محتويات
المرض النفسي
الصّحةُ النّفسيّة هي أساسُ العواطف والتّفكير والتّواصل والتّعلم، وهي أيضًا مفتاحُ العلاقاتُ الشّخصيّة والقدرة على المشاركة والمساهمة في المجتمع والتّفاعل مع الآخرين، وعليه فإنّ المرضَ النّفسيّ أو ما يسمّى أيضًا باضطرابات الصحة العقلية هي مجموعة واسعة من أمراض الصحة العقلية أيّ الاضطرابات التي تؤثر على السلوك والمزاج والتفكير بما فيها الاكتئاب، واضطرابات القلق، والخوف، والفِصام، ويصيب المرض النفسي العديد من الأشخاص من وقت لآخر، ولا يستدعي ذلك الخوف، لكنّ القلق عندما تصبح الأعراض مستمرة ومتكررة لتؤثر على ممارسة الشخص لنشاطاته الحياتية بصورة طبيعية، ولحسن الحظ يمكن علاج المرض النفسي بعدة خطط علاجية بما فيها الأدوية والعلاج النفسي.[١]
علاج المرض النفسي
يعتمد علاج المرض النفسي على نوع المرض المصاب به الشخص وشدّته، ويمكن الجمع بين طرق العلاج في الكثير من الحالات، وقد يكفي تلقي الرعاية من الطبيب إذا كانت الأعراض خفيفة ويمكن التحكم بها، أمّا إذا كانت شديدة فلا بُدّ من اللجوء إلى العلاجات الدوائية والخيارات الأخرى، وما يميّز المرض النفسي عن غيره أنّ المصاب به يحتاج إلى رعاية طبية منزلية أولًا، وطبيب نفسيّ متخصص في علاج الأمراض النفسية، واستشاري نفسي، وموظف اجتماعي، بالإضافة إلى أفراد العائلة فجميعهم يلعبون دورًا في العلاج، وتتضمن الخيارات العلاجية للمرض النفسي ما يلي:[١]
- الأدوية: على الرغم من أنّ الأدوية لا تنهي وجود المرض لكنها تخفف كثيرًا من الأعراض، كما أنّها تعزز الشفاء إضافة إلى العلاجات الأخرى، ويعتمد اختيار الدّواء على كيفية استجابة المصاب له ووضعه الصحي، ومن الأدوية الأكثر شيوعًا لعلاج المرض النفسي مضادات الاكتئاب والتي تعالج الاكتئاب والقلق وحالات مرضية أخرى، كما يمكن أن تخفف من عدة أعراض كاليأس والحزن وصعوبة التركيز وفقدان الاهتمام بالأنشطة، ومن الجدير بالذكر أنّ مضادات الاكتئاب لا تسبب الإدمان، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للقلق التي تعالج اضطرابات القلق العام أو اضطرابات الهلع، كما تحدّ من الهياج والأرق، وعادةً ما تكون الأدوية المضادة للقلق مضادات اكتئاب عند استخدامها لفترات طويلة، وكون استخدامها على المدى الطويل قد يتسبب بتعود المصاب عليها فينصح الأطباء باستخدامها لفترات قصيرة، كما يشيع استخدام الأدوية المثبتة للمزاج لعلاج الاضطراب ثنائي القطب الذي يتسبب بنوبات من الهوس، ومن الممكن أن تستخدم مضادات الاكتئاب مع الأدوية المثبتة للمزاج في الوقت نفسه، وتستخدم الأدوية المضادة للذهان لعلاج الاضطرابات الذهانية كالفصام، وقد تستخدم لعلاج الاضطراب ثنائي القطب مع أدوية الاكتئاب.
- العلاج النفسي: والذي يتضمن العلاج بالتّكلم والذي يجريه أخصائي أمراض الصحة العقلية، وفيه يتعلم المصاب حالته ومزاجه ومشاعره وأفكاره، كما ويتعلم مهارات التعامل مع الضغوط ومعالجتها، وتوجد العديد من طرق العلاج النفسي ولكلّ طريقة فعاليتها، ويمكن إكمال العلاج النفسي في غضون عدّة أشهر، لكنّ بعض الحالات تستلزم علاجًا طويل الأمد.
- علاجات تحفيز الدّماغ: والتي تنبّه الدّماغ عند الإصابة ببعض الحالات النفسية كالاكتئاب بواسطة صدمات كهربائية والتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، وتحفيز الدماغ العميق، بالإضافة إلى تحفيز العصب المبهم.
- تغييرات في نمط الحياة: بالإضافة إلى العلاجات السابقة ينبغي إجراء تعديلات على نظام حياة المصاب، والتي تتضمن الالتزام بخطة العلاج بالدرجة الأولى، وعدم التوقف عن تناول الأدوية إلا باستشارة طبيب، ويجب الابتعاد عن شرب المشروبات الكحولية وتعاطي المخدّرات، كما يمكن أن تساعد التمارين الرياضية في التخفيف من أعراض الاكتئاب والتوتر والقلق، ويمكن لممارسة التمارين الرياضية أن تخفف من الآثار الجانبية لبعض أدوية الاكتئاب؛ كزيادة الوزن، والحفاظ على نوم عددٍ كافٍ من الساعات، والابتعاد عن اختيار القرارات عندما تكون الأعراض شديدة وحادة.
- العلاجات السّلوكيّة: وتتضمّن:[٢]
- العلاج السلوكي المعرفي: وفيه يحدّد الطّبيب المعتقدات والسلوكيّات المرضيّة، ويعرّف المريض عليها أنّها من أعراض مرضه النّفسي، واستبدالها تدريجيًا بسلوكيّات إيجابيّة صحيحة وطبيعيّة.
- العلاج السّلوكي الجدلي: وهو أحد أفرع العلاج السّلوكي المعرفي، ويعتمد على تعريف المريض بكيفيّة التّعامل مع الضّغوطات التي تولّد لديه الحالة النفسيّة، وكيفيّة إدارة مشاعره، وإكسابه مهارات للتّعامل مع البيئة المحيطة من أشخاص أو ظروف.
- علاج القبول والالتزام: ويعتمد على تقبّل المرض النّفسي، وقبول المشاعر والأفكار التي تنتج عنه، والاستعداد للالتزام بإجراء التغييرات السلوكيّة العلاجيّة المطلوبة، وهو ما ينعكس على زيادة قدرة المريض على التأقلم مع مرضه النفسي وتقبّله، إذ يعد الاعتراف بالمرض النّفسي وتقبّل العلاج أول خطوات الشّفاء.
- العلاج الدّيناميكي النفسي وعلاج التحليل النفسي: يعتمد على زيادة وعي المريض بالسّلوكيّات والأفكار التي تبدر منه بلا وعي، مما يغيّر طريقة تعامله مع المشاكل التي تواجهه، وتعطيه رؤى جيدة إلى دوافعه لفعل ردّات فعله.
- العلاج النّفسي للعلاقات بين الأشخاص: ويعتمد على كيفيّة إدارة المريض لعلاقاته مع الأفراد المحيطين به، وكيفيّة علاج المشاكل التي تعترضه معهم، وكيفيّة التّواصل السّليم والصحّي معهم، من خلال تحسين المهارات الشخصيّة.
- العلاج النّفسي الدّاعم: يعتمد على تدعيم قدرات المريض على مواجهة المشاكل، والتأقلم مع المواقف والأفكار التي تشكّل ضغطًا نفسيًا عليه.
أعراض المرض النفسي
تختلف الخطط العلاجية للمرض النفسي بالاعتماد على نوع المرض، وبالتالي فإن الأعراض أيضًا ستختلف، ولكنها في المجمل تتضمن ما يلي:[٣][١]
- اضطرابات في التفكير: كالخلط بين الأمور والحزن والغضب بصورة غير طبيعية.
- الانعزال الاجتماعي.
- تقلبات المزاج.
- مشاكل في العلاقات الاجتماعية والعائلية.
- الهلوسة: وهي رؤية أو سماع أشياء غير موجودة في الواقع.
- تعاطي المخدّرات.
- الإفراط في شرب المشروبات الكحولية.
- الشعور بالإحباط وعدم الاستمتاع بالأشياء التي كان الشخص يحبها أو يعجب بها.
- التفكير بالانتحار أو إيذاء الآخرين.
- اضطرابات النوم: بما فيها النوم لفترات طويلة أو عدم النوم بصورة طبيعية.
- الشّعور المستمرُّ بالحزن.
- التّشويش وعدم القدرة على التّركيز.
- الشّعور بالقلق، أو الخوف، أو عقدة الذّنب دون مبررٍ مقنع.
- عدم القدرة على التّعامل مع المشكلات البسيطة أو الضّغوط اليوميّة.
- انسداد في الشهية أو انفتاحها أكثر من المعتاد.
- قد تتمثل الاضطرابات على هيئة مشاكل جسديّة لا مبرر طبّي مقنع لها، مثل: آلام في الظهر، الرأس (الصداع)، المعدة، وغيرها.
- تغييرات في التّحصيل الدّراسي تتمثّلُ بضعف الدّرجات بالرّغم من الجهود التي يبذلها الطّالب والأهل.
- تغييرات في العادات الغذّائيّة، أو النّوم ورؤية الأحلام المزعجة والكوابيس.
- تكرارُ نوبات الغضب على أبسط أسباب.
أنواع المرض النفسي
يساعد الدليل التشخيصي لاضطرابات الصحة العقلية أطباء الصحة النفسية على تشخيص الأمراض النفسية، ووفقًا للدليل التشخيصي فإنّه يوجد ما يقارب 300 مرض نفسي، ومن أكثرها شيوعًا ما يلي:[٤]
- اضطراب ثنائي القطب: وهو مرض عقلي مزمن ينتشر بكثرة، فعلى سبيل الذّكر لا الحصر يصيب ما يقارب 2.6% من الأمريكيين كلّ عام، ويتميّز بنوبات من الهيجان والهوس والاكتئاب، كما ويؤثر على طاقة الشخص وقدرته على التفكير بصورة طبيعية، ويكون تقلب المزاج الناتج عن اضطراث ثنائي القطب أكثر حدّة من التقلبات الطبيعية التي يعاني منها الأشخاص في حياتهم اليومية.
- اضطراب الاكتئاب المستمر: وهو نوع من الاكتئاب المزمن والمعروف باسم ديسثيميا، وعلى الرغم من أنّ هذا الاكتئاب لا يكون شديدًا إلا أنّه يتداخل مع ممارسة المصاب لحياته بصورة طبيعية، ويعاني المصابون باضطراب الاكتئاب المستمر من ظهور الأعراض لمدّة عامين.
- اضطراب القلق العام: وهو على عكس القلق الذي يصيب جميع الأشخاص في حياتهم الطبيعية واليومية كالشعور بالقلق والتوتر قبل تقديم أيّ شيء أمام الجمهور، إنّما يكون حادًا ويسبب قلقًا كبيرًا تجاه الكثير من الأشياء، وقد يتسبب القلق بمنع الأشخاص المصابين من تأدية المهام اليومية.
- الوسواس القهري: وهي حالة مرضية تتسبب بالأفكار والهواجس المستمرة والمتكررة لرغبات غير ضرورية وغير معقولة لتأدية بعض السلوكيات، ويدرك المصابون بالوسواس القهري بأنّ أفكارهم غير معقولة لكنّهم لا يستطيعون إيقافها.
- اضطراب ما بعد الصدمة: وهو مرض عقلي ينشأ بعد تجربة صادمة أو مشاهدة حدث صادم كالحروب والكوارث أو الإساءة اللفظية أو البدنية، وتتضمن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الانهيار أو الانسحاب بسهولة.
- الانفصام: أو انفصام الشخصية، والذي يضعف من تصور الشخص للعالم ولنفسه، وهي حالة خطيرة تحتاج إلى علاج فوري، وقد يعاني المصاب بالانفصام من هلوسات.
- اضطراب القلق الاجتماعي: أو ما يعرف بالرهاب الاجتماعي، وهو الخوف الشديد من المواقف الاجتماعية، وفيه يشعر المصابون بقلق وخوف شديدين من وجود أشخاص آخرين.
أسباب المرض النفسي
لم يحدد الأطباء سببًا واضحًا للمرض النفسي، إلا أنّه توجد العديد من العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة به، وتتضمن هذه العوامل الآتي:[٥]
- العوامل الجينية والتاريخ العائلي.
- العوامل البيولوجية: كالاختلالات الكيميائية في الدماغ بعد إصابته.
- تعاطي المخدرات أو الكحول.
- حالات مرضية خطيرة كالسرطان.
- الوحدة والانعزال.
تشخيص الإصابة بالمرض النفسي
لتشخيص حالات الأمراض النّفسيّة، تُجرى مجموعة من الفحوصات، ومنها:[٦]
- الفحص البدني، إذ يُساعد الفحص البدني الطّبيب على استبعاد المشاكل الجسديّة التي تُسبّب الأعراض عند المُصاب.
- الفحوصات المخبرية، قد تشمل هذه الفحوصات كل من فحص وظيفة الغدة الدرقية أو فحص الكحول والمخدرات.
- إجراء تقييم نفسي، وذلك عندما يتحدث الطبيب أو أخصائي الصحة العقلية مع المُصاب عن أعراضه وأفكاره ومشاعره وأنماط سلوكه، وقد يُطلب منه ملء استبيان للمساعدة في الإجابة على هذه الأسئلة.
وفي بعض الأحيان يكون من الصعب معرفة المرض النّفسي الذي قد يسبب الأعراض الموجودة عند المُصاب، ولكن أخذ الوقت والجهد الكافي للحصول على تشخيص دقيق سوف يساعد في تحديد العلاج المناسب، إذ كلما زاد عدد المعلومات التي تؤخذ، زاد فهم الأعراض وتحديد مُسبّبها.
الوقاية من المرض النفسي
لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من الأمراض النّفسيّة، ومع ذلك، إن اتخاذ خطوات للسيطرة على التوتر وزيادة القدرة على الصمود وتعزيز احترام الذات قد يساعد في إبقاء الأعراض تحت السيطرة، ومن أهمّ الخطوات:[٦]
- إيلاء الاهتمام للأعراض التي تُلاحَظ، إذ ينبغي إخبار الطّبيب دائمًا عن الأعراض وذلك للعمل على معرفة المُسبّب، بالإضافة لأهميّة وضع خطة للقيام بها إذا عادت الأعراض، ومن المُهم الاتصال بالطّبيب أو المعالج إذا لوحظ أي تغيير في الأعراض، ومن المُهم إشراك الأهل في مُلاحظة الأعراض التي يُعاني منها المُصاب.
- الحصول على الرعاية الطبية الروتينية، وذلك بعدم إهمال الفحوصات أو تخطّي زيارات الطّبيب، خاصةً إذا لم يكن الشّخص على ما يُرام، ومن المُهمّ مُراجعة الطّبيب في حال ظهور بعض الأعراض الجانبيّة لدواء ما.
- الحصول على الرّعاية الطّبيّة في بداية الأمر والامتناع عن تأجيلها حتى تسوء الأعراض.
- النوم الكافي والأكل الصحي والنشاط البدني المنتظم من الأُمور التي يجب مُراعاتها، بالإضافة إلى الحفاظ على جدول منتظم.
المراجع
- ^ أ ب ت staff mayo clinic (2019-9-7), "Mental illness"، mayo clinic, Retrieved 2020-1-28. Edited.
- ↑ "Mental Health and Psychotherapy", webmd, Retrieved 2-3-2020. Edited.
- ↑ Joseph Goldberg, MD (2018-2-25), "Mental Illness Basics"، webmd, Retrieved 2020-1-28. Edited.
- ↑ Kimberly Holland (2018-9-19), "Mental Health Basics: Types of Mental Illness, Diagnosis, Treatment, and More"، healthline, Retrieved 2020-1-28. Edited.
- ↑ staff medlineplus., "Mental Disorders"، medlineplus, Retrieved 2020-1-28. Edited.
- ^ أ ب "Mental illness", mayoclinic, Retrieved 11-3-2020. Edited.