محتويات
الخبث
لم تقتصر رسالة الإسلام على النواحي الدينية وحسب من عبادات وأوامر ونواهٍ، وإنما تعدتها لتشمل الجانب الأخلاقي في الشخصية البشرية بما يُهذبها ويقومها ويجعلها تتحلى بالفضائل وتبتعد عن الرذائل، ويُظهر الإنسان عادةً انجذابًا للأشخاص من ذوي الصفات الحميدة ونفورًا من أصحاب الصفات السيئة، وسنتناول في هذا المقال كيفية التعرف على الشخص الخبيث والتعامل معه، ويعني الخبث في اللغة: المكروه والرديء من كل شيء، أما في الاصطلاح: فهو إضمار عكس ما يبطن الإنسان بحيث يظهر الخير والوداعة في التعامل، وهو يضمر الشر والأذية للغير ويتمتع بإحراجهم متخذًا من الخديعة والمكر وسيلة في ذلك، أما المصدر من الكلمة فهو الخبث وهي صفة مذمومة لا تُخلف في النفس سوى الآثار السلبية، وقد حذرت مصادر التشريع الإسلامي من الخبث في التعامل في العديد من المواضع كما في قوله تعالى: {قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[١]، وقد جاءت صفة الخبث في الكثير من آيات القرآن الكريم بمعنى الشخص المنافق والسيء بما يؤكد سوء الصفة وعاقبة التخلق بها.[٢][٣]
صفات الشخص الخبيث
يتعامل الإنسان مع الكثير من الأشخاص في حياته، فيأتي الشر والخبث من كل مكان حولنا وغالبًا من أشخاص لا نتوقعهم، نجدهم في منازلنا ومدارسنا وفي منازل اصدقائنا وحتى من الممكن إيجادهم في دور عبادتنا للأسف، بحكم الدراسة والعمل والسفر وغيرها من الحيثيات التي تجعله مرغمًا على مصادقتهم ومزاملتهم يوميًا، لكن يجب على الإنسان أن يكون حذرًا في تعامله معهم، وينبغي البحث عن الأشخاص ذوي الصفات المحمودة والابتعاد عمن يتصفون بالصفات السلبية وعلى رأسها الخبث، التي تعد من أسوأ الصفات التي ممكن أن يتصف بها الإنسان، ويستطيع الانسان تمييز هؤلاء الأشخاص عند رؤيتهم لأنهم يتميزون بعدة صفات، وفيما يلي عدد من الصفات يمكن من خلالها معرفة ذاك الشخص وتمييزه [٤]:
- النفاق: يتميز الشخص الخبيث بكونه كثير الرياء والنفاق فيقول عكس ما يكتم، ويظهر للآخرين حرصه عليهم وعلى مصالحهم وراحتهم بينما هو يخطط للإضرار بهم وإلحاق الأذى، ومن المؤسف أن هذه الصفة تُعرف على المدى البعيد؛ إذ لا يستطيع الخبيث أن يخفي نفسه لفترة طويلة، فهو شخص يظهر الفرح في يومك المفرح ويتفاعل معك ولكن بداخله الحزن فهو لا يحب أن يرى أحدًا غيره سعيدًا، وفي يومك المحزن يتعاطف معك ويظهر لك كم هو حزين ولكن للأسف فهو يستمتع بحزنك هذا[٤].
- الكذب: يحاول الشخص الخبيث دائمًا أن يحيك المؤامرات والخدع للإيقاع بالغير، فيسلك جميع الطرق التي تحقق له ذلك، مما يجعله غافلًا عما اختلقه من قصص وما نسجه من خيالات، ويظهر هذا جليًا بتناقض أحاديثه وكذبه على الدوام؛ فإن هذا الشخص يكذب باستمرار واحيانًا حتى دون إدراكه، فيعيش في حياة الأكاذيب فيصبح عقله أسيرًا لسلوكياته الشريرة، والكذب هو انحراف كلي عن المسرى الحقيقي للأحدات، بحيث يبدأ بكلام من وحي خياله ولم تحدث أبدًا في الواقع، فتصبح عادة مستمره بحيث يكذب عدة مرات في نفس اليوم وأحيانًا دون الشعور بذلك[٤].
