كيفية التيمم بالحجر

كيفية التيمم بالحجر
كيفية التيمم بالحجر

التيمم

يُعرّف التيمّم في اللغة بأنه القصد من الشيء، وشرعًا يُقصد به مسح اليدين والوجه بتراب على وجه مخصوص، وقد أوجب الله تعالى التطهر من الحدثين الأكبر والأصغر لأداء الصلاة بالماء، وهو المُنزل من عند الله سبحانه وتعالى للناس طهورًا، وهو واجب لا بد من اتباعه، ولكن في بعض الحالات التي يكون فيها الماء معدومًا غير متوفر، أو أشبه بأن يكون معدومًا، أو حتى يكون موجودًا ولكن يصعب أو يتعذر استعماله لعذرٍ شرعيٍ مبيحٍ لذلك، ويتضح من خلال ما سبق أن الله تعالى أوجد بديلًا ناب عن الماء لإتمام التطهر، وهو التيمم بالتراب رفعًا للحرج عن الناس وتيسيرًا لأمورهم.

يُعد التيمم أمرًا ثابتًا في الكتاب والسنة النبوية المُطهّرة، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[١]

قد يحدث أن أُناسًا يعدمون كلًا من التراب والماء، أو أن حالهم لا يسمح بلمس الماء أو التراب لعلةٍ ما في أجسادهم، فيُرخّص لهؤلاء الناس الصلاة حسب حالتهم من غير ماء وضوءٍ أو تيمم؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وليس عليه أن يعيد هذه الصلاة؛ لأنه نفّذ أمر الله تعالى حين قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}،[٢] وقال عليه الصلاة والسلام [دَعُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، إنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ].[٣][٤]


كيفية التيمم بالحَجَر

وردنا عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن التيمم بالحجر يكون بضرب اليدين عليه من الكفّين ضربةً واحدةً، ثم يمسح وجهه كله، ثم يمسح كفيه، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "كيفية التيمم: أن يضرب الأرض الطاهرة بيديه ضربة واحدة يمسح بهما جميع وجهه، ثم يمسح كفيه بعضهما ببعض"، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ويسمي الله ويقول: بسم الله، كما يسمي في الماء عند الوضوء، وإذا ضرب بهما التراب ومسح بهما وجهه وكفيه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، كما يفعل في الماء؛ لأن هذا يحل محل الماء"، فإذا كان الحجر المراد التيمم به صغير الحجم فلا بأس من تقليبه باليدين كما يقلّب الصابون بين اليدين، ويحل هذا التقليب محل الضرب باليد عليه، ثم يُمسح الوجه ومن ثم الكفين بعد هذا التقليب بالحجر، ويُعد التيمم بالتراب أفضل إن تيسّر؛ وذلك لأنه الأحوط، وبه يصح التيمم على أكمل وجه عند جمهور العلماء كافة.[٥]


شروط التيمم

للتيمم مجموعة من الموجباب والأسباب التي تجعل منه أمرًا مباحًا، وفيما يأتي ذكر أبرز هذه الأسباب والشروط:[٦]

  • في حال لم يجد المصلي ماءً يتوضئ به، أو وجد الماء وهو لا يكفي للطهارة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إنَّ الصعيدَ الطيبَ طهورُ المسلمِ وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين فإذا وجد الماءَ فليمسَّه بشرتَه فإن ذلك خيرٌ].[٧]
  • في حال كان بالعبد أذى أو مرض يُخاف معه استعمال الماء للوضوء فيزداد المرض أو يتأخر الشفاء، ويكون قد عَرَفَ ذلك بالتجربة أو من إخبار الطبيب له.
  • قد يكون الماء باردًا للغاية، وقد خاف العبد عند استخدامه حصول ضررٍ ما، فيسن له التيمم، ولكن بشرط أن يعجز عن تسخين الماء أو الحصول على ماءٍ أسخن من ذلك.
  • يسن للمؤمن التيمم في حال كان الماء بعيدًا منه وخاف على نفسه أو ماله أو عرضه إن ذهب له، أو في حال خاف أن يفوّت الرفيق في السفر إن ذهب له، أو قد يحول بين المؤمن وبين الماء عدوٌ يخشاه من إنسانٍ أو حيوان، أو يعجز عن استخراج الماء كأن يكون في بئرٍ مثًلا لفقدان مقومات الحصول عليه.
  • إذا وُجِدَ الماء ولكن له حاجةً، كالشرب أو الطبخ أو إزالة نجاسةٍ ما، يُسنّ للمؤمن في هذه الحالة التيمم ويلجأ لحفظ الماء لديه لحاجاته الضرورية.


نواقض التيمم

ينتقض التيمم كالوضوء ببعض الأمور، وهي ذاتها نواقض الوضوء، ويمكن إجمالها فيما يأتي:[٨]

  • ينتقض الوضوء بالخارج من مخرج الغائط أو البول أو كلاهما؛ كالمني أو الريح أو المذي أو البول.
  • ذهاب العقل بالنوم أو الإغماء، وفي ذلك استثناء للنوم اليسير.
  • خروج شيء نجس من بدن المؤمن كالدم الكثير.
  • تناول لحم الإبل (الجمل).
  • لمس الفرج باليد دون حائل.
  • لمس الذكر للأنثى أو العكس بشهوة دون حائل.
  • الردة عن الإسلام.


حكم التيمم بسبب البرد

اتفق أهل العلم من جمهور العلماء على جواز التيمم مخافة الضرر الناتج عن البرد، ولا تلزم إعادة الصلاة بعد ذلك كما ورد عن الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "التيمم خشية البرد جائز باتفاق الأئمة "، ولكن لا يجوز هذا الأمر إلا بعدة شروط، ومنها:[٩]

  • أن يكون الضرر الحاصل من استخدام الماء في الوضوء يقينًا أو راجحًا، وليس لمجرد صعوبة الأمر أو كراهيته.
  • ألا توجد مقدرة لتسخين الماء أو الاحتماء من شدة البرد قبل فوات الوقت.


المراجع

  1. سورة المائدة، آية: 6.
  2. سورة التغابن، آية: 61.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7288، صحيح.
  4. "التيمم"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  5. "كيفية التيمم بالحجر"، islamqa، 29-10-2009، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  6. "شروط التيمم وكيفيته"، fatwa، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 124، صحيح.
  8. "مبطلات التيمم"، alhamdlilah، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرف.
  9. "التيمم"، fikhguide، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرف.

فيديو ذو صلة :