أين تقع دولة الموحدين

موقع دولة الموحدين

ظهرت دولة الموحدين لأول مرّة في التاريخ سنة 1130 للميلاد، وحكمت حتّى سنة 1269 للميلاد أراضٍ تشمل شمال قارة إفريقيا والأندلس، والتي تضمّ عدّة دول مثل دولتي المغرب والجزائر، بالإضافة إلى تونس وليبيا، وهي عبارةٌ عن سلالة بربرية تعود إلى أصول أمازيغية، وأول من قاد الحركة في إنشاء هذه الدولة هو القائد محمد بن تومرت الملقّب أيضًا باسم المهدي بن تومرت الذي ظهر في القرن السادس الهجري، وقد شاركه عبد المؤمن علي الكومي في تحقيق أهدافه وبناء الدولة، إذ كان أحد تلاميذه وآمن بمعتقداته وتوجهاته، وقد أُطلق عليها هذا الاسم لأنّهم كانوا يمثّلون حركة متشدّدة دينية تدعو الناس إلى توحيد الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالإضافة إلى تنقية العقيدة الإسلامية خاصّتهم من الذنوب والمعاصي.[١][٢]

بدأت هذه الحركة نشاطها بأمرٍ من القائد محمد وذلك عن طريق محاربة فئة أخرى كانت تحكم في ذلك الزمان يُطلق عليها اسم المرابطين، إذ كان مُخالفًا للكثير من سياسات الدولة التي كان يراها مخالفةً للشرع الإسلامي الحنيف، وقد بدأ هذا التوجه للقضاء عليهم سنة 1118 للميلاد قبل إنشاء دولة الموحدين، إذ اتخّذ من قلعة تنملل التي تقعُ على جبال الأطلس مركزًا له، وأخذ يُقنع الناس باتباعه وتجهيز بعض الحملات العسكرية التي حقّقت العديد من الانتصارات لصالحهم في سبيل نشأة الدولة، ولكنّه توفي سنة 1130 للميلاد قبل إنشاء الدولة، إذ استكمل بعده تلميذه عبد المؤمن علي الكومي.[١]


مؤسس دولة الموحدين

يعدّ مؤسس الدولة فكريًا هو المهدي بن تومرت، ولكنّه انتقل إلى رحمته تعالى قبل إنشائها، فأكمل عنه تلميذه عبد المؤمن علي الكومي الذي يعدّ المؤسس الفعلي للدولة، وهو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلى بن مروان الملقّب بكنية أبو محمد الكومي، إذ ولد في دولة الجزائر في قرية تاجر قرب قرية تلمسان، وتعود أصوله من قبيلة بربر، وقد كان مُلمًّا بأصول الشريعة الإسلامية وحافظًا للقرآن الكريم ومتعلّمًا للسيرة النبوية والفقه الإسلامي، تلقّى تعليمه على أيدي العديد من العلماء العظماء من المسلمين أمثال الشيخ عبد السلام التونسي وغيره، وقد لازم عبد المؤمن المهدي وتأثّر بأفكاره وتعلّم الكثير على يديه أيضًا، إذ انتقل للعيش معه في مدينة مراكش التي كانت عاصمة دولة المرابطين، وأقاما فيها.[٢][٣]

حكم المؤسس أبو محمد الكومي دولة الموحدين لمدة 34 سنة، وتعدّ من أفضل العصور التي مرّت على دولة المغرب، وقد جاء في وصفه أنّه كان ورعًا وزاهدًا وعابدًا، بالإضافة إلى كونه حازمًا وشجاعًا، وقد عُرف عنه أنّه كان شديد العقاب ويحاسبُ المذنبين على قدر الجريمة، وكان يمتلك البراعة العسكرية الإدارية، ولديه الرغبة الدائمة بالغزو والفتوحات، إذ أحكم قبضته على العديد من المدن أمثال مدينة إشبيلية وقرطبة، بالإضافة إلى غرناطة والمهدية، والكثير من دول قارة إفريقيا، بالإضافة أنّه أنشأ الأساطيل البحرية، وكان سفاحًا وسفّاكًا للدماء، إذ قال فيه المُفسّر ابن كثير: "وكان مَنْ لا يحافظ على الصلوات في زمانه يُقتل، وكان إذا أَذَّن المؤذن وقبل الأذان يزدحم الخلق في المساجد" وأضاف أيضًا: "ولكن كان سفاكًا للدماء، حتى على الذنب الصغير"، وقد أنجب أبو محمد الكومي 16 ولدًا، فقد استلم من بعده ابنه الأكبر محمد الولاية على الدولة، وشهد العصر الذي حكم فيه حركة إصلاح اجتماعي شملت الدولة كلّها، فقد حارب المنكرات؛ مثل الخمر وفرض على شاربيه العقوبة، وكان حريصًا على جمع الزكاة في وقتها أيضًا، وأن تصرف بطرقها الشرعيّة. [٣][١]


سقوط دولة المرابطين وتأسيس دولة الموحدين

بدأت عملية القضاء على دولة المرابطين سنة 1140 للميلاد، إذ جهّز القائد أبو محمد الكومي جيشًا عظيمًا بهدف إسقاط الدولة، إذ خرج به من قلعة تينملل التي اتخذها قاعدةً ومقرًّا للدولة واتجه إلى الأراضي الواقعة شرق دولة المغرب وجنوبه الشرقي ليجعل القبائل التي تستوطن تلك المناطق تخضع تحت سيطرته قبل الوصول إلى مدينة مراكش حيث المعقل الرئيسي لدولة المرابطين، وقد استمرت الحرب معهم أكثر من 7 سنوات أظهر فيها القائد أبو محمد حيله ومهاراته العسكرية العظيمة، وقد توفي سنة 1142 للميلاد السلطان علي بن يوسف رئيس دولة المرابطين في تلك الفترة، وابنه تاشفين الذي أخذ الخلافة من بعده، إذ لقي حتفه جرّاء سقوطه من على ظهر حصانه أثناء المجابهة سنة 1145 للميلاد، إذ استولى جيش دولة الموحدين على مدينة تلمسان، ومدينة وهران أيضًا.[٢]

كانت أعين القائد أبو محمد تتطلّع إلى السيطرة على كلّ أجزاء الدولة، فدخل مدينة فاس، وحوّطها بحصارٍ شديدٍ دام سبعة أشهر، وقد عانى فيها أهل المدينة من شدّة إحكام الحصار وقوّته، فاستسلموا للجيش الموحدي سنة 1145 للميلاد، ثمّ تابع القائد الفتوحات للمدن الأخرى فشملت مدينتي سبتة وسلا، بالإضافة إلى مدينة تراشك التي سقط فيها الأمير إسحاق بن علي آخر أمراء دولة المرابطين، وبذلك أصبحت كلّ المناطق في الدولة تخضع لحكم أبو محمد الكومي رئيس دولة الموحدين سنة 1147 للميلاد.[٢]


أسباب سقوط دولة الموحدين

يُعنى سبب سقوط دولة الموحدين إلى الكثير من الأسباب، وكان من أهمّها القيود المستحكمة والعقوبات الشديدة التي كانت تُفرض على أهل الدولة تحديدًا من أهل الذمّة، أي من كان يعتنق غير الديانة الإسلامية من اليهود والنصارى، إذ كانوا يزالون من أعمالهم وجميع المناصب الحكومية، وذلك أدّى لهجرة معظمهم عن الدولة، بالإضافة إلى قتلهم أيّ فردٍ مسلم يخالف معتقداتهم وتوجهاتهم الفكرية، فقد وقع أكثر من 60,000 مسلم ضحية لهذا الاضطهاد، بالإضافة إلى العديد من الثورات الداخلية التي شهدتها الدولة وأدّت إلى إضعافها؛ مثل ثورة لني غانية في دولة تونس، وقد أدّى الغنى الفاحش وكثرة الأموال في الدولة إلى خلق نزاع وصراع على الحكم، وكانت نتيجته الكثير من القتل والمؤامرات والمكائد بين ورثة الدولة.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت "موحدون"، marefa. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث أحمد تمام، "دولة الموحدين.. ملامح بداية (في ذكرى وفاة مؤسسها: 10 من جمادى الآخرة 558هـ)"، islamonline. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أ.د. راغب السرجاني (27-2-2011)، "عبد المؤمن أول حكام دولة الموحدين"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 26-8-2019. بتصرّف.
  4. "أسباب سقوط دولة الموحدين.. إليك الأسباب خلف سقوط دولة الموحدين"، murtahil، 15-1-2019، اطّلع عليه بتاريخ 26-8-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :