شروط الجمع في الصلاة

شروط الجمع في الصلاة
شروط الجمع في الصلاة

الصلاة

فرض الله الصلاة وجعل لها أوقاتًا محددة، فالأصل أن تُؤدى كل صلاة في وقتها، فقد قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}،[١] وقال الألوسي في التفسير: "أي كتابًا مفروضًا، وموقوتا: أيّ محدد الأوقات، لا يجوز إخراجها عن وقتها في شيء من الأحوال"، وقال السعدي في تفسير هذه الآية: إنّ الوقت شرط لصحة الصلاة، وهو سبب لوجودها، وفي الحديث النبوي أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: [وقْتُ صلاةِ الظهرِ إذا زالتِ الشمسُ ، وكان ظِلُّ الرجلِ كطولِهِ ما لم يحضُرِ العصرُ ، ووقْتُ صلاةِ العصرِ ما لم تصفَرَّ الشمسُ ، ووقْتُ صلاةِ المغربِ ما لم يغبِ الشفَقُ ، ووقْتُ صلاةِ العشاءِ إلى نصفِ الليلِ الأوسطِ ، ووقْتُ صلاةِ الصبحِ من طلوعِ الفجرِ ما لم تطلُعِ الشمسُ ، فإذا طلَعَتِ الشمسُ فأمسِكْ عنِ الصلاةِ ؛ فإِنَّها تطلُعُ بينَ قرْنَيِ الشيطانِ]،[٢].

وقد جاز جمع الصلاة في أحوال معينة للتخفيف، والجمع في اللغة خلاف التفريق، وجمعت الشيء إذا ضممت بعضه إلى بعض، والجمع اصطلاحًا أن يجمع المصلي صلاة الظهر والعصر ويُؤديهما في وقت الظهر، ويسمى جمع تقديم، أو يُؤخر صلاة الظهر إلى وقت العصر فيصليهما معًا وقت العصر؛ فيسمى جمع تأخير، وكذلك صلاتي المغرب والعشاء يُجمع بينهما إمّا تقديمًا وإمّا تأخيرًا.[٣] ويجوز الجمع بين صلاة الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في عدة حالات وهي:[٤]

  • يباح للمسافر قصر الصلاة الرباعية.
  • يباح الجمع للمريض إذا كان يشق عليه عدم الجمع.
  • يباح للمرضع وذلك لكثرة تعرضها للنجاسة، ومشقة تطهيرها لكل صلاة.
  • للعاجز عن الطهارة في كل صلاة.
  • يباح للعاجز عن تحديد الوقت كالأعمى.
  • المصاب بسلس البول، أو رعاف دائم ونحوها.
  • يباح لمن له عذر؛ كالخوف على نفسه، أو ماله.
  • توجد أعذار خاصة تُجيز الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء خاصة، وهي: المطر الغزير، والثلج والبرد، والجليد، والوحل، والريح الشديدة.


شروط جمع الصلاة

يشترط لجمع الصلاتين عدة شروط، وهي:[٥]

  • ألّا تُجمع صلاة الفجر مع أيّ صلاة غيرها، ولا تجمع العصر مع المغرب.
  • نية الجمع والمالكية يجوز عندهم أن تكون نية الجمع بعد السلام من الصلاة الأولى، بينما يشترط الشافعية أن ينوي المصلي الجمع قبل تكبيرة الإحرام، أو أثناء الصلاة وقبل التسليم في الصلاة الأولى، أمّا الشيخ ابن عثيمين فالشرط عنده وجود سبب الجمع عند جمع الصلاة الثانية إلى الأولى، ويصح للمصلي أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الصلاة الأولى.
  • ترتيب الصلاة بحيث أن يصلي المغرب قبل العشاء، والظهر قبل العصر، والشافعية يشترطون الترتيب في جمع التقديم، ولا يشترطونه في جمع التأخير.
  • الموالاة في الصلاة، أيّ أنّ تكون صلاة العشاء بعد المغرب مباشرة، فلا يجوز الفصل بينهما بأيّ صلاة أخرى، ويُمكن الفصل بينهما بوضوء خفيف، أو الإقامة للصلاة الثانية، وهذا مذهب المالكية، والشافعية فشرط الموالاة عندهم في جمع التقديم فقط، وقال الإمام النووي بعد جمع العشاء والمغرب تصلى سنة المغرب ثم سنة العشاء.
  • وجود العذر المبيح للجمع عند الصلاة الأولى، وهو مذهب المالكية.

