محتويات
الجمهورية العربية السورية
تقع الجمهورية العربية السورية التي كانت قديمًا حاضرة الخلافة الإسلامية في العصر الأموي، في الجانب الغربي من قارة آسيا، في موقع إستراتيجي متميز يتوسط قارات ثلاثة، وهي: آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، ويحدها من الشرق الجمهورية العراقية، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، والجمهورية اللبنانية، ومن الشمال تركيا، أما من الجنوب فتحدها المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة فلسطين.
وتبلغ المساحة الكلية للجمهورية العربية السورية 185.180 كم مربع، يسكنها قرابة واحد وعشرين مليون نسمة، وذلك حسب التقديرات الإحصائية للعام (2010) للميلاد، ولكن هذا العدد تناقص تدريجيًّا مع اندلاع شرارة الثورة السورية، ليصبح بحلول العام 2018م حوالي (18.28) مليون نسمة موزعين عرقيًّا بين العرب، والأكراد، والأرمن، وأقليات بسيطة أخرى، أغلبهم من المسلمين، في حين يشكل المسيحيون من مجموع السكان حوالي (10%)، بينما يشكل الدروز ما نسبته (3%) من مجموع الكلي للسكان.[١]
أين توجد درعا
تعد محافظة درعا السورية من أقدم المدن في الوطن العربي، فهي العاصمة التاريخية لإقليم حوران الذي يضم الآن محافظات درعا، والسويداء، والقنيطرة التي ما زال جزء منها يرزح تحت وطأة الاحتلال الصهيوني إلى يومنا هذا، وقد عُرِفت قبل الإسلام باسم (أذرعي)، ومعناه: (قوة أو حصن)، بينما صارت تعرف في التراث العربي الإسلامي بعد ذلك باسم (أذرعات)، في حين يطلق عليها العوام الآن اسم درعا.
تقع مدينة درعا التي تعدّ بوابة جنوبية للدولة في الجنوب الغربي من الجمهورية العربية السورية، على بعد مئة كيلو متر إلى جنوب العاصمة دمشق، على مساحة تقدر بـين (3.730) إلى (4000) كم مربع، يسكنها حوالي (1.5) مليون نسمة، يسكن أغلبهم في ريف المحافظة، ويعتمدون على الزراعة، بينما يقطن المدينة نحو نصف مليون نسمة فقط، وتحدها من الجهة الجنوبية المملكة الأردنية الهاشمية، ومن الغرب محافظة القنيطرة، أما من الشرق فتحدها محافظة السويداء، بينما تحدها من الشمال محافظة دمشق.[٢]
الثروات الطبيعية لدرعا
تعد سوريا من الدول الغنية بالموارد الطبيعية؛ ففيها النفط، والفوسفات، والغاز، والملح الصخري، والحديد الخام، والرخام، والأسفلت، بالإضافة إلى عدد من الموارد التي تُستخدم كمواد أولية في الصناعة، وأعمال البناء، كالغضار، والرمل، والصخر الكلسي والبازلتي، والنحاس، واليورانيوم، والكبريت، وغيرها.
فيما يعد كل من الغاز والنفط من أهم موارد سوريا الطبيعية، إذ كان يبلغ إنتاجها من النفط قبل اندلاع الثورة السورية في العام (2011 م) حوالي (380) ألف برميل يوميًّا، أما الاحتياطي السوري من الغاز، فيعد الأكبر في المنطقة؛ إذ يقدّر احتياط الغاز السوري بحوالي (28.5) بليون متر مكعب، وهذا سيجعلها في المستقبل كما تشير الدراسات ثالث بلد في تصدير الغاز على مستوى العالم في حال استخراجه.[٣]
الثروة المائية في درعا
سوريا دولة غنية بمواردها المائية، إذ يمر فيها نهران رئيسان، وهما نهر الفرات الذي ينبع من تركيا، ونهر العاصي الذي ينبع من لبنان، ثم نهر دجلة الذي يمر جري في القامشيلي بامتداد يبلغ طوله خمسين كيلو متر، بالإضافة إلى عدد من الأنهار الجبلية والداخلية.
وسوريا غنية أيضًا بالمياه الجوفية التي تقدر بحوالي (7058) مليون متر مكعب، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن كمية المياه الجوفية في سوريا لا يتجاوز(5025 مليون متر مكعب)، كما تكثر فيها السدود، وتنتشر البحيرات الطبيعية، مثل: بحيرة قطينة، وبحيرة زرزر، وبحيرة مسعدة الواقعة في هضبة الجولان المحتل، والبحيرات الاصطناعية، مثل: بحيرة الأسد، والبحيرات السبع القريبة من اللاذقية، وبحيرة الرستن.
التقسيم الإداري لدرعا
فيما يتعلق بالتقسيم الإداري للدولة، تتكون الجمهورية من أربع عشرة محافظة سورية مقسمة إلى وحدات إدارية تسمى المناطق، والمناطق بدورها مقسمة لوحدات إدارية أصغر تسمى النواحي، بينما تقسم النواحي إلى القرى، والبلدات، والمزارع، وهذه المحافظات هي؛ دمشق العاصمة، وحمص، وحلب الشهباء، وحماة التي تشتهر بنواعيرها، واللاذقية، ودير الزور، ومحافظة السويداء، والرقة، والحسكة، وريف دمشق، وإدلب، وطرطوس، والقنيطرة، ومحافظة درعا التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية الأولى.[٤]
الحضارات المتعاقبة على درعا
تعاقبت في درعا حضارات كثيرة في أزمنة مديدة عديدة، منها:[٥]
- الحضارة الآمورية: كان أول ظهور للحضارة الآمورية في محافظة حوران سابقًا في عصر سرجون سنة 2250 قبل الميلاد، وقد جعلها الملك عوج ملك باشان الذي جعل عاصمة له.
- الحضارة الكنعانية: الكنعانيون اسم يطلق على قوم من أصول سامية، كانوا يسكنون المناطق الساحلية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في كل من فلسطين ولبنان وسوريا، في أواخر القرن العشرين قبل الميلاد، وتوسعوا حتى سكنوا المدن، وأقاموا القلاع والحصون والأبراج.
- الحضارة الآرامية: استطاع الآموريون إقامة مملكتهم في دمشق، وكان ذلك في أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد، فامتد نفوذهم، وبلغت سيطرتهم بشكل فعلي ضفاف نهر اليرموك وحوران التي كان يطلق عليها في ذلك العهد اسم باشان سنة (1000) قبل الميلاد، ومن ملوكهم الملك بن حدد الأول الذي حرر حوران من العبرانيين.
- الحضارة الآشورية: عندما حكم الآشوريون بلاد الشام، وأصبحت حوران جزءًا تابعًا للإمبراطورية الآشــورية، ثم شملتها الولاية الكلدانية، وبعدها صارت جزءًا من الولاية الفارسية الخامسة في عهد قورش، ثم أصبحت جزءًا من إمبراطورية الإسكندر الأكبر بعد معركـة ايسوس التي حدثت بين الفرس واليونان سنة (333) قبل الميلاد، وأصبحت حوران جزءًا من الإمبراطورية اليونانية.
- حضارة الأنباط: تصدى الأنباط لليونانيين مرتين: مرة في معركة أمتان شرق مدينة بصرى، وأخرى على حدود غزة، لتتحول الطريق التجارية لهم صوب حوران التي انطلقوا منها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وآسيا، وقد كانت درعا في ذلك العهد تشكل مركزًا تجاريًا في غاية الأهمية.
- الحضارة الرومانية: استطاع الرومانيون إنهاء حكم الأنباط تحت إمرة القائد كارلينوس بالما، وعندها ضم حوران إلى المقاطعة العربية، وجعلوها درعًا يحمي حدودهم الجنوبية، والجنوبية الشرقية من هجمات عرب الجزيرة، وغزو الفرس في الشرق، والبطالمة في مصر.
- الحضارة الإسلامية: في العصر الإسلامي ناصرت حوران الأمويين، فحاربت العباسيين تحت لواء حبيب بن مرة المري إلى أن انهزمت أمام الجيش العباسي، لتخضع حوران بعدها للسلطة العباسية، إذ بقيت حوران، وبالتحديد بصرى ودرعا طريقًا للقوافل التجارية والحجاج حتى نهاية العصر العباسي، وفي عهد المماليك تعرضت الدولة الإسلامية للغزو المغولي الغاشم الذي أحرق ودمر كل شيء يعترض طريقه، فخضعت حوران لحكمهم سنة (1350) ميلاديًا، إلى أن دُحر الجيش المغولي أمام جيش الظاهر بيبرس، ليستمر حكم المماليك في كل من مصر، وبلاد الشام إلى حين ظهور الدولة العثمانية التي قسمت حوران إلى ست ولايات، وهي: ولاية جبل حوران، ومركزها بصرى، وولاية سهل بثينة، وحاضرتها درعا، بالإضافة إلى ولاية عجلون، والجولان، والجيدور، وإزرع.
المعالم الأثرية في درعا
jوجد في درعا آثار عديدة مهمة، من أبرزها آثار بصرى الشهيرة، غير أنه توجد آثار فيها لا تقل من حيث القدم، والأهمية والعراقة عن بصرى، وهي:[٦]
- مسرح درعا الأثري الذي يعتقد أن بناءه قد تزامن مع بناء مسرح جرش الواقع في الأردن، وهذا يعني أنه أقدم من مسرح بصرى بحوالي قرن زمني كامل.
- المسجد العمري الكبير الذي بني في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ويعد واحدًا من أقدم المساجد، وأهمها، وأكثرها محافظة على الأصالة المعمارية التي بني عليها.
- كنيسة حيط البيزنطية التي يعود بناؤها للقرن الخامس الميلادي.
- كنيسة مارجورجيوس التي بنيت سنة (516) ميلاديًا معبدًا وثنيًا قديمًا، وتقع في مدينة أزرع.
أهمية درعا الزراعية والتجارية
تعرف محافظة درعا بخصوبة تربتها، ووفرة الماء فيها، فهي تقع ضمن منطقة حوض نهر اليرموك الذي يمر فيها بطول (45) كم، كما أن فيها اثني عشر سدًا سطحيًا يتجمع فيها (105) مليون متر مكعب من الماء، بالإضافة إلى مجموعة من الآبار المحفورة التي بلغ عددها (3211) بئرًا؛ الأمر الذي جعل منها سلة غذاء تحوي مقدارًا كبيرًا متنوعًا من المحاصيل التي تشكل نسبة طيبة من الناتج الإجمالي الزراعي في الجمهورية، وهذا ليس بمثير للاستغراب، خاصةً إذا علمنا أن نسبة الأراضي الصالحة للزراعة فيها تقدر بحوالي (60%) من مساحتها الكلية، فهي تنتج عددًا من المحاصيل الزراعية الصيفية والشتوية، من أهمها القمح الذي يبلغ إنتاجها منه (65819) ألف طن في السنة، والحمص الذي يُقدر إنتاجه بحوالي (32.36%) من مجمل الإنتاج السوري للحمص.
بالإضافة إلى عدد من الأشجار المثمرة، من أهمها شجرة الزيتون، إذ إن عدد أشجار الزيتون المزروعة فيها بلغ (6.5) مليون شجرة، وأشجار العنب التي يشكل إنتاج درعا منها ما نسبته قدر نسبة (23.19%) من مجمل الإنتاج السوري، إضافة إلى أشجار أخرى كثيرة، كالليمون، والدراق، والرمان، والجوز، والإجاص، وغيرها.
وكلها تنتج نسبة لا يمكن الاستهانة بها من الإنتاج الزراعي الكلي في الجمهورية، أما المحاصيل الصيفية، فتنتج درعا كلًا من الطماطم التي يشكل إنتاج درعا منها حوالي (40%) من مجمل الإنتاج السوري، والباذنجان الذي بلغت نسبة إنتاجه منه حوالي (64%)، والبطاطا، والكوسا، والسمسم، وكلها محاصيل تنتجها درعا بكثرة أيضًا.
كما تزود المحافظة السوق السورية باللحوم، والأصواف، والبيض، وعسل النحل؛ لما تمتلكه من ثروة حيوانية كبيرة، إذ تزود السوق السورية بـ (5386) طنًا من لحم البقر والغنم سنويًا، أما الدواجن فيبلغ إنتاجها منها حوالي (30425) ألف طن من اللحم، و(17352) ألف من البيض، بينما تنتج خلايا النحل فيها ما يقارب (15) طنًا سنويًا.
تقوم في درعا عدد من الصناعات الغذائية المستفيدة من الإنتاج الزراعي الكبير في المحافظة، من أهمها: معاصر زيت الزيتون، ففيها (37) معصرة تصل طاقتها الإنتاجية إلى (36570) ألف طن من الزيت سنويًّا، ومصانع لإنتاج رُبّ البندورة، وتعليب الخضار والفواكه بلغت طاقتها الإنتاجية نحو (23618) ألف طن، بالإضافة إلى 4 مصانع لإنتاج اللبن والجبنة تقدر طاقتها الإنتاجية (5760) طنًا، ومعملين لصناعة المعكرونة والشعيرية ينتجان يوميًا ما مقداره ثلاثة أطنان.
وتوجد مصانع أخرى للخزن، والتبريد، وإنتاج العبوات البلاستيكية، وغيرها، إلى جانب ذلك تتميز درعا موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يشكل بوابة نافذة إلى أسواق المنطقة المجاورة والعالم، أما بالنسبة لنشاطها التجاري، ففي درعا معبر نصيب الواقع على الحدود الأردنية السورية، الذي يشكل حلقة وصل بين السوق السوري، والأسواق العربية والعالمية، فمنه تعبر السلع إلى الرئيسي إلى دول الخليج العربي، إذ فاقت قيمة الصادرات السورية التي مرت من المعبر في العام الميلادي (2010) خمسة وثلاثين مليار ليرة سورية، بينما بلغت قيمة البضاعة المستوردة سبعة وثلاثين مليار ليرة سورية، أما الصادرات اللبنانية التي كانت تمر من معبر نصيب فبلغت قيمتها ملياري دولار أمريكي، ولكنها تراجعت لتصل إلى مليار دولار أمريكي فقط، قبل أن يُغلق المعبر خلال العام (2015م).[٧]
المراجع
- ↑ "سوريا"، الجزيرة نت، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "درعا"، الجزيرة نت، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "ماذا تعرف عن الموارد؟"، عنب بلدي، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن سورية"، سفارة الجمهورية العربية السورية في بوخارست، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "محافظة درعا"، المعرفة، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "تاريخ درعا"، درعا، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.
- ↑ "ما أهمية درعا من الناحية الاقتصادية والتجارية؟"، سوريا، 25 - 8 - 2019، اطّلع عليه بتاريخ 25 - 8 - 2019. بتصرّف.