نفر
نفر أو نفار أو نيبور Niffer مدينة قديمة كانت واقعة في بلاد الرافدين أي بلاد ما بين النهرين تاريخيًا، والآن في جنوب شرق العراق، وعلى الرغم من أنها لم تكن أبدًا عاصمة سياسية شهيرة، إلا أن المدينة لعبت دورًا رئيسيًا في الحياة الدينية القديمة في بلاد ما بين النهرين، وفي الأساطير السومرية كان نيبور منزلًا للآلهة إنليل إله العاصفة والقوة والإله الذي أجرى مراسيم تجميع جميع الآلهة في نيبور، ولا يُعرف سوى القليل عن المدينة قبل فترة الممالك الكبيرة، وبحلول عام 2500 قبل الميلاد وصلت المدينة إلى أعلى شهرة لها، وأصبحت المقر الديني الرئيسي في منطقة بلاد الرافدين، ومنذ سيطرة البارثيين على المدينة بدأت في الاضمحلال، وكان التخلي عنها نهائيًا في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر.[١]
آثار نفر
تقع مدينة نفر في العراق، وتشتمل على العديد من المواقع والآثار التاريخية، ومن أهم هذه المعالم؛ الهياكل القديمة التي يمتد طولها لحوالي 1.5 كم بينما عرضها يقارب 700 متر، وهذه الهياكل هي عبارة عن مجمع كبير من التلال المُدمرة التي تمتد من الشمال إلى الجنوب عن طريق قناة مائية تُعرف محليًا باسم شط النيل، وأعلى نقطة في هذه الأنقاض هي تلة مخروطية تقع شمال شرق قاع القناة، وترتفع 25 مترًا فوق مستوى السهل، ومن الآثار والمعالم الأخرى فيها ما يأتي:[٢]
- التجمعات الحضرية الذي يمتد تاريخها بين 5000-800 قبل الميلاد، وكشفت الحفريات والمسوحات عن بقايا العديد من المباني المُهمة في الموقع.
- معبد الآلهة إنليل Enlil، وهذا المعبد يرتفع عن التل حوالي 25 مترًا، وهو الهيكل الأهم في الموقع الأثري القديم.
- جدار المدينة الضخم والذي يحوي ست بوابات، وهو جدار محمي بخندق ويغطي مساحة 135 هكتارًا.
- قناة المدينة التي تقع في وسطها، وهي مجرى مائي كبير يزيد عرضه عن 50 مترًا في مناطق متفرقة منه.
- معبد إنانا.
- المعبد الشمالي.
- المعبد الكبير لجولا آلهة الشفاء القديمة في منطقة ما بين النهرين.
- القبور الأكادية.
- القلعة البارثية الكبيرة.
تاريخ الحفريات في نفر
بدأ الحفر في منطقة نفر من قبل العلماء الأمريكيين في عام 1888 ميلاديًا، وقد رعت أقدم جامعة في العالم وهي جامعة بنسلفانيا أول حملة أمريكية على الإطلاق في منطقة بلاد ما بين النهرين، وكان قائد هذه الحملة الدكتور روبرت هاربر الذي أسس بعد بضع سنوات علم الدراسات الآشورية في جامعة شيكاغو، واستمر عمل هذه البعثة حوالي 12 سنة حتى عام 1900 ميلاديًا، وفي تلك الفترة عُثر على أكثر من 30 ألف قطعة أثرية مُختلفة في نفر، ومن بعدها استمر المكان متروكًا حتى عام 1948 ميلاديًا، حينما بدأ المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو الحفر في نفر، واستمرت عمليات الحفر لمدة زمنية طويلة، ولكن أجبر عدم توفر الأموال المديرين الميدانيين دونالد ماكوون وريتشارد هينز في المواسم الأخيرة الإعلان في كل نهاية موسم أنه الأخير، ولهذا السبب تركز الحفر في منطقة الحي الديني القديم في نفر فقط، وأسفر التنقيب عن إيجاد معابد ومنازل في ثلاثة مناطق لنفر، والعثور على آلاف الألواح وقطع الآثار.
