اسباب سوء الظن

اسباب سوء الظن
اسباب سوء الظن

تعريف سوء الظنّ

إن سوء الظن لغة مأخوذ من سَوَأَ، وتدلُّ على القبح وهي خلاف السرور، ومصدرها السَّوْءُ، أمّا الظنّ فهو الاعتقادُ الراجح مع احتمال نقيضه، والظنَّة: هي التُّهمة، أما الظَنُون: فهو الشخص سيِّئ الظن.

وأما سوء الظن في الاصطلاح فهو الاعتقاد بجانبِ الشرِّ، وترجيحُه على جانب الخير، بينما يُحتمل الأمران معًا، ومصدرُه ومقرُّه هو القلب، بحيث يميل ويركنُ إلى خواطر سيئة عن الشخص الذي يسوءُ به، وذلك من غير دليل واضحٍ، أو مشاهدة بيِّنة أو عِلم ثابت، وهو خُلق سيّئ مذموم ومُحرّم نهى الله تعالى عنه، يقول الله عز وجل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ )، وفي المقال التالي بيان أسباب سوء الظن وأقسامه وعلاماته وآثاره، وأخيرًا كيفية تجنّبه.[١][٢]


أسباب سوء الظنِّ

تتعدد الأسباب التي قد تدفع الإنسان للوقوع في عِلّة سوء الظنّ، في ما يأتي إجمالها:[٣]

  • الجهل وسوء الفهم والقصد؛ فجهل حقيقة الأشياء، وعدم معرفة الحكم الشرعي الدقيق في بعض المواقف خاصةً إذا كانت هذه المواقف غريبة، وتحتاج إلى إدراك وفقه دقيق قد يؤدي إلى سوء الظنِّ، والانتقاص من القدر، والاتهام بالعيب.
  • تعميم الأحكام على الناس واتباع الهوى.
  • مصاحبة أهل الفجور والفسق.
  • التواجد في مواطن التهم والريب؛ فإذا تواجد المرء في أماكن الريب والفجور فإن ذلك مدعاة لحمل النّاس على إساءة الظنّ به، ولهذا فقد قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وأرضاه: (من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومنَّ من أساء به الظنَّ).
  • الحقد والحسد على الشخص المظنون به، فقد قال أبو طالب المكي:(سوء الظنِّ ما ظننته من سوء رأيك فيه، أو لأجل حقد في نفسك عليه، أو لسوء نية تكون أو خبث حال فيك، تعرفها من نفسك؛ فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم).
  • الإسراف في الغيرة.


أقسام سوء الظن

يمكن تقسيم سوء الظن إلى قسمين، وكلاهما من الكبائر، وفي ما يأتي إجمال كل قسم:[٤]

  • سوء الظن بالله: ويُعد من الكبائر، وهو أعظم جُرمًا وإثمًا من الكثير من الجرائم؛ وذلك لتجويزه على الله سبحانه أشياء غير لائقة بكرمه وجوده سبحانه وتعالى.
  • سوءُ الظنِّ بالمسلمين: ويُعدّ هذا الفعل من الكبائر أيضًا، فمن يُلقي الأحكام على الآخرين بِشرّ، مُتّبِعًا ظنونه فقط، فقد يدفعه الشيطان إلى احتقاره، والتجسس عليه، وإطالة اللسان في عِرضه، وعدم أداء واجباته، وكلُّ هذا مَنهيٌّ عنه، فكل من رأيته يُسيء الظن بالناس، قاصدًا إظهار معايبهم، فاعلم أن ذلك لسوء طويته وخُبث باطنه؛ إذ إن المؤمن ينظر في المعاذير لسلامة باطنه، أمّا المنافق فإنه ينظر في العيوب لخبث باطنه، فينبغي على المسلم اجتناب الظن السّيّئ، وطلب الدعاء من الله تعالى بأن يصرف عنه خواطر السوء، وإذا لم تستطع أن تدفع عن نفسك، فالزم السكوت وعدم الكلام بما ظننت، فلعل ذلك يكون سبيل السلامة.


علامات سوء الظنّ

لسوء الظنّ عدة علامات وأمارات، في ما يأتي ذكرها:[٢]

  • نفرةُ القلب وقسوته.
  • التقصيرُ في أداء حقوق الآخرين وإكرامهم.
  • الشك والتفسير الخاطئ من قِبَل مُسيء الظنّ لأية أعمال صالحة يقوم بها أخوه المسلم، فيتهمه بسوء مرادَه وبأن أعماله ليست لوجه الله عزّ وجلّ والدار الآخرة.
  • استبعاد نصر الله تعالى للمؤمنين، وتوقُّع الهزيمة والهلاك في كل معركة مع الأعداء على اختلاف صور المواجهة.


آثار سوء الظن

لسوء الظنّ آثار سلبية كثيرة على الفرد والمجتمع، منها ما يأتي:[٥]

  • يُعدّ سوء الظنّ سببًا للوقوع في الضلال والشرك والبدعة، إذ إنه سبب في الوقوع في الشرك، لأن فيه إنقاص لعظمة الإلهية، وهضم حق الربوبية، وسوء ظن بالله تعالى، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء لخصومه من المشركين كما ورد في كتاب الله تعالى: (أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[٦].
  • أنّ سوء الظنّ يُعد صفة لكل مُبطل ومبتدع، إذ يقول الله تعالى في كتابه: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ)[٧]
  • يٌعدّ سوء الظنّ سببًا في استحقاق لعنة الله تعالى وغضبه: يقول تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا)[٨].
  • يورث سوء الظنّ الإنسان الأخلاق السيئة: كالجبن والحقد والحسد، والبخل والشح والتباغض.
  • إن من أساء الظن أساء العمل.
  • يُعدّ سوء الظنّ سببًا في تكوين الأحقاد والعداوة.
  • يؤدي سوء الظنّ إلى تتبع عورات المسلمين.
  • يقود سوء الظنّ إلى المشاكل العائلية.
  • يُضعف سوء الظنّ الثقة بين المؤمنين.
  • يٌعد سوء الظنّ من مداخل الشيطان التي تُوقع في كبائر الذنوب: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)[١]
  • يُعد سوء الظنّ علامة على خبث الباطن، وسببًا في مرض القلب.
  • يخلق سوء الظنّ عدم الثقة بالآخرين.


تجنب سوء الظن

ينبغي على المسلم الحذر من تسويل الشيطان له بهذه المعصية، فيوجد في القرآن والسنّة الأدلة والقرائن التي تنهى عن سوء الظنّ، فإذا دخل الشيطان قلب المسلم من هذا المدخل يجب عليه أن يدفعه ما استطاع، وأن يصرف قلبه وعقله عن الاسترسال معه، ومن الممكن الاستعانة بهذه النصائح لعلاج هذا الوسواس:[٩]

  • أن ينشغل الإنسان بعيوب نفسه ويُقبل عليها، وينشغل بإصلاحها وتقويمها، فمعرفة عيوب النفس تُعد سبيلًا للتواضع لله وللناس، فيظن الإنسان النقص بنفسه وليس بالآخرين.
  • استحضار الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تنهى وتُحذّر من سوء الظنّ، وتبيّن خطورة هذا الأمر وعاقبته.
  • محاولة النظر في الجوانب الخيّرة في الناس جميعهم، فالإنسان فيه من خصال الخير كما فيه من خِصال الشر والسوء، فلا يجوز للمرء أن يُلغي الحسنات التي قد تكون أكثر من السيئات وترجيح خصال السوء في المرء، فقد أمر الله سبحانه بالعدل والقسط.


المراجع

  1. ^ أ ب سورة الحجرات، آية: 12.
  2. ^ أ ب طه بافضل (2016-8-22)، "سوء الظن"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-22. بتصرّف.
  3. "أسباب الوقوع في سوء الظن"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-22. بتصرّف.
  4. "سوء الظن ورطة"، islamway، 2015-4-29، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-22. بتصرّف.
  5. "آثار سوء الظن"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-23. بتصرّف.
  6. سورة الصافات، آية: 86-87.
  7. سورة فصلت، آية: 23.
  8. سورة الفتح، آية: 6.
  9. "كيف تجتنب ظن السوء بالناس ؟"، islamqa، 2008-5-8، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-22. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

654 مشاهدة