محتويات
العُقَد النّفسيّة
العقد النّفسيّة مصطلح في علم النّفس يشير إلى أنماط فكريّة وسلوكيّات مرضيّة تدفع صاحبها للتصرّف بطريقة غير طبيعيّة، لعدم قدرته على التّفكير السّليم، فهو يتصرّف حسب ما تمليه عليه عقده النّفسيّة، إذ تؤثّر هذه الأخيرة على نظرة الشّخص لنفسه، وعلى ردّة فعله اتجاه الآخرين أو اتجاه مواقف معيّنة، ولا يستطيع التحرّر منها لأنّها متجذّرة في شخصيّته، وما يحفّز ظهور العقد النّفسيّة المشاعر القويّة من حب، أو كره، أو غضب، أو سعادة، وغيرها من المشاعر العاطفيّة العنيفة، وعندما تخبو هذه المشاعر العاطفيّة الحادّة تغوص العقد النفسيّة في غياهب العقل الباطن وتتلاشى، ليبدأ الشّخص بالتّساؤل عن سبب تصرّفاته، وردّة فعله، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ العقد النّفسيّة لا تؤثّر على الجانب النّفسي للمصاب بها فقط، بل تتعدّاها في بعض أنواعها إلى التأثير على الجسم بزيادة معدّل ضربات القلب، أو ضيق التنفّس، أو ألم في المعدة.[١]
كيفيّة التخلّص من العقد النّفسيّة
يكون علاج العقد النفسيّة عن طريق العلاج النّفسي لمساعدة الأشخاص على التحكّم والقضاء التّدريجي على الأعراض المرافقة لظهور العقد النّفسيّة للتّعايش معها والتّمكّن من الحياة بطريقة طبيعيّة، وفي بعض الأحيان يقترن العلاج النّفسي مع العقاقير الدّوائيّة التي يراها المعالج النّفسي مناسبة لتكون جنبًا إلى جنب مع جلسات العلاج النّفسي الذي يصنّف إلى عدّة أنواع، منها ما يأتي:[٢]
- العلاج السّلوكي المعرفي: يساعد العلاج السّلوكي المعرفي الأشخاص المصابين بمختلف العقد النّفسيّة على تغيير أنماط تفكيرهم وسلوكهم المقرون بظهور عقدهم من خلال التّركيز على تعلّم مهارات جديدة في حياتهم، وحل المشاكل التي يعانون منها ولها علاقة بعقدهم.
- العلاج الفردي: وهو الذي يركّز على الشّخص المصاب بالعقدة النّفسيّة لفهم طبيعة ما يعاني منه، وتعليمه طرقًا جديدة للتّعبير عن عواطفه وكيفيّة التحكّم فيها، إلى جانب كيفيّة التّعامل الصحّيح مع محيطه من أفراد أو مواقف، وتكون جلسات العلاج الشّخصي فرديّة.
- العلاج السّلوكي الجدلي: وهو أحد أفرع العلاج السّلوكي المعرفي، ويركّز على كيفيّة تنظيم العواطف، والاندماج بنشاطات اجتماعيّة لتعلّم مهارات جديدة تساعد في تغيير السّلوك وأنماط التّفكير غير السّليمة، ويمكن أن تكون جلسات العلاج السّلوكي الجدلي فرديّة أو جماعيّة حسب ما يراه المختص مناسب للحالة.
- العلاج النّفسي الدّيناميكي: الذي يعتمد على أنّ السلوكيّات وأنماط التّفكير المختلفة تنبع من مرحلة الطّفولة، إذ تتغلغل المشاعر التي تنتج عن مواقف مختلفة يمر بها الطّفل وتعشّش في العقل اللّاواعي، لتبدأ بالظّهور عند وجود مثير يحفّز ظهورها، وعادةً يعتمد العلاج النّفسي الدّيناميكي على تغيير نظرة الشّخص لنفسه لتحسين الوعي الذّاتي، وتغيير الأفكار والمعتقدات القديمة التي غُرزت في مرحلة الطّفولة.
- التّحليل النّفسي: وهو أحد أنواع العلاج النّفسي الدّيناميكي، ويعتمد على توجيه النّصح والإرشاد والتّحفيز لزيادة احترام المريض لنفسه، وزيادة إيمانه بقدراته، وتشجيعه على الانخراط في العلاقات الاجتماعيّة، وكيفيّة التّعامل مع الأفكار والمعتقدات التي تحفّز ظهور سلوكيّات العقد النّفسيّة.
- العلاج باستخدام الحيوانات: مثل القطط، والكلاب، والخيول، وغيرها من أجناس الحيوانات التي يفضّل المريض العمل معها، فهي توفّر له الرّاحة النفسيّة والسّكينة، وتطوّر من مهارات مواجهته للمشاكل والصّدمات العاطفيّة، وتزيد من قدرته على التّواصل اجتماعيًّا مع الآخرين.
- العلاج بالفن: مثل الرّسم، أو الموسيقى، أو التّمثيل، أو الرّقص، أو نظم الشّعر وإلقائه، والتي تساعد على إخراج مكنونات النّفس، وتسهّل التّعبير عمّا يختلج في الصّدور من مشاعر، وتزيد من ثقة المريض بنفسه.
أنواع العقد النّفسيّة
توجد الكثير من العقد النفسيّة التي يعاني منها أصحابها دون علمهم أنّها اضطراب نفسي، ويمكن رؤيتها واضحة وجليّة من خلال تصرّفاتهم، وفيما يأتي أكثر أنواع العقد النّفسيّة شيوعًا أو ملاحظةً:[٣]
- عقدة البطولة: المصابون بهذه العقدة دائمًا يبحثون عن التّقدير والظّهور من خلال تصرّفاتهم، وهم دائمو الحديث عن المواقف التي يعالجونها، والمشاكل التي يجدون لها حلًا، ويحاولون تضخيم تصرّفاتهم على أنّهم أبطال وهم من أنقذ الموقف، وصعوبة ما يقومون به، وتفسير علم النّفس لهذه العقدة بأنّها تنتج عن إخفاقات وفشل في مواقف سابقة قد تعود إلى الوراء كثيرًا في حياتهم، مما يجعلهم يقومون بتصرّفات يراها البعض غريبة أو منفّرة، الأمر الذي يزيد من عزلتهم وقلقهم الدّائم، واكتئابهم.
- عقدة الشّعور بالذّنب: المصابون بعقدة الذّنب دائمًا يلومون أنفسهم، وكثيرًا ما يجلدون ذاتهم، وينتقدون ذاتهم وتصرّفاتهم، ويلجؤون للمراوغة والكذب أحيانًا للهروب من مشكلات وعواقب من نسج خيالهم، ويضخّمونها، فهم دائمًا يسعون لإنجاز الأمور على أتم وجه، خوفًا من الإساءة للآخرين أو تلقّي اللّوم.
- عقدة التبعيّة: وتكون نابعة من نكران الذّات، وتدنّي نظرة الأشخاص المصابين بهذه العقدة لأنفسهم، لذلك هم يخشون تحمّل المسؤوليّة ويكرهون الاستقلاليّة، ويتميّزون بكسلهم الشّديد، وعدم المقدرة على تحديد توجّهاتهم بنفسهم، بل يحتاجون إلى من يتّكلون عليه في هذا الأمر، ويحتاجون من يتّخذ عنهم القرار.
- عقدة العظمة: المصابون بهذه العقدة دائمًا يشعرون بأنّهم من أصحاب السّلطات وذوي النّفوذ، ويسعون دائمًا لإظهار قدراتهم ونفوذهم، ولديهم نوع من النّرجسيّة تتمثّل في رفض قبول نقاشهم، وعدم الاقتناع بالرّأي الآخر حتى لو كان صائبًا، فهم يحملون على عاتقهم تنفيذ المهمّات الصّعبة التي يندرج تحتها الكثير من المخاطر فقط لإثبات قدراتهم وسلطاتهم، ويرى علماء النّفس أنّ عقدة العظمة غالبًا ما تتطوّر إلى متلازمة الهوس المرضي.
- عقدة دون جوان: تصيب هذه العقدة غالبًا الرّجال أكثر من النّساء، إذ يتصرّف الرّجل المصاب بها على أنّه زير نساء، لديهم الكثير من العلاقات العاطفيّة مع نساء مختلفات، فأغلب علاقاتهم تكون قصيرة الأجل، لأنّهم لا يستطيعون الاستمرار في علاقات طويلة الأجل.
- عقدة أوديب: وهي عقدة لها علاقة وثيقة بعلاقة الآباء بالأبناء، وفيها ينظر الابن الذّكر إلى والده على أنّه منافس له لحبّه لوالدته، إذ ينظر لوالدته على أنّها حبيبته، أو غيرة الابنة من أمّها على والدها، إذ تكون مهتمّة بوالدها كذكر وليس كوالد، إذ يكوّن كل من الابنة أو الابن المصابين بعقدة أوديب جاذبيّة جنسيّة في اللّاوعي تجاه أحد الوالدين المغاير لجنسه.