في عام 1972 ميلاديًا أصبحت عمليات الحفر في نفر تتبع أساليب متطورة في التنقيب، وبدأت عمليات التنقيب في مناطق لم تُحفر من قبل، وركزت الحملة على المنطقة المنخفضة المسطحة في الركن الجنوبي من نفر، واكتُشفت العديد من المنازل والمباني العامة الكبيرة وأجزاء من أسوار المدينة التي تعود إلى فترات مختلفة من التاريخ، واستخرج العمل الميداني في سبعينات وثمانينات القرن الماضي آلاف القطع الأثرية بما في ذلك قطع البرونز والمجوهرات والخواتم، وأُجريت دراسة عينات من العظام والبذور وحبوب اللقاح والتربة التي وجدت في المنطقة، لبناء علاقة بين البيئة القديمة وسكان المدينة، وقد استُخدمت أجهزة الكمبيوتر لرسم الخرائط وتسجيل البيانات في العراق، وخُصصت مناطق للطلاب لاستخدام نفر في مواد أطروحات الدكتوراه، وبعد توقف ثلاثة عقود تقريبًا عن الحفر استأنف المعهد الشرقي للأبحاث الأثرية والفلسفية أعمال الحفر في عام 2018 ميلاديًا، ولكن خلال هذه الفترة الطويلة مُلئت جميع مناطق الحفر السابقة بالرمال، ونُهبت جميع الأدوات والأثاث القديم في الموقع، وبسبب الظروف الأمنية في العراق اقتصر العمل على منطقتين، أهمهما؛ التلة الغربية إذ اكتُشفت القلعة البارثية الأثرية ومنزل ساساني صغير.[٣]
تاريخ نفر
كانت نيبور واحدة من أقدم المدن السومرية، ويرجع تاريخها إلى عام 5262 قبل الميلاد، وكانت واحدة من أقدم مناطق الفرات، وتقع بين مجرى النهر الحديث ودجلة على بعد حوالي 160 كم جنوب شرق بغداد، وفي الأصل كانت نيبور عبارة عن قرية مبنية من أكواخ القصب في المستنقعات التي ارتفعت تدريجيًا بسبب أعمال البناء، ومع مرور السنوات استُبدل القصب بالطوب الطيني، وأصبحت نيبور مدينة مقدسة من قبل العديد من أقوى الملوك الأوائل في بلاد ما بين الرافدين، وكان أشهر هؤلاء الملوك الأوائل إين مي باراكي سي الملك الكيشي الذي حكم منذ 2700 سنة قبل الميلاد، وكان أحد إنجازاته البارزة هو بناء معبد إنليل في نيبور، وإنليل هو الإله الأهم للبانتيين السومريين، ومنذ تلك الفترة أصبحت نيبور تدريجيًا المركز الروحي والديني والثقافي لسومر، وظلت كذلك في الفترة الأمورية في جنوب بلاد ما بين النهرين.
في عام 2450 قبل الميلاد أصبحت نيبور جزءًا من إمبراطورية إياناتوم اللكشية، وفي عام 2112 قبل الميلاد أعاد الملوك الساميون للسلالة الجديدة في أور بناء المعابد وأسوار المدينة في نيبور على نفس الأساليب القديمة، وبعد حوالي 100 عام أي حوالي عام 2004 قبل الميلاد احتل العيلاميون المدينة مع انهيار الحضارة السومرية وسقوط أور، وبعد مدة قصيرة سيطرت المملكة العمورية الحديثة على المدينة بعدما عانت من الدمار بسبب الغزو، وفي الفترة ما بين أعوام 1822-1763 قبل الميلاد أصبحت المدينة تحت سيطرة مملكة لارسا، وامتدت هذه السيطرة حتى احتل المدينة ملك بابل الشهير حمورابي، ومع حلول عام 1200 قبل الميلاد بدأت المدينة تفقد بريقها، وبحلول عام 1000 قبل الميلاد بقيت تجمعات قليلة في المدينة، وعند انتقال حكم المدينة للآشوريين ومن بعدهم للسلوقين أصبحت المدينة فقط تتكون من قلعتها ومجموعة من الأكشاك المُحيطة.[٤]
المراجع
- ↑ "Nippur", britannica,1-4-2016، Retrieved 8-12-2019.
- ↑ "Nippur", unesco, Retrieved 8-12-2019. Edited.
- ↑ "Nippur Expedition", uchicago, Retrieved 8-12-2019. Edited.
- ↑ " City of Nippur / Nibu", historyfiles, Retrieved 8-12-2019. Edited.