محتويات
مالية الجماعات المحلية
إن مالية الجماعات المحلية هي أحد العناصر التي تبين وبشكل حقيقي التطورات التي طرأت على المجتمعات الحديثة، وهي عنصر أولي لقياس ما إذا كان مسار الإصلاح للنظام اللامركزي ناجحًا أم لا، على اعتبارها جزءًا لا يتجزأ من المالية العامة، والمالية المحلية تتعدى حدود الإطار التقليدي للمالية العامة، والتي تشكل المخرج المشترك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للدول جميعها؛ وذلك يرجع لوجودها في مجموعة من العلاقات المعقدة.
ويعرف مفهوم مالية الجماعات المحلية بأنه استقلالية الهيئات المحلية التي تسير شؤون إقليم ما من الناحية المالية بشكل محدود، إذ تبقى ضمن وصاية السلطات والإدارة المركزية ورقابتها، ومع إمكانية تدخل السلطات المركزية ببعض قراراتها كتوزيع الضريبة المحلية وتشديد الرقابة والإشراف على صرف الأموال، كونها الممول الأول لهذا الجماعات المحلية.[١]
صور التمویل المركزي لمشاریع التنمیة المحلیة
یتجسد التمویل المركزي لمشاریع التنمیة المحلیة أساسًا في مخططات وبرامج التنمیة، وهي على النحو الآتي:[٢]
- مخططات وبرامج التنمیة: تستفید الجماعات المحلية من مخططات والبرامج التنموية الحكومية، إلّا أن هذه البرامج توضع تحت الوصایة المباشرة للإدارة المركزية؛ من قِبل ممثل عنها، الذي يشرف بدوره على تمويل البرامج وتسييرها، وبالطبع يكون تنفيذ هذه البرامج تنفيذًا علنيًّا يتطرّف الهيئات والجماعات المحلية حتى دون الأخذ بمشورتهم وآرائهم، بمعنى آخر أن هذه الجماعات تُقصى عن طاولة الحوار أو التأثير.
- المخطط البلدي للتنمیة: يستهدف هذا المخطط المشاريع التي تخص الهيئات المحلية في مجالات الزراعة والتجهيزات التي تلبي احتياجات المواطنين، وهو أقرب لتجسيد النظام اللامركزي، إذ إنّ التمويل يذهب مباشرة للجماعات المحلية لتنفيذ المشاريع، لكن بوجود رقابة، مع إمكانية الممثل عن الحكومة رفض المشاريع التي أقرها مجلس الجماعات أو الهيئات المحلية بناءً على غلافها المادي وحجمه.
- المخطط القطاعي للتنمية: تدخل ضمنه استثمارات الإقليم والهيئات والمديريات العامة وما يكون وصيًا عليها من ممثلين ومؤسسات، أما تمويلها فيكون من خلال خزينة الدولة، التي تُعطَى للجماعات المالية المحلية لتنفيذها، وقد حُدّدت نسبة معينة من المال لا يجب أن يتجاوزها حجم هذه المشاريع.
- المخطط الوطني المرفق: هي مخططات تفيد الجماعات المحلية خاصةً والدولة عامّةً، مثل برامج الإنعاش الاقتصادي والصناديق الخاصة، وقد مُوّلت هذه المشاريع من خزينة الدولة، ونُفّذت على الجماعات المحلية.
- الإعانات المخصصة: اهي عبارة عن اعتمادات ومبالغ مالیة تخصص لمساعدة ومساندة فئات اجتماعیة معینة، كتلك الموجهة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد تكون هذه الإعانات موجهة لإنجاز برامج معینة، وهي بخلاف للإعانات المخصصة للاستثمارت المحلیة تُحَدّد فيها حجم المشاريع الممولة والمراد تنفيذها، إذ ترصد هذا التمويل من خزینة الدولة، وهذه الإعلانات وسيلة تضمن بها الإدارة المركزية تنفيذ المشاريع ذات الأولوية، نظرًا لفائدتها على التنمية الشاملة.[٣]
مجالات الوصاية الإدارية
تشمل الرقابة التي تمارسها السلطة الوصاية على الجماعات المحلية مجالين أحدهما مباشر والذي يتجسد في مبدأ إقرار توازن الميزانية وإلزامية تسجيل النفقات الملزمة، وآخر غير مباشر ولا يقل أهمية عن الأول، والذي يتجسد في الإمدادات العمومية والقروض المحلية:[٣]
- المجالات المباشرة:
- مبدأ توازن الميزانية: إن مغزى مراقبة الميزانية هو الإبقاء على ميزانية متوازنة للجماعات المحلية، مهما كانت التحديات والظروف السياسية والمالية التي تحيط بها، مع العلم أن هذا التوازن يجب أن يكون مترجمًا على أرض الواقع ترجمةً حقيقية، ويعدّ توازن الميزانية من أهم المبادئ التي تتمحور حوله المالية المحلية، ولهذا المبدأ مسوغاته، فعدم توازن الميزانية المحلية قد تكون له آثار سلبية تنعكس على المستوى الوطن، كما أنه يمكن أن يؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة، أما عند وجود قرار حق إقرار توازن الميزانية الجماعية؛ فإن سلطة الوصاية تحصل على تأثير كبير في المالية المحلية؛ ذلك أن المشاكل التي تنتج في مراحل توازن الميزانية تستدعي تدخلًا مباشرًا للسلطات المركزية لاتخاذ التدابيراللازمة للتحكم في مجريات الوضعية المالية للجماعة، ويتمثل تأثير سلطة الوصاية فيما تجريه من عملية التأطير السنوي للسياسة المالية المحلية من خلال مجموعة من الدوريات التي تُوضَّح سنويًا.
- النفقات الملزمة: تمتاز النفقات الملزمة والتي تسمى أيضًا بالنفقات الإجبارية في التشريع بتنوع مجالاتها، كذلك الأمر بالأهمية التي تمثلها على المستويات المالية للجماعات، فهذه النفقات ترتبط بالأعمال الروتينية العادية للجماعات كنفقات صيانة مقر الجماعة ودفع أجور العاملين، والنفقات الخاصة بالصحة والتأمين وصيانة الممتلكات العامة وتعبيد الشوارع، بالإضافة إلى نفقات الديون المترتبة على الجماعة؛ والتي تمثل الجزء الأكبر من نفقات الجماعة، فتجد بعض الجماعات المالية المحلية نفسها ملزمة بالتضحية والاستغناء عن بعض المشاريع والبرامج الاجتماعية والاقتصادية لسد مصاريف تجهيزاتها، وهذا ما يؤثر سلبًا على الميزانية المقررة للجماعة.
- المجالات غير المباشرة:
- الإمدادات العمومية: مهما كان حجم الموارد الماية الذاتية للجماعات المحلية، وعلى الرغم من أهميتها الكبيرة للجماعات، إلّا أنه يكاد يكون مجمعًا عليه حاجة الأنظمة المحلية في هذا العصر للتمويل الخارجي، وإن تفاوتت نسب الاعتماد عليه من نظام لآخر، ويمكن أن تحتوي في حالات نادرة على نسبة ساحقة ضمن نسب الإيرادات المحلية، ويفضل بعض المحللين الاقتصاديين هذا النوع من التمويل كونه يمتاز بالاستقرار ويساعد في دعم نشاطات التنمية الشاملة في الإقليم والوطن.
- القروض المحلية: تمثل القروض المحلية إحدى أشكال الرقابة غير المباشرة التي تمارسها سلطة الوصاية على المستويات المحلية، ذلك أن صور التمويل الخارجي لهذه الجماعات وُضعت تحت التأثير المباشر للهيئات المكلفة بإعطاء هذا النوع من التمويل، فعلى مستوى هذه الهيئات المكلفة بالاقتراض المحلي؛ فإن الجماعات المحلية تؤكد احتكار مؤسسة وحيدة لهذه المهمة، مما جعلها تؤثر على القرارات التنفيذية لهذه الجماعات.
المراجع
- ↑ "مالية الجماعات المحلية وعوائق الاستثمار والتنمية"، مغرس، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
- ↑ "مالية الجماعات المحلية"، scribd، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
- ^ أ ب امل المرشدي (5-7-2016)، "بحث مفصل عن ميزانية و مالية الجماعات المحلية في الجزائر"، محاماه نت، اطّلع عليه بتاريخ 14-3-2019.