ما حكم دعاء الاستفتاح؟
دعاء الاستفتاح سنة مستحبة وليس واجب عند عامة جمهور العلماء المسلمين، ومما يدل على أنّ دعاء الاستفتاح مستحب وليس واجب، أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يبدأ بتعليمه ولم يأمر به، وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقوله في صلاته ولكنه لم يأمر الصحابة به، فلو أنه واجب لم يسكت عنه، ولم ينتظر حتى يسألوه عنه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: [كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا كَبَّرَ في الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، ما تَقُولُ؟ قالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِن خَطَايَايَ كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِن خَطَايَايَ بالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ][١]، لذلك لم يكن دعاء الاستفتاح فرضًا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قرأه في صلاته ولكنه لم يحث الآخرين على قوله أو الالتزام به في كل صلاة، ونتيجةً لذلك فدعاء الاستفتاح سنة دون أدنى شك، وقول بعض العلماء بوجوبه ضعيف ولا يُؤخذ به.[٢]
صيغ دعاء الاستفتاح
ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عدد من صيغ دعاء الاستفتاح، منها:[٣]
- عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك وتبارك اسمُك وتعالى جدُّك ولا إلهَ غيرُك][٤].
- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [اللَّهمَّ ربَّ جَبرائيلَ، وميكائيلَ، وإسرافيلَ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضَ، عالِمَ الغيبِ والشَّهادَةَ، أنتَ تحكمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفون، اهدني لما اختُلفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِك، إنَّكَ تَهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ][٥].
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: [بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ][٦].
- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: [أنَّه رأى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي مِن الليلِ، فكان يقولُ: اللهُ أكبرُ -ثلاثًا- ذو الملَكوتِ والجبروتِ والكِبرياءِ والعظَمةِ، ثمَّ استَفتَحَ فقرَأَ البقرةَ][٧].
- عن عاصم بن حميد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: [كانَ إذا قامَ كبَّرَ عشرًا ، وحمدَ اللَّهَ عشرًا ، وسبَّحَ عشرًا ، وَهَلَّلَ عشرًا ، واستغفرَ عشرًا ، وقالَ: اللَّهمَّ اغفِر لي واهدِني وارزُقني وعافِني ويتعوَّذُ مِن ضيقِ المقامِ يومَ القيامةِ][٨].
قد يُهِمُّكَ: فضل دعاء الاستفتاح
من أهم الفضائل التي تجنيها من دعاء الاستفتاح:[٩]
- دعاء الاستفتاح هو نوع من الاعتراف بالذنوب والخطايا، وطرد العَجَب والكِبَر من النفس.
- في دعاء الاستفتاح يظهر العبد كامل ذله لربه، وهو بين يديه، فالله تعالى مالك الأمر، وبيده كل شيء والعبد ضعيف ومذنب، وهذا من أهم مقاصد العبادة.
- الدعاء دليل على أن العبد ليس له ملجأ ولا منجا إلا لربه.
- كلما زاد توجه القلب لربه، زاد توجه الجوارح، فخشع البصر، وسكنت الجوارح.
- ملازمة توحيد الربوبية مع توحيد الألوهية، فمن عرف أن الله هو فاطر السموات والأرض، قاده ذلك بالتوجه له بالعبادة.
- الحث على التفكر في مخلوقات الله وصنعه، فالتفكر فيها يهدي للتوجه لربها فاطر السموات ومبدعها.
- التوكيد على الاعتراف بالتوحيد لله تعالى من خلال عبارات التوحيد الواردة في أدعية الاستفتاح.
- أفضل قربة لله تعالى هو توحيده، وتبرئته من الشرك.
- الحياة والموت بيد الله تعالى وهو المتصرف فيهما كما يشاء.
- الثناء على الله تعالى وتقديسه وتمجيده.
- فقر العبد لربه، وحاجته له.
- العبد لا يملك لنفسه الضر ولا النفع، والأمر كله بيد الله تعالى، فهو القادر على كل شيء.
- ارتباط الصلاة بحسن الخلق، فمن حسنت صلاته بجميع أركانها، كان له نصيب كبير من حسن الخلق.
- تنزيه العبد لربه عن كل النقائص دون تحديد، فهو أبلغ في مقام التنزيه.
- ضرورة المداومة على الاستغفار.
- ألفاظ أدعية الاستفتاح كلها تربي المؤمن على تعظيم الله تعالى في القول والفعل، فهي ثناء على الله تعالى، ومدح، وإجلال، وتنزيه، واعتراف له بالعبودية.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ابو هريرة ، الصفحة أو الرقم:598، صحيح.
- ↑ "حكم دعاء الاستفتاح"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2021. بتصرّف.
- ↑ الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح، "صيغ دعاء الاستفتاح"، الوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن باز ، في فتاوى نور على الدرب لابن باز ، عن غير معروف، الصفحة أو الرقم:71، صحيح.
- ↑ رواه ابن القيم، في أعلام الموقعين، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:216، صحيح .
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:601، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:874، خلاصة حكم المحدث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عاصم بن حميد، الصفحة أو الرقم:766، حسن صحيح.
- ↑ عقيل بن سالم الشمري، "150 مائة وخمسون فائدة من أدعية الاستفتاح في الصلاة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2021. بتصرّف.