- التعالي: يعتقد الخبيث دومًا أنه أفضل من الآخرين وأحق منهم بالنفوذ والسلطة والمال والمكانة الرفيعة وكل المزايا، ولهذا يتعامل معهم بتعالٍ وغرور قد يصل إلى حد التحقير وإهانة الغير دون أدنى مراجعة للذات وإظهارٍ للتواضع، كما ويستصغرون الأعمال التي يفعلها من حولهم ليجملوا أفعالهم هم ويدمرون أعمال غيرهم لكي يبينوا للناس أنهم الأفضل دائمًا، ولن يشعر هؤلاء الأشخاص بالأسف لأي شخص آذوه؛ فهم يرون الناس وسائل في لعبتهم يتمتعون بها دون تأنيب لضمائرهم أو التفكير لما سيتركون اثرًا في نفوس الآخرين، بل على العكس يستمتعون بأذيتهم، ويلقون باللوم على الآخرين، ولا يعرفون معنى الاعتذار، ويجدون أن الاعتذار هو فضيلة الضعفاء [٥]
- القسوة: تطغى القسوة في طريقة تعامل الشخص الخبيث على جانبه الفطري السليم في إظهار الرحمة، بل على العكس فهو يتمادى باستخدام قوته وجبروته مستغلًا ضعف الآخرين، في سبيل قمعهم وأذيتهم فهؤلاء الناس ليس لديهم أي صفة أخلاقية؛ إنهم يفعلون كما يحلو لهم ولن يشعروا أبدًا بالمسؤولية عن الألم الذي تسببوا فيه، كما يختلقون الأفعال التي تجرح الآخرين وتؤثر في أنفسهم، ليتذوقوا النصر من خلال أذية غيرهم [٤].
- الأنانية: وهي صفة تشمل جميع جوانب شخصية الشخص الخبيث وخاصة حبه للظهور والاهتمام برفاهيته على حساب الآخرين وتجاهلهم، وكرهه لنجاحهم ومحاولته لإسقاطهم والحرص على فشلهم بكل ما أوتي من قوة ودهاء، وعدم التفكير، كما يحاولون الوقوف أمام ما يمكن أن يفيد من حولهم لكسب الفائده لأنفسهم، كما يحاولون أخذ أعمالك أو مهماتك الموكلة لك وإنجازها ليبرز أنه هو الأفضل وأنك أنت لا تستطيع إنجاز أعمالك، ليبين لك أنه هو من يستحق الثناء والتقدير[٦].
- التمتع بمصيبة الآخرين: فهؤلاء الأشخاص تعمهم السعادة عندما يرون مصيبة تحدث لغيرهم، وقد تكون هذه الكارثة أو المصيبة موقفًا مثيرًا وممتعًا بالنسبة لهم، وقد يتسببون باختلاق هذه المصائب، وتعد هذه الصفة من أهم الصفات الملتوية للشخص الخبيث فمثلًا عند حدوث مشكلة مع أحد أصدقائهم يتظاهرون بالحزن والتعاطف، لكن داخلهم يرقص فرحًا، كما يضخمون المشكلة بأعين صاحبها كي يتمتعوا أكثر؛ فهم في الحقيقة لا يريدون مساعدتك أبدًا بل السيطرة على مشاعرك ويريدون تغييرك ليس لمصلحتك بل لمصالحهم الشخصية[٤].
- تزييف الحقائق: يكمن إبداعهم بتحريف وتغيير أي حقيقة يكتشفونها، وخصوصًا الحقائق التي لا تتفق مع أهدافهم وأهوائهم أو التي لا تتناسب مع مصالحهم؛ فهم مستعدون لإخراج الحقائق عن مسارها ولصقها بأشياء أخرى حتى تُنشأ حقائق بديلة تتوافق مع أهدافهم التي يسعون لها؛ فهم يريدون منك أن تكون ثابتًا أمامهم بتصرفاتك التي هم يريدونها لتتناسب مع أهدافهم ومصالحهم ولا يهمهم إن كان الأمر لصالحك أو حتى يؤذيك حتى لو تطلّب الأمر استنزاف كامل قوتك [٥].
الخبث وعلم النفس
تتحدث الكثير من الكتب المختصة في علم النفس عن عدد من الصفات الشكلية التي يتسم بها الشخص الخبيث، إلا أن هنالك عددًا من التفاصيل التي تتعلق بلغة الجسد قد تساهم بالتعرف على الشخص الخبيث كحكة الأنف مع رفع الأرنبة أثناء التحدث وغيرها، فالعلماء يؤكدون أن هذه اللغة تنتج عن ردة فعل الجسم العصبية، لذلك معظم الناس يشيرون بأيديهم عندما يتكلمون لكن لا يدركون أن هذه الإيماءات تنقل جزءًا من المعنى[٧].
التعامل مع الشخص الخبيث
من المهم أن يتعامل الإنسان بأخلاقه الإسلامية الرفيعة مع الآخرين ويكون أنموذجًا لحثهم على الاقتداء به، والتعامل مع الشخص الخبيث بحنكة وسماحة كما يلي:[٨]
- مراقبة الشخص الخبيث وجعله تحت المجهر، بحيث يأمن الإنسان جوانبه ولا يسمح لكل من أراد به سوءًا النيل منه.
- إبقاء العلاقة سطحية مع الشخص الخبيث من أهم خطوات التعامل، بحيث يتجنب الشخص اطلاعه على أسراره ومفاتيحه ويبقيه بعيدًا جدًا عنه ولا يجامله على حساب نفسه أبدًا، فالشخص الخبيث يستغل العلاقة القوية استغلالاً سيئًا، لكنه لا يستطيع مجابهة الأشخاص الذين علاقتهم معه ضعيفة.
- الصراحة والوضوح تمثل أسلوبًا جديدًا لم يعتده الشخص الخبيث الذي تعلم اللف والدوران، فعند مواجهته بكل شيء بمنتهى الوضوح سيقف عاجزًا عن الإنكار والتحدث، فتعد هذه أهم نقطة يمكن استغلالها نحو الشخص الخبيث.
- معرفة نقاط القوة والضعف لدى الشخص الخبيث أمر هام كأسلوب احترازي للحذر منه، ووضع استراتيجية للتعامل معه بناءً عليها.
- الابتعاد عن مجادلة الشخص الخبيث ولتناقش معه حول أي فكرة مهما كان الإنسان على حق، لأن الشخص الخبيث يدرك خطأه وكل ما يسعى إليه هو الاستفزاز ومعرفة المزيد عن الغير.
- التفكير المتقدم يجنب الإنسان الاصطدام مع الشخص الخبيث، بحيث يسبقه دومًا بخطوة ويقطع عليه الطريق للتمادي ومحاولة الإيذاء.
آثار الخبث
يوجد العديد من آثار الخبث، ومنها ما يلي:[٩]
- يفكك أواصر المجتمع ويباعد بين الأشخاص.
- ينمي الحقد والغيرة والكراهية والتباغض بين الأفراد.
- يجعل المجتمع ضعيفًا أمام الأعداء والتحديات.
- يؤخر من نمو الدولة وتقدمها بسبب التفكير الفردي السلبي.
- يفتح بابًا واسعًا للجريمة والفعل الانتقامي بين الأفراد.
- الخبث سبب لبذاءة اللسان والفحش .
- الخبث أيضا يسبب الحسد .
المراجع
- ↑ سورة المائدة، آية: 100.
- ↑ " معنى الخُبْث لغةً واصطلاحًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-29. بتصرّف.
- ↑ "malice", merriam-webster, Retrieved 1-10-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "10+ Warning Signs You Are Dealing With An Evil Person", higherperspectives,4-10-2017، Retrieved 1-10-2019. Edited.
- ^ أ ب Elizabeth Williams, "12 Warning Signs That You Are Dealing With An Evil Person"، curiousmindmagazine, Retrieved 1-10-2019. Edited.
- ↑ "selfishness", merriam-webster, Retrieved 2019-9-29. Edited.
- ↑ "Why Is There Evil?"، psychologytoday، 21-9-2017،.
- ↑ Ph.D. Isaiah Hankel, [How To Deal With Sneaky Manipulative People "How To Deal With Sneaky Manipulative People"]، linked in, Retrieved 2019-10-6. Edited.
- ↑ "Malice: Its negative effects and Solution", BELIEVERS BLOG, Retrieved 2019-10-6. Edited.