اتفاق القاهرة

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان

بدأ الشعب الفلسطيني رحلة اللجوء القصري منذ عام 1948م، إذ زادت الهجمات العسكرية على المدن والقرى والبلدات الفلسطينية خلال العام المذكور، بالاضافة للمجازر التي قامت بها العصابات الصهيونية في العديد من البلدات الفلسطينية، والتي ما زال ذكرها يمر على الفلسطينين ويحسون بألمها وكأنها حدثت بالأمس من هولها وبشاعتها، ومن المناطق التي لجأ لها الفلسطينون هي دولة لبنان، والتي لا يفصلها عن فلسطين أيّ حدود جغرافية طبيعية، ولكن الفلسطينين في هجرتهم إلى لبنان واجهتهم العديد من الصعوبات، وهي ف الحقيقة أعقد من وجود الفلسطينين في أيّ من الدول التي لجأوا لها كسوريا والعراق والأردن، إذ مرت لبنان بسلسلة من الحروب كان من شأنها أن تزيد من صعوبة وتعقيد وقبول الوجود الفلسطيني فيها، بالإضافة لانعدام التشريعات التي تضمن حماية اللاجئين الفلسطينين، وتمكنهم من العيش بكرامة، فقد لجأ عام 1948 حوالي المائة ألف فلسطيني إلى مناطق جنوب لبنان، وزاد عددهم نتيجة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

وفي العام 1967م لجأ المزيد من الفلسطينين إلى لبنان بسبب الحرب التي شنتها دولة الاحتلال للضفة الغربية وغزة والجولان السوري وشبة جزيرة سيناء المصرية، ونتيجة تفاقم أزمة اللاجئين وتسوية الأوضاع في لبنان اتفقت القيادتان الفلسطينية واللبنانية على وجود حقوق للاجئين الفلسطينين في لبنان عام 1969م، وبعد مرور سنة واحد فقط عام 1970م، حصلت مواجهة بين القوات الأردنية والمقاومة الفلسطينية المسلحة ( أيلول الأسود)، وكانت نتيجته خروج المسلحين الفلسطينين من الأردن إلى لبنان، وعقد مصالحة بين ملك الأردن آنذاك الحسين بن طلال رحمه الله، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وفي العامين 75 و76 من القرن الماضي اشتعلت الحرب اللبنانية بين الفصائل التي لم تخلو من تدخل المقاومة الفلسطينية، مما عرّض اللاجئين الفلسطنيين في المخيمات للمجازر والتشريد، وفي عام 1982م اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي للبنان مما أجبر المقاومة الفلسطينية من الخروج والانتقال لتونس، ولا ننسى مذبحتي صبرا وشتيلا في نفس العام، وبالتالي طُلب من الفلسطينين ممن يرغبون بالبقاء الخضوع للسيادة اللبنانية ومن هم عسكريين الانتقال لتونس، مما عزز من تردي أوضاع اللاجئين في المخيمات، وأدى لحدوث انشقاق بين موالي اللجنة المركزية الفلسطينية ومعارضيها، لا سيما في مخيمات الشمال اللبناني، وكانت النتيجة سقوط عدد من القتلى والجرحى آنذاك، وفي الأعوام بين 85-87 م إزداد وضع اللاجئين سوءًا بسبب المناوشات العسكرية بين المخيمات التي كانت نهايتها عام 1987م الذي فيه قرر المجلس النيابي اللبناني إلغاء ما جاء باتفاق القاهرة المشار له عام 1969م، وبالتالي الرجوع للمربع الأول كما كان قبل ذلك. [١]


اتفاق القاهرة

اجمتع في القاهرة يوم الأثنين الموافق 3 نوفمبر عام 1969م وفد من منظمة التحرير الفلسطينية على رأسهم رئيسها ياسر عرفات، ووفد من القيادة اللبنانية على رأسهم العماد إميل بستاني، وأفضى الاجتماع إلى الاتفاق الذي عٌرف فيما بعد باتفاق القاهرة إلى تسليم السيطرة العسكرية على المخيمات اللبنانية المنتشرة في المناطق اللبنانية إلى سيطرة قوات المقاومة الفلسطينية المسلحة، بالإضافة لتسوية الوجود الفلسطيني كاللاجئين في لبنان، ولكن هذا الاتفاق كما أسلفنا أُلغي من قبل المجلس النبابي اللبناني عام 1987م، فكان الاجتماع حسب المعلومات التي سُربت فيما بعد ايجابية، إذ كانت دوافعه هي وجود ما يربط الفلسطينين واللبنانين بمصير ومصالح مشتركة. [٢]


