صحة حديث من فاته صلاة فى عمره ولم يحصها

صحة حديث من فاته صلاة فى عمره ولم يحصها
صحة حديث من فاته صلاة فى عمره ولم يحصها

الصلاة

إنّ الصلاة صلةٌ بين العبد وربه، وهي روضة العبادات والطاعات، ففيها من كل زوج بهيج، فيبدأ المسلم صلاته بالتكبير، وقيام فيه ذكر الله، وركوع فيه تعظيم للرب، وقيام من الركوع فيه الثناء والحمد، وسجود يسبًح الله فيه ويبتهل إليه بالدعاء، وقعود للدعاء والتشهّد، ثم جلوسٌ للتسليم.

وفي الحديث النبوي الشريف عن الصلاة: [يقولُ اللهُ تعالى: قسمتُ الصلاةُ بيني وبين عبدي نصفين فنصفُها لي ونصفُها لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ { الحمدُ للهِ ربِّ العالمين } قال اللهُ: حمدني عبدي، فإذا قال: { الرحمنِ الرحيمِ } قال اللهُ: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: { مالكِ يومِ الدينِ } قال اللهُ: مجدني عبدي، فإذا قال: { إياكَ نعبدُ وإياك نستعينُ } قال اللهُ: هذه الآيةُ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: { اهدنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالينَ } قال: هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل].[١]

والصلاة عَونٌ للمسلم وراحة له في كل الأوقات والأحوال، ونور للمسلم في دنياه وآخرته، وفيها سرور وقرة عين وطمأنينة، وبها تُمحَى الخطايا وتُكفّر السيئات، والمحافظة عليها سبب في دخول الجنات، والإخلاص لله تعالى في الصلاة، وأدائها كما جاء في السنة، هما الشرطان الأساسيان لقبولها.[٢]


صحة حديث من فاته صلاة في عمره ولم يحصها

اشتهر في الفترة الأخيرة من رمضان، حديث نسبه البعض إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو: [من فاته صلاة في عمره ولم يحصها، فليقم في آخر جمعة من رمضان، ويصل أربع ركعات بتشهد واحد، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة القدر خمس عشرة مرة، وسورة الكوثر كذلك، ويقول في النية: نويت أصلي أربع ركعات كفارة لما فاتني من الصلاة]، ويتسائل الكثير من الناس عن مدى صحة هذا الحديث ومشروعيته، وهذا الحديث برأي العلماء المسلمين كافة؛ حديث مكذوب وموضوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له وجود في كتب السنة، ولا في الأحاديث النبوية الصحيحة.

وهذا الحديث أيضًا يُخالف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حيث قال: [مَن نسيَ صلاةً فليُصلِّها إذا ذَكَرَها . فإنَّ اللَّهَ تعالى قالَ: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي]،[٣] وهذا الحديث يحتمل وجهين في قضاء الصلاة؛ أنّ الصلاة لا يُكفرها إلا قضائها، والوجه الآخر أنّه لا يلزم العبد عند نسيان الصلاة غرامة ولا كفارة من صدقة وغيرها كالصيام، إنّما كفارتها أن يُصليها فقط.

ومتى ما فاتت الصلاة عن المسلم سواءً تركها بعذر؛ كنوم أو نسيان أو سهو أو بغير عذر، وتذكرها في أيّ وقت يجب عليها أن يصليها من دون تأخير أو تأجيل، وذهب بعض العلماء أنّه من مات وفي ذمته صلاة، يُمكن لأولاده وذويه أن يطعموا عنه.[٤]


كيفيّة قضاء الصلاة الفائتة

إنّ ترْك الصلاة ليس بالأمر الهيّن، ولو كان تهاونًا وكسلاً من الشخص، وقد وصل الأمر ببعض العلماء إلى تكفير من ترك الصلاة بالمطلق ولم يُصلها، ولكن ذهب جمهور العلماء إلى أنّه غير كافر وعليه التوبة؛ فإنّ لم يتب قُتل، حكمه كحكم المرتد، وهذا في مذهب الحنابلة والشافعية.

وواجب على الشخص أن يقضي الصلاة الفائتة عليه إن كان يعلم عدد السنين، والشهور، والأيام التي لم يصلِ فيها، ويقضي ذلك حسب استطاعته، فإن لم يعلم الشخص عدد الصلوات الفائتة عليه فعليه أن يقضي لحين التيقّن ببراءة ذمته، وأنّه صلى ما فاته، ويمكن قضاء الصلاة الفائتة في الليل أو في النهار أو حتى في أوقات النهي، وعند طلوع الشمس، وغروبها، وكيفما تيسر له القضاء، ويجتهد في ذلك قدر استطاعته، فلا حد لعدد الصلوات التي يقضيها في اليوم.[٥]

ويلزم عند قضاء الصلاة مراعاة الترتيب فيها؛ فيبدأ من صلاة الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء، ومن نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، وإن فاتت بغير عذر وجب قضاؤها على الفور، ويُستحب ترتيبها لترتيب الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة الفائتة يوم الخندق، ويجب الانتباه إلى أنّه عند حضور الصلاة الحاضرة، يجب تقديمها على الصلاة الفائتة، ثم إكمال ما فاته من الصلوات، فمن تاب، تاب الله عليه، وهو أرحم الراحمين.[٥]

وأمّا عند ابن باز قال إنّ مَن ترك الصلاة متعمدًا بغير عذر ولا شبهة، فإنه لا يقضي، لأنّ تركها عمدًا كُفر حتى وإن لم يجحد وجودها، وأمّا ترك الصلاة عامدًا جاحدًا لوجوبها، فهو كفر عند جميع أهل العلم، ولكن تركها تهاونًا وتكاسلاً، فلا قضاء عليه وعليه التوبة، ممّا سلف والاستقامة على فعل الصلاة مستقبلاً، أمّا مَن تركها لمرض أو نوم أو نسيان؛ فإنّه يستوجب القضاء.[٦]


مَعْلومَة

توجد عدد من المبطلات والنواقض التي إذا حصلت؛ فإن صلاة المسلم لا تصح، وأهم هذه المبطلات هي:[٧]

  • نقض الطهارة؛ فإذا كان المسلم على طهارة وجاءه الحدث أو أكل من لحم الإبل، فإنّه لا يجوز له الصلاة إلّا أن يتطهّر ويتوضأ مرة أخرى.
  • كشف العورة عمدًا؛ وهي من مبطلات الصلاة، ولكن إن كُشِفت من غير عمد، ولا قصد، وكان المكشوف يسيرًا أو كان كثيرًا، وستره المسلم في الحال، لم تبطل صلاته.
  • النجاسة، فوجود النجاسة على البدن أو الثياب أو في مكان الصلاة يُبطلها، فإذا علم بها وأزالها فصلاته صحيحة، وإذا لم يعلم بها إلّا بعد انتهاء الصلاة؛ فصلاته صحيحة أيضًا.
  • الحركة المتتالية من دون ضرورة خلال الصلاة.
  • ترك ركن من الأركان؛ كالركوع والسجود.
  • الزيادة على الصلاة، فتعمّد البعض زيادة ركن على الصلاة؛ كالركوع يبطلها.
  • تقديم أي ركن من أركان الصلاة على الركن الآخر عمدًا.
  • تعمّد السلام قبل إتمام الصلاة.
  • تغيير المعنى في القراءة، فتعمّد المسلم تغيير معنى القراءة يبطلها.
  • ترك واجب من واجبات الصلاة؛ فترك أي واجب من واجبات الصلاة متعمدًا؛ كترك التشهد الأول أو السجود يبطل الصلاة، وأمّا إذا ترك أي واجب من واجبات الصلاة ناسيًا ومن دون قصد؛ فعليه سجود السهو.
  • الضحك بصوت مرتفع، أمّا مجرد التبسّم فلا يبطلها.
  • الكلام العمد، فمن تكلّم خلال الصلاة متعمدًا فصلاته باطلة، أمّا الناسي والجاهل فصلاته لا تبطل.
  • الأكل والشرب؛ فمن أكل أو شرب حتى ماءً؛ فإنّ صلاته باطلة، وعليه إعادتها من جديد.
  • قطع النيّة، كأن ينوي الخروج من الصلاة بعد أن بدأ بها؛ فهنا تبطل الصلاة.


المراجع

  1. رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 35/370، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  2. محمد بن صالح العثيمين، "رسالـة حول أهمية الصلاة "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2020. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 618، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  4. د. سالم جمال الهنداوي، "حديث: (من فاته صلاة في عمره ولم يحصها) "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2020. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "كيفية قضاء الفوائت"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2020.
  6. "قضاء الصلوات الفائتة"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2020. بتصرّف.
  7. "سرد لمبطلات الصلاة"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :