محتويات
تعريف بمجمود درويش
محمود درويش هو شاعرٌ فلسطيني وعضو المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وله دواوين شعرية مليئة بالمضامين الحداثية. ولد عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا، حيث كانت أسرته تملك أرضًا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان.
أجمل قصيدة وطنية لمحمود درويش
- قصيدة جبين وغضب:
وطني يا أيها النسرُ الذي يغمد منقار اللهبْ
في عيوني
أين تاريخ العرب
كل ما أملكه في حضرة الموت:
جبين وغضب.
وأنا أوصيت أن يزرع قلبي شجرةْ
وجبيني منزلاً للقُبَّرهْ.
وطني ، إنا ولدنا وكبرنا بجراحك
وأكلنا شجر البلّوط،
كي نشهد ميلاد صباحك
أيها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سببْ
أيها الموت الخرافيُّ الذي كان يحب
لم يزل منقارك الأحمر في عينيَّ
سيفاً من لهب،
وأنا لست جديراً بجناحك
كل ما أملكه في حضرة الموت:
جبين ، وغضب
- قصيدة وطن:
علِّقوني على جدائل نخلهْ
واشنقوني ، فلن أخون النخلهْ
هذه الأرض لي، وكنت قديماً
أحلبُ النوق راضياً ومولَّهْ
وطني ليس حزمه من حكايا
ليس ذكرى، وليس قصةً أو نشيداً
ليس ضوءاً على سوالف فُلّهْ
وطني غضبة الغريب على الحزن
وطفلٌ يريد عيداً وقبلهْ
ورياح ضاقت بحجرة سجن
وعجوز يبكي بنيه ، وحلقهْ
هذه الأرض جلد عظمي
وقلبي،
فوق أعشابها يطير كنحلهْ
علِّقوني على جدائل نخلهْ
واشنقوني فلن أخون النخلهْ
- قصيدة لا مفر:
مطر على أشجاره ويدي على
أحجاره ، والملح فوق شفاهي
من لي بشبّاك يقي جمر الهوى
من نسمة فوق الرصيف اللاهي
وطني عيونك أم غيومٌ ذوَّبت
أوتار قلبي في جراح إلهِ
هل تأخذنَّ يدي فسبحان الذي
يحمي غريبا من مذلِّة آهِ
ظلُّ الغريب على الغريب عباءةٌ
تحميه من لسع الأسى التيّاهِ
هل تُلْقِيَنَّ على عراء تسولي
أستار قبر صار بعض ملاهي
لأشمَّ رائحة الذين تنفَّسوا
مهدي، وعطر البرتقال الساهي
وطني أُفتِّش عنك فيك فلا أرى
إلاّ شقوق يديك فوق جباهِ
وطني أتفتحُ في الخرائب كوة
فالملح ذاب على يدي وشفاهي
مطر على الإسفلتِ، يجرفني إلى
ميناءِ موتانا ، وجرحُك ناهِ
- قصيدة رد الفعل:
وطني يعلمني حديدُ سلاسلي
عنف النسور ، ورقة المتفائلِ
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا
ميلادَ عاصفةٍ ، وعرس جداولِ
سَدُّوا عليَّ النور في زنزانةٍ
فتوهَّجتْ في القلب ، شمسُ مشاعلِ
كتبوا على الجدار، مرج سنابلِ
رسموا على الجدار صورَ قاتلي
فمحتْ ملامحَها ظلالُ جدائلِ
وحفرتُ بالأسنان رسمك دامياً
وكتبتُ أُغنية العذاب الراحلِ
أغمدت في لحم الظلام هزيمتي
وغرزت في شعر الشموس أناملي
والفاتحون على سطوح منازلي
لم يفتحوا إلاّ وعود زلازلي
لن يبصروا إلاّ توهُّج جبهتي
لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي
فإذا احترقت على صليب عبادتي
أصبحت قديساً، بِزَيّ مُقاتلِ
- قصيدة الموعد:
لم تزل شرفةٌ، هناك
في بلادي، ملوحهْ
ويدٌ تمنحُ الملاك
أغنيات، وأجنحهْ
العصافير أم صداك
أم مواعيدُ مفرحهْ
قتلتني، لكي أراك
وطني حبنا هلاك
والأغاني مجرحهْ
كلما جاءني نداك
هجر القلب مطرحهْ
وتلاقي على رباك
بالجروح المفتحهْ
لا تلمني ففي ثراك
أصبح الحب ، مذبحهْ
أروع قصيدة وطنية لمحمود درويش
- قصيدة رسالة من المنفى:
تحيّة ، و قبلة
و ليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي ، و أين أنتهي
و دورة الزمان دون حد
و كل ما في غربتي
زوادة ، فيها رغيف يابس ، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي
و كل ما قيل و ما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة، أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على
جناح طير ضائع ، منهد
من أين أبتدي
تحيّة ، و قبلة، و بعد
أقول للمذياع ، قل لها أنا بخير
أقول للعصفور
إن صادفتها يا طير
لا تنسني ، و قل : بخير
أنا بخير
أنا بخير
ما زال في عيني بصر
ما زال في السما قمر
و ثوبي العتيق ، حتى الآن ، ما اندثر
تمزقت أطرافه
لكنني رتقته، و لم يزل بخير
و صرت شابا جاور العشرين
تصوّريني ، صرت في العشرين
و صرت كالشباب يا أماه
أواجه الحياه
و أحمل العبء كما الرجال يحملون
و أشتغل
في مطعم ، و أغسل الصحون
و أصنع القهوة للزبون
و ألصق البسمات فوق وجهي الحزين
ليفرح الزبون
قد صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه
أدخن التبغ ، و أتكي على الجدار
أقول للحلوة : آه
كما يقول الآخرون
" يا أخوتي ؛ ما أطيب البنات ،
تصوروا كم مرة هي الحياة
بدونهن ، مرة هي الحياة " .
