هل يجب الاستنجاء عند كل وضوء

هل يجب الاستنجاء عند كل وضوء
هل يجب الاستنجاء عند كل وضوء

الاستنجاء

الاستنجاء اصطلاحًا هو نوع من أنواع الطهارة الواجبة على المسلمين قبل دخولهم في الصلاة وهو إزالة كل ما يخرج من السبيلين من بول أو نجاسة سواء بالغسل أو المسح بالحجارة أو بالورق الصحي وغير ذلك عن موضع الخروج والمواضع القريبة منه، ولا يعد غسل النجاسة عن البدن أو الثوب استنجاء، وأما الاستنجاء في اللغة فهو على وزن استفعال مثل نجوت الشجرة؛ أي قطعتها ويقاس على ذلك الاستنجاء أي قطع النجاسة والتخلص من أثرها.

والاستنجاء عند ابن قتيبة هو النجوة وهو ما ارتفع من الأرض لأن من أراد حاجة استتر بها، والاستنجاء هو واجب على رأي جميع أهل العلم ولا تتم الصلاة إلا به لذلك؛ فهو شرط من شروط صحة الصلاة، ويدخل في باب الاستنجاء الاستجمار والاستبراء، وأما الاستجمار فهو استعمال الحجارة في إزالة ما على السبيلين من نجاسة ويكون باستخدام ثلاثة أحجار نظيفة، والاستبراء هو مقدمة للاستنجاء وهو طلب البراءة من الخارج من السبيل إلى أن تنقطع المادة تمامًا بالمشي أو التنحنح للتأكد من عدم وجود أي نجاسة لم تخرج بعد، وسنتحدث في هذا المقال عن الاستنجاء وهل هو واجب بعد كل صلاة وعن شروطه وعن استنجاء المرأة.[١]


الاستنجاء عند كل وضوء

لا يُشترط الاستنجاء لكل وضوء، ولكن يجب الاستنجاء من البول أو الغائط وأي نوع من أنواع النجاسات الأخرى ثم الوضوء للصلاة، وأما غير ذلك من نواقض الوضوء كإخراج الريح أو لمس الفرج أو أكل لحوم الإبل أو حتى النوم فلا توجب الاستنجاء ولكن يجب فقط الوضوء الشرعي كما نص عليه القرآن الكريم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[٢].

والاستنجاء بعد إحداث الغائط أو البول يكون عن طريق غسل الدّبر عن أثر الغائط وغسل الذكر من أثر البول للرجال وبعدها الوضوء الشرعي وهو غسل الكفين 3 مرات، والمضمضة، والاستنشاق، وغسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرجلين مع الكعبين، والواجب أن يكون المسح مرة واحدة فإن كان 3 مرات فهو أفضل كأن يتمضمض 3 مرات ثم يستنشق 3 مرات ثم يغسل الوجه 3 مرات ثم يغسل اليدين إلى المرفقين 3 مرات ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة؛ لأن المسح عادة يكون مرة واحدة فقط ثم غسل الرجلين مع الكعبين 3 مرات، ويكون الوضوء الشرعي بعد الاستنجاء من الغائط أو البول وليس قبله ليذهب إلى الصلاة وهو على طهارة تامة من أي أثر لنجاسة أو بول أو أي شيء آخر.[٣]


آداب الاستنجاء

يوجد للاستنجاء عدد من الآداب كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتزم بها ومن هذه الآداب:[٤]

  • الإبتعاد عن الإسراف في الماء: فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى المسلمين عن الإسراف في الماء، وكان يقتصد عن استعمال الماء في طهارته ولا يسرف فيه حتى لو كان يتوضأ بالمد، والمد هو ما يسع كفي بني آدم من الماء، وكان صلى الله عليه وسلم عند الاستنجاء لا يُسرف في الماء ولا يستعمل أكثر من حاجته ويستعمل بالقدر الذي تزول به النجاسة من الموضع.
  • الاستنجاء باليد اليسرى: فمن الأفضل عند الاستنجاء استخدام اليد اليسرى وليس اليد اليمنى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل يده اليمنى لطعامه وشرابه وكان يستعمل يده اليسرى لإزالة النجاسة والأذى كما جاء في الحديث الشريف عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: [كانت يدُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ اليمنى لطُهورِهِ وطعامِهِ وَكانت يدُهُ اليسرى لخلائِهِ وما كانَ من أذًى][٥]
  • تدليك اليد بالأرض: فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من الاستنجاء وغسل النجاسة وإزالتها يدلّك يديه بالأرض كما ورد في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: [أن النبيَّ توضأَ، فلما استَنْجَى دلكَ يدَه بالأرضِ][٦]، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك لإزالة ما قد يَعلق باليد من أثر نجاسة أو أوساخ أو رائحة كريهة لذلك فمسح اليد بالتراب أنقى وأنظف، وأما الآن فيمكن غسل اليدين بالماء والصابون فهو يعطي نفس نتيجة تدليك اليد بالأرض، وبعد ذلك يبدأ بوضوئه للصلاة.


الاستنجاء عند النساء

تعاني الكثير من النساء من مسألة رطوبة الفرج بسبب الإفرازات المهبلية أو بعض الأمراض أو الالتهابات التي تخص النساء وتتساءل الكثير من النساء فيما إذا كانت هذه الرطوبة تنقض الوضوء أم لا، وكان هناك اختلاف بين العلماء في رطوبة فرج المرأة؛ فقال أبو حنيفة والحنابلة أن هذه الرطوبة طاهرة، وأما عند المالكية فهي نجسة، وفيما يلي سنفصل شرح المسألة وذكر آراء العلماء بها:[٧]

  • رأى ابن قدامة احتمالين في رطوبة فرج المرأة، الاحتمال الأول أنه نجس لأنه في الفرج هو مكان لا يخلق منه الولد، وأما احتمالية طهارته لأن عائشة رضي لله عنها كانت تفرك المني بثوب الرسول صلى الله عليه وسلم فلو حكم بنجاسة فرج المرأة لحكم أيضًا بنجاسة منيها لأنه يخرج من فرجها فيتنجس برطوبته.
  • رأى ابن عثيمين أن رطوبة فرج المرأة طاهرة، ولكن وجدت الكثير من الاختلافات في إجازة طهارتها فقال بعض العلماء بأنها نجسة وتنجس الثياب؛ لأن جميع ما يخرج من السبيلين هو نجس والأصل فيه النجاسة وهذا القول فيه الكثير من المشقة على النساء خاصة من ابتليت بوجود رطوبة كبيرة وإفرازات كثيرة.
  • وأما العلماء الذين قالوا بطهارة رطوبة فرج المرأة فذلك لعدم وجود دليل على نجاستها.
  • إجماع العلماء، هو أن هذه الرطوبة طاهرة وعللوا ذلك بأن للفرج مجريين، المجرى الأول مجرى مسلك العضو الذكري وهو يتصل بالرحم وليس له علاقة بمجاري البول ولا بالمثانة، وأما المجرى الثاني وهو مجرى البول ويتصل بالمثانة ويخرج من أعلى الفرج، فإذا كانت الرطوبة ناتجة عن استرخاء المثانة وخرجت من مجرى البول فهي نجسة، إذ إن حكمها حكم سلس البول، وأما إذا كانت هذه الرطوبة من مسالك الذكر؛ أي من الرحم فهي طاهرة لأنها ليست من فضلات أو بقايا طعام أو شراب فهي ليست من البول وليست نجسة، وأما رأي العلماء في نقضها للوضوء؛ فقد قالوا أنها إذا خرجت من مسلك البول فإنها تنقض الوضوء ويكون أصلها من المثانة، وأما إذا خرجت من مسلك الذكر فإنها لا تنقض الوضوء لأنها من الرحم، لذلك فإن اتفاق العلماء بأن هذه الإفرازات طاهرة وليست نجسة ولا تنقض وضوء المرأة لعدم وجود دليل على نجاستها فمن توضأ وأحسن الوضوء فقد طهر من كل نجاسة أخرى.


المراجع

  1. "معنى الاستنجاء والاستبراء والاستجمار. وآداب قضاء الحاجة"، slamweb، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  2. سورة المائدة، آية: 6.
  3. "حكم الاستنجاء عند الوضوء"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  4. "بيان كيفية استنجاء النبي صلى الله عليه وسلم بالماء ."، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  5. رواه النووي، في الأذكار ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 31.صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم: 50.حسن.
  7. رطوبة فرْج المرأة وانتقاض الوضوء "رطوبة فرْج المرأة وانتقاض الوضوء"، ar.islamway، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :