محتويات
الحياة الزوجية
من المعروف أن تماسك المجتمع وقوته تبدأ من الأسرة، فهي البنية الأساسية للمجتمع، والتي تبدأ بالزواج المبني على تقوى الله ومخافته، وبالتالي ستصبح حياة أسرية يقوم كل من الزوجين فيها بدوره مراعيًا ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وبالتالي فالأسرة تتمتع بأهمية في ديننا الحنيف، واستقرارها أساس السعادة والاستمرار في الحياة وينعكس ذلك على المجتمع ككل، فالزوجين بالمودة والرحمة التي بينهما يستطيعان خوض صعوبات الحياة ويحققان أهدافهما من تربية الأبناء وتعليمهم ووضعهم على الطريق السليم، إذ ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز هذه العلاقة القوية بينهما، وسماها بالعلاقة الوثيقة، إذ يقول رب العزة: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[١]، وفي حقيقتها هي مساعٍ دنيوية يشترك فيها الزوجان ويجتمعان في مصلحة واحدة وهي النهوض بالأسرة والعيش الكريم، ومن أهم هذه المصالح هو نيل رضا الله تعالى وعدم الخروج عن الأحكام التي ذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولكن جميع ما ذُكر لا يعني بالضرورة أن تكون الحياة الزوجية مثالية لا تخلو من أيّ مشاكل، وخير دليل على ذلك الكم الهائل من حالات الطلاق التي سجلتها المحاكم الشرعية في عموم البلاد الإسلامية، فقد يكون أحدهما أو كلاهما لا يمتلك الخبرة الكافية في الحياة لكي يدير الحياة الزوجية بطريقة صحيحة، وقد يتعرض لمشاكل تخص أسرته أو عمله أو صحته وغيرها، وهنا تكمن البطولة للزوج أو الزوجة في إدارة مواقفٍ كهذه، والتحلي بالآداب والأخلاق التي تقوم عليها الحياة الزوجية، وهو ما سنتناوله في الفقرات القادمة بشيء من التفصيل.[٢]
آداب التعامل بين الزوجين
تعد الحقوق المتبادلة بين الزوجين هي أولى آداب التعامل بين الزوجين، بالإضافة لآداب تعامل يومي وأخلاقيات في حياتهما الزوجية، فمثلًا قد يعرف الزوج أن لزوجته عليه حق المعاشرة الجنسية، ولكنه لا يعرف أن ثمة آداب وأخلاقيات يجب أن يتحلى بها في هذا المقام، وفيما يأتي أهم هذه الآداب نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، وهي كالآتي:[٣][٤]
- آداب تعامل الزوجة مع زوجها: تتصف الزوجة التي تتحلى بالأخلاق وحسن المعاملة مع زوجها بالآتي:
- تتزين لزوجها وتتقرب منه لكسب محبته ومودته، وما يترتب على ذلك من آثار هامة على حياتهم الزوجية، فمن حسن آداب الزوجة في التعامل مع زوجها أن تدخل الفرحة والبهجة لقلبه بالمظهر الجميل، بالإضافة لما لهذا التزين من استمرار العلاقة الجنسية بينهما، لاسيما أن الكثير من الأزواج يتعرضون لفترات برود قد يكون عدم اهتمام المرأة بنفسها سببًا مهمًا فيها.
- التلفظ بألفاظ ملتزمة ومحببة للزوج، فالزوجة بعد فترة زواج بسيطة تبدأ باكتشاف زوجها ومعرفة ما يحبة وما ينفره، وبالتالي من حسن الأدب معه أن لا تتكلم بما لا يرضيه، وليس المقصود هنا أن تنجر الزوجة للتحدث بكلام منافٍ للأخلاق حتى وإن كان يرضيه.
- التزام الزوجة بالحياء، وكما هو معروف فالحياء شعبة من شعب الإيمان، أي يجب أن تشعره دائمًا بأنها تتصف بالحياء وتبتعد عن القباحة من الشتم والصراخ والتطاول على الآخرين.
- الابتعاد عن تحميل الزوج ما لا يطيق، فمن حسن أدب الزوجة لزوجها تحملها معه ظروف الحياة الصعبة، وتشعره بأن ما يتعرض له من مشاكل لا تخصه وحده، بل هي أمور مشتركة تحتاج للتحاور والنقاش لايجاد الحلول لها.
