محتويات
مفهوم الوحدة العربية
تعرف الوحدة العربية بأنها دمج سياسات الدول العربية مع بعضها البعض واتحادها تحت طائلة كيان سياسي واحد، فيقفوا جميعًا وقفة رجل واحد، وجسدًا واحدًا لمواجهة كل الضغوط والفتن والأخطار التي قد تهاجم أي دولة بدافع العروبة، وهو مطلب أساسي خاصة أن الاتحاد يساعد على إعادة العرب إلى موازين الشعوب المتقدمة والراقية كما كانت في قديم الزمان، وهو حلم كل عربي لكنه يبدو صعب المنال إذ طال انتظاره منذ أمد بعيد، وبات أشبه بالخيال لا سيما في ظل الظروف السياسية التي تلوح في الأفق، فالمشاكل دبت بين الدول، وكثرت الفتن مع أن العدو واحد وهو الذي يقف وراء كل الفتن، وسنتحدث في هذا المقام حول مقومات الوحدة العربية، ومعوقات الحلم، وموقف الدين الإسلامي من ذلك على الترتيب.[١]
مقومات الوحدة العربية
تنعم الدول العربية في العالم العربي بالعديد من المقومات التي تشكل لبنة أساسية يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الحلم الأكبر وهو الوحدة، ويمكن إجمال هذه المقومات على النحو التالي[٢]:
- المقومات التاريخية: ويقصد بها أن الدول العربية كلها مرت بنفس الأحداث التاريخية، بدءًا من عصور ما قبل الإسلام، إلى ما بعد الإسلام مما يعني أن تاريخها واحد، وعدوها واحد، وتراثها واحد.
- الدين الإسلامي: يعد الدين الإسلامي أحد أهم وأبرز العوامل التي ساعدت في توطيد مفهوم الوحدة الوطنية وإبراز أهميتها وقيمتها، لا سيما وأن تعاليم الإسلام واضحة لا مجال للبس فيها ويمكن أن تجمع العالم الإسلامي ككل وليس العالم العربي فحسب، لا سيما وأن الدين الإسلامي يحتضن ويحترم الأديان الأخرى وقد حفظ للمسيحيين حقوقهم واحترم طقوسهم وعباداتهم وشعائرهم، فعاش المسلمون والمسيحيون تحت الحكم الإسلامي في أمان ومحبة.
- المقومات التراثية الحضارية: يقصد بها مجمل الإنجازات التي تصب في بناء التراث والتاريخ العظيم، فآثار وثقافة العرب واحدة وعليه فإن حضارتهم الغابرة كانت واحدة أيضًا.
- اللغة العربية: يتحدث جميع سكان الدول العربية اللغة العربية كلغة أم، وهي وسيلة تواصل سياسي وثقافي واقتصادي وعلمي بين الجميع، ومما لا شك فيه أنها لعبت دورًا واضحًا في توضيح فكرة وشؤون العرب منذ قديم الزمان.
معوقات الوحدة العربية
رغم الجهود الدولية المبذولة في سبيل تحقيق الوحدة العربية، إلا أن معوقات الحلم ما زالت تقف حاجزًا غير قابل للطي أو التخطي، ومن أبرز هذه المعوقات التي أفشلت الجهود حسب ما صرح به مسؤولون كبار ما يلي:[٣]
- غياب الإرادة السياسية وتعارض المصالح والأهداف والاستراتيجيات لا سيما في مجال المجال الاقتصادية، علمًا أن هذين الأمرين هما ركائز التجارب الأوروبية الناجحة ويجب الاقتداء بهم في هذا المقام.
- هيمنة العاطفة على القرارات والتوجهات، فقرار الوحدة نابع من العاطفة، وقرار الانفصال كذلك، مقابل تغييب العقل والمنطق، فتبدو الشخصية العربية عمومًا كريمة في الشدة والمحنة، وأكثر عنفًا وحدة في الخلاف والعداوة، وهذا ما يطلق عليه التطرف أي المبالغة في تجسيد الموقف سواء كان سلبًا أم إيجابيًا.
- تباين أنظمة الحكم ما بين جمهورية كما في مصر، وملكية كما في الأردن، وغيرها كثير.
- تأليه الحاكم العربي دون شريك أو خليفة، بخلاف أنظمة الحكم الأوروبية فنرى الحكم قائم على المؤسسات.
- تفاوت ثروات الدول العربية، فبعضها غني إلى درجة الثراء الفاحش، وبعضها فقير إلى درجة العدم، وعليه فإن الدول الغنية ترى في الفقيرة دولًا طامعة تريد نهب خيراتها ليس إلا، في حين ترى الدول الفقيرة ضرورة التعاون والتكافل.
- فشل دور جامعة الدولة العربية رغم أنها أقدم منظمة إقليمية على مستوى العالم ككل، إلا أنها لم تنجح في تحقيق أي تقارب على أي مستوى.
- اختلاف الأفكار العربية في صورة متناقضة للغاية.
موقف الدين الإسلامي من الوحدة العربية وأهميتها
أوصى الله جل وعلا في الشرائع السماوية ومنها القرآن الكريم على ضرورة الوحدة والتعاضد لأنه أصل الحياة، والحل الأول للقوة وإعلاء شأن وراية الدين الإسلامي، وكل مَن يرى غير ذلك فهو يخالف الدين، أو ربما جاهل بالدين أصًلا، أو أنه خائن متعمد ما يفعل، وقد وردت وصايا قرآنية في مواضع عديدة حول هذا المقام، منها قوله جل وعلا: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46]، وقال: {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].[١]
تنطوي الوحدة العربية على تحقيق مجموعة من الفوائد التي يشعر بها أبناء الشعوب العالم أجمعين، وتشكل نقلة نوعية بالنسبة لكل البلدان، ويمكن إجمالها في ما يلي:[٢]
- نبذ المشاكل والهزائم والفشل على كل الأصعدة، فلما كان المسلمون أمة واحدة كانوا أقوياء فقادوا العالم كله ولم يستطع أعداؤهم النيل منهم إلا بعد أن تفرقوا.
- تعد الوحدة العربية لبنة أساسية لتقوية الأمة ضد الأعداء، فقد كانت الوحدة العربية مسعى كبار القادة العظام على مر الزمان ومنهم صلاح الدين الأيوبي الذي قدم إلى مصر لتحقيق الوحدة بينها وبين الشام لصد خطر الصليبيين، وبالفعل تمكن من تحقيق انتصارات باهرة في معركة حطين التي ما زالت علمًا يتغنى به العرب حتى يومنا الحاضر.
- وسيلة للتضامن والتكافل بين العرب والمسلمين، ليكونوا كالجسد الواحد الذي لا يقوى على فصله وتشتيته من أي مؤثر خارجي.
- باب من أبواب تحقيق المعاني والقيم الإنسانية النبيلة من رحمة وتكافل ومؤاخاة.
- طريق معبّد للنهوض بالوضع الاقتصادي والمادي والعلمي والثقافي، لا سًيما وأن دول الخليج مثلًا تملك الذهب الأسود والثروات والنفط، بينما غيرها يتمتع بكفاءات علمية أكاديمية مهولة، مما يعني وجود تكامل حقيقي يمكن توظيفه في سبيل تحقيق الحلم العربي.
المراجع
- ^ أ ب "موضوع تعبير عن الوحدة العربية"، موقع المحتوى، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب Randa Abdulhameed ، "موضوع عن اهمية الوحدة العربية بين أقطار الوطن العربي"، معلومات ثقافية، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعددت ظروف وحدة العرب والفشل واحد"، صحيفة البيان، 16-1-2010، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.