و قال صاحبي : "هل عندكم رغيف
يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان
إن نام كل ليلة ، جوعان"
أنا بخير
أنا بخير
عندي رغيف أسمر
و سلة صغيرة من الخضار
سمعت في المذياع
قال الجميع : كلنا بخير
لا أحد حزين ؛
فكيف حال والدي
ألم يزل كعهده ، يحب ذكر الله
و الأبناء ، و التراب ، و الزيتون
و كيف حال إخوتي
هل أصبحوا موظفين
سمعت يوما والدي يقول
سيصبحون كلهم معلمين
سمعته يقول
( أجوع حتى أشتري لهم كتاب )
لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب
و كيف حال أختنا
هل كبرت ، و جاءها خطّاب
و كيف حال جدّتي
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب
تدعو لنا
بالخير ، و الشباب ، و الثواب
و كيف حال بيتنا
و العتبة الملساء ، و الوجاق ، و الأبواب
سمعت في المذياع
رسائل المشردين ، للمشردين
جميعهم بخير
لكنني حزين
تكاد أن تأكلني الظنون
لم يحمل المذياع عنكم خبرا
و لو حزين
و لو حزين
الليل - يا أمّاه - ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما مضى
ماذا جنينا نحن يا أماه
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياة
و مرة نموت عند الموت
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء
هبي مرضت ليلة ، وهد جسمي الداء
هل يذكر المساء
مهاجرا أتى هنا، و لم يعد إلى الوطن
هل يذكر المساء
مهاجرا مات بلا كفن
يا غابة الصفصاف هل ستذكرين
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
- كأي شيء ميت - إنسان
هل تذكرين أنني إنسان
و تحفظين جثتني من سطوه الغربان
أماه يا أماه
لمن كتبت هذه الأوراق
أي بريد ذاهب يحملها
سدّت طريق البر و البحار و الآفاق
و أنت يا أماه
ووالدي ، و إخوتي ، و الأهل ، و الرفاق
لعلّكم أحياء
لعلّكم أموات
لعلّكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
أحلى قصيدة وطنية لمحمود درويش
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.
أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي
أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح
أُسمّي الحصى أجنحة
أسمّي العصافير لوزاً وتين
وأستلّ من تينة الصدر غصناً
وأقذفهُ كالحجرْ
وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.
وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،
وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.
أبي كان في قبضة الإنجليز. وأمي تربّي جديلتها وامتدادي على العشب. كنت أحبّ "جراح الحبيب" و أجمعها في جيوبي، فتذبلُ عند
الظهيرة، مرّ الرصاص على قمري الليلكي فلم ينكسر،
غير أنّ الزمان يمرّ على قمري الليلكي فيسقطُ سهواً،
وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض
في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا
مواعيد غامضةً
واحتفالاً بسيطاً
ونكتشف البحر تحت النوافذ
والقمر الليلكي على السرو
في شهر آذار ندخلُ أوّل سجنٍ وندخلُ أوّل حبّ
وتنهمرُ الذكريات على قرية في السياج
وُلدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل
كيف تفرّين من سُبُلي يا ظلال السفرجل
في شهر آذار ندخلُ أوّل حبٍّ
وندخلُ أوّل سجنٍ
وتنبلجُ الذكريات عشاءً من اللغة العربية:
قال لي الحبّ يوماً: دخلت إلى الحلم وحدي فضعتُ وضاع بي الحلم. قلت تكاثرْ
تر النهر يمشي إليك.
وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها.
أجمل ما قيل من قصيدة وطنية لمحمود درويش
بلادي البعيدة عنّي، كقلبي
بلادي القريبة مني، كسجني
لماذا أغنّي
مكاناً، ووجهي مكانْ
لماذا أغنّي
لطفل ينامُ على الزعفران
وفي طرف النوم خنجر
وأُمي تناولني صدرها
وتموتُ أمامي
بنسمةِ عنبر
وفي شهر آذار تستيقظ الخيل
سيّدتي الأرض
أيّ نشيدٍ سيمشي على بطنك المتموّج، بعدي
وأيّ نشيدٍ يلائم هذا الندى والبخور
كأنّ الهياكل تستفسرُ الآن عن أنبياء فلسطين في بدئها المتواصل
هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة-
هذا نشيدي
وهذا خروجُ المسيح من الجرح والريح
أخضر مثل النبات يغطّي مساميره وقيودي
وهذا نشيدي
وهذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس.
في شهر آذار تستيقظ الخيلُ.
سيّدتي الأرض
والقمم اللّولبية تبسطها الخيلُ سجّادةً للصلاةِ السريعةِ
بين الرماح وبين دمي.
نصف دائرةٍ ترجعُ الخيلُ قوسا
ويلمعُ وجهي ووجهك حيفا وعُرسا
وفي شهر آذار ينخفضُ البحر عن أرضنا المستطيلة مثل
حصانٍ على وترِ الجنس
في شهر آذار ينتفضُ الجنسُ في شجر الساحل العربي
وللموج أن يحبس الموج ، أن يتموّج،أن
يتزوّج ، أو يتضرّح بالقطن
أرجوك – سيّدتي الأرض – أن تسكنيني صهيلك
أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج والبندقية
أرجوك – سيدتي الأرض – أن تخصبي عمري المتمايل بين سؤالين: كيف وأين
وهذا ربيعي الطليعي
وهذا ربيعي النهائيّ
في شهر آذار زوّجتُ الأرضُ أشجارها.