محتويات

- ذات صلة
- آثار لبدة
- آثار ليبيا
مدينة لبدة الكبرى
تعدّ مدينة لبدة الكبرى أكبر مدينة في المنطقة القديمة في طرابلس، وتقع على البحر الأبيض المتوسط على بعد 100 كيلومتر شرق طرابلس في ليبيا، وتحتوي مدينة لبدة على بقايا العمارة الرومانية الرائعة، وقد صُنفت كموقع أثري للتراث العالمي لليونسكو عام 1982،[١]وكانت لبدة مستعمرة فينيقية وبقيت مدينة رئيسية في فترة الحكم الروماني، وهي مسقط رأس الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس الذي حكم من عام 193 إلى 211 ميلادي،[٢]كما كانت المدينة مركزًا تجاريًا وزراعيًا هامًا، وبعد أن أسسها الفينيقيون استوطنها القرطاجيون وأصبحت مدينة بونيقية وأخيرًا صارت واحدة من مدن الإمبراطوية الرومانية، وتحتوي لبدة على الكثير من الآثار التاريخية والمعالم الرائعة، وهي مدينة حافلة بتاريخ طويل وعريق.[٣]
التطور التاريخي لمدينة لبدة
التاريخ القديم
أسس الفينيقيون مدينة لبدة في حوالي القرن العاشر قبل الميلاد واستقرّ فيها القرطاجيون في حوالي القرن السادس قبل الميلاد، وبعد ذلك اكتسبت المدينة أهمية كبيرة عندما أصبحت مدينة قرطاج قوة رئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما أن ميناء المدينة عند مصب وادي لبدة جعلها مركزًا تجاريًا متوسطًا وعابرًا للصحراء، وزادت الزراعة في المناطق الساحلية الخصبة من ازدهارها وتحولت لبدة لسوق مهم، وعند انتقال مملكة ماسينيسا النوميديين إلى المنطقة عام 202 قبل الميلاد، أصبح اسم المدينة بونية، ولكنها انفصلت عن مملكة ماسينيسا وأصبحت حليفة لروما وجزءًا من المقاطعة الرومانية الجديدة لأفريقيا عام 23 قبل الميلاد.
ومع ذلك احتفظت المدينة ببعض تقاليد وقوانين وثقافة المملكة البونية واستخدمت لغتها لفترة جيدة من الزمن، ولكنها ازدهرت بسرعة وأصبحت من المدن الرائدة في أفريقيا الرومانية وأصبحت مركزًا تجاريًا هامًا، وحققت المدينة أبرز مكانة لها عام 193 عندما أصبح لوسيوس سيبتيموس سيفيروس إمبراطورًا للبدة، المدينة التي وُلد بها، فأغدق عليها بالثروات وجعلها ثالث أهم مدينة في أفريقيا، ولكن أدى انعدام الأمان على حدود المدينة إلى تراجعها وتأثرت بأزمة القرن الثالث، وهي انهيار الإمبراطورية الرومانية وشبه الانهيار بين عامي 235 و284، وكان السبب في ذلك ثلاث أزمات، هي الغزو الخارجي، والحرب الأهلية الداخلية، والانهيار الاقتصادي، وتراجعت أهمية المدينة بعد هذا الانهيار وتم التخلي عن أجزاء كبيرة منها في منتصف القرن الرابع وأصبحت بحالة خراب.
سقطت مدينة لبدة وبقية مدن طرابلس تحت سيطرة الفاندال عام 439 فاستولى ملكهم جيزريك على قرطاج من الرومان وجعلها عاصمته، وأمر بهدم أسوارها ليمنع شعبها من التمرّد على حكمه، ولكن أهلها لم يستكينوا ودافعوا عن مدينتهم، وهذه الحالة من عدم الاستقرار دفعت مجموعة من الأمازيغ إلى نهب المدينة، ولكن في عام 534 دمر الرومان مملكة الفاندال واستعادوا المدينة بعد عشر سنوات وأصبحت لبدة عاصمة إقليمية للإمبراورية الرومانية الشرقية، وأمر الدوق سرجيوس بذبح جميع رؤساء البربر في عام 543 وأثارت هذه الحادثة تمردًا فظيعًا وكاد الرومان أن يفقدوا أفريقيا على إثرها، وبحلول الفتح العربي لطرابلس كانت مدينة لبدة شبه مهجورة باستثناء قوة الحامية البيزنطية.[٣]
التاريخ الحديث
بعد أن نُهبَت أنقاض مدينة لبدة ودُفنَ ما تبقى منها تحت الرمال، بدأت أعمال التنقيب في عشرينيات القرن الماضي من قبل مصلحة الآثار الليبية ومجموعة من علماء الآثار الإيطاليين، وقد كشف علماء الآثار أن مدينة لبدة تعدّ واحدة من أفضل المدن الرومانية ولكنها لم تأخذ شهرة واسعة مثل باقي المدن الليبية بسبب عدم الاستقرار السياسي في ليبيا، ومع ذلك كشفت الحفريات عن آثار الهياكل البونيقية المبكّرة بالقرب من المدرّج ومنتداها القديم الذي كان مركز المدينة في أوائل العصور الرومانية.
وأثناء الحفريات الأولى انضم علماء آثار محترفون لاستعادة الموقع القديم وآثاره، وعُرضت مجموعة من الأعمال الفنية التي كُشف عنها في متحف لبدة القريب أو في متحف السرايا الحمراء للآثار والتاريخ في طرابلس، وخلال الحرب العالمية الثانية خطط سلاح الجو الملكي البريطاني لإقامة محطة رادار في الموقع ولكن تدخل علماء الآثار البريطانيين ليمنعوا ذلك ونجحوا في حماية المعالم والمواقع الأثرية ليس في لبدة فقط بل في جميع أنحاء أوروبا وآسيا.
وفي عام 2005 اكتشف فريق من جامعة هامبورغ خمسة أعمال فنية من الفسيفساء الملونة بطول أكثر من 9 أمتار، ويعود تاريخها إلى القرن الأول أو الثاني، وتُظهر الفسيفساء صور محارب في قتال مع غزال وأربعة شبان يصارعون ثور، ومصارع يستريح من التعب محدقًا في خصمه المقتول، وقرر علماء الآثار أن هذه الفسيفساء تحفة وهي واحدة من أفضل الأمثلة على هذا الفن، وقد اكتُشفَت هذه الفسيفساء عام 2000 ولكن ظل الأمر سريًا خوفًا من نهبها، وتُعرض هذه التحفة الفنية اليوم في متحف لبدة.[٣]
آثار مدينة لبدة
يوجد في مدينة لبدة الكثير من المعالم التاريخية والآثار التي تصوّر تاريخ المدينة القديم، ومن أبرز آثارها ما يلي:[٤]
- المنتدى القديم: صُمّم هذا المعلم التاريخي في عهد الإمبراطور أوغسطس، وهو عبارة عن مجموعة مباني، يقع بجانب شاطئ البحر، وقد زُخرفَ المنتدى بمعابد صغيرة وزُيّنَ بتماثيل عملاقة للأباطرة الرومان، وأُجريت على المنتدى بعض التحسينات من قبل حكام المدينة الرومان وبعض التجار الأغنياء، ويمكنك رؤية هذه التماثيل اليوم في متحف طرابلس.
- السوق القديم: بنى السوق القديم في مدينة لبدة تاجر ثري في عام 8 قبل الميلاد، وكانت تباع في هذا السوق الأسماك واللحوم وفيه الكثير من الأكشاك الموجودة حول حوض لغسل الأسماك، واستخدم التاجر مواد باهظة الثمن لبنائه.
- قوس النصر: هو قوس صغير فوق السوق القديم مُزيّن بنقوش تُظهر أشكال السفن، وترمز هذه السفن إلى السفن التي حملت زيت الزيتون إلى روما.
- المسرح: بعد أن موّل التاجر الثري بناء السوق، بنى مسرحًا كبيرًا في المدينة وهو من الأمثلة الأولى على المسارح الرومانية.
- معبد آلهة أغسطس: بُنيَ هذا المعبد الكبير خلف المسرح وكُرّس للأباطرة الرومان الأوائل.
- المدرّج: كان أساس هذا المدرج مقلع حجارة كبير، وقد تحوّل المقلع لمدرج في زمن الإمبراطور نيرون، وسترى في هذا المدرج فن الفسيفساء الرائع الذي يصوّر المعارك التي وقعت فيه.
- السيرك: بُنيَ هذا السيرك في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس ومن المُرجّح أنه كان يستخدم في السباقات.
- حمامات هارديان: سُميت هذه الحمامات على اسم الإمبراطور هارديان، وقد زيُنت قاعاته بأنواع مختلفة من الرخام والكثير من التماثيل، ويوجد بعضها اليوم في متحف طرابلس.
- معبد سيرابيس: سبرايس هو إله ذو سمات مشتقة من أوزوريس المصري وزيوس اليوناني عند الرومان وسمي هذا المعبد على اسمه، وبني في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس وزيّن بأعمدة من الرخام النادر فيه أوردة زرقاء اللون.
قد يُهِمُّكَ
ذكرنا سابقًا أن مدينة لبدة صُنفت كموقع أثري للتراث العالمي لليونسكو، وهذا لأنها تستوفي على الأقل واحدة من الشروط والمعايير التي تتخذها اليونسكو لتصنيف المواقع الأثرية، ولكن في عام 2016 قررت اليونسكو إضافة الموقع إلى قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر بسبب وجود ظروف تهدد المنطقة وآثارها، وإليك فيما يلي الأسباب التي جعلت من مدينة لبدة موقعًا للتراث العالمي:[٥]
- تمثل المدينة وآثارها تحفة تعكس عبقرية الإنسان.
- تعرض تبادلًا هامًا للقيم الإنسانية على مدى فترة زمنية أو داخل منطقة ثقافية في العالم، وتظهر التطور في الهندسة المعمارية والفنون الأثرية والتصميم وتخطيط المدن والمناظر الطبيعية.
- تحمل شهادة فريدة واستثنائية لتقليد ثقافي وحضارة حيّة كانت قد اندثرَت.
المراجع
- ↑ "Leptis Magna", britannica, Retrieved 2020-10-24. Edited.
- ↑ "Leptis Magna", ancient, Retrieved 2020-10-24. Edited.
- ^ أ ب ت "Leptis Magna", newworldencyclopedia, Retrieved 2020-10-24. Edited.
- ↑ "Leptis Magna: the Old Town", romeartlover.tripod, Retrieved 2020-10-24. Edited.
- ↑ "Leptis Magna", endangeredsites.leadr, Retrieved 2020-10-24. Edited.