محتويات
ظاهرة البراكين
يعرف البركان بأنه ثقب في سطح الأرض يسمح للمواد الموجودة في باطنها مثل؛ الصهارة والغازات الساخنة والرماد بالخروج إلى سطحها؛ نتيجة للضغط الناجم عن تراكمها على مدار السنوات، كما يستخدم مصطلح البركان لوصف الجبل المخروطي من المواد المنبعثة التي تراكمت حول الفوهة، وأفضل مثال لهذا؛ هو جبل غاريبالدي المخروطي في كولومبيا البريطانية.
وساهمت البراكين بدور كبير في تشكيل الغلاف الجوي للأرض على مدار الحقبات التاريخية الطبيعية المختلفة، فضلًا عن المحيطات واليابسة؛ بسبب احتواء الغازات المندفعة منها على ثاني أكسيد الكربون الناتج عن دورته التي تستغرق بدورها 100 إلى 200 مليون سنة لتكتمل وتبدأ من جديد من خلال الخطوة الأخيرة فيها، وهي انبثاق البراكين التي تدفع الغازات أولًا ثم تساهم في إذابة الصخور وإطلاق ثاني أكسيد الكربون.[١][٢]
وتوجد البراكين على اليابسة وفي المحيطات، ويميزها علماء الجيولوجيا اعتمادًا على فترات نشاطها، ويسمي البركان النَّشِط في حال شهد البركان حركة لمرة واحدة على الأقل خلال السنوات الـ10000 الماضية، ويمكن تحديده من خلال مراقبة الحركات الأرضية المصاحبة له ونسبة الغازات فيه، ويوجد 500 بركان نشط في الوقت الحالي مع اختلاف مدة النشاط بينها، ويطلق مصطلح البركان الساكن على البراكين التي يُحتمل أن تثور مستقبلًا، وأخيرًا يطلق العلماء اسم البركان الخامد على البراكين التي لم تشهد ثورانًا خلال الـ10000 سنة الماضية ولا يحتمل أن تثور مرة أخرى.[٣]
كيفية تشكل البراكين
قُسمت قشرة الأرض إلى مجموعة من الصفائح الصلبة التي تطفو في الطبقة العلوية من سطح الأرض استنادًا إلى نظرية الصفائح التكتونية، وتتميز بحركتها البطيئة والثابتة التي تتسبب أحيانًا بتصادمها والتسبب في صدوع على سطح الأرض، وتتسبب حركة الصهارة في تحديد نوع حركتها نحو بعضها، أو بعيدًا عن بعضها البعض، ويحدث ذلك في حال ملء الصهارة للفراغات الموجودة بينها ودفعها خارجًا بغرض تشكيل صفائح جديدة، وتتشكل البراكين نتيجة تقارب صفيحة قارية مع أخرى محيطية، وتنخفض الصفيحة المحيطية نحو الأسفل كونها أكثر كثافة من القاريّة، ونتيجة ذلك يصهر الضغط ودرجات الحرارة العالية الصخور، مما يؤدي إلى تكوين صهارة (ماجما) ساخنة ترتفع نحو السطح، وتتجمع في تجاويف كبيرة عندما تصل إلى قشرة الأرض، وهكذا، وتندفع الصهارة إلى الأعلى عبر الشقوق (الفوهات) الموجودة في قشرة الأرض عندما يرتفع الضغط الحاصل فيها.[٤]
ويوجد شكل آخر للبراكين وهو فتحات حرارية مائية أو ما يُعرف بالـ Hydrothermal Vents، وهو عبارة عن فتحات تشبه المدخنة تمتد من قاع المحيطات إلى سطح الأرض على ارتفاع يصل إلى 55 مترًا؛ للتنفيس عن المعادن والغازات على شكل مواد منصهرة فائقة السخونة، وتبلغ درجة حرارتها قرابة 400 درجة مئوية من خلال النشاط البركاني، وتكون هذه المداخن سوداء اللون أحيانًا نظرًا لوجود جسيمات الكبريت المعدنية فيها، أما المداخن البيضاء فهي أقل حرارة لاحتوائها على الباريوم والكالسيوم والسيليكون.[٥]
ثوران البراكين
يؤدي ثوران البركان إلى إطلاق مجموعة من المواد الصخرية والحمم البركانية والغازات والمواد البركانية؛ نتيجة الاختلافات الحاصلة في تركيب الصهارة الموجودة في كل بركان، وقد يكون لها تأثيرات مدمرة على الأماكن المأهولة المجاورة لها، لاحتواء الصهارة على كميات عالية من الغاز والبازلت، وينتهي بتجمد الصهارة حممًا بركانيةً فور خروجها إلى سطح الأرض، مثل؛ جبل إيف المخروطي في كولومبيا البريطانية، وتؤدي البراكين المحتوية على نسب منخفضة من الغاز والسيلكا إلى حصول تدفق خفيف من الحمم البركانية سريعة الانتشار، ولا تكون بالقوة ذاتها للنوع الأول، مثل؛ قمة أناهيم في كولومبيا البريطانية وبراكين جزر هاواي، وتشكل البراكين قببًا من الحمم التي تجف مع مرور الزمن، مثل؛ بركان ساينت هيلين وبركان جاريبالدي.[١]
أشكال البراكين
يتكون سطح الكرة الأرضية من المياه المتمثلة بالمحيطات، والقارات المتمركزة فوق المياه والتي تسمى ألواحًا تكتونية، وتتحرك هذه الصفائح بنسب بسيطة؛ إذ تقترب أو تبتعد عن بعضها أو قد تنزلق أسفل بعضها البعض، مما يؤدي إلى ظهور خطوط صدع فيما بينها، ونجد في هذه الصدوع أغلب البراكين الأرضية، ومنها ما هو نشط حاليًا، ومنها براكين خامدة لم تنفجر منذ فترة طويلة، وهناك ما يسمى بالبراكين المنقرضة وهي براكين لن تنفجر مرة أخرى أبدًا، ويوجد أربعة أنواع رئيسية من البراكين وهي:[٦]
- البراكين المخروطية: تعدّ البراكين المخروطية أبسط أنواع البراكين، وتحدث عندما تخرج جزيئات الحمم البركانية من فتحة تنفيس للبركان، فتنفجر الحمم بطرقة عنيفة في الهواء وتهبط القطع حول فتحة البركان، ومع مرور الوقت وتكرار الانفجارات يتكون مخروط دائري الشكل أو بيضاوي في بعض الأحيان، ويعلوه فوهة تأخذ شكل الوعاء، وفي الغالب تنمو البراكين المخروطية في قطر أقل من حوالي 1000 قدم فوق محيط الفوهة.
- البراكين المركبة: تعرف البراكين المركبة بالبراكين العنقودية، وتشكل بعض جبال العالم الأكثر تميزًا، وعلى سبيل المثال جبل فوجي، وجبل رينيير، وجبل كوتوباكسي، وتحتوي هذه الجبال البركانية في داخلها على نظام من القنوات التي تنقل الصهارة من باطن الأرض إلى السطح، ويمكن أن يحتوي البركان الواحد على أكثر من فتحة تهوية، وقد تكون موجودة على شكل شقوق على جوانب الجبل، إذ تخترق الحمم البركانية الجدران وتخرج منها، وبسبب كمية المواد التي تخرج من البركان قد ينمو طوله ويمتد إلى آلاف الأمتار، ويمكن أن نرى الانفجارات العنيفة للبراكين المركبة، كما حدث في بركان جبل سانت هيلين المشهور.
- البراكين ذات الدروع: تعود تسمية هذه البراكين الضخمة إلى شكلها، إذ تبدو وكأنها دروع كبيرة عند رؤيتها من الأعلى، وتوصف الحمم البركانية التي تخرج منها بأنها رقيقة، إذ يمكنها السير لمسافات طويلة أسفل حوض البركان، وتتراكم هذه البراكين ببطء عبر الأزمنة بعد مئات الانفجارات البركانية وتكون العديد من طبقات الصهارة، ومن الجدير بالذكر أن انفجارات براكين الدروع ليست كارثية؛ إذ يمكن التنبؤ بها وتلافي أخطارها بسهولة، ومن أشهر هذه البراكين، البراكين المكونة لجزر هاواي، وأشهرها جزيرة ماونا كيا وجزيرة مونا لوا.
- البراكين ذات القباب: تعود تسمية هذه البراكين إلى شكلها الشبيه بالقباب، وتتكون عن طريق الحمم البركانية التي تشكل ما يشبه الكتل الصغيرة من الحمم السميكة واللزجة والتي تتدفق بصعوبة لذلك لا تتدفق كثيرًا، وذلك بعكس براكين الدروع التي تتدفق من كل جانب بسبب حممها منخفضة اللزوجة، وفي براكين القباب تتراكم الصهارة فوق فتحة التهوية وما حولها، ثم يكبر حجم القبة عن طريق تراكم الحمم البركانية داخلها، أمّا عن الجبل فيتشكل من المواد التي تتسرب على جانبي القبة، ونذكر أنّ براكين القباب يمكن أن تنفجر بعنف مطلقة كميات هائلة من الصهارة والصخور الساخنة والأبخرة السامة والرماد.
أنواع الانفجارات البركانية
من أنواع الأنفجارات البركانية:[٧]
- الهاواي: في هذا الانفجار تكون المواد والحمم المنصهرة رقيقة القوام وسائلة بحيث تسمح للغازات المصاحبة لها بالخروج بسهولة، وعليه لا تحدث انفجارات خطيرة.
- السترومبولي: يعد هذا الانفجار انفجارًا خطيرًا، لأن المواد المنصهرة تكون أرق من سابقتها في الهاواي، لذا يصعب على الغازات أن تنفصل عنها بسهولة مما يسبب حدوث انفجار على شكل نافورة تُقذف من جوف الأرض وتندفع معها الغازات والحمم وتأخذ شكلًا مخروطيًا.
- البليني: تكون المواد المنصهرة كثيفة وسميكة جدًا، وذلك يمنع خروج الغازات منها، مما يبقيها في جوف الأرض لتندفع مرةً واحدةً مسببةً عمودًا من الغاز يقدر ارتفاعه ب 2 كم ليفجر معه المواد المنصهرة ويحولها إلى شظايا صغيرة تتحول فيما بعد إلى حجارة بيضاء تسمى الخفاف.
فوائد البراكين
ساهمت عمليات ثوران البراكين خلال الحقبات الجيولوجية في تشكيل القارات؛ ولعل الخصوبة الكبيرة التي نجدها في بعض أهم الأراضي الزراعية حول العالم سببها المعادن القادمة من البراكين المجاورة، مثل؛ إيطاليا واليابان وإندونيسيا التي تكون قريبة من البراكين، كما تساهم البراكين في تشكيل الجزر والأراضي الجديدة من خلال التنفيس عن الضغط المتراكم في باطن الأرض، وهي مفيدة في تصنيع الطبقة الخارجية للمفاعلات النووية، وتستخدم خلاصة الحمم البركانية في تصنيع العديد من مواد التنظيف والتجميل ذات الجودة العالية والفائدة العظيمة نظرًا إلى تركيبتها الغنية بالمعادن الطبيعية عالية التركيز.[٨]
آثار البراكين
تؤثر البراكين بمختلف أنواعها على الحياة في المناطق المتواجدة فيها وخاصًة بعد انفجارها، إذ تتأثر المنازل والحقول والطرق بالرماد الذي يمكن أن يغطي كافة المنطقة، كما يمكن أن يحجب أشعة الشمس لفترة طويلة، وقد لا تنهار المنازل ولكن من الصعب تنظيف الرماد فيلجأ الناس إلى مغادرة بيوتهم، وفي بعض الأحيان يكون الرماد ثقيلًا مما يجعل عملية التنفس مستحيلة وقد يؤدي إلى الاختناق، كما أن الغازات الصادرة عن الثوران تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي إذا تعرض الشخص لها لمدة طويلة كما تسبب الصداع والإعياء حتى للأشخاص الأصحاء، وأكثر الغازات المطلقة هي ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين وفلوريد الهيدروجين، ويقل الخطر الناتج عن الغازات كلما ابتعدنا عن فوهة البركان، كما تحد الغازات من مدى الرؤية، وتؤثر على الظروف الجوية العامة للمنطقة لفترة من الزمن.
كما يؤثر الرماد على حركة الطيران عامة؛ إذ يسبب أضرارًا لمحركات الطائرات، وخاصةً الطائرات النفاثة، والتي تعمل محركاتها في درجات حرارة مرتفعة فتذيب الرماد فينتقل إلى أجزاء داخلية من الطائرة وتتصلب هناك بسبب انخفاض الحرارة في الداخل فتحدث أضرارًا لا حصر لها، وتختلف تأثيرات ثوران البركان باختلاف موقعه وتضاريس الأرض المجاورة له والظروف الجوية وحركة الرياح في وقت انفجاره، إذ قد يؤدي للموت والدمار في أسوأ الأحوال، أمّا عن التأثيرات الإيجابية التي قد يتركها البركان، فأهمها هو إنتاج تربة مليئة بالمعادن وغنية بالمواد التي تجعلها تربة مثالية للزراعة، كما تترك الحمم المنسكبة مناظر خلابة يأتي السياح لمشاهدتها.[٩]
أهم البراكين النشطة
توجد العديد من البراكين النشطة حول العالم، وفيما يأتي ذكرها:[١٠]
- بركان باكايا في جواتيمالا: ظهر نشاطه البركاني لأول مرة منذ 23000 عام ليبقى مستمرًا إلى الآن على شكل أنهار بركانية تسري إلى جانبي الجبل.
- بركان ماونت سترومبولي في إيطاليا: استمر نشاطه البركاني لأكثر من 2000 عام.
- بركان ساكوراجيما في اليابان: بدأ البركان بالثوران حتى امتدّت أرضه إلى شبه جزيرة أوسومي المجاورة، ولا يزال ثائرًا حتى يومنا هذا.
- بركان كيلاويا في هاواي: يعود إلى ما يقرب 300000 إلى 600000 سنة، ويعد حديث العهد تقريبًا، ويشتهر بكونه أكثر البراكين ثورانًا من ضمن البراكين الخمس المنتشرة على أرض هاواي.
- بركان ماونت كليفلاند في ألاسكا: تعدّ منطقة البركان غير مأهولة بالسكان، وتنتشر حوله الينابيع الساخنة التي تمتد حرارتها من حرارة البركان.
- بركان دي كوليما في المكسيك: شهد البركان أكثر من 40 حالةً من الثوران منذ عام 1576 م، ويعرف بتكوين حمم بركانية على شكل مقذوفات بقطر 3 إنش تقريبًا.
- بركان إيرتا آلي في إثيوبيا: يعدّ من أشهر البراكين في العالم لاحتوائه على بركتين من الحمم، وقد شهد ثورته الأخيرة في عام 2008م.
أقوى البراكين في العالم
سنذكر في هذه الفقرة أقوى البراكين التي شهدتها الكرة الأرضية ومنها:[١١]
- بركان تال: يقع في الفلبين يبعد عن مدينة مانيلا عاصمة الفلبين حوالي 50 كيلومتر، وهي منطقة جميلة تحتوي على بحيرة مع جزيرة داخلية يوجد تحت هذه المنطقة الجميلة الهادئة بركان يتكون من عدة بؤر ثارت منذ عام 1572م وحتى اليوم 33 مرة وآخرها كان في عام 1977م، وصنف البركان على أنه بركان ثائر وضخم حسب مؤشر الانفجار البركاني (vei) ووصلت درجته كحد أقصى إلى 7 درجات، وما تزال السلطات الفلبينية تراقب البركان عن كثب لأن ثوران البركان يؤثر على حياة 12 مليون شخص في مدينة مانيلا.
- بركان كراكاتوا:: يقع في إندونيسيا، وشهد أرخبيل كراكاتوا في يوم 27 أغسطس 1883م أربع انفجارات بركانية ضخمة، وهذه الانفجارات كان يمكن سماعها على بعد 5000 كيلومتر من شدة صوتها، تسببت هذه الانفجارات البركانية التي كانت تحتوي على طاقة تفوق طاقة قنبلة هيروشيما الذرية على 13 ألف مرة في مقتل حوالي 36 ألف شخص، في عام 1927م شكل البركان جزيرة بركانية جديدة تسمى أناك كراكاتوا والتي تكبر بمعدل 7 أمتار كل عام، ويقع البركان بين جزيرتي جاوة وسومطرة ويبلغ عدد سكانهما 200 مليون نسمة.
- بركان "POPOCATÉPETL": يقع في المكسيك وهو من البراكين التي تسبب قلقًا كبيرًا للعلماء في المكسيك لسببين هما أن نشاطه منتظم وعاد للظهور في عام 1994م وذلك بعد فترة من الركود امتدت لنصف قرن، وشهدت منطقته عدة انفجارات بركانية ضخمة، والسبب الثاني هو وجود 20 مليون شخص يعيشون في مدينة مكسيكو سيتي والتي تبعد عن البركان حوالي 70 كيلومتر.
المراجع
- ^ أ ب "What is a volcano?", natural resources Canada, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "The Slow Carbon Cycle", nasa, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ Matt Williams (19-09-2016), "What is the difference between active and dormant volcanoes?"، phys, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "Plate Tectonics and Volcanic Activity", nationalgeographic, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "Deep Sea Hydrothermal Vents", nationalgeographic, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "What are the Different Types of Volcanoes?", universetoday, Retrieved 26-7-2019. Edited.
- ↑ "Types of Volcanic Eruptions", geology, Retrieved 2019-10-10. Edited.
- ↑ "What are some good things that volcanoes do?", oregonstate, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "How do volcanoes affect people?", volcano.oregonstate, Retrieved 26-7-2019. Edited.
- ↑ "10 of the world’s most active volcanoes", matadornetwork, Retrieved 20-11-2019. Edited.
- ↑ "The Most Dangerous Volcanoes in the World", bbvaopenmind, Retrieved 2019-10-10. Edited.