مفهوم القيم الإنسانية
تُعرف القيم الإنسانية على أنها المبادئ التي يحب أن يتحلى بها الإنسان لتصبح الحياة في أفضل صورها وأحسن أحوالها، فالقيم هي التي تحفظ للإنسان وبالتالي المجتمعات كرامتها وحياتها الكريمة وتحافظ على حقوقها، وأي مجتمع يتحلى بهذه القيم لا بد له من النمو والتقدم نحو الأفضل دائمًا، فشعور الإنسان بأنه يعيش في مجتمع حر وفيه عدل وتعامل الناس فيه بصدق وأمانة من شانه أن يبعده عن الانحراف وارتكاب الجرائم والتفكير دائمًا في أن يكون إنسانًا فعالًا في مجتمعه وبالتالي دولته التي ينتمي إليها، فجميع الأديان والشرائع السماوية دعت للقيم الإنسانية وأن الإنسان يجب أن يمتلكها لكي ينجو من عقاب الآخرة، وهي بالتأكيد تتوافق تمامًا مع الفطرة الإنسانية التي خلقها الله في الإنسان بطبيعته، فلا يمكن أن يخلق الإنسان على السرقة ولا على الجريمة ولا على الخيانة...الخ، ولكل جانب من جوانب الحياة الإنسانية قيمة تخصه دونًا عن غيره، فالقيم موجودة في الجانب الاجتماعي وموجودة في الجانب الاقتصادي وفي الجانب الشخصي، فمثلًا القيم المتعارف عليها في الجانب التجاري كالأمانة بين التجار وشروط البيع وشروط الدفع هي قيم تخص هذا الجانب وتكون خطوطًا حمراء فيما بينهم لا يجوز تجاوزها، وأي احد في هذه المجال يتجاوزها يعد مخالفًا لقيم هذه المهنة. [١]
نظرة الإسلام للقيم
الدين الإسلامي ينظر للقيم على أنها مسلكيات تحولت من مفاهيم راسخة لدى النفس البشرية، والتي مصدرها هو تقوى الله ومخافته واطلاع الإنسان للفوز في نيل الجنة في حياته الآخرة، وبالتالي فلا مسلكيات قويمة دون ان تكون نابعة من اتباع منهج ما، ولا يمكن إنكار أن القيم الإنسانية كانت موجودة قبل الإسلام، ولكن الإسلام جاء متممًا لهذه القيم ومعززًا لها، أي أنه صقلها في النفوس البشرية وبالتالي تحولت لقيم عليا في نفوس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فتحوا البلاد ونوروا للأمم طريقهم نحو الحق والفضيلة، فالعديد من الآيات القرآنية أشارت ودلت على اهمية القيم في حياة الإنسان وبالتالي مجتمعه والبشرية جمعاء، فالدعوة الإسلامية في أصلها تهدف إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وترشدهم لأقصر طريق يريحهم في الحياة الدنيا والآخرة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد. [ ابراهيم :1]، فالقرآن الكريم هو كتاب القيم العليا الذي لا اخطاء ولا تحريف ولا تشويه فيه، فالقرآن الكريم بما يحمل من قيم وأهداف عليا ستؤول بالإنسان إلى الهداية والطريق الأقوم وبالتالي الوصول للسلوك السليم، وقد وضع القرآن الكريم القيم الإنسانية العليا في العديد من آياته، وقد ذكرت في سورة الأنعام عشرة قيم هي معيار التعامل في المجتمعات، وبالتالي فهي مرجعية لابد من تطبيقها حتى ينعم المجتمع بوجودها وتكون معيار تبادل العلاقات الإنسانية في أي مجتمع، إذ يقول الله سبحانه وتعالى : قلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الانعام : 151-152]. [٢]
أنواع القيم الإنسانية
صُنفت القيم الإنسانية بناءً على مجالات الحياة المختلفة، فكل جانب من جوانب الحياة له قيمه التي تميزه عن غيره، وهذه التصنيفات هي كالآتي : [٣][١]
- القيم النظرية: وهي القيم التي يصل إليها الشخص نتيجة التفكير والتدبر في الأشياء من حوله بدافع الاكتشاف والوصول للحقائق، ويستدل بوجودها من خلال المنطق العلمي السليم، فسيتدل الإنسان بضرورة الالتزام بقيمة المحافظة على الأمانة من خلال تفكير عميق يوصله إلى أن إضاعة الأمانة في أي مجتمع من شأنها أن تحول هذا المجتمع لمكان شبيه بالغابة التي يأكل فيها القوي الضعيف ويشعر الإنسان بالظلم وعدم الحرية.
- القيم الاقتصادية : وهي القيم التي تدفع الإنسان أن يكون شخصية تضيف لمجتمعها المزيد من الفوائد في العديد من المجالات، فهو يرى أنه باستخدام الثروات والأموال ما هو إلا وسلية تُسخر للمزيد من الرفاهية والخدمات المقدمة للمجتمع.
- القيم الاجتماعية : تأتي القيم الاجتماعية نتيجة لتراكم المعرفة والعادات التي مارسها الإنسان ومورست عليه، إذ تصبح جزءًا من حياته ومسلكياته، فهي من تدفعه ليكون إنسانًا محبًا للآخرين ويميل لمساعدتهم والدفاع عنهم، أو العكس فقد تدفعة ليكون إنسانًا شريرًا ويسعى دائمًا لإيقاع الضرر بالآخرين.
- القيم السياسية : تهتم القيم السياسية بالعلاقات بين الدول والمؤسسات العالمية، وهي القضايا المتعارف عليها بين الدول كالحدود والأساليب الدبلوماسية المتبعة وكيفية استقبال البعثات الدولية.
- القيم الجمالية : تتشكل القيم الجمالية لحب الإنسان للجمال عمومَا، أو ميله دائمًا لما هو جميل بغض النظر عن ماهيته، فالإنسان دائمًا يفضل الحدائق المرتبة النظيفة أكثر من الحدائق المليئة بالأوساخ، وما هذا إلا ترجمة لطبيعة الإنسان وفطرته، فالإنسان يُخلق على حب الجمال، فالله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بالنظر والتدبر وتفحص الكون وما به من عجائب، فالله يعرف فطرة الإنسان التي تميل لهذه الحقيقة.
- القيم الشخصية : لا تنبع القيم الشخصية إلا من خلال عادات وتقاليد طيبة في مجتمع ما، كان لها دور في التأثير على شخصية الإنسان، فالمجتمعات قبل الإسلام كانت تتحلى بقيم كالكرم والصدق والأمانة، أما في مرحلة ما بعد الدعوة الإسلامية تحول الباعث لهذه القيم هو باعث ديني بحت، أي الهدف منها هو مرضاة الله سبحانه وتعالى، وهي ما تُسمى بالقيم الدينية.
المراجع
- ^ أ ب Amal Ahmed (4-3-2019)، "بحث حول القيم الإنسانية"، bo7ooth، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "القيم الإنسانية العليا أم القيم الإيديولوجية الموروثة (2)"، islamonline، 29-4-2018، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف القيم و انواع القيم"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.