ثقافة الحوار بين الزوجين

ثقافة الحوار بين الزوجين
ثقافة الحوار بين الزوجين

الحياة الزوجية في الإسلام

ترتبط الحياة الزوجية في ديننا الحنيف بالزواج الشرعي كأول خطوة فيها، والذي يُعقد بالقبول والرضى وفق أحكام الزواج التي فصلتها الشريعة الإسلامية السمحاء، وهي في حقيقتها رابطة تنشأ على المودة والاحترام المتبادلين وعلى نية الاستمرار بما يرضى الله سبحانه وتعالى، وفيها حقوق للرجل وللمرأة على حدِّ سواء، فإعطاء كلاهما هذه الحقوق للطرف الآخر سيتبعه بالتأكيد السعادة والاستقرار في حياتهما الزوجية، فيكوّنان الأسرة القائمة على هذه القيم العظيمة، وبالتالي سيتشكل المجتمع الإسلامي كما أراده الله تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}[١]، كما أن الحياة الزوجية يجب أن تكون سببًا في تحقيق السكينة والمودة بين الزوجين، إذ يقول الله تعالى: {من آياته أَن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [٢]، وما لهذه السكينة من أهمية في استقرار كلا الزوجين في بيوتهم وأعمالهم وزيادة إنتاجيتهم وكفاءتهم في جميع المجالات، إذ تشير الدراسات الاجتماعية الميدانية بأن نسبة كبيرة ممن يفشلون في أعمالهم وعلاقاتهم مع الآخرين ما هو إلا نتاج لحياة زوجية المليئة بالمشاكل وعدم الاستقرار، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الحياة الزوجية أمرها كأي علاقة اجتماعية، فلا توجد حياة زوجية مثالية لاسيما في ظل التغيرات الكبيرة التي حدثت للمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، إذ لا بد من مرورها بتغيرات وتطورات نتيجة للعديد من العوامل لا مجال لذكرها في هذا المقال، فتمر الحياة الزوجية بفترات برودٍ أو روتين أو ضغوطات نفسية ومشاكل في تربية الأولاد، فهذه الأسباب من شأنها التأثير على الأساس الذي تقوم عليه هذه الحياة، فقد نبهوا علماء الاجتماع من توجه الحياة الزوجية نحو الدمار لأسباب قد تكون بدايتها أشبه بالطبيعية، ولكن لمجرد المصارحة والحوار البنّاء بين الزوجين قد تنتهي هذه المشاكل بلحظات، وهو ما سنركز عليه في الفقرات اللاحقة للمقال [٣][٤].


الحوار بين الزوجين وأهميته

يعد الحوار بين الزوجين من ضروريات الاستقرار في الحياة الزوجية، فهو يشمل العديد من القضايا التي لا بد للأزواج من مناقشتها وتبادل الآراء فيها للوصول إلى اتفاق للقضايا التي يواجهونها يوميًا؛ إما فيما يتعلق بعلاقتهما الجنسية أو بتربية الأولاد أو بعلاقاتهم الاجتماعية وغيرها الكثير من القضايا الحياتية التي تتجه للتعقيد مع التقدم في عمر الحياة الزوجية، وكلما اتجه الزوجان للحوار ومتابعة القضايا سيؤدي ذلك إلى التخفيف من أي مشاكل قد تطرأ حاضرًا ومستقبلًا، وثقافة الحوار إما أن يكون أساسها التربية في البيت قبل الزواج كأسلوب اعتادوا عليه وقلدوا فيه آبائهم وأمهاتهم، أو أنهما وجدا أن الحوار فيما بينهم مع الوقت والخبرة هو سبب في تفادي العديد من المشاكل وبالتالي أصبح من ضمن سلوكهم اليومي المكتسب، فالحوار يجب أن يتصف بالسمو والرقي في اختيار الألفاظ والمواضيع، ولا يكون مجرد محادثة أو دردشة لا قيمة لها، فمثلًا تبادل اللوم بين الزوجين وتحميل كل منها مسؤولية المشاكل على للآخر لا يعد حوارًا، وإنما توجد ضوابط للحوار، كأن توجد قضية واضحة المعالم يتبادلها الزوجان، وأن تكون هذه القضية لها علاقة مباشرة فيما يخصهم أو يخص عائلتهم، أما وجود ثقافة الحوار بين الزوجين ستزيد من الألفة والمحبة فيما بينهما، ويصبح التفاهم بينهم بأعلى درجاته، فيرتقي الأمر بينهم ليصبح كما يسمونه بالتوأمة الفكرية، فيصبح كل من الزوج أو الزوجة ملبيًا لمتطلبات الآخر دون جهد وعناء أو أن يضطر لافتعال مشكلة لحلّ قضية ما في بيته [٥].


فن وثقافة الحوار بين الزوجين

من المعروف أن الحوار ليس فقط بين الأزواج وإنما على جميع الأصعده، فهو فن له ضوابط وأساليب يجب أخذها بعين الاعتبار لطرفي الحوار، أما فيما يتعلق بالزوجين فإن فنون الحوار بينهما أمر يحتاج لمراعاة ما يلي:[٦]

  • يجب أن يُبنى الحوار بين الزوجين على الإنصات الجيد كونه يعد من أهم أسباب نجاح الحوار وبالتالي تحقيق المراد منه، إذ يفتقد العديد من الناس عمومًا للإنصات ويحاول دائمًا الحديث دون اعتبار لما يقوله الشخص المقابل، كما أن الإنصات لا سيما بين الأزواج سيعطي المزيد من احترام الطرف للطرف الآخر، وأن كلامه الموجه هو مصدر احترام وثقة على حدّ سواء.
  • يجب أن تتصف أجواء الحوار بالهدوء والابتعاد عن الصراخ أو الغوغائية، فكلما كانت الأجواء هادئة في الحوار سيستطيع كل منهما إيصال رسالته بصورة أفضل وأكثر إقناعًا.
  • يجب أن يبتعد كلا الزوجين عن تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات، فإن ذلك من شانه إثارة حفيظة الشخص الموجه له الاتهام.
  • يبتعد كلا الزوجين عن بث معاني التهديد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، الأمر الذي قد يُفشل الحوار من بدايته، وربما لأكثر من ذلك.
  • تجنب تهميش أهمية رأي الزوج لزوجته والعكس، إذ أن هذا الأسلوب سيقلل من شأن الطرف المهمش واحترامه، ومن الجدير ذكره أن تصرفًا كهذا قد تكون نتائجه سلبية كبيرة في حال حدث أمام الأولاد، مما يدعوهم لتبنيه واعتباره أمرًا عاديًا.
  • التوجه دائمًا إلى أقناع الزوج لزوجته أو العكس بالحجة المنطقية الخالية من المغالطات، أي أنه لا يجوز أن ينتهي الحوار بالإقناع المبنى على حجج لا أصل لها من الصحة، فيجب المصارحه بالمعلومات الصحيحة وإن كانت مزعجة.


أهم قضايا الحوار بين الزوجين

من المفترض أن تكون هناك لغة حوارٍ بين الزوجين، بمعنى أن ما تواجههم من مشاكل على جميع الأصعدة هي المصدر الرئيسي لمواضيع الحوار بينهم، وفيما يأتي أهم هذه القضايا: [٧]:

  • الحوار بين الزوجين عن القضايا الشخصية لكل منهما، فالزوج يتحدث عن نفسه وأفكاره وتوجهاته وكذلك الأمر للزوجة، إذ أن هذا الحديث سيؤدي إلى المزيد من التفاهم وتعرف الزوجين على بعضهما البعض أكثر.
  • الحوار بين الزوجين حول ما يخططان له، وما هي أهم القرارات التي تخص أسرتهم، ولا بد من التنويه إلى أن الزوج قد يتملك خبرة أفضل من خبرة زوجته في مجال ما، وكذلك الزوجة فإن لها خبرة أفضل من الرجل في مجالات أخرى، فاتخاذ القرارت والتشارك في التخطيط المستقبلي لحياتهم ستكون له ايجابيات حالية ومستقبلية، فالإنفراد في أي من هذه القرارت قد يؤدي إلى مشاكل صعبة لا سيما في حال فشل ما يترتب عليها.
  • الحوار بين الزوجين فيما يتعلق بدقائق الأمور المتعلقة بأولادهم؛ من اختيار المدرسة، وكيفية التعامل معهم في مراحل عمرهم المختلفة، أي أن هذا الحوار يتعلق مباشرة بالعملية التربوية لأبنائهم.
  • الحوار بين الزوجين فيما يتعلق بخصوصية علاقتهم، فظهور أي مشكلة تتعلق بفتور العلاقة الجنسية التي كانت في الأصل طبيعية لا بد لها من أسباب، فسكوت الزوج أو الزوجة وعدم فتح باب الحوار الذي يضع حقيقة المشكلة كما هي سيؤدي إلى تفاقمها، وبالتالي فإن الحوار بهذه القضية مهم لتجديد الحياة الجنسية للزوجين.


المراجع

  1. سورة النحل، آية: 72.
  2. سورة الروم، آية: 21.
  3. "العلاقات الزوجية الإسلامية"، muhammad، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  4. لميس سامي (19-3-2018)، "متى تكون الحياة الزوجية في خطر؟"، sayidaty، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  5. هـشـام بن أحـمـد آل طعـيمة، "فن إدارة الحوار .. وأهميته في حياتنا الزوجية !!.."، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  6. "أساليب الحوار الناجح بين الزوجين "، hiamag، 19-3-2018، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  7. عامر العبود، "أهمية الحوار بين الزوجين وطرق تعزيز الحوار الزوجي"، hellooha، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

561 مشاهدة