أول من انشأ مستشفى الأمراض النفسيه

أول من انشأ مستشفى الأمراض النفسيه
أول من انشأ مستشفى الأمراض النفسيه

المستشفيات في الحضارة الإسلامية

كانت أمكان التطبيب وعلاج المرضى في الحضارة الإسلامية تُسمى بالبيمارستان، وهي الكلمة التي تتكون من مقطعين الأول بيمار أي المريض، والثاني ستان أي المقر، وبلغة اليوم هي المشفى، وقد تطورت الخدمات الصحية تزامنًا مع الازدهار الذي حصل في البلاد الإسلامية، وتعددت أنواع العلاجات التي تُعطي للمرضى، فكان منها ما هو مخصص للأمراض العامة، ومنها ما هو مخصص لأمراض الجذام والأمراض العقلية، وكان أشهرها ما أُنشئ منها في الشام ومصر والمغرب والأندلس.

كانت تُقسما لبيمارستنات لمتحركة أو متنقلة وثابتة، فالمتنقلة هي خيام يعالج فيها المرضى، إذ يمكن نقلها من مكان لآخر اعتمادًا على الأحوال أو الظروف المحيطة، فهي أنسب للأماكن التي تنتشر فيها الأوبئة بما فيها من تجهيزات يحتاجها الفريق الطبي والصيادلة، ومنها أيضًا البيمارستانات العسكرية، والتي بدأ ظهورها في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، لتنتشر في عصور الخلافات الإسلامية المتعاقبة، وتصبح جزءًا يلازم الحملات العسكرية كأي تجهيز عسكري خاص بالحرب، وقد وصفتها كاتبة ألمانية في رحلة الطبيب البولوني الذي كان من ضمن إحدى الحملات الصليبية على مدينة دمياط، فكانت أهم ملاحظاته هي أن القادة الصليبين وجنودهم يفضلون العلاج عند أعدائهم المسلمين في مشافيهم العسكرية المتنقلة، وكذلك الطبيب هوجو الذي تعرف على الأطباء المسلمين وجراحيهم، فمدحهم عند زيارته للمشفى العسكري المتنقل الذي كان ينقله لساحة المعركة عدد كبير من الجمال قد يصل عددهم لأربعين جملًا.

أما البيمارستانات الثابتة فهي الأبنية الثابتة، وقد كثرت في البلاد الإسلامية، فأمر الخلفاء بتشييدها والكثير من عامة الناس من باب الصدقات وتخليدًا لهم، وكانت هذه البيمارستانات مقسمة إلى قسم للذكوروآخر للإناث، وكل قسم يتعدد في خدماته بما كان معروفًا من أمراض في ذلك العصر، وأخيرًا هذا هو وصف البيمارستانات في القرون الوسطى، وهو عصر النهضة للحضارة الإسلامية، في حين كانت أروربا تفتقد للحد الأدنى من هذه المشافي، فكانت أسهل الطرق للتخلص من المجذومين مثلًا هو حرقهم، وتعذيب المجانين. [١]


أول من أنشأ مستشفى للأمراض النفسية

المسلمين هم أول من صنف المشافي والمصحات الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، وكذلك أول من رعى العجزة، وقد بقيت على حالها حتى انحدرت في خدماتها الطبية، وأصبحت تقتصر على عزل المصابين بالجنون، وأطلق عليها مورستان بدلًا من البيمارستان، أما أول من أنشأ البيمارستان فالراجح أنه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، إذ أنشأ أول بيمارستان في دمشق في العام 707م، وكذلك أمر بصرف مخصصات لمرضى الجذام ومعالجتهم، وبالرغم من أن البيمارستان هو مصطلح مرتبط بالطب عمومًا عند العرب، إلا أن الأمراض النفسية والعقلية والجذام هي الأمراض التي التصف بها أسم البيمارستان، ولاحقًا في العصر العباسي بنى الخليفة المنصور مأوىً للعجزة وكذلك للأيتام، وعزل المصابين بالجنون وأمر برعايتهم. [٢]