وشروط جمع الصلاة في السفر هي:[٦]

  • عند جمهور العلماء يجب أن تكون مسافة الجمع والقصر 80 كم.
  • أن يكون السفر لأسباب مباحة، فإنّ كان السفر لمعصية أو لارتكاب إثم؛ فلا يرخص للمسافر بالجمع، وهذا رأي جمهور العلماء، أمّا أبو حنيفة فلم يشترط ذلك.
  • أن ينوي المسافر الإقامة لمدة أربعة أيام أو أقل، فإن كانت نيته أن يقيم أكثر من أربعة أيام، فلا تجوز له رخصة الجمع، أمّا إن كانت نيته مرهونة بقضاء حاجته، وينوي السفر عند قضائها، ولم يُحدد مدة إقامته فتجوز له رخصة الجمع.
  • تبدأ رخصة الجمع بعد خروج الفرد من مدينته.


كيفية جمع الصلاة

إنّ جمع الصلوات يكون بجمع صلاتي الظهر والعصر إمّا في وقت الظهر أو في وقت العصر؛ فإنّ كان الجمع في وقت الظهر، فإنّه يُصلي الظهر أولًا ثم يقدم العصر عن وقتها ويصليها بعد صلاة الظهر ويسمى جمع تقديم، وإن كان جمع تأخير فإنه يصلي صلاة الظهر أولًا ثم يصلي صلاة العصر بعد دخول وقت صلاة العصر ويسمى ذلك بجمع التأخير، وكذلك يكون في صلاتي المغرب والعشاء؛ فإمّا يقدم العشاء ويصليها بعد صلاة المغرب فيكون جمع تقديم، أو يُؤخر المغرب إلى وقت العشاء، فيُصليها معها ويكون الجمع جمع تأخير، مع وجوب مراعاة ترتيب الصلوات في جميع الأحوال السابقة؛ فيصلي الظهر أولًا ثم العصر، ويصلي المغرب أولًا ثم العشاء، ولا يوجد جمع بين الفجر والعشاء، أو بين الفجر والظهر، أو بين العصر والمغرب.[٧]

أمّا جمع الصلاة في السفر؛ فإنّه يكون بقصر الصلاة أولًا ثم جمعها، وقد بينها الله سبحانه وتعالى في قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}،[٨] وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين، أمّا صلاة المغرب فلم يقصرها، إنّما كان يصليها ثلاثًا في الحضر والسفر، وكذلك صلاة الفجر لا تقصر إنّما تُصلى ركعتين دائمًا في السفر والحضر، إنّما القصر يكون في الظهر والعصر والعشاء، وذلك بأن تُصلي الأربع ركعات ركعتين، والجمع رخصة في السفر، إذا أراد جمع وإذا لم يرد لم يجمع.[٩]

يُسن الجمع بين صلاتي الظهر والعصر يوم عرفة للحجاج في عرفات جمع تقديم، وجمع صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير، وقد ورد ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: [ثمَّ أذَّن، ثمَّ أقام فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العصرَ، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا... حتى أتى المزدلفةَ، فصلَّى بها المغربَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يُسبِّحْ بينهما شيئًا].[١٠][١١]


مَعْلُومَة

لقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة أولها وآخرها، وإذا صلى المسلم الصلاة في وقتها المحدد فصلاته صحيحة، فلو أدى صلاة الظهر آخر وقتها، ثم صلى العصر في أول وقتها، أو آخر صلاة المغرب إلى آخر وقتها ثم صلى العشاء في أول وقتها، فهذا يسمى الجمع الصوري، لأنّه يُشبه الجمع بين الصلوات، وهو في الحقيقة أنّ كل صلاة كانت في وقتها، وهذا الفعل يصلح بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ولا يصح بين الصبح والظهر، لأنّ وقت الصبح ينتهي بشروق الشمس، ولا يصلح بين العصر والمغرب، لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تأخير العصر إلى وقت اصفرار الشمس، والأفضل المسارعة إلى الصلاة في أول الوقت إلّا بعذر.[١٢]


المراجع

  1. سورة النساء، آية: 103.
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7115، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  3. "نيل الوطر في فقه الجمع بين الصلاتين في الحضر"، maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
  4. "الحالات التي يجوز فيها الجمع بين الصلاتين وحكم الجمع لوجود الجليد"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
  5. " نيل الوطر في فقه الجمع بين الصلاتين في الحضر"، maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 6-9-2020. بتصرّف.
  6. "شروط الجمع بين الصلاتين في السفر"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
  7. "كيفية الجمع بين الصلوات"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية: 101.
  9. "كيفية قصر الصلوات وجمعها في السفر"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  11. "الجَمْعُ بعَرفَةَ ومُزدلِفةَ"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
  12. "حكم المواظبة على الجمع الصوري بين الظهر والعصر"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :