محتويات
أبو تمّام
عاش أبو تمام في الفترة الممتدة بين (188/231هـ - 804/846م)، وهو حبيب بن أوس بن حاتم الطائي، الذي يعد أحد أُمراء البيان في شعره وأدبه، ولد في قرية جاسم إحدى قرى حوران في سوريا سنة 804، وعاش معظم فترة شبابه في مدينة حمص، وبعد ذلك نزل إلى مصر وقد عمل في بيع الماء بالقرب من مسجد في القاهرة ليكسب بعض المال لمساعدته على العيش، ويعد أول ظهور له كشاعر في مصر، ثم اتجه إلى دمشق وبعدها إلى الموصل ليبحث عن عمل، وحاول التقرب من الخليفة المأمون ولكنه فشل في ذلك، مما جعله يضطر للذهاب إلى مكان آخر، وكان ذلك المكان هو الجزء الشرقي من الخلافة، حاز هناك على إعجاب الحكام والسؤولين وخاصة حاكم أرميا خالد بن يزيد الشابي الذي ورد عنه أنه كان يكافئة مقدار 10 آلاف درهم على كل عمل يقوم به وخاصة في المناسبات المختلفة، توفي في مدينة الموصل شمال العراق ودفن فيها.[١]
حياته الأدبية
حاول أبو تمام بعد وفاة الخليفة المأمون أن ينال إعجاب الخليفة الجديد المعتصم بالله، وهو يعد الابن الأصغر لهارون الرشيد أحد الخلفاء العباسيين، وبالفعل قرّب الخليفة المعتصم بالله أبو تمام منه وساعده كثيرًا، فقد عمل في محكمة الخليفة فترة من الزمن وانتقل إلى بغداد وبعدها إلى خرسان، وهناك إلتقى بالبحتري وهو شاعر عباسي، وكان ذلك عام 820، وأهم ما قال عنه البحتري لو رأيت أبو تمام لرأيت أكمل الناس عقلاً وأدباً وعلمت أن أقل شيء فيه شعره، ، فقد كان فصيحًا حلو الكلام، أسمرًا طويل القامة، وكان حافظًا للأراجيز العربية، حتى أنه كان يحفظ 14 ألف أرجوزة بالإضافة إلى ما كان يحفظه من قصائد ومقاطع، وكان شعره زاخرًا بالقوة والجزالة، ولكن قيل أنه كان أجشّ الصوت فكان يصطحب معه راوية له حسنُ الصوت لينشد شعره في حضرة الخلفاء والأمراء، وقد شاع في تلك الفترة الكثير من القصائد الأدبية لأبي تمام والتي اشتهر على إثرها في الأدب، وكان أهم ما يميز قصائده أسلوبه الحماسي، إذ استطاع أن يقدم أجمل المختارات المكتوبة في الأدب العربي، وقد تميز أبو تمام خلال حياته بسمعة طيبة وكان ذلك واضحًا في تعريفه للمفاهيم الشفوية المنتشرة في الشعر العربي، وقد قيل عنه أنه شاعر مبدع ومبتكر، فقد طور المعاني وزاد عليها وصورها أحسن تصوير، وقد كتب في جميع الفنون الشعرية وخاصة في المدح والوصف، واعتمد أبو تمام في تدوين مختاراته المهمة من الشعر العربي وجمعها في المكتبة الجميلة التي كانت معروفة باسم حماس، وكان ديوانه يتحدث عن أهم الأحداث التاريخية التي وقعت في تلك الفترة، ومن أهم أعماله الأدبية؛ فحول الشعراء، ومختار أشعار القبائل، وديوان الحماسة، ونقائض جرير والأخطل.[١]
مذهب أبو تمام
اتفقت العديد من المصادر أن أبا تمام قد ابتكر مذهبًا شعريًا جديدًا، وقد عرف هذا الاتجاه باسم البديع، وقال ابن المعتز أن هذا المبدأ عرف قديمًا في الشعر الجاهلي والقرآن الكريم أن كل ما قام به أبو تمام هو المبالغة والإفراط فيه حتى عرف بهذا المذهب، وقد اتفق الآمدي مع ابن المعتز في ذلك، فقد بدا واضحًا في شعره الخروج عن عمود الشعر واستحداث الكثير من الأشياء التي تخالف مقومات الشعر العربي، لذلك انقسم الأدباء إلى قسمين؛ منهم من يوافق على شعره ويبين محاسنه ويثني على تجديده واختراعه، ومنه من يختلف معه ويطعن بشعره ويعاديه، ولا يعد هذا التجديد إلا تصنعًا، وأن هذا الشاعر كان يستخدم ألفاظًا غريبة وغامضة ومتكلفة، وقد ظهر في نفس الفترة شاعر آخر محافظ على مقومات الشعر العربي القديم وعمود الشعر وهو البحتري، ونتيجة المقارنة بين هذين الشاعرين ظهر العديد من الخصوم لأبي تمام ، وقد ظهر الكثير من المشاركين بهذه المقارنة، فمنهم الآمدي الذي ألف كتابًا في الموازنة بين أبي تمام والبحتري.[٢]
خصائص شعر أبي تمام
توجد عدة خصائص امتاز بها شعر أبي تمام عن غيره من الشعراء، من أهم هذه الخصائص ما يلي:[٢]
- التكلف والغموض، وإخفاء المعنى الحقيقي للكلام والتعقيد.
- الإكثار من البديع، وقد وصل به الأمر لمرحلة التكلف والتصنع حتى أنه أورد معانٍ لم يًستطع الوصول إليها إلا بعد التفكير الطويل والتأمل البعيد.
- استخدام الصور المجازية الغربية وعدم اقتصاره على المحسنات اللفظية.
- المبالغة، فقد كان لا يقتصر على المعنى البسيط وإنما كان يبالغ بالمعنى للوصول إلى أقصى غاياته.
- الحكمة، فقد تميز شعره بتحكيم العقل والمنطق، وهذا ما جعله يفتح آفاقًا لزيادة المعاني.
أبرز أعمال أبو تمام الأدبية
يعدُ أبو تمّام من أوائل الشعراء الّذين واكبوا التجديد في العصر العباسي، فأخذ بمعطيات الحضارة القديمة مع المحافظة على الأُطر الجديدة للشعر، وقد جمعَ بين عدّة عناصر هي العقل والوجدان والزخرف محافظًا على خصائص العربية ومحتوياتها، ومن أبرز أعماله الأدبية ما يلي:
- ديوان الحماسة: يحتوي ديوان الحماسة على الكثير من القصائد والأشعار، وسمي بذلك لما تحويه أوّل عشرة أبواب من الكتاب من غزارة وكثافة؛ كما أنّه يحتوي على باب الأدب وباب المراثي، وباب الهجاء، وباب النسيب، وباب الأضياف، وباب الصفات، وباب المديح وباب مذمة النساء.[٣]
- نقائض جرير والأخطل: هو كتاب في الأدب والشعر، جمع فيه الشاعر الأديب أبو تمام نقائض جرير والأخطل، فقد كانا من ألمع شعراء عصرهم والعصور اللاحقة، وكان لاجتماعهما في قصور الخلفاء ميزة رائعة، إذ كان لا بد لكل منهما أن يجيب صاحبه على قصيدة ألّفها، وبذلك حصل الشعر العربي على أروع كتابة، وكانت تلك النقائض من أروع ما قيل في الشعر العربي.[٤]
أشهر الأبيات الشعريّة
- من أشهر الأبيات الشعرية لأبي تّمام قوله:[٥]
نقّل فؤادك حيثُ شئتَ من الهوى ما الحُب الّا للحبيب الأول كم منزل في الارض يألفُه الفتى وحنينه أبدًا لأول منزل. هذه القصيدة من أجمل ما كُتب وقيل عن الحب والهوى، وتحتوي على كلمات شعرية رائعة من الأدب القديم.
- وقال في فتح عمورية:
السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتُب في حدّه الحَدُ بين الجِدّ والّلعبِ
سخر الشاعر في هذه القصيدة من المنجّمين الّذين حَذّروا المعتصم من فتح عمورية، فالحربُ وحدها هي سبيلُ النصر والحقيقة.
المراجع
- ^ أ ب "سيرة ذاتية عن الشاعرأبي تمام.. من هو أبو تمام وكيف نشأ أصبح واحدمن رواد الأدب العربي "، المرتحل، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ذ. الكبير الداديسي، "مذهب أبي تمام الشعري"، الصدى، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "ديوانٌ جَمعهُ حبيب بن أوس الطائي أبو تمام في «حماسته» أشعر"، البيان، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "نقائض جرير والأخطل"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-1019. بتصرّف.
- ↑ ساري العم (2-2-2019)، "أبو تمام شاعر ينحت من قلبه!"، مدونات الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2010. بتصرّف.