- عقدة المعاناة: أو عقدة الإحساس بالألم، فالمصابون بهذه العقدة دائمو الشّعور بالمعاناة النّفسيّة، وقد يصلون لحد إيذاء أنفسهم جسديًّا أو عاطفيًّا، ويبحثون في تصرّفاتهم وسلوكيّاتهم العدوانيّة اتجاه أنفسهم عن تعاطف الآخرين معهم، وعندما لا يحصلون على هذا التّعاطف قد يقعون في دوّامة الاكتئاب الحاد.
- عقدة الأفضليّة: إذ يتوهّم المصابون بهذه العقدة بأنّهم أفضل ممّن حولهم، وأنّ الطّرف الآخر دائمًا أضعف منهم، وغالبًا ما يلجؤون لإحاطة أنفسهم بعالم وهمي زائف يكونون هم المسيطرون، وأوضح مثال على هذه العقدة؛ المتعصّبون عرقيًّا أو دينيًّا.
- عقدة النّقص: ويرى فيها المصابون أنّهم أقل شأنًا من الآخرين، وأنّهم نكرة في محيطهم، ولديهم مشاعر سلبيّة اتجاه أنفسهم، إذ تنبع مثل هذه الأحاسيس من اللّاوعي لديهم، فيكونون كارهين لأنفسهم غير متقبّلين لما هم عليه، وأكبر مثال على هذا النّوع من العقد النّفسيّة، الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزّائد، أو عدم الثّقة بمظهرهم الخارجي، وعادةً تكون هذه العقدة الشّرارة الأولى لدخول عالم الإكتئاب المظلم، وأكثر المصابين بهذه العقدة هم من النّساء.
- عقدة الاضطهاد: يؤمن المصابون بهذه العقدة أنّ جميع من حولهم يعمد إلى إيذائهم بأي طريقة، فنجدهم قليلي الثّقة بالآخرين، ويراقبون الطّرف الآخر باستمرار تحسّبًا لغدره بهم، وهذه العقدة من أكثر العقد المنتشرة على مستوى العالم، لا سيما فيما يخص المعتقدات الدّينيّة، الأمر الذي يؤجّج الخلافات الطّائفيّة على مستوى الدّين الواحد، أو الاقتتال الدّيني على مستوى أديان مختلفة.
التّنويم المغناطيسي
التنويم المغناطيسي أحد طرق العلاج النّفسي لكثير من الاضطرابات النّفسيّة ومنها العقد النّفسيّة، وهو عبارة عن دخول المريض في حالة من التّركيز الشّديد باستخدام ألفاظ وصور مكرّرة، يسهل معها غرز السّلوكيّات الصّحيحة، وأنماط التّفكير السّليمة بدلًا من تلك غير الطّبيعيّة التي ينتج عنها تصرّفات غير طبيعيّة، إذ تجعل المريض أكثر انفتاحًا واستعدادًا لقبول الإرشاد والعلاج، وفي كثير من الدّول استخدام التّنويم المغناطسي للتغلّب على مشاكل القلق والتوتّر المرافقة للعمليّات الجراحيّة، أو زيادة تقبّل مرضى السّرطان لمرضهم وتقبل الأعراض الجانبيّة والآلام التي تنتج عن العلاج الكيميائي، ويمكن استخدام التّنويم المغناطيسي لتغيير سلوك الأشخاص مثل حالات الإقلاع عن التّدخين، إذ يلجأ المختص في التّنويم المغناطيسي على تقوية الإرادة في ترك التّدخين، وتعزيز الخيارات الصحيّة من غذاء وتمارين رياضيّة وروحيّة، وتغيير السّلوكيّات في حالات الرّهاب الإجتماعي، وعلاج الأرق، والتبوّل في الفراش، ولكن لا يُنصح باستخدام العلاج بالتّنويم المغناطيسي في حالات الاضطرابات النفسيّة والعقليّة الحادّة، إذ يدخل فيها المنوّم على مناطق في الذّاكرة ضاربة في القدم في حياة المرضى، مما ينتج عنها خلق ذكريات خاطئة، أو ذكريات مؤذية أخفاها العقل الباطن بالنّسيان، قد تؤثّر سلبًا على شفائهم، وتزيد من حالتهم سوءًا.[٤]
المراجع
- ↑ "Understanding the Psychological Complex", frithluton, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ "What is Psychotherapy?", psychiatry, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ "10 Different Types of Psychological Complexes", listdose, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ "Hypnosis", mayoclinic, Retrieved 2019-11-22. Edited.