- ذات صلة
- بحث عن سقراط
- بحث عن ابن رشد
أفلاطون
يعدّ أفلاطون أحد أشهر الفلاسفة على مرّ العصور، وهو عالم وفيلسوف يوناني عاش في الفترة ما بين 347 و428 قبل الميلاد، عرف أفلاطون بالحوارات الأدبية والفلسفية التي كان يديرها؛ إذ تلخصت أغلبها في مواضيع حول العقل والوجدان، وأسّس أول جامعة أكاديمية في العالم، وتقع في شمال أثينا وهي المدينة التي عاش وتوفي فيها، واسمه الحقيقي أريسطوكليس بن أريستون وعرف بأفلاطون ومعناها العريض باللغة اليونانية، إذ أطلق عليه مدرب المصارعة الخاص به هذا اللقب بسبب كتفيه العريضين، وكان من المتوقع لأفلاطون أن يعمل في مجال السياسة، كونه ينحدر من عائلة أرستقراطية مهتمة ومتصلة بالسياسة كثيرًا، لكنّه فضّل في مرحلة شبابه الاتجاه إلى مساعيه في الأدب وكتابة الشعر والمسرحيات، بالإضافة إلى ميوله نحو الفنون.[١]
حياة أفلاطون
كان أفلاطون في شبابه أحد الذين انضموا للجماعة المحيطة بالفيلسوف الشهير سقراط؛ إذ عرف بشخصيته الجذابة وأسلوبه العميق في نشر أفكاره، واستمر في أخذ الدروس الفلسفية عن سقراط حتى محاكمته ووفاته إعدامًا عن طريق السم عام 399 قبل الميلاد، وذلك بتهمة محاولة تخريب عقول الشباب بأفكاره غير التقليدية، وبعد وفاة سقراط أصيب أفلاطون بحزن شديد على معلمه لعدة أعوام ثم قرر السفر خارج أثينا والبقاء على نهج معلمه متمسكًا بأفكاره، ورافضًا للظلم الذي تعرض له.
بعد ذلك انتقل أفلاطون إلى إيطاليا وتعلم من رهبانها، ورحل بعدها إلى مصر لفترة ليست بقصيرة، ونهل العلم من البدو سكان الصحراء وأعجب بأفكارهم وقدّرها في كتاباته، واستمر في زيارة اليونان بين الحين والآخر، واشتهر كمعلم؛ فذهب إلى ديون لتدريس الحاكم ديونيسيوس الصغير، ثم عاد في النهاية إلى أثينا بعد عشر سنوات تقريًبا، وضم حوله عددًا من الأشخاص ذوي القدرات العالية والأفكار الإبداعية من خلال تأسيس أكاديمية أفلاطون، التي شجعت طلابها والمنتسبين إليها على نمط البحث المستقل وغير المشروط، وفي وقت لاحق تحولت مدرسة أفلاطون إلى الاتجاه الفلسفي المشكك.
قد يستغرب البعض أنّ أفلاطون لم ينشر أي أعمال له أثناء فترة حياته، وعرفت جميعها بعد وفاته؛ إذ لم تعرف الطباعة في عصره وكان لا بد من نسخ الأعمال يدويًا وهي مهمه مستحيلة تقريبًا، كما لم تمتلك الكتابة في عصر أفلاطون أدوات الترقيم وتقسيم الكلمات أو الأحرف الكبيرة والصغيرة الموجودة في اللغة حاليًا، ودون هذه الأدوات يصعب على الفرد فهم المعاني المقصودة من كتابات أفلاطون، وبسبب ذلك تحتوي نسخة من أعماله المحفوظة على تفسير لغوي ضخم أكبر من حجم العمل نفسه.[٢][٣]
فلسفة أفلاطون
تعد فلسفة أفلاطون غريبة جدًا على عصره، حتى أنّها تختلف عن فلسفة معلمه أرسطو أو الفلسفة اليونانية العامة، وهي متنوعة في أفكارها والاتجاهات التي تسلكها، وقد يعود ذلك إلى أسفاره الكثيرة حول العالم واختلاطه بمجتمعات مختلفة، ما أدّى إلى امتلاكه معرفة متميزة في مجال الفلسفة الإنساني والأخلاق والمعاملات وغيرها، كما فسّر العلاقة بين العديد من الكيانات الحيّة والجمادات، وحاول إثبات أن الأشخاص الذين يمتلكون أخلاقًا تابعة للخير فقط لا يملكون كل المقومات التي تجعلهم يعيشون بفهم عميق للحياة.
ويرى أفلاطون من خلال فلسفته أن لكل عنصر في الحياة وجهين، أحدهم جيد والآخر سيء، حتى المبادئ الأخلاقية كالعدالة والمساواة وغيرها، وهو ما يدفع العديد من النقاد إلى رفض فلسفته، كما يتوجه أفلاطون إلى فكرة فهم الوجود الخالص للمخلوقات بعيدًا عن الشكل، وأدرك الصعوبات التي تواجهه في طريق تفسير نظرياته وتقبلها من العامة، وفي فترة معينة دخل أفلاطون في التصنيفات الحديثة للنباتات والحيوانات، ورتبها وفقا للتصنيف البيولوجي، ثم اعتمد في تصنيف آخر على طبيعة الحيوان نفسه، وعلى سبيل المثال، صنف الذئب في أسفل السلسلة الحيوانية، وذلك للطباع غير الخيّرة الموجودة فيه.
اهتم أفلاطون بالتنبؤات عامة، وجعلها وسيلة لتعريف الحقائق من حوله دون البحث عنها في فلسفات من سبقوه، وهذا برأيه مكنه من العمل واستنباط ماهية الأشياء نفسها حقًا دون التأثر بآراء غيره، وكتب عن إمكانية أن تكون فضيله أو خلق معين هو في الواقع جزءًا من فضيلة أخرى وليست كيانًا قائمًا بذاتها، وكذلك يمكن أن تكون الفضيلة نفسها ليست فضيلة أصيلة، ومثال على ذلك الشجاعة، فيمكن ان تكون فضيلة في استخدامها للخير، ويمكن أن تكون جزءًا من الفضيلة ويمكن أن تبتعد عن الفضيلة حسب موضع استخدامها.[٣]
أفلاطون والسياسة
في فترة من حياته دخل أفلاطون في عالم السياسة، وحصلت أول مغامراته في صقلية بعد وفاة دونيونيوس الأول وتسلم ابنه الصغير العرش؛ إذ دُعي عمه أفلاطون لتدريس الملك الصغير والثاني ليصبح حاكمًا فيلسوفًا ومحبوبًا في الجمهورية، ولم يكن أفلاطون مقتنعًا بالفكرة لكنه ذهب، وهناك بعد بضعة أشهر نفي الوصي على الملك الجديد، وأصبح أفلاطون في وضع قيد الإقامة الجبرية، وأطلق عليه لقب الضيف الشخصي للملك الديكتاتور.
وبعد فترة تمكن أفلاطون من الحصول على موافقة للعودة لأثينا، ومكث هناك أربع سنوات، ثم بعث دونيونيوس إلى أفلاطون ليعود إلى سيراكيوز، لكنه رفض وبعد أقل من عام أرسل دونيونيوس سفينة فيها أحد أصدقاء أفلاطون ليقنعه بالعودة، ثم عاد أفلاطون بسبب تشجيع صديقه ديون لكن دونيونيوس حبسه مرة أخرى، وتمكن من الهروب بمساعدة بعض أصدقائه من مدينة تارنتيني، ثم عاد أفلاطون إلى وطنه أثينا، وابتعد كليًا عن السياسة؛ إذ شعر بالاشمئزاز منها بعد رحلته الأخيرة، واستمر في عمله داخل الأكاديمية الجامعية التي أسسها، وعاش هناك آخر ثلاثة عشر عامًا من مسيرته، وبعدها توفي افلاطون ودفن في مدرسته بناءً على رغبته.[٤]