تفسير وأما بنعمة ربك فحدث

تفسير وأما بنعمة ربك فحدث
تفسير وأما بنعمة ربك فحدث

تفسير قوله تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث

يقول العلاّمة ابن باز في تفسير آية {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[١]، أنّها أمر من الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم بأن يتحدّث بنعم الله تعالى عليه، إذ إن التحدث بالنّعمة يُعد من شكرها، فشكر النّعمة يكون بثلاثة أمور أولاها يكون بالاعتراف بها باطنًا، أي يؤمن في قلبه أنّها من الله وحده ومن فضله سبحانه، وثانيها التحدّث بها ظاهرًا بلسانه، وثالثها يكون بصرفها واستخدامها في مرضاة المنعم بها سبحانه والاستعانة بها على طاعته جلّ وعلا، كما تٌعد هذه الآية خطابًا للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكل مسلم ومسلمة أيضًا للتّحدث بنعم الله وشكره عليها، فالله أنعم بنعمٍ كثيرة على خلقه، يُحمد عليها ويُشكر، فهي لا تُعد ولا تُحصى، مثل السّمع، والبصر، والصحّة، والمال، والولد، والزّوجة، وغيرها الكثير، ويكون شكر النّعم بطاعته وترك معصيته سبحانه وتعالى.[٢]


تفسير آيات سورة الضحى

سنعرض لكَ فيما يلي تفسيرًا مختصرًا لسورة الضّحى، كما جاء في تفسير السّعدي رحمه الله:[٣]

  • {والضّحى}[٤]: هو قسم الله تعالى بالنهار كله.
  • {واللّيل إذا سجى}[٥]: قسمه سبحانه وتعالى باللّيل، إذا سكن بالخلق واشتدّت ظلمته, وله سبحانه ما لغيره، فهو يقسم بما شاء من مخلوقاته, لكن لا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير خالقه، لأنّ القسم بغير الله تعالى شِرك.
  • {ما ودّعكَ ربك وما قَلى}[٦]: في هذه الآية يُخاطب الله تعالى نبيّه محمد عليه السّلام، ويُخبره أنّه لم ولن يتخلّى عنه، وما كان تأخير الوحي لبغضه.
  • {وللآخرة خيرٌ لك من الأولى}[٧]: إخبار الله تعالى النّبي أنّ الآخرة خيّرٌ له وأبقى من الدّنيا الفانية.
  • {ولسوف يُعطيك ربك فترضى}[٨]: وعدٌ من الله سبحانه لنبيّه بالتفضّل عليه بأنواع النّعيم في الآخرة بما يقرّ عينه الشّريفة به، ويرضى عنه.
  • {ألم يجدكَ يتيمًا فآوى}[٩]: أي ألم تكن - يا محمّد- من قبل يتيمًا, فآواك الله ورعاك؟
  • {ووجدك ضالًّا فهدى}[١٠]: أي أنّ الله سبحانه وتعالى تفضّل على رسوله بالهداية، إذ كان عليه السّلام لا يدري ما الكتب السّماويّة، ولا الإيمان, فعلّمه الله تعالى ما لم يكن يعلمه, ووفّقه لأحسن الأعمال.
  • {ووجدك عائلًا فأغنى}[١١]: أنّ الله سبحانه وتعالى أغنى رسوله من فضله، فكافاه الشّر بأن أغناه بالقناعة والصّبر.
  • {فأما اليتيم فلا تقهر}[١٢]: حثّ الله سبحانه وتعالى نبيّه أن يرحم اليتيم، ويُحسن إليه، ولا يقهره أو يهينه.
  • {وأما السائل فلا تنهر}[١٣]: حض النّبي على إطعام السّائل، وقضاء حوائجه، وعدم زجره أو احتقاره.
  • {وأما بنعمة ربك فحدّث}[١٤]: أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه في هذه الآية أن يشكره بالتحدّث بالنّعم التي أنعمها عليه.


سبب نزول سورة الضحى

ورد في سبب نزول سورة الضحى أن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرِض، فلم يستطع القيام للتَّهَجُّدِ ليلتَيْن أو ثلاثًا، فأتته امرأةٌ وقالت مُتهكِّمةً: "يا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أن يكونَ شَيْطانُكَ قد تَرَكَك، لم أَرَهُ قَرِبَكَ مُنذ ليلتَيْن أو ثلاثًا"، ويقال إن هذه المرأة هي العَوْرَاءُ بنتُ حَرْبٍ، وهي حَمَّالَةُ الحَطَبِ زَوْجُ أبي لَهَبٍ وأخت أبي سفيان، فأنزَل الله تعالى قوله: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}، وقد وردت هذه القصة في صحيح البخاري في الحديث عن جندب بن عبدالله أنه قال: [اشْتَكَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ - أوْ ثَلَاثًا -، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقالَتْ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أنْ يَكونَ شيطَانُكَ قدْ تَرَكَكَ، لَمْ أرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ - أوْ ثَلَاثَةٍ - فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَالضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجَى، ما ودَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلَى}][١٥].[١٦]


قد يُهِمُّكَ

يلجأ الكثير من النّاس إلى قراءة سورة الضّحى طلبًا لرد الضالّة عند فقدان شيء ما، لكن لا بد لكَ من معرفة رأي الشّرع في ذلك، إذ لم يرِد دليل في الشّرع يُثبت جواز قراءة سورة الضّحى عند فقدان شيء ما، أو ضياعه طلبًا لإيجاده، فالأوْلى ترك تخصيص قراءة هذه السورة بشيء لم يرد عليه دليل أو نص ورد عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن عمومًا، تجوز قراءة القرآن في سبيل التوسّل إلى الله وحده لقضاء الحوائج، فذلك يُعد من التوسّل بالعمل الصالح وهو مشروع ولا حرج فيه.[١٧]


المراجع

  1. سورة الضحى، آية:11
  2. "تفسير قوله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث}"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-24. بتصرّف.
  3. "سورة الضحى تفسير السعدي"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-24. بتصرّف.
  4. سورة الضحى، آية:1
  5. سورة الضحى، آية:2
  6. سورة الضحى، آية:3
  7. سورة الضحى، آية:4
  8. سورة الضحى، آية:5
  9. سورة الضحى، آية:6
  10. سورة الضحى، آية:7
  11. سورة الضحى، آية:8
  12. سورة الضحى، آية:9
  13. سورة الضحى، آية:10
  14. سورة سورة الضحى، آية:11
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:4950، صحيح.
  16. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.
  17. "هل تقرأ سورة الضحى طلبا لرد الضالة؟"، إسلام ويب، 2004-03-14، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :