كم عدد المهاجرين الى الحبشة

كم عدد المهاجرين الى الحبشة
كم عدد المهاجرين الى الحبشة

الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة

بعد أن بَعثَ الله رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام السمحة وما فيها من تعاليم تنصف الضعيف وتحق الحق وتساوي بين البشر بغض النظر عن أعراقهم وتتوافق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، الأمر الذي أخذ عقول العديد من أهل مكة المكرمة فدخلوا في الإسلام لا سيما المستضعفين منهم، فوجدوا في الإسلام خلاصهم من الجور والمهانة التي كانوا يتعرضون لها من سادة قريش وأعوانهم، وبعد مرور خمس سنوات على البعثة أدركت قريش بأن الأمر قد تجاوز حدوده بالنسبة لكبريائهم ومكانتهم في مكة، فحينها بدأت قريش بتضييق الخناق عليهم من أجل ترك هذا الدين، حتى وصل بهم الأمر إلى تعذيب أولئك المستضعفين في الأسواق والساحات، فكان لا بد من إيجاد حلّ يمنع قريشًا من الاستمرار بتعذيبهم، فكان وحيًا من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة حفاظًا على حياتهم وكرامتهم، كما توجد علاقات ومعلومات كانت عند البعض من أهالي مكة عن كيفية الوصول للحبشة، إذ كانت تربطهم علاقات تجارية معها، ومن الجدير ذكره أن الرسول صلى عليه وسلم أدرك أن استمرار تعذيب المسلمين واضطهادهم سيعرض الدعوة لصعوبات تحول دون دخول المزيد فيها، وفي النفس الوقت كان لا بد من كسر كبرياء قريش وأعوانهم بأنهم لم يصبحوا في قبضتهم وماضون في دعوتهم، وأخيرًا لا بد من الإشارة إلى أن المسلمين هاجروا إلى الحبشة مرتين، الأولى كانت في السنة الخامسة للبعثة، والثانية كانت في السنة السابعة للبعثة.[١]


عدد المهاجرين إلى الحبشة

اختلفت الروايات التي دلت على عدد المسلمين ممن هاجروا الهجرة الأولى إلى الحبشة، فبعضها دلت إلى أن عددهم كان عشرة رجال وامرأتان، وفي رواية أخرى دلت إلى أن عددهم كان اثنا عشر رجلًا وامرأتان، وراوية ثالثة تقول بأنهم كانوا أحد عشر رجلًا وأربع نساء، وقد رجح العلماء بأن الرواية الثالثة أصحهم، وذُكرت أسمائهم في مؤلفات الإمام ابن كثير فكان على رأسهم في هذه الهجرة عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعثمان بن مطعون، الزبير بن العوام، سهيل بن بيضاء، أبو سلمة بن عبد الأسد وزوجته، مصعب بن عمير، أبو حذيفة بن عتبة وزوجته، عبد الرحمن بن عوف، عامر بن ربيعة العنزي وزوجته، عبد الله بن مسعود، حاطب بن عمرو وأبو سيرة بن أبي درهم.[٢]


ما بعد الهجرة الأولى

عاد المسلمون إلى مكة ممن هاجروا في المرة الأولى بعد قضائهم ثلاثة أشهر فيها ظنًا منهم أن مشركي قريش دخلوا في الإسلام، فعند عودتهم تبين أن قريشًا لم تؤمن بل تمادوا في إيذاء من تبقى من المسلمين، وعليه كان أمر الله لرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام بأن يهاجروا مرة ثانية إلى الحبشة، وكان ذلك في السنة السابعة للبعثة، وتذكر الروايات بأن عددهم قد بلغ 83 رجلًا و19 إمرأة، وكانت هجرتهم على دفعات ولم تكن دفعة واحدة، وقادهم في هذه الهجرة الصحابي الجليل "جعفر بن أبي طالب" ليمثلهم أمام النجاشي ملك الحبشة، فجعفر لم يهاجر إلى الحبشة لتعرضة للتعذيب أو الإيذاء من قريش، وإنما لخشية قريش منه كونه ابن أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من بني هاشم الذي يؤمن جانبهم، فاختاره الرسول لهذه الأسباب إضافةً لرعايته المسلمين والحفاظ عليهم، وخوفًا عليهم من التوغل في المجتمع الجديد المقبلين عليه، وبالتالي الابتعاد عن دينهم كما حصل مع "ابن جحش" الذي اتبع الدين النصراني في الحبشة، وفي المقابل سارعت قريش آنذاك بإرسال "عمرو بن العاص" يرافقه "عمارة بن الوليد" محلمين بالهدايا للنجاشي وحاشيته، إذ كان الهدف هو استعادة المهاجرين، فحصلت الحادثة الأشهر في هذه الهجرة وهي وقوف جعفر بن أبي طالب ومن معه وعمر بن العاص أمام النجاشي، وكان أهم ما حصل في هذا الوقوف هو تلاوة جعفر على الحضور آيات من سورة مريم، الأمر الذي أثلج صدر النجاشي وهدَّأ نفسه، فقال "والله إن هذا وما جاء به عيسى لَيَخْرُجُ من مِشكاة واحدة"، فرفض تسليمهم لعمرو بن العاص الذي رجع إلى مكة خائبًا، فنزلت الآيات في سورة المائدة، قال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)}[٣]، ومن الجدير ذكره أن المسلمين قد مكثوا في الحبشة في المرة الثانية لمدة 12عامًا، ولم يعودوا منها إلا بعد غزوة خيبر.[٤][٥][٦]


الطريق التي سلكها المسلمون إلى الحبشة

يستوقفنا الكثير من التفكير بالطريقة التي سلكها المسلمون في هجرتهم إلى الحبشة كونها طريقًا شاقة، وفيها من المخاطر التي لا يتجنبها إلا من لهم علم بحيثياتها ومصاعبها، إذ وصل المسلمون الذين يلغ عددهم من الرجال والنساء لا يتجاوز الـ 16 إلى ميناء "الشعيبة" الأقرب اليوم لميناء جدة في المملكة العربية السعودية الواقع على البحر الأحمر الذي كان يُسمى آنذاك ببحر القرم، وأثناء مسيرهم للميناء حاول مشركو قريش اللحاق بهم، إلا أن توفيق الله ورعايته لهم حالت دون ذلك، فقد ركبوا سفينتين، فدفع كل منهم نصف دينار مقابل ذلك، واتجهوا إلى الجنوب ليتوقفوا في جزيرة "عيري" السودانية المسماة "جزيرة الريح" بهدف التزود والراحة، فاستقبل أهل الجزيرة المهاجرين بحفاوة ثم أتم المسلمون المهاجرون رحلتهم لميناء "أدوليس" الواقع جنوب المدينة المسماة اليوم "مصوع"، وهي أحد مدن إريتريا اليوم، وهو الميناء الرسمي للحبشة آنذلك.[٧]


المراجع

  1. "أسباب هجرة المسلمين الى الحبشة"، islam4u، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  2. أحمد محمد (3-3-2019)، "كيف ساعدت الهجرة إلى الحبشة في زيادة قوة المسلمين"، ts3a، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية: 82-86.
  4. عبدالعزيز غنيم (16-2-2014)، "الهجرة إلى الحبشة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  5. تيار الاصلاح (15-6-2017)، "بها ملك لا يُظلَم عنده أحد"، noslih، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  6. "سيرة الرسول"، books، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  7. عمر الدجاني، "بالخارطة التوضيحية: قصّة رائعة لهجرة المُسلمين إلى الحبشة وملكها العادل عام 615 ميلادي"، arabiaweather، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :