محتويات
التقوى
الطريق إلى مرضاة الله تعالى والفوز بجنته تتطلب التقوى، وتعني التقوى في اللغة اتخاذ وقاية تقيك مما تحذره وتخافه، وهي في الاصطلاح الامتثال لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه ما استطعتْ، وقد تحدث عنها الكثير من المفسرين والفقهاء وعلى رأسهم ابن كثير الذي قال: "يعبد الله عباده بتقواه، وأن يعبدوه وكأنهم يرونه، وأن يقولوا قولًا سديدًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه، ووعدهم الله بالإثابة إن هم امتثلوا لذلك بأن يصلح لهم أعمالهم ويوفقهم في مساعيهم، ويغفر لهم الذنوب والآثام التي سبقت، وما قد يقع من خطايا في المستقبل، وأن يلهمهم التوبة الحسنة"، وقد ذُكرَت التقوى في العديد من المواضع القرآنية، إليك أبرزها:[١]
- قوله تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[٢].
- قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿٧٠﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿٧١﴾}[٣].
- قوله تعالى في سورة الطلاق: {وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[٤].
- وكذلك في السنة النبوية الشريفة، إذ هنالك الكثير من الإشارات والدلالات التي تؤكد على أهمية التقوى في حياة المسلم وأثرها عليه، ومنها الحديث المروي عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله عنه، قال: [سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ معادِنُ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ، إذَا فَقُهُوا][٥].
- وعن عبد الله بن مسعود أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: [اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى][٦].
مراتب التقوى
يختلف أثر التقوى في نفس المسلم في ثلاث مراتب، بينها الله عز وجل في قوله: {ثُمَ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ}[٧]، وسنوضحها لك فيما يلي:[٨]
- المرتبة الأولى: هي المتقي لله الكامل وهو الشخص السباق في فعل الخيرات الذي أدى فرائض دينه وترك المحارم واجتهد في عمل الخير، فهو الأفصل والأعلى مكانة.
- المرتبة الثانية: وهم الأبرار المقتصدين الذين أدوا الفرائض وتركوا المحرمات لكنهم لا يتسابقون لفعل الخير والتطوع، أي أنهم قاموا بواجبهم الديني وحسب.
- المرتبة الثالثة: وهي العبد الظالم لنفسه؛ لأنه موحد لله عز وجل لكنه عنده شيء من المعاصي، والمرتبة الثالثة درجات بحسب المعصية وحجمها وأثرها، فكلما قلت المعاصي قل الظلم للنفس وقل الخطر المحيط بالشخص، وكلما زادت المعاصي زاد الظلم للنفس وأصبح الخطر أكبر.
علامات دالة على التقوى
العباد المتقين لله عز وجل محمودون في المجتمع، ويرغب الآخرون بالتقرب منهم ومجاورتهم؛ لما يتميزون به من صفات طيبة، لكن ما هي العلامات التي تدلل على تقواهم؟، تعرّف على هذه العلامات فيما يلي:[٩]
- توحيد الله سبحانه وتعالى فقد قال عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٠٥﴾ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٠٦﴾ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٠٧﴾ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٠٨﴾}[١٠]، وقد دل ذلك على أن معاني التقوى جامعة لكل أمور البر.
- الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل والنبيين واليوم الآخر والغيب، فقد وردت هذه العلامات في بعض سور القرآن الكريم مثل سورة البقرة، آل عمران والتوبة.
- اللجوء إلى الله تعالى عند الإصابة بشر من الجن أو الإنس، فالتقيّ يأخذ بأوامر الله عز وجل ويبتعد عن نواهيه، ويتذكر على الدوام أن جزاء العمل الصالح عند الله جزيل، وأن عاقبة فعل السوء عاقبة وخيمة.
- الصبر على أقدار الله تعالى، فتقوى الله تعالى أعظم معين لمن أصابه شيء، وهي السبيل الوحيد للثبات على الصبر في العسر.
- الرجوع إلى الله تعالى والأوبة والتوبة الصالحة بفعل الطاعات وأداء العبادات، والاستغفار عن الذنوب والآثام.
- الوفاء بعهد الله عز وجل وميثاقه، فلقد أثبت الله التقوى لمن وفى ونفاها عمن نقض عهده مع الله.
- القرب من الله تعالى في الدنيا والآخرة؛ طلبًا لمرضاته وامتثالًا لأوامره.
ما أثر التقوى في حياتك؟
التقوى هي قطب العبادة والطاعة في حياتك، وهي دلالة على الصفاء الداخلي وعمق القلب ويقظة الضمير في نفسك، كما أنها تعكس سعة الإخلاص، والرفض والامتناع عن القيام بالذنوب، والانصياع للنزوات والشهوات، فهي ذات أثر كبير على حياتك؛ بعضها تناله في الدنيا وبعضها تناله في الآخرة، وذلك ما سنوضحه فيما يلي:[١١]
آثار التقوى في الدنيا
- الرزق الكثير من حيث لا تحتسب، والخروج من كل كرب وضيق.
- البشرى، وهي الرؤيا الصالحة، ورزق محبة الناس وثنائهم عليك.
- قبول الأعمال التي تجني لكَ سعادة الدارين، في الدنيا والآخرة.
- التلذذ بحلاوة الإيمان والمعرفة، وهيبة الخلق والشرف.
- القبول في الأرض ومحبة الله عز وجل.
- الحفظ من كيد الأعداء ومكرهم بك.
- إطلاق نور البصيرة ونفاذها.
- الثبات على الحق في الدنيا.
- تيسير الأمور وتسهيلها.
- النجاة من عذاب الدنيا.
- تيسير العلم النافع.
- البشارة عند الموت.
آثار التقوى في الآخرة
- كسب عظيم الأجر والتكفير عن السيئات.
- كسب واستمرار المودة بين المتقين.
- الحشر إلى الله تعالى ركبانًا.
- الحصول على نعيم الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين.
- ميراث الجنة ودخولها والاستمتاع بما فيها من مكارم.
قد يُهِمُّكَ: وسائل تعينك على تقوى الله
أمر الله عباده بالتقوى وبين لهم أنها الطريق السليم لكسب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ويمكن اختصار معناها بأنها الأخذ بكل ما أمر الله به والابتعاد عن كل ما نهى عنه، وقد تجد في نفسك صعوبة في الوصول إلى التقوى والاستمرار عليها، فالإيمان يزيد وينقص في قلب المسلم ونفسه، لهذا سنورد لكَ مجموعة من الأمور التي ستعينك على التقوى:[١٢]
- تفكر وتدبر بأمر الدنيا والآخرة، واحرص على معرفة قدر كل منهما، فهذا التبصر وتلك المعرفة ستقودك للسعي الصادق إلى الفوز بجنات النعيم، والنجاة من عذاب النار.
- اجتهادك في طاعة الله عز وجل، فكلما أظهرت حرصًا على أداء العبادات سيكافئك الله بزيادة الهدى والتقوى، مما يفتح أمامك أبواب الخير وييسر كل صعب وقفَ في طريقك يومًا.
- احرص على الصوم والإكثار منه، فقد جعله الله مفتاحًا من مفاتيح الطاعات وقال عنه في القرآن العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[١٣].
- تخلق بأخلاق وصفات المتّقين التي ذكرها الله تعالى في كتابه وهي كثيرة ومنها؛ الصلاة، والصوم، والوفاء بالوعد، والتصدق والإحسان لليتامى، والبر، والصبر، والإخلاص وغيرها.
- تمسّك بهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وابتعادك عن البِدَع المحدثة في الدين.
- تفكّر بآيات الله الكونية الموجودة حولك.
- أكثر من قراءة القرآن الكريم وذكر الله.
المراجع
- ↑ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك، تطريز رياض الصالحين، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:102
- ↑ سورة الأحزاب، آية:70 -71
- ↑ سورة الطلاق ، آية:2-3
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3383، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2721 ، صحيح.
- ↑ سورة فاطر، آية:32
- ↑ "مراتب التقوى"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-6. بتصرّف.
- ↑ "صفات المتقين فيما بينهم وبين الله تعالى"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-6. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:105- 108
- ↑ "آثار التقوى وسبل تحقيقها وآثار المعصية وسبل اجتنابها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-6. بتصرّف.
- ↑ "كيف ننمي تقوى الله في قلوبنا ؟"، الإسلام سؤال وجواب ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-6. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:183