إلى يومنا هذا.[٣]


المراجع

  1. "صفد"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 30-8-2019. بتصرّف.
  2. "صفد (مدينة)"، palestinapedia، 21-8-2014، اطّلع عليه بتاريخ 30-8-2019. بتصرّف.
  3. "صفد .. عائدون"، arab48، 12-5-2016، اطّلع عليه بتاريخ 30-8-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :