محتويات
التسامح
التسامح خلق كريم من الأخلاق الحسنة التي على الفرد التحلي بها والتخلق بأخلاقها في حياته، ليسعد بها وتستقيم حياته على نهجها، فالتسامح من حسن الخلق، وهو صفة حميدة وخلق كريم وسلوك قويم يفتح الآفاق أمام حفظ الحقوق وفهم الواجبات على الوجه المطلوب، وفيه الكثير من الاحترام والتعايش الإيجابي مع الآخرين، وفيه فضائل اجتماعية كثيرة تقوي من الروابط الإنسانية وتؤكد أواسر المحبة والتعاون بين المجتمعات كافة، فالتسامح ثقافة إنسانية راقية لا بد من فهمها وتطبيقها في مختلف مجالات الحياة لما لها من عظيم الأثر والخير على الفرد والمجتمع والشعوب من خير وسلام ورفاهية، فتبدأ بالقدوة الحسنة وخير مثال على ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وللتربية الصحيحة الدور الكبير في غرس هذا الخلق في نفوس الصغار عن طريق القدوة والنصح والتوجيه وضرب الأمثلة.[١]
مفهوم التسامح
- التسامح في اللغة: مأخوذة من لفظة سَمَحَ، ومنها السماح والسماحة؛ أي الجود فيقال رجل سمح، وامرأة سمحة، ويقال أيضًا أَسْمَحَتْ قَرِينتُه بمعنى ذلَّ واستقام، وسَمَحَتِ الناقة إذا انقادت وأَسرعت، وتقول العرب: عليك بالحق فإِن فيه مَسْمَحًا أَي مُتَّسَعًا.
- التسامح في الاصطلاح: هو خلق حسن يحمل الكثير من الرحمة واللطف ولين الجانب في العبارة والسلوك، فهو يدل على السلوكيات الإنسانية التي تنبذ التطرف والعنف والفظاظة، وتتحلى بالرحمة والتقارب والتعايش، وقبول الآخر على اختلافه، سواء في الدين أو العرق أو الجنس.
- التسامح في القرآن: جاء الدين الإسلامي الحنيف بباقة من أجمل الأخلاق والصفات الإنسانية التي بها تستقيم الحياة وتقام الحضارات وتنهض الأمم، ومن بين هذه الأخلاق الحسنة التي حث عليها القرآن الكريم في محكم آياته؛ فإن للتسامح حصة كبيرة من الآيات القرآنية التي تدعو إلى التسامح والرحمة واللين والتلطف مع العباد في كل الأمور، ومن هذه الآيات قوله تعالى:{إدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، فقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمخاطبة الآخر وهم الكفار وأهل قريش بحسن القول وجدالهم بالتي هي أحسن بعيدًا عن التسفيه أو الشتم والذم، فهو خلق يحفظ للناس حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
- التسامح في السنة النبوية: المتأمل في سيرة النبي عليه السلام يرى هذا الخلق جليًا واضحًا في كافة أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين وغير المسلمين، فقد حمل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام راية الإسلام والسلام والرحمة والهداية للعالم أجمع، فكان حسن الحديث ولين الجانب حتى مع من خالفه من الناس.
- المفهوم العام للتسامح: معنى التسامح لا يقتصر على الجانب الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية فقط، بل يتعداه إلى كافة جوانب الحياة؛ فيشمل التسامح الحياة السياسية والاقتصادية، ويتسع خلق التسامح ويمتد ليصل إلى حقول المعرفة والعلم والتربية والدعوة إلى الله.[٢]
أهمية التسامح في بناء المجتمع
حثّ الإسلام على الالتزام بالتسامح في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة؛ لما لها من الخير الكبير الذي يعود على الفرد والمجتمع، وفيما يأتي ذكر لأهمية التسامح في بناء المجتمع ونهضته[٣]:
- التخلص من العداوة والكراهية والمشاعر السلبية التي تسبب الكثير من الشحناء والبغضاء والتنافر بين الأفراد والمجتمعات، وغرس التسامح والمحبة في النفوس ليسود الاستقرار والسكينة في المجتمعات.
- نهضة المجتمعات وتقدمها وعمارتها، والقضاء على جزء كبير من المشاكل الداخلية.
- خلق روح من التعاون والتعايش بين الفرد والمجتمع، في وقت تقاربت فيه حضارات الشعوب واختلطت وتشاركت فيما بينها في عصر التقدم التكنولوجي الكبير، فبات لا بد من تحقيق خلق التسامح بين الشعوب والأفراد ليتسنى لهم العيش بسلام وطمأنينة.
- يصبح الفرد شخصًا إيجابيًا وعنصرًا فعالًا في بيئته ومجتمعه، فينشغل بعمله ومستقبله وطموحاته، ويخلصه من الأفكار السلبية والتصرفات السيئة التي قد تشغله عن تحقيق أهدافه في الحياة.
- نيل رضا الله ومحبته والفوز بمغفرته وعفوه سبحانه، وفيه أيضًا أسوة حسنة بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
- ينال الإنسان المتسامح الأمن والعز يوم القيامة بفضل هذا الخلق الكريم.
- يخلق التسامح أجواء طيبة من الرحمة والعفو والإحسان، ويزيد من قدرة الفرد على ضبط نفسه، والتحكم بنزعاتها، والبعد عن الحقد والضغينة والانتقام، فالتسامح صفة الأقوياء وليس الضعفاء كما يعتقد البعض فالقوي من ملك نفسه وقت الغضب.
- الفوز بثقة الآخرين ومحبتهم ونيل احترامهم والقرب منهم، وزيادة الانتفاع من معارف الآخرين وعلومهم وثقافاتهم.
من صور التسامح في الإسلام
- وضع الإسلام القواعد الأساسية للتسامح بين الناس جميعًا، وبين الله تعالى لنبيه عليه السلام أنه لا إكراه في الدين، بل أمره أن يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أمر اعتناق الإسلام متروكًا للقناعة الشخصية، بعيدًا عن تأثير القوة والإجبار.
- حفظ الإسلام حقوق غير المسلمين وأمنهم في ظل دولة الإسلام وخارجها فصان أعراضهم وأموالهم وأبنائهم وحقق لهم الحياة الكريمة، فكانت لهم حقوق واضحة في ذمة كل مسلم، ولا يجوز لأحد الاعتداء عليهم.
- نهى الإسلام عن قتال غير المسلمين إذا لم يكونوا من المقاتلين في صفوف أعداء الإسلام، ولم يُحرّم الإحسان لهم والبر بهم.
- المساواة بين المسلم وغير المسلم في القضاء والحكم، وخير دليل على هذا قصة الأشعث مع اليهودي، ففي الحديث:(عن الأشعَثُ قال: كانَ ذلِكَ كانَ بَيني وبينَ رجلٍ منَ اليَهودِ أرضٌ، فجَحدَني فقدَّمتُهُ إلى النَّبيِّ صلىَّ اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ لي النَّبيُّ صلىَّ اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ألَكَ بيِّنةٌ ؟ قلتُ: لا، قالَ لليَهوديِّ : احلف قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ، إذًا يحلِفَ ويذهبَ بمالي، فأنزلَ اللَّهُ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا إلى آخرِ الآيةِ) [عبدالله بن مسعود| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٤]
المراجع
- ↑ عماد علو (16-11-2013)، "أهمية التسامح الإجتماعي"، الزمان، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "التسامح في الاسلام"، الفجر، 3-8-2012، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
- ↑ هاجر (14-5-2017)، "أهمية العفو و التسامح في الإسلام"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "التسامح والتعايش بين البشر"، الألوكة، 16-4-2018، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.