حكم لبس الحرير للرجال
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على حرمة لبس الحرير للرجال، ونُقل الإجماع على ذلك؛ وقد استدّل الفقهاء بمجموعة من الأحاديث النبوية كما يأتي:[١]
- ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (أَرْسَلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- بحُلَّةِ حَرِيرٍ، أوْ سِيَرَاءَ، فَرَآهَا عليه فَقالَ: إنِّي لَمْ أُرْسِلْ بهَا إلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إنَّما يَلْبَسُهَا مَن لا خَلَاقَ له، إنَّما بَعَثْتُ إلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بهَا يَعْنِي تَبِيعَهَا).[٢]
- ثبت عن النبي الكريم أنّه قال: (لا يُلْبَسُ الحَرِيرُ في الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يُلْبَسْ في الآخِرَةِ منه).[٣]
- (كانَ حُذَيْفَةُ، بالمَدَايِنِ، فَاسْتَسْقَى، فأتَاهُ دِهْقَانٌ بمَاءٍ في إنَاءٍ مِن فِضَّةٍ، فَرَمَاهُ به وقالَ: إنِّي لَمْ أرْمِهِ إلَّا أنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الذَّهَبُ والفِضَّةُ، والحَرِيرُ والدِّيبَاجُ، هي لهمْ في الدُّنْيَا، ولَكُمْ في الآخِرَةِ).[٤]
- ثبت عن البراء بن عازب أنّه قال: (أَمَرَنا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بسَبْعٍ: عِيادَةِ المَرِيضِ، واتِّباعِ الجَنائِزِ، وتَشْمِيتِ العاطِسِ، ونَهانا عن سَبْعٍ: عن لُبْسِ الحَرِيرِ، والدِّيباجِ، والقَسِّيِّ، والإِسْتَبْرَقِ، والمَياثِرِ الحُمْرِ).[٥]
- ثبت عن علي بن أبي طالب أنّه قال: (إن نبيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أخذَ حريرًا فجعلَه في يمينِه، وأخذ ذهبًا فجعلَه في شمالِه، ثم قال: إن هذين حرامٌ على ذكورِ أمتي).[٦]
ويُقصد بالحرير المحرم؛ الحرير الطبيعي المصنوع من الدودة المعروفة، أمّا الحرير الصناعي فقد ذهب العلماء إلى القول بجواز لبسه للرجال؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يرد تحريمه في القرآن الكريم أو السنة النبوية.[٧]
حكم لبس القليل من الحرير
يُباح للرجل لبس اليسير من الحرير بشرط أنّ يكون متفرقاً في الثياب كالكم والجيب باتفاق جمهور العلماء؛ وذلك لما ثبت عن سويد بن غفلة -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، خَطَبَ بالجَابِيَةِ، فَقالَ: نَهَى نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن لُبْسِ الحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ)؛[٨] واشترط العلماء عدم زيادة مقدار الحرير عما نُسج به الثوب كاملاً.
حكم لبس الحرير للحاجة
يجوز لبس الرجال للحرير عند استدعاء الضرورة والحاجة لمثل هذا الأمر باتفاق أهل العلم، فإن أصاب الجلد حكة أو مرض وقال الطبيب: يجب لبس الحرير لمثل هذه الحالة؛ وجب لبس الحرير؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، وحفظ النفس والبدن في هذه الحالة مقدمٌ على غيره.[٩]
وقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، والزُّبَيْرِ في قَمِيصٍ مِن حَرِيرٍ، مِن حِكَّةٍ كَانَتْ بهِمَا)؛[١٠] وهو دليل صريح على جواز لبس الحرير للضرورة والحاجة، أمّا في حال توفر ثياب أخرى مناسبة لحالة الضرورة التي وقع بها الشخص المسلم فيجب عليه لبس تلك الثياب، والابتعاد عن لبس الحرير.[٩]
المراجع
- ↑ "الفرع الأول: حُكمُ لُبسِ الرجالِ للحريرِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 4/10/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2104 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:5830، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:5831، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:2445، صحيح.
- ↑ رواه النسائي، في سنن النسائي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:5144، صحيح.
- ↑ محمد المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 7591، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سويد بن غفلة، الصفحة أو الرقم:2069، صحيح.
- ^ أ ب أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 11، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2919، صحيح.