محتويات
حرصت الشريعة الإسلامية على استدامة العلاقة الطيّبة بين الأزواج؛ حفاظاً على الأسرة واستقرارها، وقد حدّدت في سبيل تحقيق ذلك حقوقاً لكلّ من الزوج والزوجة وواجباتٍ على كلّ واحد منهما، ومن الحقوق التي حددتها الشريعة الإسلامية للزوجة: النفقة؛ فهي واجبةٌ على الزوج،[١] وفيما يأتي بيانٌ لأدلة وجوب نفقة الزوج على زوجته.
أدلة وجوب نفقة الزوج على زوجته
أدلة وجوب إنفاق الزوج على زوجته من القرآن
وردت آياتٌ في القرآن الكريم تدل على وجوب إنفاق الزوج على زوجته، وهي:[٢]
- قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)؛[٣] فالآية تخبر بقوامة الرجال على النساء، ومن صور القوامة أنّهم ملزمون بالنفقة على النساء، فالنفقة واجبةٌ على الزوج؛ لأنّه ملزمٌ بالقيام بأمور بيته وأسرته وهو وليٌ عليها.[٤]
- قول الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)؛[٥] فالآية تدل على أمر الله تعالى للزوج بالإنفاق على زوجته بناءً على قدرته وحسب وسعه وإمكانياته.
أدلة وجوب إنفاق الزوج على زوجته من السنة
جاءت أحاديث نبويةٌ عديدةٌ تتحدّث عن حقوق الزوجة على زوجها، بما في ذلك حقها في النفقة، ومن الأحاديث التي تدل على وجوب نفقة الزوج على زوجته ما يأتي:[٢][٦]
- رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة حجة الوداع بعد أن وصّى الرجالَ بالنساء خيراً أنّه قال: (ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)؛[٧] وفي رواية أُخرى للحديث: (وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ).[٨] فالحديث صريحٌ في أنّ للزوجة حقوقاً على زوجها، وأحد هذه الحقوق الإنفاق عليهنّ في كسوتهنّ وطعامهنّ بإحسانٍ.
- رُوي عن معاوية بن حيدة القشيري -رضي الله عنه- أنّه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: (يا رسولَ اللَّهِ، ما حقُّ زَوجةِ أحدِنا علَيهِ؟ قالَ: أن تُطْعِمَها إذا طَعِمتَ، وتَكْسوها إذا اكتسَيتَ، أوِ اكتسَبتَ، ولا تضربِ الوَجهَ، ولا تُقَبِّح، ولا تَهْجُرْ إلَّا في البَيتِ)؛[٩] فقد بيّن النبي في إجابته أنّ من حق الزوجة أن ينفق عليها زوجها بإطعامها وكسوتها.
- رُوي عن هند بنت عتبة أنّها جاءت تشكو إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: (إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فأحْتَاجُ أنْ آخُذَ مِن مَالِهِ، قالَ: خُذِي ما يَكْفِيكِ ووَلَدَكِ بالمَعروفِ)؛[١٠] فلو لم تكن نفقة واجبةً على الزوج لما سمح النبي -عليه الصلاة والسلام- لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان الذي كان بخيلاً، ولا ينفق عليها.
الإجماع على وجوب إنفاق الزوج على زوجته
أجمع العلماء على أنّ نفقة الزوج على زوجته واجبةٌ،[٢]ولم يُخالف أحدٌ من العلماء في أنّ النفقة حقٌ من حقوق الزوجة التي يجب على الزوج أن يوفّرها لها، وأنّ الزوجة إذا استدانت مالاً للنفقة على نفسها وأولادها؛ فإنّ هذا الدَّين يتحمّله الزوج.[١١]
ما أنواع نفقة الزوج على زوجته؟
تشمل نفقة الزوج على زوجته كفايتها وتقديم ما تحتاجه من المأكل والمشرب، والكسوة واللباس، والمسكن المناسب، والدواء والعلاج، وأشار بعض الفقهاء إلى أنّ من النفقة استئجار خادمة للزوجة في حال كانت الزوجة ممن تُخدم في بيت أهلها.[٦][١١]
هل للمطلقة نفقة على زوجها؟
يمكن بيان حقّ المطلقة في النفقة على النحو الآتي:[١٢]
- المطلقة طلاقاً رجعياً: تستحق المطلقة طلاقاً رجعياً النفقة من زوجها إذا كانت في عدتها؛ لأنّها في حكم الزوجة، فعلى الزوج أن يوفّر لها المسكن ونفقة الطعام والكسوة ونحوها.
- المطلقة طلاقاً بائناً: ليس للمطلقة طلاقاً بائناً حق النفقة إلا إذا كانت حاملاً؛ فإن كانت حاملاً، فعلى الزوج أن ينفق عليها إلى أن تلد، وتلزمه نفقة مولوده ونفقة رضاعته بعد ولادته.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 338-339. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد بن محمد المختار الشنقيطي، فقه الأسرة، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:34
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 177. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية:7
- ^ أ ب "نَفَقةُ الطَّعامِ والشَّرابِ والكِسوةِ للزَّوجةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/6/2024. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمرو بن الأحوص، الصفحة أو الرقم:1163 ، حسن صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم:2142، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:7180، صحيح.
- ^ أ ب "يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف"، دار الإفتاء العام، 24/1/2010، اطّلع عليه بتاريخ 14/6/2024. بتصرّف.
- ↑ "حقوق الزوجة بعد طلاقها"، إسلام ويب، 22/11/2010، اطّلع عليه بتاريخ 14/6/2024. بتصرّف.
فيديو ذو صلة :
ملخص المقال
أوجبت الشريعة الإسلامية نفقة الزوج على زوجته، حيث وردت أدلة كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية تدل على وجوب إنفاق الزوج على زوجته، كقول الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ)، وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ)، والعلماء مجمعون على وجوب نفقة الزوج على زوجته، وتشمل النفقة: المأكل والمشرب، والكسوة، والتداوي، والمسكن، والخادمة لمن كانت معتادةً أن تُخدم في بيت أهلها، كما تستحق المطلقة النفقة إن كانت مطلقةً طلاقاً رجعياً وما زالت في عدتها، أما المطلقة طلاقاً بائناً فلا تستحق النفقة إلا إذا كانت حاملاً.
أسئلة شائعة
لم تحدد الشريعة الإسلامية حدّاً معيناً لمقدار النفقة، إلا أنّها اشترطت أن تكون النفقة بالمعروف؛ أي حسب العرف، وحسب سعة وقدرة الزوج، وحاله من حيث الغنى والفقر؛ لقول الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ).[5][11]
يجب على الزوج الإنفاق على زوجته حتى وإن كانت الزوجة عاملةً أو غنيةً، إلا أنّ النفقة تكون بالمعروف ضمن وسع الزوج وقدرته، ولأنواع النفقة الأساسية التي تحتاجها الزوجة دون تكليفه بنفقات زائدةٍ ناتجة عن عملها، ويجدر بالزوجين أن يتفاهما ويتّفقا فيما يتعلّق بعمل الزوجة ونفقات البيت وأمور الأسرة المالية.[13][14]
إذا ترك الزوج الإنفاق على زوجته، وكان قادراً على الإنفاق؛ فإنّه يُعدّ آثماً، ولها أن تأخذ من ماله دون علمه ما يكفيها ويكفي أبناءها بالمعروف،[15][16] وإذا رفعت الزوجة أمرها إلى القاضي؛ فإن القاضي يُلزمه بالنفقة، ويكتبها ديناً في ذمته، وللقاضي أن يُفرق بين الزوجين بسبب عدم إنفاق الزوج على زوجته إن اشتكت الزوجة، وأرادت التفريق بسبب تضرّرها من عدم إنفاقه عليها.[17]