أبحث عن شيء يؤنسني

أبحث عن شيء يؤنسني
أبحث عن شيء يؤنسني

قصيدة أبحث عن شيء يؤنسني لفاروق جويدة

"أبحث عن شيء يؤنسني" هي عنوان قصيدة للشاعر فاروق جويدة، وهو مصري الجنسية، وُلِد في محافظة كفر الشيخ وعاش طفولته في محافظة البحيرة، كانت له العديد من القصائد مثل على الأرض السّلام وكذب الدّهر، وعندما تُفرّقنا الأيام، وغيرها الكثير، أمّا بالنسبة لقصيدة "أبحث عن شيء يؤنسني[١]فإليك هي:[٢]

في هذا الزَّمنٍ المجنون

أبحثُ أحيانًا عن نفسي

كي أهربَ من ظلمةِ يأسي

أمضي كالطيفِ فألقاها

تقترب قليلًا ... أعرفُها

يختلطُ العمُر فلا أدري

هل أحيا يومي... أو أمسي

نتبادلُ كالغرباءِ تحيةَ صبحٍ .. نتناجَى

تسقيني أسكر...

ثم أدورُ... وأعطيها كأسي

تتسرَّب في قلبي، عقلي...

وتغوصُ بحسِّي

يتصاعدُ صوتي حينَ أراها...

ثم تغيب

فيطويني صمتي... كصراخ الخُرسِ

نتلاشى في الأرضِ حيارى

فأراها موتي أحيانًا

وأراها في يومٍ ... عرسي

ننشطرُ بعرضِ الكون

فنصبح ذراتٍ كشعاع الشمسِ

نفترقُ ونمضي أغرابًا ببلادِ الله

وتحملنا دوامةُ بؤسِ

نشتاق ليومٍ يجمعنا...

لأعودَ لنفسي

في هذا الزمن المجنونِ

أبحثُ أحيانًا عن نفسي في باقةِ زهرِ

ألمحُها ضوءًا يتهادى في طلعةِ بدرِ

تصرخ في ألمٍ كالعصفورِ بلدغةِ قهرِ

فأرى الأيامَ على صدري كتلالِ الجمرِ

أبحث عن نفسي في الطرقات

وعند الباعةِ... خلفَ النهرِ

تسري أحيانا فوقَ الموجِ

وبين الأحياءِ الموتى كطيورِ الفجرِ

تتوارى نفسي في خجلٍ

كسنين العمر

فأدورُ أدورُ أحاصرها

فأراها تسكن في العينين

قصيدةَ شعرِ

في هذا الزمنِ المجنونِ

ما زلتُ أخافُ من الأشياءِ

أبحثُ عن شيءٍ يؤنسني

قلمي يتمردُ في غضبٍ

يصبحُ سجانًا يصفعني

دفترُ أوراقي أحيانًا

يبدو سكينًا في عيني

والعمر الظالم أتبعُه

والقدرُ الطائشُ يتبعني

نبضاتُ القلبِ تعاندني

أحيانًا تخفتُ... تهربُ... تصمتُ

ثمَّ تعودُ وتسألني

أتريدُ حياتكَ بعدَ اليومِ؟

همومُ زمانك تؤلمني

ليتكً في يومٍ تسمعُني

في هذا الزَّمنِ المجنونِ

لا أفتحُ بابي للغرباءِ

لا أعرفُ أحدًا

فالبابُ الصّامت نقطةُ ضوءٍ في عيني

أو ظلمةُ ليلٍ ... أو سجّانٍ

فالدنيا حولي أبوابٌ

لكنَّ السجن بلا قضبانِ

والخوفُ الحائرُ في العينين

يثورُ ويقتحمُ الجدران

والحلمُ مليكٌ مطرودٌ

لا جاهَ لديه... ولا سلطانِ

سجنوه زمانًا في قفصٍ

سرقوا الأوسمةَ مع التيجانِ

وانتشروا مثل الفئرانِ

أكلوا شطآن النهر

وغاصوا في دمِ الأغصانِ

صلبوا أجنحةَ الطيرِ

وباعوا الموتى والأكفانِ

قطعوا أوردةَ العدلٍ

ونصبوا سيركًا للطغيانٍ

في هذا الزَّمنِ المجنونِ

إمّا أن تغدو دجالًا

أو تصبح بئرًا من أحزانِ

لا تفتحُ بابكَ للفئرانٍ

كي يبقى فيكَ الإنسانِ.

في هذا الزمن المجنون

كثيرًا ما ألمحُ نفسي فوقَ الأوراقِ

فأراها تبكي خلفَ العينِ

وتصرخُ حزنًا في الأحداقِ

وأراها في صدري حلمًا

يتكسَّر مني في الأعماقِ

قد كنتُ أراها حينُ أحبُ

وحين أضيعُ ... وحين أموتُ من الأشواقِ

قلبي عاندني من زمنِ

ما عادَ يحبُّ... ولا يشتاقُ

الناسُ تقولُ بأنّ الموتَ نهايةُ عمر

وأنا لا أخشى طعمَ الموتِ

ولا أخشى أشباحَ القبرِ

لكني أكرهُ كالعصفورِ سجونَ القهر

أكرهُ أن أغدو أمواجًا يشطرها الصخر

ما أجملَ أن تبقى مطرًا

وسحابًا يسري فوقَ البحر

في الزَّمنِ المجنونِ

حين أطلُّ على عمري

لا يبقى شيءٌ من نفسي غير التذكارِ

تتواردُ بين العمرِ همومُ العمر

وصرخة فجرٍ يخنقها ليلٌ جبار

فالعمرُ الجامحُ يتحدى كلَّ الأسوارِ

يعبر آلافَ الممنوعات

ويرفضُ أن يغدو شبحًا ... وظلالَ غُبار

يرفضُ ن يصبحَ دجالًا

أو لصًا في سوق التجار

نفسي أعرفها... إن سقطت

ستعودُ وتبني أجنحةً

وتحلّقُ بين الأشجارِ

إن ماتت يومًا

سوف تحطمُ صمتَ القبر

وتهدمُ حولي كل جدارِ

إن ركعَتْ قهرًا... لن ترضى

ستقومُ وتهدرُ كالإعصار

إن خنقوا صوتي

سوفَ أغني فوقَ الريح

وتحتَ الماءِ ... ولو قطَّعوا كلَّ الأوتارِ

فالشمسُ إذا سقطت يومًا

ستعودُ وتنجبُ... ألفَ نهارِ.


نبذة عن الشاعر فاروق جويدة

درسَ فاروق جويدة الصحافة وتخرج في عام 1968، وبدأ حياته المهنية كمحرر للأخبار الاقتصادية في صحيفة الأهرام، ومنها انتقل إلى مهنة سكرتير لتحرير الأهرام، ومن ثم شغل وظيفة رئيس القسم الثقافي بالصحيفة، ويُعد فاروق جويدة من الأصوات الشعرية الصادقة والمميزة في حركة الشعر العربي المعاصر، إذ نظم ألوانًا كثيرةً من الشعر ابتداءً من القصيدة العمودية وانتهاءً بالمسرح الشعري، وقد تُرجمت بعض قصائده إلى عدّة لغات عالمية؛ كالإنجليزية، والفرنسية، واليوغسلافية، والصينية.

قدّم فاروق جويدة للمكتبة العربية 20 كتابًا، من بينها 13 مجموعةً شعريةً حملت تجربةً لها خصوصيتها، وقدّم للمسرح ثلاث مسرحيات حققت نجاحًا كبيرًا وهي؛ دمار على ستار الكعبة، الخديوي، والوزير العاشق، ويجد القارئ في قصائده العديد من المعاني الجميلة التي تفيض بالأحاسيس الجياشة والمشاعر المعبرة، فهو شاعر متنوع يكتب في العديد من المجالات، وقد عُيّن فاروق جويدة في الفريق الرئاسي، ثمّ استقال منه احتجاجًا على الإعلان الدستوري المكمّل في نوفمبر 2012.[٣]


قد يُهِمُّكَ: أبرز مؤلفات فاروق جويدة

نجد فاروق محمّد جويدة ينظم قصائد الحب الحالمة النّاعمة، وكانت له العديد من المؤلّفات خلال مسيرته الشعريّة، وهي:[٣]

  • أوراق من حديقة أكتوبر: وهو ديوان شعر ألفه عام 1974.
  • حبيبتى لا ترحلي: وهو ديوان شعر ألفه عام 1975.
  • أموال مصر، كيف ضاعت: كتاب في الاقتصاد ألفه عام 1976.
  • ويبقى الحب: وهو ديوان شعر أصدره عام 1977.
  • وللأشواق عودة: ديوان شعر أصدره عام 1978.
  • فى عينيك عنواني: ديوان شعر أصدره عام 1979.
  • الوزير العاشق: مسرحية شعرية كتبها عام 1981.
  • بلاد السحر والخيال: وهو كتاب في الأدب والرحلات أصدره عام 1981.
  • دائماً أنت بقلبي: ديوان شعر أصدره عام 1981.
  • لأنى أحبك: ديوان شعر أصدره عام 1982.
  • شيء سيبقى بيننا: ديوان شعر أصدره عام 1983.
  • طاوعنى قلبي في النسيان: ديوان شعر أصدره عام 1986.
  • لن أبيع العمر: ديوان شعر أصدره عام 1989.
  • زمان القهر علمني: ديوان شعر أصدره عام 1990.
  • قالت: وهي خواطر نثرية أصدرها عام 1990.
  • كانت لنا أوطان: ديوان شعر أصدره عام 1991.
  • شباب فى الزمن الخطأ: كتبه في عام 1992.
  • آخر ليالي الحلم: ديوان شعر أصدره عام 1993.
  • دماء على أستار الكعبة: وهي مسرحية شعرية.
  • الخديوي: وهي مسرحية شعرية أصدرها عام 1994.


المراجع

  1. "فاروق جويدة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.
  2. فاروق جويدة، كانت لنا أوطان، صفحة 7-21. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "فاروق محمد جويدة"، المجلس الأعلى الثقافي، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

623 مشاهدة