الوجود الفلسطيني في اتفاق القاهرة

اتفق الوفدان على أربعة بنود فيما يتعلق بوجود الفلسطينيين في لبنان، هي كالآتي : [٣]

  • أعطى الاتفاق في بنده الأول حقوق للفلسطينين أهمها العمل والاإقامة وحرية التنقل، وأن ذلك ينطبق على الفلسطينين المقيمين في لبنان.
  • اتفق الطرفان على استحداث لجانٍ ذات طابعٍ محليٍّ من اللاجئين الفلسطينين بهدف إلى رعاية من يقيمون في المخيمات بشرط أن تتبع للسيادة اللبنانية.
  • لم تمانع القيادة اللبنانية من تواجد للقوات المسلحة الفلسطينية في المخيمات، وبتعاون مع اللجان المحلية المذكورة في البند الثاني، وأن يكون هذا التواجد على شكل نقاط عسكرية حتى تنظم وجود الأسلحة، وذلك لضمان الأمن اللبناني وفي نفس الوقت تحقيق مصالح الثورة الفلسطينية.
  • سمح الاتفاق للمقيمين من الفلسطينين في لبنان المشاركة في الأعمال الثورية ضد الاحتلال الصهيوني، وذلك تماشيًا مع سيادة وسلامة لبنان.


الوجود العسكري الفلسطيني في اتفاق القاهرة

كان في اتفاق القاهرة تفاهمًا للوجود العسكري الفدائي للفلسطينيين في لبنان، والتي لخّصها الاتفاق في خمسة عشر بندًا تتلخص بالآتي : [٤]

  • اتفق الطرفان على أن تتخذ الاجراءات التي من شأنها تسهيل حركة ومرور الفدائيين الفلسطينين في المناطق الحدودية مع دولة الاحتلال الإسرائيلية، وتأمين طريق يؤدي إلى منطقة العرقوب ، وهي المنطقة التي تضم قرى الجنوب اللبناني، كشبعا وكفرشوبا وغيرهم.
  • تعهدت القيادة الفلسطينية في الاتفاق على ضبط سلوكيات أفراد فصائلها، وأن لا يتدخلوا في شؤون لبنان بمختلف مستوياتها.
  • اتفقوا على ضرورة وجود رابط يشترك فيه كل من المقاومة الفلسطينية المسلحة والجيش اللبناني، وكذلك وقف أيّ حديث إعلامي يستهدف الطرف الآخر.
  • اتفقوا على وجود من يمثل عناصرًا من الكفاح المسلح الفلسطيني في الأركان اللبنانية، ليعملوا على حلّ المشاكل الطارئة التي قد تحدث مستقبلًا، وكذلك اتفقوا على إجراء تعدادٍ لعناصر المقاومة الفلسطينية من خلال قيادتها.
  • اتفقوا على إجراء عملية تنظيم لدخول وخروج وتحرك عناصر المقاومة الفلسطينية المسلحة، وإعادة تمركزهم في المناطق الحدودية بموافقة عسكرية لبنانية، وكذلك إلغاء وجود قاعدة عيطرون العسكرية.
  • اتفقوا على تسهيل عمل المراكز العلاجية والإخلاء والتموين المرتبطة بالعمل الفدائي الفلسطيني.
  • اتفقوا على أن تفرج السلطات اللبنانية عن المعتقلين وإرجاع الأسلحة المصادرة، وأن هذه السلطات لها صلاحيات ومسؤولة عن كامل الأراضي اللبنانية في النواحي المدنية والعسكرية.
  • أكد الوفدان في الاجتماع أن ما يحصل من مقاومة فلسطينية فدائية هو عمل فيه مصلحة للبنان والعرب جميعًا.
  • اتفق الوفدان على ضرورة سرية هذا الاتفاق، واقتصار معرفته للقيادات في الوفدين فقط.


المراجع

  1. أمين شحاته، "مسرد زمني لوجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2019. بتصرّف.
  2. "اتفاق القاهرة"، unrwa، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2019. بتصرّف.
  3. "اتفـاق القاهــرة"، assafir، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2019. بتصرّف.
  4. "اتفاق القاهرة"، aramaic-dem، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :