محتويات
كيف تغير حياتك بالمداومة على الاستغفار؟
لقد مَدَح الله سبحانه وتعالى عباده المستغفرين ووعدهم بالدرجات العلى وجنات النعيم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الأولى للمسلمين في ملازمة الاستغفار، ثم تبعه الصحابة في ذلك، فلزموا الاستغفار زيادة في الإيمان، وكشفًا للهموم، وتفريجًا للكروب، وللمداومة على الاستغفار أثر عظيم في حياتك، فهو سبب في محو الذنوب، وإزالة الهموم، وإزالة الغل من القلوب، وحلول البركة، وشفاء الأمراض، وصلاح النفس والأهل والأبناء، وكثرة الحسنات، ومحو السيئات، وصلاح النفس، وكثرة المال، فعندما تلزم الاستغفار سيأتيك الفرج من حيث لا تحتسب، وقد حثّت الكثير من الأحاديث النبويّة الشريفة والآيات القرآنيّة الكريمة على ملازمة الاستغفار لفوائده العظيمة والجليلة، فقال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)}[١].[٢]
أثر الاستغفار في حياة المسلم
يوجد العديد من الآثار والمزايا للاستغفار خصّ الله تعالى بها عباده المستغفرين، ومن أهم آثار الاستغفار في حياتك:[٣]
- الاستغفار له أثر كبير في صلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة واستقامتك، وهو سبب في تخليصك من الذنوب والخطايا، لذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلازم الاستغفار يوميًا.
- الاستغفار سبب في تقوية صلتك بربك، وتجديد عهدك مع الله تعالى، وهو سبب في تحقيق العبودية، لأن المقصود من الاستغفار هو اعتراف العبد بذنبه وتقصيره في حق الله تعالى، وطلب العبد من الله أن يتجاوز عنه ويغفر له ويستره.
- الاستغفار هو اعتراف منك بحاجتك إلى الله تعالى، وحاجتك إلى رحمته ومغفرته.
- الاستغفار سبب في محو الذنوب والخطايا التي قد تقوم بها خلال يومك.
- الاستغفار سبب في الرضا والطمأنينة وراحة البال والسكينة، لأن القرب من الله تعالى يورث ذلك.
- الاستغفار سبب في طرد الهموم وإزالة الغموم، وجعل روحك في سعادة دائمة وسرور.
- الاستغفار هو طريق لمحبة الله تعالى والفوز بمرضاته، لأن الله تعالى يحب عباده التوابين والمستغفرين.
- الاستغفار يُهذّب النفس والروح ويكسبها الخشوع والسكينة والهدوء، لأنه يُطهّر القلب من الآثام والخطايا، ويطرد الشيطان، ويُهذّب الروح، ويُطيّب الخاطر، فمن لزم الاستغفار عاش لحظات عمره سعيدًا.
- كثرة الاستغفار هو سبب في حفظ اللسان من الآثام، والعين من الخيانة، والجوارح من الذنوب، وهو دواء لكل شخص أسرف على نفسه بكثرة السيئات، وصار أسيرًا للشهوات، وأراد تحرير نفسه وعتقه من عبودية الشيطان.
- الاستغفار سبب في لين الجانب، والتجاوز عن زلات العباد، فالمستغفر يطلب المغفرة والتجاوز عن خطاياه من الله تعالى، لذلك لا يليق بالمستغفر أن يؤاخذ غيره على زلاته أو يُنزل العقوبة به ولا يسامحه.
- الاستغفار سبب في إنزال الرزق، ومدّك بالمال والبنين، فإذا كنت تعاني من مشكلة في ضيق الرزق أو قلة الولد فلتكثر من الاستغفار.
- الاستغفار يزيد من قوتك البدنيّة والروحيّة، وهو سبب في وقايتك من الآفات والأمراض والعلل.
- الاستغفار يمنع نزول العقوبة عليك في الدنيا، ويُبعد عنك العذاب في الآخرة، وهو سبب في منع وقوع العذاب.
صفة الاستغفار عند الرسل
الاستغفار هو سمة للأنبياء والمرسلين منذ الأزل، وهو وسيلة الأولياء والصالحين، وكان الرسول صلى الله عليه القدوة الأولى في الاستغفار، وقد اهتم به اهتمامًا عظيمًا، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُكثر من الاستغفار في مجالسه العامة والخاصة، وكان يُكثر منه في أدعيته لنفسه ولغيره، وكان يستغفر ربه في ركوعه وسجوده، وقد علّم عليه الصلاة والسلام أصحابه الاستغفار، وحثّ أمته ورغبّهم في كثرته، ومن أهم صيغ وصفات الاستغفار عند الرسول صلى الله عليه وسلم والرّسل من قبله:[٤]
- محمد صلى الله عليه وسلم: فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: [رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ][٥].
- آدم عليه الصلاة والسلام: فلمّا أذنب سيدنا سيدنا آدم وزوجته حواء أسرعا إلى طلب المغفرة والعفو من الله تعالى، فكان من استغفارهما: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[٦].
- موسى عليه السلام: لمّا قتل موسى عليه السلام رجلاً طلب المغفرة من ربه فقال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[٧].
- إبراهيم عليه السلام: كان خليل الله إبراهيم عليه السلام يستغفر لنفسه، ولأبيه رغم كفره، ولكل المسلمين والمسلمات، ومن صفة الاستغفار لديه: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}[٨].
- يونس عليه السلام: لما أذنب يونس عليه السلام طلب المغفرة من ربه، فقال: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[٩].[١٠]
- سليمان عليه السلام: لقد سأل سيدنا سليمان ربه المغفرة قبل سؤاله المُلك، فقال عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[١١].[١٠]
- نوح عليه السلام: فقد طلب نوح عليه السلام من الله تعالى أن يغفر له حينما سأله: أن يا رب كيف يغرق ابني وأنت وعدتني بنجاة أهلي؟، فبين الله تعالى له أنه ليس من أهله وأنه وعده بنجاة من آمن من أهله، فاستغفر نوح عليه السلام ربه بقوله كما جاء في القرآن الكريم: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[١٢].[١٠]
قد يُهِمُّكَ
لقد حثنا الله سبحانه وتعالى على الاستغفار، وبيّن لنا ذلك رسولنا الكريم من خلال العديد من الأحاديث النبويّة الشريفة، ومن أهم صيغ الاستغفار التي يمكنك ترديدها في كل زمان ومكان كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:[١٣]
- عن أبي موسى الأشعري عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ][١٤].
- عن زيد بن حارثة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [من قال : أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه غُفِرَ له وإنْ كان فرَّ من الزحفِ][١٥].
- عن ثوبان مولى الرسول صلى الله عليه وسلم، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ. قالَ الوَلِيدُ: فَقُلتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: كيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ][١٦].
- عن شداد بن أوس عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ][١٧].
المراجع
- ↑ سورة نوح، آية:10-12
- ↑ "من عجائب الاستغفار "، دار الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-30. بتصرّف.
- ↑ خالد بن سعود البليهد، "أثر الاستغفار في حياة المسلم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-30. بتصرّف.
- ↑ عبده قايد الذريبي، "الاستغفار: سمة الأنبياء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-30. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6398، صحيح.
- ↑ سورة الأعراف، آية:23
- ↑ سورة القصص، آية:16
- ↑ سورة إبراهيم، آية:41
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ^ أ ب ت "الاستغفار في حياة الأنبياء والأتقياء "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-30. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:35
- ↑ سورة هود، آية:47
- ↑ عبده قايد الذريبي، "صيغ الاستغفار"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-30. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:2719، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:3577، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصفحة أو الرقم:591، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6303، صحيح.