الوليد بن عبد الملك بن مروان

ولد في المدينة المنورة عام 668 م /50 هـ، وتوفي عام 715 م/96 هـ، وقد تولى الخلافة لمدة عشر سنوات تقريبًا، إذ تولى الخلافة بعد أن كان وليًا للعهد في زمن والده عبد الملك بن مروان، وقد تعلم إدارة البلاد على يد والده، فأصبح مؤهلًا لتولي الخلافة وقيادة الأمة الإسلامية آنذاك، إذ تعد فترة خلافة الوليد هي أقوى عصور الدولة الأموية في ازدهارها وفتح البلاد، فقد وجه الجيوش حتى وصل الإسلام للصين وإسبانيا في عهده، وعاش في عهده كبار قادة الجيوش الذين فتحوا بلاد السند كمحمد بن القاسم، وقتيبة بن مسلم الذي فتح خراسان وبلاد ما وراء النهر، وطارق بن زيادة القائد المسلم الذي سطر أبرز المواقف الشجاعة بفتحة شبه الجزيرة الإيبيرية والأندلس، إذ عُرفت الدولة الأموية في عهده بالإمبراطورية الإسلامية كأكبر إمبراطورية في التاريخ الإسلامي، وأخيرًا توفي الوليد بن عبد الملك بعمر 48 سنة، أثناء وجوده في غوطة دمشق ودُفن في دمشق. [٣]


دراسة الطب في البيمارستان

كان طلبة الطب يدرسون علوم الطب على أيدي الأساتذة الأطباء في البيمارستانات، وقد هُيأت لهم الأماكن والمعدات والكتب لهذا الغرض، وفي حالة أشبه بما يحدث اليوم في المستشفيات، فقد كان الطبيب أبو المجد بن أبي الحكم يجعل له مكانًا مخصصًا لدراسة الطب سماه مجلس الطب، سواء أكان في منزله أو في بعض المدراس الخاصة المعدة لذلك، وكانت البيمارستانات تحتوي على آلاف الكتب في مختلف العلوم ذات العلاقة بالطب وما يدور في فلكه، وكذلك الطبيب مهذب الدين عبد الرحيم المعروف بالدخوار وهو شيخ الأطباء آنذاك، فكان عندما ينتهي من معالجة المرضى يذهب لبيته ويبدأ بالقراءة والمطالعة العلمية، فيجمع بعد ذلك تلاميذه ويتناقشون بأمور الطب والحالات المرضية، فهذه الشواهد إن دلت على شيء إنما تدل على الأهمية التي كانت عند علماء المسلمين من أطباء وغيرهم في الوصول للحقائق العلمية استجابةً لقول الله سبحانه وتعالي : (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر:9]. [٤]

وكانت توجد خزانة للشراب في البيمارستانات وهي أشبة بالصيدلية اليوم، فكانت تحتوي على العديد من أنواع الشراب والمعاجين المهمة وبعض المربيات الفاخرة والأدوية العشبية والعطريات التي لا يمكن الحصول عليها إلا من خزانة الشراب، كما كانت خزانة الشراب تحتوي على الأدوات النفيسة والأواني الصينية والبراني التي لا يستطيع شراءها إلا الملوك والأمراء، إذ كان لكل بيمارستان خزانة شراب تابعة له يُشرف عليها ما يُمسى بالمهتار، وهو بالفارسية يعني رئيس متسلم، وتحت يده مجموعة من الغلمان لخدمة المرضى. [٤]


المراجع

  1. خلف أحمد محمود أبو زيد، "البيمارستانات في الحضارة الإسلامية"، darululoom-deoband، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.
  2. "أول من أنشأ مستشفى للأمراض النفسية"، wiki.kololk، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.
  3. " أول من أنشأ مستشفى للأمراض النفسية"، kelmetelsr، 18-4-2015، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "تاريخ البيمارستانات في الإسلام/في نشأة البيمارستانات ونظامها وأطبائها وأرزاقها"، wikisource، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :