محتويات
القانون التجاري
القانون التجاري هو مجموعة الأسس القانونية التي تنفذ عبر الأعمال التجارية وتنظم نشاطاتها، كما أن القانون التجاري يحدد شكل العلاقات التي قد تنشأ نتيجة القيام بأعمال تجارية معينة، وتشمل كلمة التجارة من الجهة القانونية معنى أكثر بعدًا منه في الجهة الاقتصادية، إذ يقصد بها في علم الاقتصاد كل ما يتعلق بتداول وتوزيع الثروات، أما قانونيًا فتشمل بالإضافة إلى التداول وتوزيع الثروات العمليات الإنتاجية والاعتمادية في المصانع وما يترتب عليها[١].
نشأة القانون التجاري
نشأت القوانين التجارية منذ قديم الزمان عند شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط والمصريين القدماء وحضارات ما بين النهرين، حيث كان الإقراض والتعامل في مجالات الفوائد شائعًا، فاستخدموا الصكوك وكتبوا الاتفاقيات فيما بينهم، ومن أهم الصور التي تبين هذه القانونين التجارية ما وجد من القواعد في مجموعة حامورابي في عهد البابليين قبل حوالي ألف سنة من ولادة المسيح، فوجد منها ما يتعلق بعقود الشراكة وعقود القروض، وبرز في جانب التجارة البحرية الإغريق الذين اشتهروا بها في العصور القديمة، إذ اهتموا بوضع الأسس الملمة بالتجارة البحرية، تاركين خلفهم إرثًا مهمًا في القانون التجاري.
أما عن دور الرومان في المجالات التجارية فكانت البداية منذ القرن الرابع الميلادي، إذ ظهرت أنظمة جديدة في مجال التجارة كالمصارف وإمساك الدفاتر التجارية، وذلك بسبب اتساع رقعة الإمبراطورية، إذ ضمت أجزاء كبيرة من أوروبا وشمال إفريقيا وبعض أجزاء آسيا، وظهرت فيها حركات تقنين كثيرة ذات مفوم واسع لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوق والواجبات، غير أن هذه الحركات التقنينية لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغم ظهور الكثير من المعاملات التجارية في تلك الفترة، كذلك ظهرت أشكال لأعمال تجارية جديدة[٢].
نطاق القانون التجاري
اختلف الكثير من الاقتصاديين في تحديد مجال القانون التجاري، وكان هذا الاختلاف نتيجة الانتماء لإحدى النظريتين دون الأخرى، وهما[٣]:
- النظرية الموضوعية: أساس هذه النظرية أن القانون التجاري تحدد أركانه بالأعمال التجارية، وتُطبَّق قراراته وأحكامه على الأعمال التجارية دون ارتباط الأفراد القائمين بها سواءً كانوا محترفين في التجارة أم لا، وقد يقوم بهذا العمل الأشخاص مرةً واحدةً وقد يستمرون به، فإذا استمر الفرد في مزاولة هذا النشاط لنيل الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، وهي صفة لا يعترف بها القانون حسب مفهوم هذه النظرية، إلا لكي يخضع التاجر لالتزامات محددة، كالخضوع للضرائب التجارية، والقيد في السجل التجاري.
- النظرية الشخصية: ترمي هذه النظرية إلى أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدًا شخصيًا، إذ إن أصله القانون المهني، وينظم النشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقًا لهذه النظرية يجب أن تتحدّد مجموعة المهن التجارية على سبيل الحصر، إذ يَعدّ القانون كل من احترف مهنةً تجاريةً تاجرًا، يخضع في نشاطه للقانون التجاري، وعلى ذلك فإن عنصر الاحتراف في مفهوم هذه النظرية يُعد المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري، منطلقين من أن أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية.
مصادر القانون التجاري
يستمد القانون التجاري أساسه من المنابع التي ارتوى منها من عدة مصادر، وهي[٣]:
- التشريع: التشريع هو الأساس الأول بين جميع المصادر الذي يستمد منه القانون التجاري قواعده، وعليه يستند القضاة والمراجعون والتجار، والتشريع على نوعين: التشريع التجاري والتشريع المدني.
- الشريعة الإسلامية: إن مبادئ الشريعة الإسلامية هي إحدى المصادر المهمة التي يستند عليها القانون التجاري، من خلال الرجوع إلى نصوص الشريعة الإسلامية والمقصود بها من القواعد المستقاة من القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد.
- العرف: العرف التجاري هو ما اعتاد عليه التجار من تصرفات والتزامات مألوفة وقواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية لتصبح لهذه القواعد قوة إلزامية للتجار فيما بينهم، شأنها شأن النصوص القانونية.
- القضاء: وهو مجموعة الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم في القضايا التي عرضت عليها لما فيها من حجج وبراهين وأدلة، وما يترتب عليها من سوابق قضائية تمثل أحكامًا تصدر في مسائل قانونية جديدة.
- الفقه: يقصد به مجموعة آراء أصحاب الحل والربط في هذا الركن من القانون بشأن تفسيرات مواده، فالفقهاء يستنتجون الأحكام القانونية من مصادرها بالطرق التحليلية السليمة والصحيحة نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من فروع القانون.
علاقة القانون التجاري بعلم الاقتصاد
يبحث الاقتصاد بإشباع الرغبات والمتطلبات الإنسانية من خلال الموارد المتاحة والثروات، والقانون التجاري ينظم أساليب وطرق الحصول على هذه المتطلبات وتحقيقها، وهذا ما يجعل القانون التجاري متصلًا اتصالًا وثيقًا مع الاقتصاد، فالمكنونات المادية وغير المادية التي يقوم الاقتصادي بدراسة وسائل وطرق إنتاجها وتداولها وتوزيعها واستهلاكها، أما رجل القانون فيهتم ببيان أفضل نظام لسير هذه الوسائل من الناحية القانونية والقضائية والاتفاقية.
إن العلاقة بين القانون التجاري وعلم الاقتصاد علاقة طردية، فازدياد حجم النشاط الاقتصادي واتساعه أدى إلى تكوين صورة جديدة للقواعد القانونية في المجال التجاري، مثل هذه القواعد يمكن ملاحظتها بعقود النقل والتأمين ومعاملات البنوك وغيرها[١].
علاقة القانون التجاري بالقانون الدولي
يُنظم القانون الدولي العلاقات التجارية الدولية والعلاقات الخارجية، إذ ينظم التعاملات التي تنشأ بين أفراد الدول المختلفة في معاملات التصدير والاستيراد، وكذلك يضبط التبادل التجاري بين رعايا الدول المختلفة ومبادئ القانون التجاري، ونظرًا لكبر حجم العلاقات التجارية الدولية الناتجة عن سهولة وسائل النقل وانتشارها، نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد القانون التجاري نظرًا لاختلاف القواعد الداخلية لكل دولة[١].
المراجع
- ^ أ ب ت "القانون التجاري"، المعرفة، 28-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 11-4-2019.
- ↑ "نشأة القانون التجاري وتطوره التاريخي"، المرجع الالكتروني للمعلوماتية، اطّلع عليه بتاريخ 11-4-2019.
- ^ أ ب "تعريف القانون التجاري مع توضيح أهم خصائصه"، جامعة بابل- كلية القانون، اطّلع عليه بتاريخ 11-4-2019.