قناة السويس
تُعتبر قناة السويس ممرًا مائيًا اصطناعيًا ازدواجي المرور في مصر، ويصل طولها إلى 193 كم، وهي تربط بين البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، وتسمح القناة للسفن بالمرور من ناحيتين في الوقت ذاته بين أوروبا وآسيا، وتُعد من أسرع، وأهم القنوات المائية بين القارتين، فهي تعود على مصر بالكثير من الإيرادات، ويعبر من خلالها ما نسبته 12% من التجارة العالمية، وسنتطرق في هذا المقال إلى الحديث عن نشأة قناة السويس القديمة، ونشأة قناة السويس الحديثة.
نشأة قناة السويس القديمة
بدأ حفر أول قناة في مصر في عهد الفرعون "سنوسيرت الثالث"، وذلك من أجل ربط البحر الأبيض المتوسط شمالًا بالبحر الأحمر جنوبًا عن طريق نهر النيل وتفرعاته، ولم يُعتنَ بالقناة جيدًا، فقد كانت مليئة بالطمى مُعظم الأحيان، ثم أعيج العمل بها من أجل الملاحة عن طريق سيتي الأول، وبعدها عن طريق نخاو الثاني، وداريوس، وبطليموس الثاني، والإمبراطور تراجان، وعمرو بن العاص، وفي عهد حكم نخاو الثاني أُنشئت قناة بين فرع البيلوزي لنهر النيل، والنهاية الشمالية للبحيرات المرة الواقعة بين البحرين، وأودى حفر القناة بحياة 100,000 شخص ساهموا بحفرها. وقد كان الحاكم نخاو أول من بدأ بحفر قناة إلى خليج السويس، والبحرالأحمر، وكانت القناة تتسع لسفينتين تتحركان عن طريق المجاديف، وزُوّدت القناة بالمياه من نهر النيل، وأعيد حفر القناة بعد أن كانت مُهملة خلال حكم داريوس الأول، وهو فارسي الأصل، وبالإمكان رؤيتها حاليًا على طول وادي الطميلات، إذ اتسعت هذه القناة فأصبح باستطاعة السفن المرور ومجاديفها مفرودة، واستغرقت الرحلة في القناة مدة أربعة أيام، وخلّدت ذكرى انتهاء حفر القناة من خلال وضع داريوس سلسلة كبيرة من الشواهد الجرانيتية على طول ضفة النيل.
نشأة قناة السويس الحديثة
ظهرت فكرة بناء قناة السويس عندما قدِمت الحملة الفرنسية إلى مصر، أي في عام 1798، فقد أراد نابليون بونابرت شق القناة، غير أن فكرته باءت بالفشل، وعند حلول عام 1854 أقنع "دي لسبس" محمد سعيد باشا بشق القناة، ووافق الباب العالي على ذلك، فأعطى الشركة الفرنسية بقيادة "دي لسبس" امتيازًا بحفر القناة، وتشغيلها مُدة 99 عامًا، وبلغت مُدة إنشاء القناة عشر سنوات شارك فيها مليون عامل مصري بعملية حفر القناة، وتوفي منهم 120 ألف عامل؛ وذلك بسبب المُعاملة الرديئة، وعدم توفير الماء، والطعام لهم، إضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة، وافتُتحت القناة عام 1869، بحفل كبير استنفد ميزانية عظيمة من أجل افتتاح القناة، وقرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وكان ذلك في عام 1956، وأدى هذا التأميم إلى شن عدوانٍ ثلاثي على مصر من قبل بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، وانتهى هذا العدوان بانسحابهم بعد كثيرٍ من الضغوطات الدولية، والمُقاومة الشعبية. وأدت حرب عام 1967 إلى إغلاق قناة السويس لمدة تجاوزت الثماني سنوات، عمد الرئيس أنور السادات بعدها إلى إعادة افتتاح القناة عام 1975، وأُقيمت العديد من المشاريع من أجل توسيع مجرى القناة، والتخفيض من أوقات عبور السفن فيها، وبدأت هذه المشاريع عام 1980، وكان آخر مشروع عام 2015، وهو افتتاح قناة السويس الجديدة.