محتويات
السفر إلى الفضاء
نظر البشر إلى السماء وتساءلوا عما يوجد بها وهل هي صغيرة أم شاسعة كبيرة، ووضع القدماء الكثير من النظريات واخترعوا الأساطير التي تتعلق بالفضاء والسماء والنجوم، ووضعوا التقويم الذي يعتمد على الفضاء وغيرها الكثير، ومع تطور البشرية استحوذ اكتشاف الفضاء على عقول الكثير من المُفكرين خاصةً العلماء والفنانين، ومع تطور الصواريخ والتقدم التكنولوجي في القرن العشرين أصبح بإمكاننا إرسال الناس والآلات والحيوانات خارج الغلاف الجوي للأرض، ومع وجود الإمكانية المالية والعقلية لاقتحام عالم الفضاء في بدايات القرن العشرين إلا أنها لم تكن أولوية لأي حكومة في العالم، واعتُبر السفر للفضاء مضيعة للوقت والمال فقط، ولكن في عام 1957 ميلادي فكّر زعيم الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف بفكرة إطلاق قمر صناعي خارج الأرض كسابقة تاريخية وانتصار للشيوعية على الرأسمالية العالمية، ولكن سرعان ما فكرت الولايات المتحدة الأمريكية العدو اللدود للاتحاد السوفياتي في السفر للفضاء، وفي أواخر ستينات القرن الماضي سبقت الولايات المتحدة الأمريكية الاتحاد السوفياتي في تقنيات السفر للفضاء وتمكنت من تسيير أول رحلة مأهولة إلى القمر رافعةً العلم الأمريكي.[١]
لماذا تنفق الدول أموالًا هائلة من أجل أبحاثِ الفضاء؟
اكتُسبت العديد من الفوائد الهامة بسبب أبحاث الفضاء، وتوجد مجالات في الحياة استفدت منها دون أن تشعر وكان السبب الرئيسي لتطويرها هو البحث في مجالات الفضاء والسفر إليه، وأبرزها:[٢]
- مجال الاتصالات: لولا أبحاث الفضاء لما تطور مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، فاستخداماتك لنظام تحديد المواقع العالمي GPS والاتصالات العالمية لن يحدث لولا أبحاث الفضاء.
- مجال البحوث الطبية: اكتُشفت العديد من البحوث الطبية عن طريق إرسال السفن الفضائية للمحطات الفضائية، وأغلب هذه التجارب اكتُشفت داخل السفن الفضائية التي طورت العديد من العقاقير والتقنيات الجراحية.
- مجال تكنولوجيا المواد: اكتشفت العديد من المواد التكنولوجية الحديثة في الفضاء، أشهرها البلاط الفائق المقاوم للحرارة المُستخدم في المكوك الفضائي.
- مجال الإلكترونيات: اكتُشفت الموصلات والدوائر المتكاملة وطُوّرت بسبب الرغبة بتصغير حجم المركبات الفضائية، وهذه المواد الإلكترونية استُخدمت فيما بعد في الكثير من الأجهزة والآلات التي تستخدمها في حياتك.
- مجال الدراسات البيئية: تطورت دراسة سطح الأرض وغلافها الجوي وأصبحت علمًا منفصلًا بسبب أبحاث الفضاء، وأصبح بإمكانك فهم وحماية الأرض وأنظمتها البيئية.
الاعتراض على إنفاق الدول أموال هائلة من أجل أبحاثِ الفضاء
منحنا التطور العلمي أشياء كثيرة لم نكن نتوقعها كالوصول للفضاء، ولكن واجه هذا الأمر الكثير من الاعتراضات والتساؤلات منها؛ لماذا تهتم الحكومات بإنفاق الأموال الطائلة لاستكشاف الفضاء، ولإيجاد الحياة والطاقة على الكواكب الأخرى بدلًا من إيجادها على كوكبنا وإطعام ملايين الجوعى حول العالم؟ وحاليًا يمكنك رؤية الأموال التي تنفق على إرسال الروبوتات إلى الفضاء والصور الجميلة التي حصلنا عليها عند وصولنا للقمر وسطحه ومداراته، ولكن حقيقةً لم تُستكشف الأرض كلها حتى وقتنا الحالي، كما أن قاع البحر والصحاري أغلبها غير مكتشف، وتوفير هذه المعلومات عن كوكبنا والكائنات الحية فيه أكثر أهمية من البحث عن الكائنات الحية في الفضاء الخارجي، كما أن الأزمات على كوكبنا لها أولوية أكثر من اكتشاف الفضاء، وأبرز أزمتين نواجههما هما الاحتباس الحراري والأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة، إلى جانب المعاناة الإنسانية التي وصلت ذروتها في كلّ الدول حول العالم؛ كالفقر والمرض والعنف والأعاصير وحرائق الغابات أو المأساة الطبيعية أو مما يصنعها الإنسان، ولكن مع كلّ هذه المعاناة تُنفق الأموال بغزارة على الأبحاث العلمية الفضائية وعلى السفر للفضاء.[٣][٤]
كم تبلغ تكلفة السفر الى الفضاء؟
رحلات الفضاء نشاط مُكلف جدًا، وفي بداياته كان يُقاد ويُشغل من قبل الحكومات، وحديثًا تملَّك بعض الأشخاص مدارات أو مركبات فضائية تدور حول الأرض، وعلى سبيل المثال تكلفة القمر الصناعي الخاص فالكون تسعة Falcon 9 الذي يبلغ ارتفاعه 230 قدمًا يُقارب 62 مليون دولار أمريكي، وتشغيله في المدار الأرضي يكلف ما يقارب 73 مليون دولار أمريكي، ويقل سعر المركبة الفضائية وتشغيلها بالنسبة للوكالات الحكومية، فمثلًا تدفع القوات الجوية الأمريكية 96.5 مليون دولار أمريكي لإطلاق قمرها الصناعي وتشغيله، أما أسعار الطيران إلى محطة الفضاء الدولية المملوكة لوكالة ناسا الأمريكية في عام 2011 بلغ حوالي 82 مليون دولار أمريكي، وفي عام 2017 كان بمقابل 75 مليون دولار أمريكي.
حديثًا طرحت وكالات الطيران الفضائية إمكانية السفر إلى الفضاء بسعر يتراوح ما بين 250 ألف دولار أمريكي إلى حوالي 10 ملايين دولار، وفعليًا حوالي 650 شخصًا لديهم تذاكر لرحلات فضائية مدارية، ولكن حتى آلان لم يُعلن عن موعد لرحلات العملاء، وتخطط بعض الشركات لرحلات فضائية مثل شركتي بلو أورجين Blue Origin وبيزوس Jeff Bezos باستخدام نظامها الصاروخي شيبرد الجديد New Shepard، ولكن لم تحدد الشركتين أسعار التذاكر أو وقت بدء الرحلات المدفوعة، كما توجد رحلات خاصة لرواد الفضاء، وفي عام 2001 ميلادي انطلقت أول رحلة خاصة لرائد الفضاء المهندس الأمريكي دنيس تيتو والذي دفع ثمنها 20 مليون دولار أمريكي، وقد قضى في الفضاء ثمانية أيام، وفع رائد الفضاء جاي لاليبرتي 35 مليون دولار أمريكي لأجراء رحلة فضائية في عام 2009 ميلادي.[٥]
أبرز الدول في إجراء أبحاثِ الفضاء
بقيت تكنولوجيا الفضاء لفترة طويلة محدودة ومقصورة على بعض البلدان، وعلى مرّ السنين تغير هذا السيناريو ودخلت مجموعة من الدول عالم استكشاف الفضاء وتطوير أبحاث الفضاء، وحاليًا يوجد عدد من الدول المُختصة ذات الصيت في علم الفضاء واستكشافه، أبرزها:[٦]
- الولايات المتحدة الأمريكية: تعد الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الرائدة والأبرز في مجال أبحاث الفضاء ورحلات الفضاء واستكشافه، إذ تملُك ثُلث المركبات الفضائية الموجودة حاليًا في مدار حول الأرض، وتملُك حكومة البلاد وكالة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) أشهر وأعظم وكالة لدراسة علم الفضاء واستكشافه، ورائدة صناعة الاكتشفات الفضائية الحديثة، ولعل أشهر أعمال الوكالة تسيير بعثت أبولو التي هبطت على سطح القمر بقيادة أرمسترونج، وصناعة وتشغيل محطة الفضاء الدولية ISS على مدار الأرض.
- جمهورية الصين الشعبية: تمتلك دولة الصين ثاني أكبر أسطول من المركبات الفضائية، وتعد الصين واحدة من الثلاث دول التي يُسمح لها بإطلاق واستعادة الأقمار الصناعية والقيام برحلات فضائية بشرية في أي وقت، ويحوي برنامج الفضاء الصيني عدد كبير من مراكب الملاحة ومراكب الاستشعار الفضائي عن بعد، كما طورت الصين أفضل وسائل الاتصالات والمراقبة للمركبات الفضائية والتي تستخدمها في تشغيل القنوات الفضائية ووسائل الاتصالات.
- جمهورية روسيا: تطور علم الفضاء واكتشافه في روسيا أبان الاتحاد السوفياتي، وأُطلق أول قمر صناعي من الاتحاد السوفياتي نحو القمر في عام 1957 ميلادي، وحاليًا تدير روسيا ثالث أكبر أسطول من المركبات الفضائية التي تدور في الفضاء، وأشهر المركبات الروسية الفضائية هي المركبة المأهولة سويوز والمحطة الفضائية ساليوت، وعلى غرار وكالة ناسا تمتلك روسيا وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية Roskosmos؛ وهي وكالة متخصصة بأنشطة الفضاء وفي رعاية الاختراعات والاكتشافات الفضائية، وفي روسيا وكالة فضائية أخرى تسمى وكالة الفضاء الروسية VKS؛ وهي مسؤولة عن عمليات إطلاق الأقمار الصناعية الدفاعية والتحكم بالطيران العسكري.
- اليابان: تعد اليابان رابع قوة دولية عالميًا في أبحاثِ الفضاء، وتمتلك رابع أكبر أسطول عالمي من حيث عدد الأقمار الصناعية، وأطلقت اليابان أول قمر صناعي في عام 1970 وكان أسمه أوسامي Osumi، وحاليًا يوجد عدد ياباني كبير من المركبات الفلكية التي تمتلك أفضل وسائل الاتصال والمراقبة، ومن أشهر المركبات اليابانية وحدة التجارب اليابانية KIBO ومركبة الإطلاق إتش ثنان (H-II)، كما تُسيطر الوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء الجوي JAXA على أنشطة البحث والتطوير الفضائي العالمي.
- المملكة المتحدة: تعد بريطانيا خامس أقوى دول العالم في علم الفضاء واستكشافه، وأطلقت المملكة المتحدة أول قمر صناعي لها أرييل 1 في عام 1962، وتمتلك الحكومة البريطانية وكالة الفضاء البريطانية UKSA المسؤولة عن تنفيذ برامج الفضاء الوطنية، ويوجد في بريطانيا مقر وكالة الفضاء الأوروبية ESA التي تمتلك خامس أكبر عدد من المركبات الفضائية التي تحوي وسائل عسكرية ومدنية متطورة، ووسائل حديثة لرصد الأرض ومراقبتها.
- دولة الهند: تعد دولة الهند من الدول المتطورة جدًا في مجال التكنولوجيا والاتصالات، إذ بدأت رحلات الفضاء في عام 1975 عن طريق المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء ISRO، والتي أطلقت 80 مركبة فضائية منذ ذلك التاريخ، وتُدير الهند حاليًا عددًا كبيرًا من وسائل الاتصالات العالمية، ووسائل ملاحة متطورة مثل سلسلة IRNSS، وتمتلك أسطول أقمار صناعية هجينة طورتها بنفسها، وهي رائدة في مجالي الخدمات المدنية والعسكرية الفضائية.
- كندا: تعد كندا من الدول المتطورة في مجال رحلات واستكشاف الفضاء، بدأت بإطلاق المركبات الفضائية عام 1962 ميلادي عبر مركبة الفضاء أوليت 1، وتمتلك إحدى أكبر وكالات الفضاء العالمية وهي وكالة الفضاء الكندية CSA، ولكن لا تمتلك نظام إطلاق صواريخ محلي، وتعتمد على الولايات المتحدة والهند وروسيا لإطلاق مركباتها الفضائية.
- ألمانيا: أطلقت ألمانيا أول أقمارها الصناعية أزور عام 1969، ومنذ ذلك الحين أرسلت للفضاء العديد من المركبات الفضائية المُختصة بالاتصالات والملاحة ومراقبة الأقمار الصناعية، كما أطلقت أشهر مختبر فضائي وهو كولومبوس، وتُدير ألمانيا المركز الوطني للفضاء DLR، وبرنامج الفضاء الوطني والمنظمة الأوروبية للأرصاد الجوية (يومتسات).
- فرنسا: تعد فرنسا دولة رائدة في اكتشاف الفضاء وإرسال البعثات الفضائية، وقد أرسلت فرنسا عبر وكالتها الفضائية العديد من البعثات الفضائية المدنية والعسكرية، وحاليًا تمتلك العديد من المركبات الفضائية وأقمار الإشارات الإلكترونية وأقمار الاتصالات المدنية والعسكرية.
- لوكسمبورج: على الرغم من صِغر دولة لوكسمبورج إلا أنها من ضمن أفضل عشر دول عالمية في اكتشاف الفضاء، وفيها المقر الرئيسي لمشغلي الاتصالات اللاسلكية في العالم Socit Europenne des Satellites، وفيها العديد من وكالات الأبحاث الحكومية التي تركز على الاتصالات الفضائية ونظام الملاحة العالمي.
مَعْلومَة
كان الوصول الفعلي للقمر من قبل السوفيات في الأول من يناير عام 1958 ميلادي عن طريق روبوت روسي تواجد في رحلة المكوك لونا 3 بقيادة رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين، ونزل الروبوت على القمر في سابقة تاريخية عظيمة، والتُقطت صور للجانب البعيد من القمر، وبالرغم رداءة هذه الصور إلا أنها كشفت عن وجود سهول شاسعة في جانب القمر المُظلم، وردًا على هذه الرحلة تعهد الرئيس جون كينيدي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بهبوط رجل على سطح القمر، وفي ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية بني برنامج أبولو الضخم لاستكشاف القمر، وبشكل سرّي دُرست إمكانية نزول طاقم بشري أمريكي على سطح القمر، ودراسة جميع النواحي البيئية والسطحية الموجودة في القمر لإجراء هذه المهمة.[٧]
المراجع
- ↑ John M. Logsdon (01-06-2020), " Space exploration "، britannica, Retrieved 25-06-2020. Edited.
- ↑ " What are the benefits of Space Research?", nineplanets, Retrieved 30-06-2020. Edited.
- ↑ "Space Exploration Is a Waste of Money", debatewise,12-02-2018، Retrieved 29-06-2020. Edited.
- ↑ Starts With A Bang Ethan Siegel (26-10-2017), "Why Exploring Space And Investing In Research Is Non-Negotiable"، forbes, Retrieved 25-06-2020. Edited.
- ↑ Jason Davis (15-10-2018), "How much does space travel cost?"، nbcnews, Retrieved 25-06-2020. Edited.
- ↑ "10 countries with the best space programmes", indiatoday,11-08-2018، Retrieved 25-06-2020. Edited.
- ↑ " The Exploration of the Moon: a History", moon,25-06-2020، Retrieved 25-06-2020. Edited.