- آداب تعامل الزوج مع زوجته: حتى تكتمل العلاقة الزوجية يجب أن يؤدي كل الزوجين دوره على أكمل وجه، فكما هو مطلوب من الزوجة أن تتعامل مع زوجها بحسن الخلق فهو أيضًا لا بد أن يعاملها بالمثل، وهي كالآتي :
- التماس الأعذار، فمن آداب تعامل الزوج لزوجته أن يلتمس لها الأعذار وينصحها ولا يحملها من الأمر ما لا تطيق؛ وذلك لأن الله تعالى خلق للأنثى مشاعر وعاطفة تجاه أبنائها وأسرتها ككيان يختلف عن الرجل.
- التحاور معها، من حسن آداب تعامل الزوج مع زوجته أن يحاورها ويناقشها في أمور حياتهم وأسرتهم فلا ينفرد بذلك بعيدًا عنها، وهو بذلك يحقق هدفين: الأول مساعدته في حلّ أي مشكلة تتعرض لها أسرتهم، والثانية منحها قيمة وشعورًا بالاحترام كأهم كيان في أسرتهم.
- الهدايا، من حسن آداب تعامل الزوج مع زوجته أن يقدم لها الهدايا بغض النظر عن قيمتها، الأمر الذي يشعرها بقيمتها في الحياة الزوجية.
- الاهتمام بالمظهر والنظافة، إذ لا يقتصر الاهتمام بالمظهر على الزوجة فحسب، وإنما أيضًا على الزوج، إذ يجب أن يهتم بهذا الأمر كأحد أهم آداب التعامل مع زوجته، وبالتالي سيشعرها بأهميتها في حياته كأنثى يرغب بالتقرب منها.
الحقوق الزوجية
كما للزوج حقوق على زوجته فإن للزوجة حقوق على زوجها، فحقوق الزوج على زوجته سببًا هامًا في استقرار الحياة الزوجية، وللأسف بعض الزوجات تجهل هذه الحقوق، فطاعتها له أمرًا واجبًا إذا لم تكن في أمور تتنافى مع الأحكام الشرعية، ففي حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: يا رسول الله، أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: أمه] [٥]، وفي الأثر الإسلامي جاء بأن طاعة الزوجة هي بمرتبة الجهاد في سبيل الله، أما خروجها من بيتها فهو واجب أيضًا، فلا بد من استئذان الزوج حتى عند الخروج للعبادة وطلب العلم، وفي حالة كانت تريد معرفة الأحكام الشرعية الواجبة عليها وزوجها لا يكفيها بذلك فلها الحق في الخروج دون إذنه، وأخيرًا يجب على الزوجة أن تتزين لزوجها من باب إبقاء علاقتهما الجنسية في أفضل حال، فهي بذلك تبعده عن معصية الله وغض البصر، أما حقوق الزوجة على الزوج فتبدأ بحسن المعاشرة والأخذ بيدها لتعرف أمور دينها وأحكامه، وأن يكون عادلًا في حال كان له أكثر من زوجة، كما أن للزوجة حق في أن يتزين زوجها لها كما تتزين له، وأن يعفها بعدم الوقوع في الزنا، أي يلبي مطلباتها الجنسية بما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأخيرًا لزوجة حق النفقة والكسوة والمسكن على زوجها، فهذا حق لها بإجماع علماء الأمة الإسلامية.[٦][٧]
أهمية الالتزام بالآداب بين الزوجين
ترفع علاقة الاحترام المتبادلة بين الزوجين شأن كل منهما بنظر الآخر، فالزوجة تفتخر بتعامل زوجها المؤدب معها وحبه لها، والعكس صحيح فالزوج يفتخر بذلك أيضًا، مما يعزز سعادة الأسرة وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع وسعادته، فأي أسرة تفتقد للاحترام بين الزوجين وتفتقد حسن التعامل فإنه سينعكس ذلك بالضرورة على الأبناء عاجلًا أم آجلًا، فالابن سيعامل زوجته كما عامل والده أمه وكذلك الابنة، وقد يصابوا الأطفال بالعقد والأزمات النفسية نتيجة لوجود خلاف أساسه قلة احترام والديهما لبعضهما البعض.[٤]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 21.
- ↑ صالح بن عبد الله بن حميد (24-1-2012)، "آداب المعاملات بين الزوجين"، khutabaa، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "آداب الزوجين"، almaaref، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد الشخشير (19-9-2019)، "آداب التعامل بين الزوجين"، wikiarab، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 314، إسناده حسن.
- ↑ "نصائح ثمينة في فن التعامل بين الأزواج"، islamweb، 26-12-2006، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد فقهاء (12-7-2012)، "حقوق الزوجة على زوجها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.